المصالحة مع السراب في ليبيا

Read Time:2 Minute, 34 Second

محمد علي المبروك خلف الله 

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_ليس الإصلاح أن ترمم الفروع وتهمل الجذور وليس الإصلاح أن تبدأ من المتغير وتترك الثابت فهذا يعني لاصلح ولامصالحة وهو سراب يتهيأ للظمآن ماء فلاهو ببالغ الماء المتهيئ له ولاهو ببالغ السراب .

المصالحة في ليبيا لايجب أن تكون أولا بين أطراف متغيرة فرعية بل يجب أن تكون المصالحة بين الشعب الليبي الثابت والذي هو جذور وحكوماته المتعاقبة فحجم العداء والكره الذي خلقته هذه الحكومات بينها والشعب الليبي لايمكن وصفهما وأدى إلى  فقد الثقة في أي نظام سياسي يقوم في ليبيا وحجم الضرر المادي والمعنوي اللذان أحدثهما هذه الحكومات بالشعب الليبي وبأرض الشعب الليبي لايمكن حسابه وهو ضرر يشابه في تشخيصه الضرر الذي أحدثه دول استعمارية غازية لشعوب ضعيفة . 

مع بدء أول جسم تشريعي وتنفيذي في سنة 2011 بدأ النهب الفعلي والسلب الفاضح لأموال الشعب الليبي والذي تدرج صعودا مع تعاقب حكومات تنفيذية وتشريعية ليبلغ الذروة في نهب وسلب وإهدار مليارات الدينارات الليبية دون محاسبة أو ملاحقة وبصورة علنية وكأن نهب الأموال العامة يحظى برخصة مفتوحة قانونيا ودينيا واخلاقيا ولم تكتف هذه الحكومات بذلك بل نقلت الشعب الليبي من وضع معيشي مدعوم نوعا ما إلى وضع معيشي رديء جدا مجردا من كرامة العيش وإلى حد التجويع والإذلال المفضوح حيث أن أغلب أبناء الشعب الليبي يبيتون الليالي أمام المصارف رجالا ونسوة ولايقبضون إلا حفنة من الدنانير قد لاتكفي لايام معدودة ودون مبرر لذلك وإلى حد الموت وأبناء من ليبيا يموتون ولايجدون علاجا لرداءة الخدمات الصحية العامة وعدم تمكن أغلبهم ماليا من العلاج في المشافي الخاصة وإلى حد الرجوع بهذا الشعب إلى العهود البدائية لاكهرباء ولا إدارة ولا أمن ولاقوانين ولاقواعد حضارية .

كي تكون المصالحة مصالحة حقيقية وليست مصالحة مع السراب فيجب أن تبدأ بين الشعب الليبي وحكوماته المتعاقبة أولا ثم مصالحة بين أطراف وفئات ثانيا وتبدأ بفتح ملفات الفساد والسطو العام القياسي على أموال هذا الشعب وأموال أجياله وهو سطو لم يحدث حتى في عهد الاستعمار الإيطالي لليبيا وحدث من حكومات متعاقبة ثم التحقيق في المقاصد من الدفع المستمر لشعب كامل نحو الفقر والتعاسة المعيشية وقد استمرا على مدى تعاقب حكومات ذات مسؤولية وطنية مفترضة والتحقيق في المقاصد من تجريد الشعب الليبي من حقوقه كالحق في كرامة الحياة والأمن والخدمات والعلاج وغيرها . 

في هذه المصالحة الاساسية يكون جبر الضرر الوطني عبر إرجاع الأموال المنهوبة المسلوبة إلى خزائن الشعب ومتابعة وملاحقة لصوص أموال هذا الشعب ومحاسبة كل من أدى إلى إفقار وتعاسة هذا الشعب وتجريده من حقوقه على مدى عقد ، من هنا تتحقق المصالحة الاساسية ، اما المصالحة بين الأطراف فانها ستتحقق ذاتيا إذا تحققت المصالحة الاساسية بين الشعب الليبي كاملا وحكوماته المتعاقبة لأن غالب العداء بين الأطراف هو بسبب العداء الذي أفرزته الحكومات المتعاقبة بينها والشعب الليبي . 

إن الضرر المادي والمعنوي من حكومات متعاقبة طال كل ليبي وفي كل أنحاء ليبيا وليس كما يبدو لكم أن الضرر هو بين أطراف وفئات .. شعبا ورطوه في مستنقع معيشي وتركوه يبكي بمرارة وحزين بحرارة وهرعوا لنهب ثروته واختلاسها بكافة الاساليب فلامصالحة إلا مع الشعب الليبي ككل ولاجبر للضرر ولا إرجاع للحقوق إلا بجبر ضرر الشعب الليبي وإرجاع حقوقه المسلوبة و أولها أمواله التى يستثمرها لصوص المال العام في الخارج  ثم مصالحة بين الأطراف وهى مصالحة بعدية تأتي بعد المصالحة الاساسية . 

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post حكايا المدار الفنية(( محمود جبر أحد رواد المسرح الكوميدي بسوريا))
Next post الجهاديون” في مخيم الهول ـ جيل جديد يقلق الإستخبارات الألمانية