تجاوز إيران للعتبة النووية: ما هي وكيفية احتسابها

Read Time:6 Minute, 36 Second

سايمون هندرسون

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_أدى انسحاب إدارة ترامب من «خطة العمل الشاملة المشتركة» إلى قيام إيران بتشغيل المزيد من أجهزة الطرد المركزي وتخصيب اليورانيوم بما يتجاوز 3.67٪ (الحد الأقصى المسموح به بموجب الاتفاق)، مما أثار مجدداً المخاوف بشأن قدرتها على تجاوز العتبة النووية. ومن خلال المعرفة الأساسية بتخصيب اليورانيوم وجدول البيانات التفاعلي، يمكن للحكومات العمل بسرعة على تحديد مدى قرب طهران من إنتاج سلاح نووي.

غالباً ما يُستخدم مصطلح “تجاوز العتبة النووية” في المناقشات حول برنامج إيران النووي، لكن معناه الدقيق وتداعياته غير واضحة أو غير متسقة في معظم الأحيان. ومن الناحية القانونية، يشير المصطلح إلى الوقت الذي تتجاوز فيه دولة تطمح إلى امتلاك سلاح نووي، الالتزامات التي اتخذتها بموجب “معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية” المعترف بها على نطاق واسع، والتي صادقت عليها إيران في عام 1970. (ولم تنضم الهند وإسرائيل وباكستان إلى “معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية”؛ وانسحبت كوريا الشمالية من هذه المعاهدة عام 2003). ومن الناحية التقنية، يشير التجاوز إلى الوقت الذي تحقق فيه دولة القدرة على إنتاج أسلحة نووية ويصبح ذلك أمراً واقعاً قبل أن يمكن إيقافها عن طريق الضغط الدبلوماسي أو العمليات العسكرية.

وتختلف الآراء حول ما يشكل “قدرة أسلحة نووية”، لكن عموماً من المقبول اعتبار أنها لحظة امتلاك دولة ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع جهاز نووي واحد. وفي حالة إيران، ستكون المادة المعنية هي “اليورانيوم-235” – النظير الانشطاري لليورانيوم الطبيعي الذي يمكن الحصول عليه من خلال عمليات التخصيب المختلفة. (هناك مادة انشطارية أخرى هي “البلوتونيوم-239″، لكن يبدو أن طريق إيران لامتلاكه – تشعيع اليورانيوم ثم إعادة معالجته – معطّل).

كمية كبيرة

تُعرف الكمية الدنيا التقريبية من المواد الانشطارية الضرورية لصنع جهاز متفجر نووي بـ “كمية كبيرة”. أما بالنسية لليورانيوم العالي التخصيب، فتبلغ “الكمية الكبيرة” 25 كيلوغراماً من “اليورانيوم-235”. وقد تكون الكمية الضرورية فعلياً لصنع سلاح [نووي] أقل من “الكمية الكبيرة” إذا تمّ استخدام كميات كبيرة من المتفجرات القوية لضغط “اليورانيوم-235”.

وبموجب «خطة العمل الشاملة المشتركة» الموقعة عام 2015، تم تقييد قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم كما تمت إزالة كميات اليورانيوم المخصب جزئياً المخزنة من البلاد. وزادت هذه الإجراءات وغيرها من وقت الاختراق المقدر لإيران من شهرين أو ثلاثة أشهر إلى أكثر من عام. ومع ذلك، فإن انسحاب إدارة ترامب من «خطة العمل الشاملة المشتركة» عام 2018 دفع إيران إلى تشغيل المزيد من أجهزة الطرد المركزي وتخصيب اليورانيوم بما يتجاوز 3.67٪ (الحد الأقصى المسموح به بموجب الاتفاق)، مما أثار مجدداً المخاوف بشأن قدرتها على تجاوز العتبة النووية.

