التحالفات الدولية ـ إستراتيجية متعددة، لمواجهة التهديدات الأقليمية

Read Time:7 Minute, 17 Second

 د.نور تركي

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_تقول المقولة القديمة أنه إذا كان هناك شخص واحد بالعالم عُرفَ السلام، وعندما يكون هناك شخصان عُرِفَ الصراع، وعندما يكون ثلاثة عُرِفَ التحالف.
ومن هنا نجد أن التحالف هو ظاهرة قديمة قدم العصور التاريخية. والتحالف هو ظاهرة حتمية تقتضيها طبيعة البيئة الدولية القائمة على تعدُّد القوى وتعدد السياسات.

· فما المقصود بالحلف؟ ما معنى سياسة التحالف؟ ما هي دوافع التحالف؟ ما هي أنواع التحالف؟

الحلف يُعرِّفه الدكتور” محمد بدوي” على أنه “اتفاق بين دولتين أو أكثر على تدابير معينة ولحماية أعضائه من قوةٍ أخرى، وتبدو هذه القوة مهدِدة لأمن كل من هؤلاء الأعضاء . ”

سياسة التحالف
تقوم السياسات الخارجية للدول على واحدة من السياسات التالية وهي: عدم الانحياز والحياد والعزلة والتحالف التي هي محور حديثنا الآن، فما معنى سياسة التحالف وما المقصود بها؟. 

إن سياسة التحالف تعني تجمع دولتين أو أكثر في حلف واحد لمواجهة قوة أخرى، وذلك تحقيقاً للتوازن فيما بينهما. فسياسة التحالف تعني الاعتماد على الأحلاف كأداة من أدوات السياسة بهدف حماية الأمن القومي لهذه الدول والدفاع عن مصالحها الوطنية.

تلجأ الدول العالمية ، عادة، إلى سياسة التحالف استجابة إلى بعض المقتضيات أو الضرورات، لذا فان سياسة التحالف لا تنشأ بسبب دوافع صلاته، بل تنشأ لوجود عدة دوافع تُساهم في قيام هذه التحالفات.
ومن هنا يمكننا أن نخلُص إلى مدى أهمية سياسة التحالف على اعتبار أنها خيار سياسي مهم خصوصاً بعد فشل عصبة الأمم المتحدة ومن بعدها هيئة الأمم المتحدة في تحقيق السلام العالمي والأمن المنشودان من جراء قيام هذه المنظمات الدولية. إلا أنه يجب مراعاة نقطة مهمة في سياسة التحالف أن لا تلجأ الدول إلى البحث عن أي حليف بأي من لأن هذا الأمر قد يعرضها إلى الابتزاز السياسي والاقتصادي، فكما قال ميكيافيلي: أن الدول التي تعرض صداقتها على الآخرين تعمل على خفض قيمة الصداقة .

دوافع التحالف ومبرراته


هناك دوافع كثيرة تدفع دول العالم إلى إبرام محالفات دولية فيما بينها ومن أهم هذه الدوافع ما يلي:
ـ ردع الأعداء
يُعتبر هذا الدافع والمبرر من أهم دوافع التحالفات ونشوءها، لذلك فإن الخوف من التعرض للعدوان والسعي إلى درء هذا الخطر، هو المبرر الرئيسي وراء انتهاج الدولة لسياسة التحالف. فيما أنه لا عدو لا تحالف. فطالما ظلت العلاقات الدولية قائمة على التعدد بين دول ذات سيادة ستبقى سياسة التحالف موجودة بسبب وجود العداوات فالخطوط الأولى من إفشاء التحالف هي تحديد العدو على نحو دقيق، إلا أنه هناك معاهدات ومحالفات لا تَقُم الإشارة بها إلى تحديد العدو وبصورة صريحة.
أما فيما يتعلق بهدف ردع العدوان، فدور الحلف ونجاحه يكمن في زيادة مستوى ومصداقية الردع من خلال حساب المخاطر والمكسب والخسارة. فالردع يقوم على مبدأين هامين هما توفر (القوة) و (الرغبة) في استخدامها فعلاً.

ثانياً: السعي إلى زيادة القوة ـ التحالفات

تلجأ الدول عندما تسعى إلى زيادة قوتها إلى سياسة التحالف كبديل لسياسة التسلح التي تستنزف موارد اقتصادية هائلة، ناهيك عن حاجة التسلح إلى فترة زمنية طويلة .لذلك فإن سياسة التحالف هي أنجح في زيادة القوة من التحالف على اعتبار أنها تحقق نفس النتائج وبتكلفة أقل. ويرى بعض العلماء أن زيادة القوة تمثل الهدف الرئيسي لأي حلف وأن بقية الأهداف هي أهداف ثانوية. وهذا ما حققته الدول الأوروبية الغربية عندما تحالف مع أمريكا لكي تكفل الحماية من أي هجوم نووي روسي، وهذا ما أُطلق عليه اسم المظلة النووية الأمريكية . وتلجأ الدول الكبرى إلى المعاهدات غير الرسمية تجنباً لاندفاع الدول الصغرى إلى الرحب بالاعتماد عليها، أما الدول الصغرى تفضل الحصول على المعاهدات والمحالفات الرسمية .

