كارل ماركس والحركة النسوية

Read Time:5 Minute, 26 Second

عبد الجبار نوري

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_توطئة /يوم 8 أذار احتفال عالمي بضرورة أحترام المرأة وتقدير انجازاتها في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، يشكل يوم المرأة العالمي الذي يحتفل به سنوياً منذُ أكثر من قرن رمزا لكفاح النسوة ، والمطالبات من أجل تعزيز حقوقهن بمواجهة التمييز وانعدام المساواة ، لذا قامت الأمم المتحدة بشرعنة حقوقهن بالتركيز على المساواة في الحقوق وتكافؤ الفرص بين الجنسين .
وقالوا في المرأة :
إن تحويل المرأة إلى سلعة تباع وتشترى بشرعنة حداثوية مزيفة يلغي إنسانيتها ووجودها “نوال السعداوي.
الفكرة هي ليست أن تأخذ المرأة السلطة من يد الرجل ، فهذا لن يغيّر شيئاً في العالم ، الفكرة تحديدا هي تدمير فكرة السلطة نفسها . ” سيمون ديبوفوار
بمناسبة 8 مارس عيد المرأة الأممي ، ويوم الثلاثاء 14 مارس الذكرى 138عاماً على رحيل أيقونة البروليتاريا العالم والفيلسوف الاقتصادي والسياسي الثوري “كارل ماركس” الذي رحل في مثل هذا اليوم من سنة 1883 ، وكذلك بمناسبة العبوة الصوتية التي فجرتها أحدى النائبات الخائبات ( اقتراح ) ! في تعدد الزيجات ، بشرعنة دينية أقول : ما هو ” ألا زواج بورجوازي( مشاع) بتعدد الزوجات لرجل واحد ” !!! .
أن الساحة تعج اليوم بمنابر متعددة رسمية وغير رسمية تعكس المنظور البورجوازي للمرأة بعيداً عن الاهتمام بالمرأة الكادحة وهي تساهم في نشر وعي مزيّفْ حول تحرير المرأة بشكلٍ مبتذل وفولكلوري وبالتالي تؤدي إلى التعتيم على حقيقة المسألة النسوية بشكلٍ متعمد وضرب ستار كثيف على نضال تلك النسوة الرائدات العراقيات المناضلات في مجال حقوق المرأة في خمسينيات القرن الماضي وعلى رأسهن الدكتورة نزيهة الدليمي وسافره جميل حافظ وخانم زهدي وفخريه عبدالكريم وووو ، واليوم المرأة العراقية الضحية تحت سيف الجلاد المتشدد الذي أعلن الردة الثقافية التي تكرس دونية المرأة واضطهادها ومعادات تحريرها والسعي بإرجاع المرأة إلى العصور الجاهلية كما هللت لها النائبة العراقية الهمام ، وللحقيقة يجب أن نعترف بأن وضع المرأة عموماً وعلى جغرافية الكوكب لا يحسد عليه في ظل سيادة المجتمع الذكوري ، وطغيان التقاليد القبلية والصحراوية والحكم الديني الراديكالي والأخواني والمتشدد الظلامي الذي يعتبر المرأة كلها عورة ومعاملتها سلعياً في بازار العهر الداعشي الظلامي .
وهذه آخر إحصائيات الأمم المتحدة والبنك العالمي للمعلومة والمنظمة العالمية للصحة حول أوضاع النساء الاجتماعية والاقتصادية تؤكد الصور الكارثية المرعبة التي تعيش عليها ملايين النساء في العالم { 70% من فقراء العالم هم من النساء ، كما أن أجور النساء تقلُ عن أجور الرجال ب25% في باقي دول العالم ، وتؤكد نفس الإحصائية ‘لى أن هناك 600 مليون من النساء عبر العالم يعشن أمية كاملة ، وتموت امرأة في كل دقيقة في العالم بسبب تعقيدات مرتبطة بالحمل والوضع ، 5-6 مليون بالغ مصاب بفيروس السيدا ، وأن 130 مليون امرأة وطفل صغير يتعرضون للتشويه الجسدي ، و4 مليون أمرأة وطفل تباع سنوياً ، وعلى المستوى العالمي تتعرض أمرأة من كل ثلاثة نساء للضرب أو تجبر على ممارسة الجنس ، وفي ظل النزاعات والحروب القائمة حالياً عبر العالم فأن ثلاثة أرباع الضحايا من المدنيين هم من النساء والأطفال ، ويشكلن 90% من قتلى تلك الحروب ، أما عن مستوى تمثيل النساء داخل المؤسسات الحكومية الإدارية والسياسية عبر العالم فلا يزيد على 13% }.
ماركس والحركة النسوية
أن المنظور الماركسي للمسألة النسوية هو تحقيق المساواة الاجتماعية والاقتصادية الكاملة للمرأة وهو جزء من اللحمة الاجتماعية والسوسيولوجية كما يقول ماركس : لا تحرر المجتمع بدون تحرير المرأة ولا تحرر للمرأة بدون تحرر المجتمع ، ويقول أيضا : أن كلاً من يعرف شيئاً عن التأريخ يعرف أنهُ من المستحيل حدوث تحولات اجتماعية كبيرة بدون حركة نسائية ، وأنهُ بدون النساء لا يمكن أن تكون حركة جماهيرية حقيقية .