أجهزة الطرد المركزي المتقدمة

في 16 آذار/مارس، أعلنت “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، التي تراقب الالتزام بـ “معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية”، أن إيران كانت تستخدم نوعاً إضافياً من أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم في محطة “نطنز” الرئيسية. وإذ تمّ وصفه بأنه “جهاز طرد مركزي متقدم” على الرغم من أن تصميمه الفني يعود إلى السبعينيات، يُعتبر “آي آر-4” مشابهاً لجهاز “الطرد المركزي المتقدم” الآخر الذي استأنفت إيران استخدامه منتهكة بذلك «خطة العمل الشاملة المشتركة»، وهو “آي آر-2 إم”.

ويَستخدم جهاز “آي آر-2 إم” “منافيخ” رفيعة وقصيرة من الصلب المقسّى (المارتنسيتي) لجمع الأجزاء الدوارة في جهاز الطرد المركزي، مما يسمح للدوار الطويل بالدوران بسرعة أكبر بكثير مما كان ممكناً دون هذه الوصلات المرنة. وتجدر الملاحظة أن منافيخ جهاز “آي آر-4” مصنوعة من ألياف الكربون. وتقدّر إنتاجية الجهازين بحوالى 3-5 “وحدات فصل” (“إس دبليو يو”) في السنة، وهو مصطلح يتعلق بكمية المواد المعالجة ودرجة التخصيب. لكن معظم أجهزة الطرد المركزي في إيران هي من طراز “آي-آر-1” الأسبق الذي يقدر أنه ينتج وحدة فصل واحدة في السنة. وبموجب «خطة العمل الشاملة المشتركة»، سُمح لطهران بمواصلة تشغيل 5,060 آلة “آي-آر-1”

وتُقاس تصنيفات “وحدات الفصل” بالكيلوغرامات لكل سنة سواء لليورانيوم أو “سادس فلوريد اليورانيوم” (“UF6”)، الذي يستخدم في شكله الغازي كمادة وسيطة. وتستخرج عملية التخصيب جزيئيات “اليورانيوم-238” الأثقل والأكثر شيوعاً، وتترك جزيئيات “اليورانيوم-235”. ويتمّ تحقيق مستويات أعلى من التخصيب على مراحل من خلال مصفوفات مختلفة من أجهزة الطرد المركزي تُعرف باسم الآلات التعاقبية، تضم كل منها مجرى لليورانيوم المنضّب مع نسبة مخفضة من “اليورانيوم-235″، تُعرف بـ”المخلفات”. ومقارنةً باليورانيوم الطبيعي، الذي يحتوي على ما يقرب من 0.7٪ من “اليورانيوم-235″، تحتوي المخلفات عادة على ما بين 0.3-0.4٪. غير أن بعض سيناريوهات تجاوز العتبة النووية قد تنطوي على إعادة استعمال مخلفات بنسبة 2٪ واللجوء إلى تدابير أخرى لبلوغ مستويات تخصيب أعلى بسرعة أكبر. (انظر أدناه للاطلاع على سيناريوهات مختلفة). وبالتالي، في حين أن المعدل الذي يمكن أن يتراكم فيه اليورانيوم المخصب يتناسب بشكل عام مع عدد أجهزة الطرد المركزي العاملة وتصنيفها في “وحدات عمل منفصلة”، فإن عوامل مثل درجة التخصيب الموجودة مسبقاً في المواد الخام ونسبة المخلفات يمكن أن تسرّع العملية بشكل كبير.

