أهمية كشف كل ملابسات الإرهاب العنصري

Read Time:9 Minute, 23 Second

حاورهما: شايان رياض

ترجمة: رائد الباش

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_في هاناو 2020 قتل ألماني عنصري هؤلاء: غوكهان غولتكين وسادات كووربوز وسعيد نصار هاشمي ومِرسِدِس كيرباتش وحمزة كورتوفيتش وفيلي فيوريل باون وفاتح ساراتشوغلو وفرحات أونفار وكالويان فيلكوف. شايان رياض حاور لموقع قنطرة شام ياف وألينا جبارين من إعلاميي بودكاست لكشف هذا الإرهاب.

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_ في الـ 19 من شباط فبراير 2020  قتل إرهابي يميني تسعة أشخاص في مدينة هاناو بولاية هِسِن الألمانية.

وهؤلاء هم : غوكهان غولتكين وسادات كوروبوز وسيعد نصار هاشمي ومرسدس كيرباتش وحمزة كورتوفيتش وفيلي فيوريل باون وفاتح ساراتشوغلو وفرحات أونفار وكالوريات فيلكوف.

يمثل هذا اليميني المتطرف نقطة انقطاع للكثيرين في ألمانيا.

وبهدف الكشف عن جميع ملابسات هذا الهجوم الإرهابي تم إطلاق البودكاست الوثائقي “بعد عام على اعتداء هاناو – 19022020”.

*******************

حلَّت الذكرى السنوية الأولى لهجوم هاناو. كيف يمكن معالجة مثل هذا الحدث الصادم بمدوَّنة صوتية (بودكاست)؟

ألينا جبارين: الشيء الرائع في هذا الشكل [الإعلامي] هو أنَّه يوفِّر الكثير من المساحة والمرونة لتناول موضوع ما. وبالإضافة إلى ذلك فإنَّ شكل البودكاست يساعد بطبيعة الحال من خلال العمل بميكروفونات صغيرة فقط -أي من دون كاميرات- في خلق جو أكثر حميمية. نحن قرَّرنا العمل على مستويين. المستوى الأوَّل هو مستوى الريبورتاجات. سافرنا من أجل ذلك إلى هاناو في نهاية العام الماضي (2020) وتحدَّثنا ميدانيًا إلى أقارب الضحايا والمتضرِّرين لنعرف ما هي الأسئلة، التي لا تزال في الواقع من دون إجابة وما الذي يُقلقهم أكثر.

وقمنا من أجل المستوى الثاني بوضع عناصر ريبورتاجاتنا ضمن سياق أكبر بمساعدة الخبراء، وذلك لأنَّنا في هذا البودكاست غير مهتمين بالهجوم بحدِّ ذاته فقط، بل كذلك بالسؤال: ما هو المناخ الذي كان من الممكن أن يحدث فيه مثل هذا الهجوم؟ وماذا يعني ذلك في الواقع بالنسبة لمجتمعنا؟

ما هي الأسئلة المفتوحة التي تناولتُمَاها في هذا المشروع؟

شام ياف: كانت لدينا الكثير من الأسئلة المفتوحة. فالتحرِّيات والتحقيقات لا تزال في أوَّل بدايتها. هل كان بالإمكان منع الهجوم؟ لقد طرحنا هذا السؤال مرارًا وتكرارًا على مَنْ حاورناهم في البودكاست. بيد أنَّنا نريد بهذا البودكاست قبل كلِّ شيء ترسيخ يوم التاسع عشر من شباط/فبراير 2020 كحدث تاريخي في الذاكرة الجماعية الألمانية. وقد لاحظنا في حوارات قصيرة مع مختلف الناس في الشارع بمدينة هاناو وكذلك في محادثات شخصية مع أصدقائنا ومعارفنا أنَّ هذا الهجوم الإرهابي اليميني المتطرِّف لم يكن يشكِّل الأهمية نفسها بالنسبة للجميع. نأمل أن يُغيِّر مثلُ هذه البودكاست ذلك. لأنَّ هاناو تعنينا جميعًا – وليس فقط الأشخاص المتضرِّرين من العنصرية. فاليمين المتطرٍّف والعنصرية في ألمانيا خطيران جدًا. لأنَّهما يقتلان وبالتحديد مرارًا وتكرارًا.