أنواع الأحلاف الدولية

تُعقد التصنيفات الخاصة بالأحلاف الدولية وذلك بتعدد المعايير المستخدمة في هذه التصنيفات، ومن أهم هذه التصنيفات ما يلي:
أولاً: من حيث قانونية التحالف:
أ- أحلاف رسمية: وهي تستند إلى معاهدات يتحمل الحلفاء بمقتضاها التزامات قانونية صريحة بما يتعلق بالتعاون.
ب- أحلاف غير رسمية: والمقصود بها تلك التحالفات التي لا تتطلب تعهد رسمي يقوم على وجود تنسيق بين عمليات صنع القرار

ثانياً: من حيث عدد الأعضاء:
أ- أحلاف ثنائية: ويُقصد بها الأحلاف التي تقوم بين دولتين فقط.
ب- الأحلاف الجماعية: وهي أحلاف يزيد عدد أعضائها عن دولتين .

ثالثاً: من حيث الهدف من التحالف:
أ- أحلاف دفاعية: وهي الأحلاف الغالبة على مر التاريخ وهي تنشأ بدافع الخوف من خطر مشترك يتهدد الدول المتحالفة دفاعاً عن الكيان الإقليمي للدول المتحالفة وحماية لأمنها القومي.
ب- أحلاف هجومية: وهي أحلاف تستهدف الهجوم على دولة معينة أو انتهاج سلوك عدائي موجه إلى دولة معينة، لذلك غالباً ما تكون هذه الأحلاف سرية.
رابعاً: من حيث الزمن:
أ- أحلاف مؤقتة: وهي أحلاف يكون لها مدة زمنية معينة تنقضي معها، طالت أم قصُرت.
ب- أحلاف دائمة: وهي تحالفات لا يحدد لها أجل معين أو تاريخ محدد لانقضاءها

خامساً: من حيث العلانية:
أ- تحالفات علنية: وهي تكون مُعلنة أمام العالم.
ب- تحالفات سرية: وهي أحلاف تكون ذات طبيعة هجومية تتيح للدول الأعضاء الاستفادة من عنصر المفاجأة.

سادساً: من حيث البُعد الجغرافي:
أ- أحلاف بين الدول المتجاورة جغرافياً: وهي أحلاف تكون أقوى وأمتن من غيرها بسبب عنصر الجوار وعنصر وحدة الهدف.
ب- أحلاف بين دول متباعدة جغرافياً: إن البُعد عديم الأثر على الأحلاف لأنه ما يربط بين هذه الدول هو وحدة الهدف بغض النظر عن أية عوامل أخرى . 

سلبيات الأحلاف

تُعد الأحلاف من أبرز مسببات عدم الاستقرار الدولي إذ أنها تزيد من شعور الدولة بالخطر وعدم الأمن كما أنها تؤدي إلى زيادة حدة التوتر الدولي فضلاً عن أنها تُساهم في نقل الصراع أوقات الحرب إلى مناطق أخرى في العالم، وخير شاهد على ذلك أن ما حدث أثناء أزمة البلقان من التحالفات بين ألمانيا والدولة العثمانية وإيطاليا، والدول الحليفة لها من جهة، وبين دول الحلفاء من أثر في وقوع الحرب العالمية الأولى .

إيجابياتها:الحد من طموح القوى  العظمى أذ إن الأحلاف تساعد في حساب القوى والتهديدات  للدول المجاورة لها.

التحالفات الدولية في ظل النظام العالمي الجديد:

يرى الباحثين أن انتهاء الحرب الباردة أدى إلى دحض الحجة القائمة والتي كان يستند عليها التميز بين الأصدقاء والأعداء وبين الصراعات الأساسية والصراعات الثانوية، ومنذ تلاشي التهديد النووي وتزايد حدة المنافسة الاقتصادية العالمية إلى الجانب المقابل، أخذت الآلية العسكرية والتحالفات العسكرية إلى الزوال.

