الاتحاد الاوروبي والدولة الفلسطينية القادمة

Read Time:12 Minute, 30 Second

د. هشام عوكل استاذ ادارة الازمات والعلاقات الدولية

مفهوم الدولة المستقلة بمفهوم القانون الدولي

تمهيد:

مساحة من الأرض، وتشتمل على اليابس وكذلك المجال الجوي والمائي ان وجد
مجموعة من السكان المقيمين عليها والحاملين لجنسيّتها. سلطة سياسية حاكمة، وتتمثل بوجود الحكومة التي تتعامل بسياسة داخلية معيّنة مع شعبها، وتكون هذه السلطة مسؤولة عن الاستغلال الأمثل لموارد الدولة، كما يقع عليها توفير الأمن للدولة من أي اعتداءات خارجية أو اضطرابات[1]

اقتصاد منظم، ويشمل ما تملكه من موارد اقتصادية؛ كالثروات المعدنية والنفطية وكيفية استغلالها. نظام حركة متمثّلاً بوسائل الاتصالات والمواصلات في الدولة، والذي يمكّنها من إنجاز مختلف الوظائف في كلّ الأوقات. السيادة، ويقصد بها أن تمارس السلطة صلاحياتها وسلطاتها التي تمتلكها على السكان والأراضي المستقلة الخاضعة لها. الاعتراف الدولي، بمعنى أن يتم الاعتراف بالدولة من المؤسسات والهيئات الدولية المختلفة[2]

المراحل التي تمر بها كل دولة

تمرّ الدولة كغيرها من الأمور بسلسلة من المراحل بدْءاً بمرحلة الطفولة ووصولاً إلى مرحلة الشيخوخة، وهو ما سنعرضه فيما يلي:[3] مرحلة الطفولة: وتعني بداية نشوء الدولة، والتي تتميز بالبدء في تثبيت حدود الدولة والحكم فيها، كما تتميز علاقات الدولة في هذه المرحلة بحسن الجوار، والابتعاد قدر الإمكان عن الصراعات العالمية. مرحلة الشباب: وتعني تلك المرحلة التي تمتلك فيها الدولة مصادر القوة الاقتصادية والعسكرية والسياسية، والتي تحاول فيها الدولة تحقيق الكثير من أهدافها. مرحلة النضج: وتصل إليها الدولة إذا ما استقرّت، وحققت التقدم والتنمية في المجال الاقتصادي، وتكون قوتها العسكرية محصورة في الدفاع عما تمتلكه. مرحلة الشيخوخة: وهي مرحلة ضعف وتفكك الدولة، وقلة سيطرتها على المناطق التابعة لها، إضافة إلى تدخل الدول الأخرى في أمورها الداخلية.

نظرة تاريخية

كان لأوروبا وبالأخص لبريطانيا دور فاعل في القضية الفلسطينية حينما كان لها وجود عسكري مباشر على الأرض، وحينما كانت تريد لنفسها أن تلعب دورا محددا خلال فترة امتدت على مدى 31 عاما (1917-1948)، وفور أن أتمت هذا الدور الذي تمثل آنذاك في تثبيت أقدام المهاجرين اليهود، أعلنت انسحابها عام 1948 تاركة وراءها دولة جديدة أطلقت على نفسها اسم “إسرائيل”،[4] ومخلفة كذلك دولة كان مفترضا بحكم التاريخ ومنطق الحق أن تقوم حاملة اسم “دولة فلسطين”.

محطات للموقف الأوروبي من الدولة الفلسطينية

وبعد أفول نجم الإمبراطوريات الأوروبية ولا سيما البريطانية والفرنسية بنهاية الحرب العالمية الثانية انتقلت فعالية الدور إلى الولايات المتحدة الأميركية التي أصبحت اللاعب الجديد على مسرح السياسية الدولية، وخبا الصوت الأوروبي منذ ذلك الوقت حتى كاد أن يختفي لولا بيانات وتصورات نظرية صدرت في هذه العاصمة الأوروبية أو تلك عبرت عن رؤيتها لحل الصراع العربي الإسرائيلي وكيفية إقامة الدولة الفلسطينية، وكان من ذلك على سبيل المثال:

كان لأوروبا دور فاعل في القضية الفلسطينية قبل عام 1948 لكن هذا الدور تحول إلى تصريحات سياسية ومساعدات مالية محدودة حينما آلت الأمور للولايات المتحدة الأمريكية[4]

في عام 1976 أصدرت الدول الأوروبية بيانا سمي “بيان نوفمبر” عبرت من خلاله الدول الأوروبية عن موقف صريح من القضية الفلسطينية، فطالبت إسرائيل بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة عام 1967 تمهيدا لإقامة الدولة الفلسطينية على هذه المساحة من الأرض.

وفي عام 1980 كان إعلان المجموعة الأوروبية في مدينة البندقية بإيطاليا الذي حمل اسم “إعلان البندقية” وقد تميز بلغته الصريحة وعباراته الواضحة في مساندة الحق العربي واعترافه صراحة بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة،[5] وقد طالب إسرائيل بالتوقف عن بناء المستوطنات، واعتبرها غير شرعية ووصفها بأنها عقبة أمام تحقيق السلام في الشرق الأوسط.

أوروبا تتحرك بمحورين:

المحور الأول هو الاعترافات الرمزية وغير الملزمة المتتالية من البرلمانات الوطنية بدولة فلسطين، والتي بدأت من السويد مرورا ببريطانيا وفرنسا وإسبانيا وإيرلندا.

المحور الثاني إحباط وإجهاض أي توجه لا يرضي إسرائيل في الأمم المتحدة.

والحقيقة أنه لا تناقض بين المحورين، بل يكمّل أحدهما الآخر، والمتضرر الوحيد من الحراك الأوروبي الأخير هو الشعب الفلسطيني وحقوقه التي يتم التلاعب بها بمكر ودهاء وعلى طريقة إبر التخدير بين الفينة والأخرى.

ومع بداية عقد التسعينيات خرجت الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي بالإعلان عن بدء مشروع كبير يرمي إلى إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط والبحث عن طرق لحل القضية الفلسطينية والتوصل إلى تسوية لمشكلاتها العالقة مثل القدس والمستوطنات واللاجئين والمياه وغيرها كل ذلك من خلال مفاوضات ثنائية وجماعية تمهد البيئة اللازمة لإعلان قيام الدولة الفلسطينية، فكانت فكرة عقد مؤتمر جامع للسلام يعقد في إحدى العواصم الأوربية فكان مؤتمر مدريد عام 1991. [6]

ثم عادت الدول الأوربية وعبرت من خلال بيان مشهور عرف باسم بيان فلورنسا في يونيو/ حزيران 1996 عن موقفها من الدولة الفلسطينية الذي شددت فيه على ضرورة قيامها وعبرت عن مخاطر التراجع عن العملية السلمية ووقفت مساندة وداعمة إلى جانب أي مفاوضات جادة ومثمرة تكون محصلتها النهائية دولة فلسطينية قابلة للحياة تعيش جنبا إلى جنب مع دولة إسرائيلية آمنة.

.

التصور الأوروبي للدولة الفلسطينية

المفاوضات الثنائية المبنية على مرجعية القرارات الدولية وبمساعدة اللجنة الرباعية وبهدي من خارطة الطريق هي السبيل إلى إقامة الدولة الفلسطينية كما تتصورها أوروبا

ومع نهايات القرن العشرين تشكلت صيغة جديدة كان من أحد أهدافها إقامة الدولة الفلسطينية وكان الاتحاد الأوروبي إلى جانب الولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة أحد أركانها، وعرف هذا التحرك الجديد بـ “اللجنة الرباعية” وقد اجتهدت أوروبا من خلال عضويتها في هذه اللجنة في أن تبلور موقفا وتحدد رؤية للدولة الفلسطينية، فعبرت عن هذا التصور في نقاط التالية:

السبيل إلى إقامة الدولة الفلسطينية هو المفاوضات، ولا سبيل آخر غير ذلك، ومن ثم فإن عمليات “العنف” التي تقوم بها بعض الفصائل الفلسطينية مرفوضة من وجهة النظر الأوروبية، والوصف الذي تطلقه أوروبا على مثل هذه العمليات هو “الإرهاب”.

