أمن دولي ـ مستقبل القواعد العسكرية الأمريكية في ألمانيا

Read Time:5 Minute, 45 Second

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_يدخل التواجد العسكري الأمريكي في ألمانيا في خانة اتفاقيات الدفاع المبرمة بين الولايات المتحدة وألمانيا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. ويمثل قرار الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب” في خفض عدد الجنود الأميركيين خطرا فيما يتعلق بإمكانية تقويض مهام حلف الناتو، وأيضا وتقويض قدرة الولايات المتحدة  في الدفاع عن أمن الدول الأوروبية، الأمر الذي قد يؤدي إلى إخلال في ميزان القوى وتغير طبيعة العلاقات عبر الأطلسي.

أهم القواعد العسكرية الأمريكية في ألمانيا-أمن دولي

تدير الولايات المتحدة الأمريكية في رامشتاين قاعدة جوية كبيرة تُعتبر الباب الدوار للتدخلات في الشرق الأوسط وأفغانستان والعراق وأفريقيا. وفي لاندشتول تدير القوات الأمريكية مستشفى عسكريا كبيرا. وفي فيسبادن وشتوتغارت توجد مراكز قيادة للتدخلات في أفريقيا وأوروبا. وفي غرافينفور يوجد أكبر موقع تدريبات لحلف الناتو. وفي راينداليم يتمركز سرب طائراتF16. وهذه الوحدات هي جزء من البنية الدفاعية لحلف الناتو في أوروبا. ونقل هذه المؤسسات أو سحبها هو حسب وجهة نظر خبراء عسكريين ممكن، لكنه مكلف جدا، حسب ما نشره موقع “دوتشه فيلله” في 17 يونيو 2020.

فبالقرب من مدينة شتوتغارت جنوب ألمانيا، توجد قيادة العمليات الأمريكية في أوروبا، وهي التي تدير أكثر من 50 قاعدة ووحدة عسكرية للولايات المتحدة في القارة الأوروبية، كما أن المقر الرئيس للجيش الأمريكي في أوروبا يوجد داخل قاعدة فيسبادن قرب مدينة فرانكفورت غرب البلاد. وفي مدينة بوبلينغين جنوب ألمانيا، ثمّة قواعد عسكرية لقوات مشاة البحرية الأمريكية، كما توجد قاعدة “سبانغداهليم” غرب ألمانيا، علماً أن الأخيرة تستضيف على أراضيها حالياً نحو 38 ألف جندي أميركي، حسب ما ذكره موقع “يورونيوز” في 6 يناير 2020.

ما هو غرض تواجد القواعد العسكرية الأمريكية في ألمانيا ؟

اعتبر الجنرال السابق بن هودجز، قائد القوات البرية الأميركية في أوروبا من العام 2014 حتى 2017، في مقابلة مع صحيفة “أوغسبورغر الغماينه” ، أن “القوات في ألمانيا تستخدم لتوفير الدعم السريع لأخرى قادمة من الولايات المتحدة للمهام اللوجستية والإدارة والاتصالات، وتتمركز القوات المقاتلة الوحيدة الموجودة في ولاية بافاريا، وتوفر البقية الوحدات الأميركية في طريقها إلى أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط”. وذكرت الصحيفة أن “القوات ليست موجودة فقط لحماية ألمانيا، بل لخدمة الأمن الأميركي وكمنصة لانخراطها في أوروبا وآسيا وأفريقيا، إضافة إلى مصالحها السياسية في العالم “. كما تجدر الإشارة إلى أن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس رد، من وارسو بعد لقاء مع نظيره البولندي، على خطوة ترامب قائلاً إن “بقاء القوات الأميركية في ألمانيا مهم لأمن الولايات المتحدة أيضاً”، وفق ما نشره موقع “صحيفة العربي الجديد” في 17 يونيو 2020. 

أحزاب سياسية داخل ألمانيا تعارض التواجد العسكري الأمريكي في الإقليم

دعا حزب اليسار الألماني المعارض إلى إغلاق القواعد العسكرية التابعة للجيش الأمريكي في ألمانيا، كرد فعل على التهديدات التي صدرت من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد إيران. وقالت سيفيم داغديلين، خبيرة شؤون الدفاع بكتلة اليسار في البرلمان الألماني “بوندستاغ” 5 يناير 2020 إن تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بارتكاب ما وصفتها بـ “جرائم حرب ضد إيران”، ينتهك الحظر المطلق لاستخدام العنف المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة”. وتابعت النائبة المعارضة في البرلمان الألماني أن “هذا التصعيد الخالي من المسؤولية”، حسب وصفها، لا يمكن أن يظل دون عواقب، وقالت: “لا بد من إغلاق القواعد العسكرية الأمريكية في ألمانيا، إذا كان هناك رغبة في ألا يتم استخدامها كمنصة لجرائم أمريكية فاحشة في حرب ضد إيران” ، وفق ما نشره موقع “دوتشه فيلله” في 5 يناير 2020.

قرار الولايات الأمريكية بسحب قواتها من ألمانيا-أمن دولي

قررت الولايات المتحدة سحب 12 ألف جندي من ألمانيا في إطار ما وصفته بإعادة انتشار “استراتيجي” لقواتها في أوروبا.وسيعود 6400 جندي إلى بلدهم بينما سيتم توزيع باقي القوات على دول في حلف الناتو مثل إيطاليا وبلجيكا. وقال دونالد ترامب إن “الخطوة تأتي رداً على فشل ألمانيا في بلوغ الهدف الذي حددّه الناتو من ناحية الإنفاق الدفاعي”. لكن قراره أثار معارضة واسعة النطاق داخل الكونغرس خاصة من قبل أولئك الذين يرون فيه تشجيعاً لروسيا. كما عبّر المسؤولون في ألمانيا عن قلقهم من هذه الخطوة، وفق ما نشره موقع “بي بي سي” في 30 يوليو 2020. 