وخلاصة الحديث فإن التحالفات العسكرية في ظل النظام العالمي الجديد بدأت في طريقها إلى الزوال ولم يعد هناك أي أحلاف عسكرية إذا ما استثنينا حلف شمال الأطلسي. وبما أن سباق التسلح قد انتهى فقد أخذت تظهر إلى السطح التحالفات الاقتصادية، فظهر على سبيل المثال لا الحصر “النمور الآسيوية” و “منظمة البحر الكاريبي” و دول جنوب شرق آسيا وغير ذلك من التحالفات الاقتصادية .

التحالف الدولي على الإرهاب

إلا إن هذا ليس أمرا مطلقا فقد نشأت تكوينات للقوى الإقليمية لها دوافع متعددة و تختلف في الأهداف التي قامت من اجلها، فمنها ما أنشأ لدواع أمنية وعسكرية (مثل التحالف الدولي على الإرهاب بعد إحداث 11أيلول 2001 )، ومنها ما كان دافعه اقتصادي وتنموي والذي يظهر في شكل التكتلات الاقتصادية، و منها ما قام لدوافع  ربما دفاعية او أخرى كحلف (عاصفة الحزم 2015) الذي تكون من مجموعة دول عربية ضد جماعة الحوثيين في اليمن.

فالعالم اليوم عبارة عن تحالفات وتكتلات تجمع بين دول إقليم واحد أو مجموعة دول متباعدة جغرافيا و لكن تجمعها المصلحة المشتركة، يمكن للتحالف أن يحدد الحد الأدنى من الإنفاق الدفاعي اللازم – في الداخل – للحصول على القدرة اللازمة لتأمين فرصة للنجاح في إنكار أهداف القوة الإقليمية العدائية لهجومها العسكري.

بطبيعة الحال ، فإن زيادة الإنفاق الدفاعي فوق هذا المستوى يضمن احتمالية أقوى للنجاح. إلا أن الحفاظ على المقدرة ليس كافياً. يجب على الدول المهددة إثبات الرغبة في استخدام القوة لحماية مصالحهم. يبقي الحفاظ على مستويات مناسبة من الاستعداد العسكري مستوى من التصميم. تلعب القوى العالمية دوراً في مواجهة المعتدين الإقليميين من أجل الحفاظ على النظام العالمي ، لأن هذا في مصلحتهم. يجب أن تدعم القوى العالمية الإقليمية .

ماينبغي العمل عليه

يجب على القوى الدولية دعم التحالفات الإقليمية في بدايتها، إذ قد تسعى القوى العدائية إلى تعطيل تشكيلها، ويمكن للقوى الدولية أيضا أن تساهم بمضاعفات قتالية معينة تمتلكها بشكل فريد بسبب وضعها، وبتكلفة أقل نسبيا من الدول الأعضاء الأصغر في التحالفات، ومن خلال المساهمة المباشرة بالموارد في التحالفات الإقليمية، وتستطيع القوى الدولية أن تزيد من احتمالية التحالف للنجاح العسكري. من خلال منعها لتشكيل تحالفات بين القوى الإقليمية المعادية، والقيام بإنفاق دفاعي بنسبة لا تقل عن ثلثي أكبر عدو محتمل لها.

تغير بنية الأمن

يضمن هذا المعدل من الإنفاق الدفاعي للدول المهددة إقامة تحالف تحت مظلة الحماية الدولية. يجب على القوى العالمية ، بالإضافة إلى التحالفات الحالية التي تخضع لتغير بنية الأمن التي تنشأ عندما تشكل أشكال جديدة ، مراجعة التزاماتها التعاهدية لضمان تقاسم المخاطر بشكل مناسب عبر الدول ، ولتخفيف الخطر الذي يمكن أن يجلبه طرف ثالث إلى الآخرين، حرب أكبر من ذلك بكثير. في ظل ظروف وجود توازن متوازن للقوى بين التحالفات ، يزعم البعض أن الوضع يمكن أن يكون أكثر استقرارًا. ومع ذلك ، مثال الحرب العالمية الأولى يظهر خطأ مدمرا لهذا المنطق. في نهاية المطاف ، لا يضمن توازن سلمي بين الأطراف ، ولا جانب واحد يحمل رجحان السلطة لتحقيق السلام.

من الصعب التنبؤ ببداية الحرب فهي مثل سوق الأسهم. ومع ذلك، يوضح لنا مثال الحرب الباردة كيف يمكن أن يكون الحفاظ على الوضع الراهن إستراتيجية وطنية فعالة، وان تغيير النظام العالمي من خلال القوة العسكرية يتطلب قدرة هجومية ويستلزم إنفاقًا دفاعيًا أكبر .

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post كوادر حزب الله القدامى
Next post المؤسسة العسكرية الإيرانية تعزز التزامها بـ “الثورة”