المبدأ الحاكم الذي تنطلق منه المفاوضات الرامية إلى إقامة هذه الدولة هو “الأرض مقابل السلام”.

أما الإطار القانوني الذي تستند إلى مرجعيته أي مفاوضات تتم بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بغرض التوصل إلى صيغة للدولة المنشودة هو قرارات الأمم المتحدة ولا سميا القرارات أرقام (242، 338، 1379). [7]

وبالنسبة للظرف الإقليمي المهيئ لبروز هذه الدولة إلى النور فهو مبادرة الأمير عبد لله التي تبناها العرب في قمة بيروت عام 2002 والداعية إلى التطبيع الكامل بين العرب وإسرائيل ضمن إطار للتسوية النهائية للقضية الفلسطينية.

وأخيرا فإن الآليات المعتمدة والتي من شأنها أن تسهل تنفيذ تلك الرؤية فهي خارطة الطريق واللجنة الرباعية.الموقف

جاءت موجة التوصيات غير الملزمة التي اتخذتها بعض البرلمانات الأوروبية للاعتراف بدولة فلسطين -رغم رمزيتها- في وقت دقيق وحساس تمر به المنطقة العربية بشكل عام والقضية الفلسطينية بشكل خاص، مع حالة استياء شديدة تشهدها أوروبا ضد الممارسات الإجرامية للاحتلال، والعدوان المتكرر على قطاع غزة، واخرها مشروع الضم للضغة الغريبة واستمرار معاناة الشعب الفلسطيني، ومع زيادة التضامن معه بزخم متصاعد، ورفضٍ لسياسات الحكومات تجاه الصراع وصل حد استقالة الوزيرة وارسي من الحكومة البريطانية احتجاجا على موقفها من العدوان على غزة.

وبالتأكيد ورغم أنه لا يساورنا شك في أن تلك التوصيات ما هي إلا إنقاذ لما تسمى عملية السلام في الشرق الأوسط، واستباق لانهيارها والتخلي عن حل الدولتين الذي يصب أولا وأخيرا في مصلحة الاحتلال، فإنه لا يمكن التقليل من شأنها من ناحية التغير في المزاج السياسي الأوروبي، وضعف هيمنة “لوبيات” الضغط، واتساع حجم التأييد داخل الأحزاب السياسية لفلسطين بشكل عام.

أوروبا تدرك أن بديل حل الدولتين هو حل الدولة الواحدة الذي ترفضه إسرائيل وترفضه أوروبا حتى اللحظة على الأقل، ولهذا جاء التحرك

العلاقة الأوروبية من المنظمة والسلطة

أوروبا باتت تعتقد بأن حماس رقم لا يمكن تجاهله في طريق التمهيد لإقامة الدولة الفلسطينية فتواصلت معها بالرغم من إدراجها من قبل على رأس قائمتها للمنظمات الإرهابية

في ظلال هذه الرؤية رسمت أوروبا ملامح تعاملها من منظمة التحرير الفلسطينية التي اعترفت بها ممثلا شرعيا للشعب الفلسطيني ومن السلطة الفلسطينية، خاصة بعد أن اعترفت الأخيرة بحق إسرائيل في الوجود من خلال موافقتها على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 224.

ومن هذا المنطلق رفضت أوروبا المساعي الإسرائيلية بعزل رئيس السلطة الفلسطينية السابق ياسر عرفات، واعترضت على التهديدات الإسرائيلية بقتله، وألقت باللائمة على إسرائيل حينما اتخذت سياسة هدم البنية التحتية لمناطق السلطة الفلسطينية واعتبر المنسق الأعلى للسياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا أن ما تقوم به إسرائيل من تدمير للبنية التحتية في الضفة والقطاع هو “هدر للمساعدات الأوروبية، وإعاقة عن التوصل إلى فرص لإحلال السلام، وإضاعة لمساعي يمكن أن تسفر عن إقامة دولة فلسطينية في نهاية المطاف”.[8]

