جعلته يبتسم

Read Time:1 Minute, 52 Second

الشاعرة والكاتبة رشا الحجي

ذاك العجوز ذو اللحية البيضاء المعجونة بالسواد ..
الرجل الستيني الذي رسم على جبهته عنوان له ..
عاقد الحاجبين …
التقينا للمرة الاولى عندما احببت ان اطلب فنجان من القهوة فأرشدوني اليه ..
ذهبتُ والشوق يملأ قلبي لرائحة القهوة ..
اتخيل نفسي ممسكة بالكوب الحار ..
مع ان الجو حار ولكن عشقي للقهوة يزداد كل ساعة ونهار ..
دخلت مبتسمة ملقية تحية الصباح وهو يدير ألي ظهره ..
لم ابالي لأنه لم يرد لي التحية …
اعتقدت أنه لم يسمعني ..
اعدت الكرة مرة تلو مرة ولكنه لم يرد ايضا ..
ظننته أصم ..
اكتفيت بالابتسام …
إلى أن أدار وجهه نحوي ونظر بأمتعاض …
( سمعتك سمعتك ) ..
صمت وصمت فقال لي (أي مطولة شو بدك)
قلت له قهوة قهوة واعدتها مرتين لم أعلم لما …
أظن أنه الخوف ..
وما لبث أن أعطاني القهوة حتى هرعت مسرعة فقال لي الحسااااااااااب ..
لقد نسيت أعذرني …
نظر ذاك العجوز إلي وهو يلمم لسانه عني وكأنه يمنع نفسه من توجيه وابل من الشتائم إلي ..

خرجت من ذاك المكان ولم انوي العودة إليه مطلقااااا ..
ولكن بعد أيام قررت أن اذهب واشتري القهوة منه لعلي أجد وجه مختلف هذه المرة ..
دخلت وعدت نفس الكرة ..
صباح الخير فقال لي ماذا تريدين ..
قلت قهوة …
فقال لي انتظري قليلا لدي الكثير من الطلبات قبلك ..
اجبته خذ وقتك ..
انتظرت بضع دقائق …
سرحت بوجهه العبوس وقلت له ادام الله عليك صحتك ..
نظر ألي ورقق شفتاه .. وقال لي شكرا ..
لكنها بمعنى اخر احسستها هكذا ..
اخذت قهوتي وخرجت ..
وعدت باليوم التالي ..
وكل يوم يدور بيننا ذات الحوار …
لكن اليأس لم يصيبني لأني رأيت في ملامحه قسوة الزمن ووراء تلك النظرة العبوس رجلُُ طيب قسى الزمان عليه واجهده ..
بقيت على حالي لأسابيع ..
اذهب وألقي التحية ويرد بذات الوجه ..
وانا ابتسم وأودعه وأثني على قهوته وأشكره ..
إلى يومنا هذا. ..
دخلت ملقية التحية ولكنني لم أكن بأفضل حال ولم ابتسم . .
فقال لي وهو ينظر ألي بعيني رأفة ما بك يا ابنتي لستي على حالك ..
فاجئني سؤاله وكأنه رجلٌ اخر …ابتسم وقلت له انا بحال جيدة لا تقلق ..
استدار مسرعاً وجاء بفنجان قهوة ورفض أخذ ثمنه وقال لي ..
هذا عربون صداقة بيننا اترفضين أخذ فنجان قهوة من صديق ..
وابتسم ………
قلت له ..ما أجمل ابتسامتك ..
أحمرت وجنتاه ..
وأخيرا جعلته يبتسم …
ذاك العجوز ذو اللحية المتموجة عاقد الحاجبين ..
ابتسم …
لكل منا وجهان …
ووراء كل قسوة طيبة ..
شكرا لك صديقي …
لن انسى فنجان قهوتك ما حييت …
يا صاحب أجمل ابتسامة …
شبكة المدار الاعلامية الاوروبية.._

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post أوهام في العمل الفلسطيني (1)
Next post الرسم وطنٌ للحلم