استخدام جدول بيانات لتقدير فترة تجاوز إيران للعتبة النووية

طوّر عالم الفيزياء الأمريكي البارز ريتشارد غاروين، الذي صمّم أول اختبار لقنبلة هيدروجينية في العالم عام 1952، جدول بيانات تفاعلي يسمح للمستخدمين بتحديد تركيز “اليورانيوم-235” للمادة الوسيطة، والمخلفات، والمنتج النهائي المرجو ضمن آلة تخصيب تعاقبية مثالية (حمّل جدول بيانات Excelويبيّن استخدام هذه الأداة أن بلوغ التخصيب نسبة 90٪ – التي تُعتبر ضرورية لصنع سلاح نووي معياري – أكثر سهولة عندما يكون مستوى التخصيب الأولي لمادة غاز “سادس فلوريد اليوارنيوم” الوسيطة أعلى. على سبيل المثال:    

  • الانتقال من اليورانيوم الطبيعي إلى منتج يورانيوم مخصب بنسبة 90٪ باستخدام مخلفات بنسبة 0.4٪ قد يتطلب 170.42 وحدة فصل لكل كيلوغرام من المنتج
  • الانتقال من يورانيوم مخصب بنسبة 3.67٪ إلى 90٪ باستخدام مخلفات بنسبة 0.4٪ قد يتطلب 63.29 وحدة فصل لكل كيلوغرام من المنتج
  • الانتقال من يورانيوم مخصب بنسبة 19.75٪ (المستوى الذي تقول إيران أنها ستستهدفه الآن) إلى 90٪ باستخدام مخلفات بنسبة 0.4٪ قد يتطلب 17.70 وحدة فصل لكل كيلوغرام من المنتج

وإذا كانت إيران قادرة على تشغيل المزيد من أجهزة الطرد المركزي وزيادة إنتاجيتها، فإن الوقت اللازم لتكديس اليورانيوم المستخدم في صنع قنبلة نووية سيتقلص أكثر فأكثر. على سبيل المثال، واستناداً إلى المثال العملي من جدول البيانات، إذا قامت طهران بتجميع مجموعات تعاقبية من أجهزة الطرد المركزي بتصنيف مشترك يبلغ، على سبيل المثال، 6000 وحدة فصل في السنة (والتي ربما تكون أقل من السعة الحالية للبرنامج الإيراني) واستخدَمَت العملية المذكورة في النقطة الثالثة أعلاه (على سبيل المثال، 17.70 وحدة فصل مطلوبة لكل كيلوغرام من المنتج المخصب بنسبة 90٪)، عندها، يمكنها نظرياً إنتاج 338 كيلوغراماً من منتج مخصب بنسبة 90٪ في غضون عام أو 305 كيلوغرامات من “اليورانيوم-235” الفعلي. وهذا يعادل 12 كمية كبيرة في السنة، مما يشير إلى أن زمن تجاوز العتبة النووية لا يتعدى الشهر الواحد.  

وبالطبع، تفترض هذه الحسابات أداءً مثالياً، وهو أمر غير مرجح حتى بدون التخريب الأجنبي الذي أصاب برنامج التخصيب الإيراني مراراً وتكراراً. كما أن تعريف زمن تجاوز العتبة النووية هذا لا يمثل الوقت الذي قد تحتاج إليه إيران لتصميم وتجميع جهاز متفجر أو سلاح جاهز للاستعمال. وتختلف الآراء حول مدى قرب طهران من امتلاك مثل هذه القدرات أو ما إذا كانت قد اتخذت القرارات السياسية ذات الصلة. فالبعض يعتبر أنها ستحتاج إلى سنتين من أجل تجميع قنبلة [نووية]، بينما يفترض البعض الآخر أنها ربما تكون قد أنجزت بالفعل معظم أعمال صنع سلاح نووي، وسيكون تجاوز العتبة النووية ممكناً حالما تُنتج الكمية الضرورية من “سادس فلوريد اليوارنيوم” المخصب بنسبة 90٪، وتحوّله إلى معدن اليورانيوم، وتصبّ وتصنع الأجزاء المعدنية من قنبلة اليورانيوم.      

معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post في خطاب عيد النوروز، خامنئي لا يزال يمارس لعبة الحزم والقسوة
Next post إذا تم إجراء الانتخابات الفلسطينية، فقد تكون لـ «حماس» اليد العليا