التواصل الأوروبي مع حماس

ثم تقدمت الدول الأوروبية خطوة للأمام في عام 2005 فاجأت بها الرأي العام العالمي حينما أعلنت عن تكثيف اتصالاتها مع حركة المقاومة الإسلامية حماس رغم أنها قد وضعتها في سبتمبر/ أيلول عام 2003 على رأس قائمة المنظمات الإرهابية، وقد فسر الاتحاد الأوروبي هذا التواصل الجديد بأنه “لازم، خاصة بعد الانتخابات البلدية التي حققت فيها الحركة فوزا كبيرا، وبعد أن اقتنع الأوربيون أن سلاما في الشرق الأوسط وحلا للقضية الفلسطينية ومسعىً لإقامة الدولة لا يمكن له أن يتم دون التفاوض مع حماس”.

الآليات الأوروبية لتحقيق الدولة الفلسطينية

ولم تنس الدول الأوروبية وهي تسعى لبلورة موقف بشأن الدولة الفلسطينية أن تضع مسألة المساعدات ضمن هذا الإطار وذلك من خلال برامج محددة حملت عناوين إصلاح السلطة ومؤسساتها، وكانت أكثر تحديدا بتقديم مشروعات لإصلاح مرافق بعينها في السلطة الفلسطينية مثل منظومة القضاء، والمؤسسات المالية، والأجهزة الأمنية..إلخ.

وعبرت صراحة وكما جاء على لسان منسق سياساتها الخارجية خافيير سولانا أثناء زيارته للقدس في الثاني عشر من يوليو/ تموز 2005 في إطار مساعي الاتحاد لتشجيع إسرائيل على إتمام خطتها الهادفة إلى الانسحاب من غزة بأن الاتحاد الأوروبي “يريد أن يساعد على المستوى الاقتصادي والسياسي والأمني” معتبرة ذلك خطوة مهمة على طريق دولة فلسطينية طال انتظارها، إذا ما تحققت جنت أوروبا من ورائه استقرارا في الشرق الأوسط مطلوبا أمنيا واستراتيجيا.

الحراك المضاد

تتزعم فرنسا وبريطانيا وألمانيا حراكا أوروبيا من نوع آخر، يقطع الطريق تماما على أي إمكانية لعمل دبلوماسي فلسطيني أو عربي -بغض النظر عن نجاعته- يتمثل في استصدار قرار من مجلس الأمن لإنهاء الاحتلال والاعتراف بدولة فلسطين بشكل كامل،[9] رغم سيطرتهم على مجلس الأمن عبر حق النقض، ورغم وجود عشرات القرارات السابقة التي تقر بحق الشعب الفلسطيني في وطنه دون تطبيق.

هو سباق مع الزمن لفرض حل يصب في مصلحة إسرائيل ويكرس مطالبها، وفي نفس الوقت يسترضي الشعوب والبرلمانات الأوروبية ويتحايل على ضغوطها من خلال الظهور بمن يقوم بعمل ما وبخطة لإنهاء الصراع.

أوروبا تتحايل وتحاول إغراق كل الأطراف في مفاوضات لمدة عامين قابلة للتمديد على الأرجح وبقرار دولي ملزم، سيحظى في نهاية المطاف بموافقة الولايات المتحدة المطلعة على تفاصيله

الملفت أن الخطة الثلاثية الفرنسية البريطانية الألمانية ترتكز على أمور تجعل من الصعب رفضها من قبل الولايات المتحدة أو الدول العربية، أي أنها تحشر الجميع في الزاوية سياسيا، وهنا نرصد أهم نقاطها:

– تضع الخطة سقفا زمنيا مدته سنتان لإنهاء المفاوضات، فهي -فعليا- تمديد للمفاوضات.

– يرتبط ذلك بشكل مباشر بالفترة المتبقية للرئيس الأميركي باراك أوباما في منصبه.

– لا تنص على إنهاء الاحتلال، لكن إنهاء المفاوضات فقط.

– لا ترسم حدودا للدولة الفلسطينية وتترك ذلك للتفاهم بين الطرفين.

– لا تنص على اعتراف فوري بدولة فلسطين كما تذهب إليه الخطة العربية التي سيتقدم بها الأردن لمجلس الأمن خلال أسابيع.