ما من شكِّ في أنَّ جروح المتضرِّرين لا تزال حديثة العهد ومن حقهم الحصول على إجابات [والإعلام مدين لهم بتقديم إجابات]. فكيف يستعد الصحفي لمثل هذه المحادثات وكيف يتأكَّد من أنَّ تغطيته الإعلامية في مصلحة المتضرِّرين؟

ألينا جبارين: لاتزل جروحهم بطبيعة الحال حديثة العهد جداً  عندما أجرينا الحوارات، كان قد مضى على الهجوم أقل حتى من عام واحد. وكانت الصدمة لا تزال بطبيعة الحال عميقة. ولذلك سافرنا إلى هاناو واستخدمنا “مبادرة الـ19 من شباط/فبراير” كنقطة اتصال قام فيها جميع الأقارب بتظيم أنفسهم مع مؤيِّديهم. وهكذا استطعنا ببطء كسب ثقتهم. وشيئًا فشيئًا نشأت الحوارات والمحادثات.

وبالتالي لم يكن العمل مخطَّطًا له إلا القليل بشكل مسبق، بل كان الكثير تلقائياً، وذلك لأنَّنا أردنا بطبيعة الحال أن نأخذ في الاعتبار كيف كان وضع أفراد أُسر الضحايا وإن كانت لديهم على الإطلاق القدرة لإجراء حوار. وقد ساعدنا بالتأكيد أنَّ المتضرِّرين أنفسهم كانوا أيضًا يريدون أن يتم تقديم تقارير إعلامية حول الهجوم من أجل الحفاظ على الضغط العام.

ماذا كان التحدِّي الأكبر؟

شام ياف: كان التحدِّي الأكبر في هذا المشروع هو مواكبة الأحداث الراهنة. بدأنا في نهاية عام 2020 بهذا البودكاست، أو بالأحرى بإعداد التقارير الخاص به. وشيئًا فشيئًا أصبحت تظهر منذ ذلك الحين أشياء جديدة. وكان يجب علينا بطبيعة الحال أن نُدرج ذلك في البودكاست.

ألينا جبارين: وبالإضافة إلى ذلك، لم يكن من السهل اختيار الموضوعات، لأنَّ موضوع الإرهاب اليميني المتطرِّف عميق ومعقَّد للغاية، خاصة عندما يريد المرء دمجه ضمن سياق مجتمعي أوسع. ولذلك فقد استطعنا بطبيعة الحال الإشارة فقط إلى أشياء كثيرة وعدم الإجابة أيضًا على كلِّ سؤال بشكل تام.

من بين المسائل التي أشرتما إليها -على سبيل المثال- أنَّ الشرطة قد تحرَّكت بعد فوات الأوان ولم يكن الاتصال بها ممكنًا لفترة طويلة. وكذلك دار الحديث (في البودكاست) حول وجود عنصرية “يتم تعزيزها من قِبَل السياسيين”. فكيف تتعامل الشرطة والسياسيون في هاناو مع مثل هذه التساؤلات؟

شام ياف: كان الجميع خلال الأشهر بعد الهجوم هادئين جدًا. ولكن منذ نهاية العام الماضي 2020 -أي منذ أن تقدَّم أقارب الضحايا بشكاوى جنائية أيضًا وبات ضغط الرأي العام كبيرًا- أصبح رجال الشرطة والسياسيون يتحدَّثون شيئًا فشيئًا. ولكن مع ذلك فقد احتاج الأمر هذا الضغط من الرأي العام. أتساءل ماذا كان سيحدث لو أنَّ أفراد أُسر الضحايا لم يستفسروا بشكل دقيق.

مثلاً كان يوجد مخرج طوارئ في مسرح الجريمة الأخير, كان بإمكان الضحايا استخدامه من أجل الفرار. ولكن الآن بات من المعروف أنَّ مخرج الطوارئ هذا كان مغلقًا وتوجد شائعات تفيد بأنَّ الشرطة نفسها قد أمرت بإغلاقه لكي لا يتمكَّن أحد من الهروب عند مداهمة الشرطة المكان من أجل التفتيش. وهذا مجرَّد مثال على التوضيح الصريح الصادح الذي يطلبه أقرباء الضحايا.