ماركس الأب الروحي في نهوض الحركة النسوية في العالم عموماً ، لكونه معلم وقائد حركة البروليتاريا الثورية ، وملهم الحركة النسائية ، وهو الذي وضع جلّ إمكاناته المعرفية الدقيقة والناضجة ، وبدون تحفظ ، ولا مساومات ولا كلل ، مفعم بالصبر لوضع لمساته الثورية في التغيير الأممي في الانتقال من الثورة البورجوازية إلى الثورة البروليتارية في خدمة البروليتاريا العمالية الرجالية والنسائية ،وظهرت أفكاره الفلسفية العملية في تجليات كتبه مؤلفاته القيّمة في كتاب العمل المأجور ورأس المال 1849 والبيان الشيوعي 1848 والصراع الطبقي في فرنسا 1850 والمخطوطات 1857 ونظرية فائض القيمة 1862 و هي مساهمته الفكرية الفلسفية في نهوض المسيرة النسائية في :
-أكد ماركس حقوق المرأة من خلال المفهوم المادي التأريخي بعرضه منهجا دقيقاً وعملياً حول المقارنة بين الوضع القديم الذي أنهار وإلى الأبد في فكرته القديمة بأن المرأة متقوقعة داخل نص وثوابت أسرية قبلية دينية ، وقال: أن الأسرة خاضعة للتغيير والتبدل المستمر وباضطراد مع تبدل العلاقات الأقتصادية ونظام الملكية وعلاقات السيطرة والخلفية للصراعات الطبقية التي تدفع بالمجتمع الذكوري إلى الرغبة للتغيير والتي انهارت وألى الأبد ، وبين تطلع الحداثة ومتطلباتها المقنعة والضرورية ، وتنبأ ماركس بسقوط نمط الإنتاج الرأسمالي عند وصول قوى الإنتاج مرحلة متقدمة من التناقضات الداخلية في الصراع الطبقي والتي بشّر بها الطبقات الكادحة بما فيها شريحة المرأة ، في حتمية انهيار التحكم البورجوازي في مصير البشرية والتطلع نحوحياة أفضل وأكثر أنسنة ، كما نكتشف في كتابه رأس المال في ما ورد فيه أشارة قوانين في مساواة المرأة في الحقوق وخاصة في الحلول الموضوعية في عمل النساء والأطفال .
– وجاءت أفكار ماركس حول الأسرة واضحة في (البيان الشيوعي) الذي وجه انتقادا حاداً للبرجوازي الرأس مالية التي مزّقت العلاقات الأسرية وسلفنتها بمجرد علاقات نفعية مادية ، وأن البروليتاريا تلك الطبقة الثورية تعلن في تجلياتها الإنسانية الأسرية والاجتماعية الصراعات الخطيرة في النظام الرأسمالي ، فهي كفيلة بإزالة استغلال الإنسان للإنسان وتجاوز التناقضات الموجودة أصلا خلالها ، وفي كتاب رأس المال يوضّح أن الصناعات الكبرى أدت إلى تفكك نظام العائلة القديم وفتح أبواباً للمرأة والأطفال في الخارج .
– وأن كارل ماركس يعلم الأجيال بنظرة شاملة للنضال الثوري بالاستيلاء على السلطة السياسية البورجوازية وإلا سوف لا يرى المجتمع الاشتراكي تحرير المرأة الثورية ، وتبقى أحلاماً تراود الأجيال القادمة ، وعلى هذا الأساس احتلت المسألة النسوية دائماً مركزية في النظرية والممارسة ( الماركسيتين ) وحينها تبنتْ ” الأممية الأولى ” في النضال من أجل إصلاحات بمنتهى الجدية وصاغتها بشكل استمارة لاستبيان ظروف العمل وكتبها ماركس في 1866 وهي :
تحديد طول يوم العمل باتفاق الجميع على ثمان ساعات ، وتعويض الطاقة الصحية والجسدية مع ضرورة توفر النشاط الاجتماعي والسياسي للطبقة العاملة بما فيها شريحة النساء والأطفال –Minutes of General Council of the First international 1864 ، اقترحوا 8 ساعات للعمل ولا يسمح للعمل الليلي ، أي أن النساء يجب أن يستثنين بشكلٍ تام من جميع أشكال العمل الليلي أيا كان ، وجميع الأعمال المضرّة بجنسهن ، أو تعريض أجسادهن للسموم ، وأكد ماركس في خطاباته ومقالاته وشروحاته لأطروحاته في كتابه رأس المال : لا يمكن تحرير النساء ألا من خلال تحرير الطبقة العاملة بأسرها ، وأن الحركة البورجوازية عاجزة كلياً عن أن يحقق للنساء تحسين ظروف العمل والعيش الأفضل طالما بقيت سلطة الرأس المال والملكية الخاصة فأنه لا يمكن تحقيق المساواة مع زوجها في مستقبل أطفالها .
– النسوية الماركسية ( النظرية النسوية ) ويتمحور العنوان حول نظرية نسوية تابعة لأفكار ماركس للوجود والحياة والصراع باتجاه تفكيك الرأسمالية كوسيلة لتحرير المرأة ويعتبر هذا التيار : أن قمع المرأة وقهرها بدأ مع ظهور الملكية الخاصة ونتج منه عدم المساواة الاقتصادية والارتباك السياسي والعلاقات الاجتماعية الغير صحية في نهاية المطاف بين الرجل والمرأة .
تحية أجلال للمعلم والمرشد للنضال الثوري وقائد البروليتارية ومعلم الحركة النسوية ” كارل ماركس”
وألف تحية للمرأة في العراق والعالم بمناسبة عيدهن 8 مارس الميمون

الحوار المتمدن

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post اختلفت استجابات حكومات مصر وتركيا والسعودية .. هل أزمة كورونا دليل جديد على موت الأفكار والبدائل؟
Next post نتنياهو مهندسٌ بارعٌ وساحرٌ فاتنٌ