– تحاول ألمانيا إضافة نص أن “إسرائيل هي الوطن القومي للشعب اليهودي”.

أوروبا إذن تتحايل وتحاول إغراق كل الأطراف في مفاوضات لمدة عامين قابلة للتمديد على الأرجح وبقرار دولي ملزم، سيحظى في نهاية المطاف بموافقة الولايات المتحدة المطلعة على تفاصيله.

وفي تلك الأثناء يستمر الاحتلال في تغيير الواقع الجغرافي والسكاني لما تبقى من الضفة الغربية.

حل الدولة الواحدة

ما تخشاه أوروبا والغرب عموما هو فقدان الثقة بحل الدولتين والتوجه نحو حل الدولة الواحدة، وهو الذي بدأ باستقطاب عدد من المؤيدين من الطرفين، مستلهمين تجربة جنوب أفريقيا التي اعتمدت مبدأ “رجل واحد صوت واحد” لتنهي الصراع هناك.. هذا المبدأ الذي ترفضه إسرائيل تماما لأنه سيجعل من “اليهود” أقلية في فلسطين التاريخية وينهي ادعاءاتهم في المنطقة، ويعيد اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي هجروا منها.

ولقطع الطريق على حل الدولة الواحدة الذي يجد معارضة فلسطينية أيضا لأنه يعني إعطاء شرعية وحق لمن لا يملكون حقا في هذه الأرض أصلا، يحاول الإسرائيليون استصدار حزمة قوانين لإضفاء طابع “اليهودية” على الدولة، ويضغطون في اتجاه اعتراف العرب والعالم بأن إسرائيل هي الوطن القومي للشعب اليهودي، وهو ما تؤيده الولايات المتحدة ليس اليوم، لكن منذ وعد بوش الشهير في أبريل/نيسان 2004.

جدير بالذكر أن قيادة السلطة الفلسطينية السابقة والحالية لا تعارض ما تسمى “يهودية إسرائيل”، فقد سبق أن صرح رأس السلطة محمود عباس أنه “بإمكان إسرائيل أن تطلق على نفسها أية تسمية تريدها.. فيمكن أن تطلق على نفسها حتى اسم الإمبراطورية اليهودية الصهيونية الإسرائيلية” (راديو سوا الأميركي ووكالة معا الإخبارية، سبتمبر/أيلول 2010).

وقد سبقه إلى ذلك ياسر عرفات حين أقر بيهودية إسرائيل في يونيو/حزيران 2004 في لقاء مع صحيفة هآرتس العبرية، والذي ذكر به من أجروا اللقاء في تحقيق مطول يوم 20 فبراير/شباط 2014. [10] وهناك تسجيل مصور أيضا يعود إلى العام 1988 يعترف فيه عرفات بذلك.

عودة إلى الموقف الأوروبي الذي يريد إبقاء حل الدولتين غير القابل للتنفيذ اليوم في ظل ممارسات الاحتلال وتغييره للوقائع على الأرض، وهو ما يجعل أي حديث أوروبي أو غربي عن حل الدولتين يقترن بعبارة “قابلة للحياة”، الأمر الذي انتهى بتقسيم الضفة إلى مجموعة من الجزر المتناثرة التي تفصل بينها مستوطنات وطرق التفافية وجدار وحواجز!

الخوف من انهيار هذا الحال والتوجه نحو الدولة الواحدة ومسابقة الزمن لإقرار يهودية الكيان، كلها عوامل أثارت حماس الأوروبيين هذه الأيام من خلال المحورين المذكورين.

الاستقلال والدول والحقوق لا تستجدى من الغير، ولا نحصل عليها بقرار أو توصية، وقيام الدول لا يكون بالاعترافات الشكلية والرمزية، وإنما بالحق والقوة التي تحمي هذا الحق، وبفرض إرادة الشعوب على الأرض

جدية الأوروبيين

مع التأكيد مرة أخرى على أهمية التغير في المزاج الأوروبي الشعبي والسياسي لصالح القضية الفلسطينية، ودون أن يخالجنا شك في نوايا التحايل والالتفاف الرسمية، يمكن القول إنه لا جدية حقيقية لدى أوروبا الرسمية لدعم القضية الفلسطينية أو الشعب الفلسطيني، بل هي محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه لصالح الاحتلال الإسرائيلي، وإعطاء المزيد من الوقت لاستكمال “تهويد” ما لم يهود بعد.