“لن يتم منحي أبدًا الشعور بأني جزء من المجتمع الألماني”

يُسمع في المقطع الصوتي القصير صوتُ شاب من هاناو يقول إنَّه قد “قَبِل بالانقسام”. ماذا يقصد بذلك؟

ألينا جبارين: هذه الإفادة جزء من حوار مع جاويد غلام، وهو شاب من هاناو كان جارًا وصديقًا جيِّدًا للضحيَّتين فرحات أونفار وَ حمزة كورتوفيتش وكان يعرف ضحايا آخرين معرفة شخصية. وفي ليلة الجريمة، كان لا يزال مع فرحات قبل دقائق قليلة من الهجوم. لقد قمنا بجولة معه في هاناو وأطلعنا على حيِّه، منطقة كيسيلشتات التي يوجد فيها أيضًا مسرح الجريمة الثاني. وأردنا أن نعرف كيف تغيَّرت حياته وحياة الشباب الآخرين في هاناو بعد الهجوم.

وجاويد غلام كان لا يزال متأثراً جداًولم يستطع حتى يومنا هذا التغلُّب على الهجوم. وعلاوة على ذلك فقد أخبرنا بأنَّه تقبَّل أخيرًا هو والعديد من أصدقائه منذ التاسع عشر من شباط/فبراير 2020 بأنَّهم لم يتم بتاتًا منحهم شعوراً بأنهم جزء من المجتمع الألماني، على الرغم من أنَّهم وُلِدُوا في ألمانيا. وأنَّه بالتوازي مع هذا الهجوم فقط أدرك مدى العنصرية اليومية، التي ابتلعها طوال حياته. وهذا الإدراك محزن طبعًا ولم يشاركه فيه أيضًا جميع الشباب الذين حاورناهم. ولكن مع ذلك فقد كان من المهم بالنسبة لنا أن نعرض وجهة نظره.

هل يوجد اقتباس أو لحظة علقت في ذاكرتكما أثناء البحث والاستقصاء؟

ألينا جبارين: كان يوجد الكثير من اللحظات القوية بشكل لا يُصدَّق وخاصة خلال الحوارات. لقد أظهر أفراد أُسر الضحايا قوةً كبيرة أثناء المحادثات. وكان لا بدّ لهم من السيطرة على أعصابهم لابتلاع آلامهم لأنَّ تسريع عملية الكشف عن الهجوم وتوضيح ملابساته أمر مهم بالنسبة لهم.

لا تزال حاضرة أمام عينيَ صورةُ القبور الثلاثة الجديدة لفرحات أونفار وحمزة كورتوفيتش وسعيد نصار هاشمي، الأصدقاءِ الثلاثة المدفونين الآن بعضهم بجانب بعض في مسقط رأسهم مدينة هاناو، وأنا أشاهد سنوات ميلادهم على شواهد القبور المؤقَّتة: 1996 و1997 و1998. وفي صباح اليوم التالي، أجرينا استطلاعًا للآراء في السوق، حيث التقينا -إلى جانب أحد أعضاء حزب “إن بي دي” [الحزب القومي الديمقراطي الألماني، اليميني المتطرف]- بعدة أشخاص لم تكن هاناو بالنسبة لهم أكثر من مجرَّد حادث فردي مأساوي.

اليمين المتطرِّف ليس ظاهرة جديدة

كثيرًا ما يدور الحديث في وسائل الإعلام حول “صعود اليمينيين”. فهل هذا الرأي سليم – لا سيما وأنَّ منفِّذ هجوم هاناو يندرج ضمن قائمة طويلة من اليمينيين المتطرِّفين في ألمانيا؟

شام ياف: هذا الرأي بطبيعة الحال غير سليم. لا يدرك الكثيرون في ألمانيا أنَّ اليمين المتطرِّف له تاريخ طويل في البلاد. فهو ليس ظاهرة جديدة، كما كان في زولينغن وَ مولْن وَ روستوك-ليشتنهاغن وَ سلسلة هجمات خلية النازيين الجدد “إن إي يو” وَ ميونِخ وَ هاله وما يعرف باسم “المجموعة إس” – هذه مجرَّد بعض الأمثلة. اليمينيون المتطرِّفون قتلوا في ألمانيا بين عامي 1990 و2020 نحو مائتي شخص – وهذه “فقط” الحالات التي تأكَّدت فيها دوافع المجرمين السياسية.

التهديد الحقيقي الناجم عن المشهد اليميني المتطرف في ألمانيا – خاصة داخل الشرطة – بحاجة إلى نقاش آن أوانه منذ فترة طويلة. اليمين المتطرِّف لم يبدأ مع هاناو ولن يتوقَّف بالتأكيد عند هاناو. نحن نتحدَّث أيضًا حول المجرم منفِّذ الهجوم وماضيه وإلى أي مدى كان معروفًا لدى السلطات، ولماذا لم يحدث أن تم تصنيفه كيميني متطرِّف خطير؟ فقد كانت توجد أسباب أكثر من كافية لمتابعته عن كثب. ولكن ذلك لم يحدث قط. وهذا أيضًا موضوع رئيسي في البودكاست الخاص بنا.