 يعد هذا القرار، الذي يبدو أنه فاجأ برلين، بمثابة تقليص كبير للالتزام الأمريكي بالدفاع الأوروبي في إطار الحلف الأطلسي. وصرح وزير خارجية ألمانيا هايكو ماس لصحيفة “بيلد أم تسونتاغ” الألمانية “إذا كان هذا سيؤدي إلى انسحاب جزء من الجنود الأمريكيين، فقد علمنا ذلك” مضيفا “نقدر التعاون مع القوات المسلحة الأمريكية الذي تطور على مدى عقود. إنه في مصلحة بلدينا”. لكن المسؤول الألماني أقر في المقابل بأن العلاقات فترت في ظل رئاسة ترامب وقال “نحن شركاء وثيقون في التحالف الأطلسي. ولكن الأمر معقد”، حسب ما ذكره موقع “فرانس 24” في 7 يونيو 2020.

إدارة بايدن تجمد قرار سحب القوات الأمريكية من ألمانيا

أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، في 3 فبراير/شباط، تراجعها عن قرار سحب قواتها من ألمانيا. ونقلت مجلة “بوليتيكو” الأمريكية عن قائد القوات الأمريكية في أوروبا، الجنرال تود وولترز، قوله: “البنتاغون علق كافة استعداداته لتنفيذ قرار الرئيس السابق دونالد ترامب، سحب نحو 12 ألف جندي أمريكي من ألمانيا”. وتابع وولترز قائلا “حتى الآن، تم تعليق كل هذه الخيارات، وستتم إعادة النظر فيها من البداية إلى النهاية”. وأكمل القائد العسكري الأمريكي “وزير الدفاع الأمريكي الجديد، لويد أوستن، يشرع حاليا في مراجعة تلك الخطة التي تم الإعلان عنها في يوليو الماضي، بشكل مفصل جدا، وسيتم اتخاذ قرار نهائي بشأنها قريبا”، وفق ما نشره موقع وكالة “سبوتنيك الروسية” في 3 فبراير 2021.

رحبت الحكومة الألمانية يوم 5 فبراير بإعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن تعليق أي عمليات انسحاب مزمعة للقوات الأمريكية من ألمانيا، في علامة أخرى على ذوبان الجليد في العلاقات بين البلدين. وقال شتيفن زايبرت المتحدث باسم المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل في مؤتمر صحفي دوري يوم 5 فبراير “لدينا قناعة دائمة بأن انتشار قوات أمريكية في ألمانيا يخدم الأمن الأوروبي وعبر الأطلسي”، مضيفا أن التعاون القائم منذ عقود مع القوات الأمريكية يحمل قيمة كبيرة. فقد أعلن بايدن يوم 4 فبراير أن إدارته ستوقف أي خفض مزمع للقوات الأمريكية في ألمانيا لحين قيام وزير الدفاع لويد أوستن بمراجعة الانتشار العسكري الأمريكي في العالم، وفق ما نشره موقع “رويترز” في 5 فبراير 2021. أمن دولي  

مستقبل العلاقات بين ألمانيا و الولايات المتحدة الأمريكية في مجال الدفاع و الأمن-أمن دولي

الرؤساء الأمريكيين السابقين كانوا يشكون، وإن بطريقة مهذبة، من أن الأوروبيين، وبخاصة الألمان، لا ينفقون بشكل كاف على تسليح جيوشهم ويعتمدون على حلفائهم في حلف شمال الأطلسي ، وبخاصة الولايات المتحدة، ويستفيدون مجانا من نظام تجاري عالمي شكلته أمريكا. وبحسب التحليل الذي نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء، يقول أندرياس كلوت إن ما فعله الرئيس السابق ترامب ببساطة هو نزع الطبقة الدبلوماسية اللامعة عن هذه الخلافات الأمريكية الأوروبية. وكما لم يفعل أي رئيس أمريكي منذ الحرب العالمية الثانية، أظهر ترامب ازدراءه للقادة الأوروبيين مثل المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، حتى وهو يشيد بحكام مستبدين مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حسب ما نشره موقع “دوتش فيلله” في 10 أكتوبر 2020.

الملاحظ أن العلاقات الأمريكية الألمانية تأثرت في السنوات الأخيرة بشكل كما لم يحدث من قبل، وقد كان متوقعا من انهيار العلاقات بوتيرة أكبر بسبب الأسلوب المنتهج من قبل إدارة الرئيس السابق ترامب، لكن بمجيء بايدن وقراره بتجميد سحب القوات الأمريكية من ألمانيا ، ستشهد العلاقات تحسنا في السنوات القادمة لاسيما بسبب وجود قضايا مشتركة في الدفاع والأمن بين ألمانيا والولايات المتحدة من الملف الإيراني، وقضية التغلغل الصيني في أوروبا و الصراعات في الشرق الأوسط.

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب و الإستخبارات

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post قراءة في تقرير مجلس الأمن حول داعش والقاعدة
Next post المدار تفتح ملف ثنائيات الفن((مروان حامد وأحمد مراد ثنائي الإيرادات ))