وفي هذا الصدد يتساءل الأكاديمي الدكتور رامي عبدو ويقول “أمام موجة الاعترافات الرمزية في البرلمانات الأوروبية بدولة فلسطينية، وإزاء الترحيب بهذه الخطوات، علينا أن نضع نصب أعيننا أيضا عددا من التساؤلات العامة لسياقات ومآلات تلك الاعترافات:

– هل يمثل الأمر اعترافا منقوصا ومشوها للحق الفلسطيني؟ هل جاءت تلك الاعترافات في سياقات كابحة لحضور فلسطيني غير مسبوق للحق الفلسطيني؟ هل تمثل تلك الاعترافات عملا تقييديا للعمل المقاوم وفرصة لحشره في زاوية الإجماع الدولي مستقبلا؟ هل ساوت تلك الاعترافات بين المحتل المستعمر والشعب الذي يرزح تحت الاحتلال؟ هل تعطي تلك الاعترافات الشرعية الكاملة للاحتلال ووجوده وجرائمه منذ بدأ احتلاله إلى يومنا هذا؟”.

تساؤلات مهمة وجادة تضع المزيد من علامات الاستفهام حول الدور الأوروبي السابق والحالي، وحول الموقف الرسمي الفلسطيني والعربي من هذا الدور، والأهم من ذلك موقف ودور الجاليات الفلسطينية والعربية في دول الاتحاد الأوروبي ومدى تأثيرها على صناعة القرار هناك. [11]

خلاصة القول إن الاستقلال والدول والحقوق لا تُستجدى من الغير، ولا نحصل عليها بقرار أو بيان أو توصية، وقيام الدول لا يكون بالاعترافات الشكلية والرمزية، وإنما بالحق والقوة التي تحمي هذا الحق، وبفرض إرادة الشعوب على الأرض وعلى العالم، وانتزاع الحقوق بالتضحيات لا بالمفاوضات ولا التنازلات.

المصادر:

1- نصوص بيانات الاتحاد الأوروبي المتعلقة بفلسطين والسلام في الشرق الأوسط.

2- اللجنة الرباعية، وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث البريطانية.

2- نصوص قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالقضية الفلسطينية ولا سيما تلك المتعلقة بالدولة. 1937 ، 224 ، 338.

3- نص تصريح سامي أبو زهرى ومحمد غزال المسؤولين في حماس في يونيو/ حزيران 2005.

4- نص تصريحات المنسق الأعلى للسياسات الخارجية الأوروبية خافيير سولانا في المؤتمر الصحفي مع وزير الخارجية الإسرائيلية سيلفام شالوم أثناء زيارته للقدس 12/7/2005.

5- الاتحاد الأوروبي وقضية فلسطين.. تراجع مريب وانفصام سياسي، حسن أبو طالب، صحيفة الوطن السعودية 17/2/2004.

6- أوروبا وفلسطين من الحروب الصليبية حتى اليوم، بشارة خضر، مركز دراسات الوحدة العربية، ط 1، سنة 2003

7- أوروبا والدولة الفلسطينية د. حمادة قناة الجزيرة قسم الدراسات

8- الفلسطينيون في موقع المبادرة. حل السلطة وتبني استراتيجية حل الدولة الواحدة… الآن موقع دينا الوطن حمادة جبر

  1. حل السلطة وتبني استراتيجية حل الدولة الواحدة قسم دراسات شبكة المدار الإعلامية الاوربية د:هشام عوكل
  2. الاتحاد الأوروبي وقضية فلسطين, علام فارس مركز الانوار للدراسات الفكرية
  3. قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالقضية الفلسطينية موقع الأمم المتحدة
Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post الكورونا تنتشر في دور المسنين ببلجيكا والسبب سانتا كلوز
Next post العمليات الخارجية لتنظيم «القاعدة» بعد عام على هجوم بينساكولا