كيف وجدتما التغطية الإعلامية في ألمانيا لهجوم هاناو خلال عام منذ وقوعه؟

شام ياف: من ناحية، كان الجانب الإيجابي أنَّ معظم وسائل الإعلام كانت سريعة نسبيًا في الحديث حول هجوم إرهابي يميني بدوافع عنصرية. ولكن من ناحية أخرى، كانت بعض وسائل الإعلام في ألمانيا تتكهَّن ليلة وقوع الهجوم متسائلةً إن لم تكن له علاقة بما تُسمى بمافيا ماكينات القمار أو ربَّما بـ “الروس”.

ومثل هذه التصريحات السابقة لأوانها والتعميمية تعتبر خطيرة. ومن المؤسف أنَّه قد انتشر لفترة طويلة عالميًا وفي عموم ألمانيا افتراض يفيد بأنَّ الهجوم وقع فقط في مقهيين للشيشة. وهذا الافتراض غير صحيح؛ ويمثِّل أيضًا موضوعًا للنقاش في البودكاست. وعلاوة على ذلك فقد تم كثيرًا ذكر الرئيس التركي إردوغان، وبالتالي استحوذ في البداية على الخبر. وقال إنَّ معظم الضحايا من أصل تركي. ولكنهم لم يكونوا كذلك. وهذا أزعجني جدًا بصفتي كردية.

بصرف النظر عن البودكاست الخاص بكما وعن الكثير غيره من الريبورتاجات والصور والحوارات، التي يتم نشرها في الذكرى السنوية للهجوم: فكيف يمكن إحياء ذكرى هجوم هاناو بصدق وبشكل مستدام في ألمانيا؟ ماذا تأملان من المجتمع؟

شام ياف: هذا سؤال صعب. اليمين المتطرِّف والعنصرية يشكِّلان تهديدًا لكلِّ المجتمع في ألمانيا. والعنصرية البنيوية تخترق جميع مجالات حياتنا اليومية – بدءًا من المدارس. وبصفتي لاجئة كردية، فقد عانيت بنفسي من ذلك معاناةً شديدةً جدًا. سيكون إحياء ذكرى الهجوم مستدامًا وصادقًا عندما نستطيع النظر إلى هاناو ضمن سياق أكبر والإصرار بعناد على بقاء هاناو كموضوع حيّ. وسيكون من الصدق أيضًا أن تتم محاربة اليمين المتطرِّف والعنصرية في كلِّ مكان – في المدارس وفي الشوارع وفي السياسة وداخل السلطات والأجزة الأمنية.

ألينا جبارين: أنا أرى ذلك مثل شام. طبعًا من المهم الكشف عن ملابسات الهجمات المنفردة حتى لا تبقى هناك أسئلة مفتوحة. ولكن الأهم من ذلك بكثير أن نفهم في أي مناخ أصلًا كان ممكنًا حدوثها. ولماذا يمكن لأشخاص لديهم مثل هذه التصوُّرات ووجهات النظر العنصرية أن يعيشوا ويتعلموا ويعملوا في ألمانيا من دون ملاحظتهم. ولماذا نحن لا نزال للأسف نادرًا ما ننظر إلى اليمين عندما يتعلق الأمر بالإرهاب.

فقط عندما نطرح دائماً موضوع العنصرية داخل مجتمعنا – وهذا يبدو بالأمور الصغيرة وكثيراً لينا نحن أنفسنا أيضاً_فعندئذ ربَّما نصل في وقت ما إلى وضع يمكن فيه أيضًا للأشخاص الموسومين بأنَّهم مختلفون أن يشعروا بالأمن والأمان من جديد في ألمانيا. هل يمكن منع جميع الهجمات؟ ربَّما لا، ولكننا نريد على الأقل أن نصل إلى وضع يتم فيه فعل كلّ شيء على جميع المستويات حتى لا يحدث مرة أخرى هجوم مثلما حدث في هاناو.

قنطرة

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post أمن أوروبا ـ جيش أوروبي موحد، الخلافات والانقسامات
Next post إيران بعيدا عن السياسة