اللجوء والهجرة ـ هل نجحت سياسات الاندماج في ألمانيا؟

Read Time:6 Minute, 10 Second

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_لايزال ملف الاندماج في المانيا محط اهتمام السلطات الألمانية، والذي نشأ في جزء كبير منه بسبب التدفق التاريخي للاجئين بين عامي 2015 و 2019. حيث وافقت الحكومة الألمانية على مجموعة من الإجراءات تهدف إلى تعزيز اندماج المهاجرين في المجتمع. تتراوح بين تدابير الاندماج الأولية مثل دورات اللغة ودورات الاندماج ، إلى الجهود المبذولة لتعزيز التماسك الاجتماعي من خلال الأنشطة الاجتماعية ومعالجة التمييز والعنصرية.

الجالية المسلمة في ألمانيا -اللجوء

أظهرت دراسة للمكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين بعنوان “حياة المسلمين في ألمانيا 2020″ في 28 أبريل 2020 أنه يعيش ما بين (5.3 و  5.6) مليون مسلم في ألمانيا، وهو ما يعادل (6.4 % حتى 6.7 % ) من إجمالي السكان. ومقارنة بنتائج آخر دراسة أجريت عام 2015، هناك زيادة  بنحو (900) ألف شخص”. يشكل المسلمون الأتراك غالبية المسلمين بينهم إذا تقدر نسبتهم بأكثر من النصف أو نحو (2.5) مليون نسمة. ويستقر معظم الجاليات المسلمة في المدن الرئيسية مثل برلين وهامبورغ وكولونيا وفرانكفورت. ومؤخرا لجأ أكثر من نصف مليون سوري إلى ألمانيا واستقروا في مختلف ولاياتها.   يقول رئيس المكتب “هانز إيكهارد زومر” في إطار الهجرة من الدول الإسلامية في الشرقين الأدنى والأوسط، أصبحت المجموعات السكانية من المسلمين أكثر تنوعا في السنوات الأخيرة”.وأضاف “وتظهر التحليلات أيضا أن مدى تأثير الدين على الاندماج غالبا ما يكون مبالغا فيه”، موضحا أن جوانب أخرى مثل مدة الإقامة أو أسباب الهجرة أو الوضع الاجتماعي تؤثر في عملية الاندماج إلى حد أكبر بكثير من الانتماء الديني.

مجالس الاندماج في ألمانيا

تمثل مجالس الاندماج في ألمانيا  المهاجرين على مستوى البلديات. وينتخب المهاجرين المجالس  كل خمس سنوات. يحق لكل بالغ (ألماني أو أجنبي) يقيم في ألمانيا منذ عام واحد على الأقل أن يرشح نفسه لمجلس الاندماج في بلدية المدينة (أو البلدة) التي تكون محل إقامته الرئيسي شرط أن يكون مسجلاً فيها منذ (3) أشهر على الأقل. ويمكن أن تكون الترشيحات فردية أو في قوائم مستقلة أو في قوائم تابعة لأحزاب سياسية ويحق التصويت لـ

  • الأجانب (الذين يحملون جنسية أجنبية).
  • الألمان المتجنسين
  • الأشخاص الذين حصلوا على الجنسية الألمانية لأن أحد الأبوين أقام في ألمانيا لأكثر من(8) أعوام وكان يحمل الإقامة الدائمة.

تساهم مجالس الاندماج في رسم استراتيجيات المجالس البلدية المتعلقة بالمهاجرين والتي تتعلق بالتربية والتعليم والعمل والصحة والشؤون الاجتماعية. تهتم مجالس الاندماج بمصالح المهاجرين داخل المجالس البلدية الألمانية، وتدعم التعايش المجتمعي داخل ألمانيا من خلال حل مشاكل المهاجرين ومكافحة العنصرية والتمييز. كما تساهم في  إصدار القوانين المختصة بالاندماج المجتمعي للمهاجرين بشكل أفضل كما تقدم الاستشارات والاقتراحات لإدارة هذه المجالس البلدية.

أبرز سياسات وبرامج الاندماج في ألمانيا -اللجوء

تشجيع الحصول على الجنسية الألمانية:  أعلن “فرانك – فالتر شتاينماير”  الرئيس الألماني في 22 مايو 2021 تشجيع الأجانب المقيمين في ألمانيا على الاستفادة من حقهم في الحصول على الجنسية الألمانية عند استيفائهم الشروط. ودعا الرئيس الألماني المتجنسين إلى المشاركة السياسية . قدم معهد برلين الاقتصادي في 22 مايو 2021  تقييمًا إيجابيًا بشكل عام، ولكن مع العديد من التحذيرات. كما يأسف لأن النساء اللائي يضطررن في الكثير من الأحيان إلى رعاية الأطفال الصغار والمهاجرين ذوي المهارات المتدنية ما زلن مهمّشات إلى حد كبير. 

خطة عمل وطنية للاندماجأعلنت المستشارة الألمانية  “أنغيلا ميركل” في 9 مارس 2021 بمشاركة قادة الدولة والمجتمع المدني عن (100) إجراء كجزء من خطة عمل وطنية للاندماج. ينقسم إلى (5) فئات تتراوح من تدابير ما قبل الاندماج مثل تحديد التوقعات قبل هجرة الشخص إلى ألمانيا ووصولاً إلى تعزيز التماسك االمجتمعي. وذلك من خلال الأنشطة  مجتمعية وتعليمية، كذلك تهدف الخطة إلى توسيع جهود مكافحة التمييزوالعنصرية فعلى سبيل المثال من خلال إنشاء مراكز استشارية مختصة بمساعدة الأفراد  الذين تعرضوا لخطابات عنصرية وكراهية  أو تم استبعادهم من وظيفة ما بسبب العرق أو الدين. وفي العام 2020، وافقت الحكومة الألمانية على أجزاء من خطة العمل، والتي تعلقت بتسهيل الوصول إلى سوق العمل والعروض الرقمية في التدريب اللغوي والاعتراف السريع ببعض المؤهلات الأجنبية. وشاركت العديد من منظمات المهاجرين في الأعمال التحضيرية للخطة.

برنامج لرفع كفاءة اللاجئين: يقول” هانس-إكهارد سومر”  المسؤول عن المكتب الفدرالي للهجرة واللاجئين في ألمانيا، إن (1 من كل 6 أشخاص) التحقوا ببرامج الاندماج “أميّ” حيث تطرح النسبة المرتفعة صعوبة أمامهم لالتحاقهم بسوق العمل. وأوضح “سومر” أن البعض نجح بتعلم اللغة الألمانية وبالوصول إلى المستويات “باء واحد” أو “باء اثنان” (المرحلة المتوسطة) واصفاً ذلك بـ”الإنجاز العظيم”، غير أنه أضاف أن نحو (50% ) من المتعلمين لا يصلون إلى هذه المرحلة.

برنامج  “NesT”  الرعاية المجتمعية للاجئين: يتولي أفراد من المجتمع المدني رعاية اللاجئين وتتم إعادة توطينهم في ألمانيا. ومن خلاله يتم مساعدتة اللاجئين على الاندماج عبر تغطية نفقات الإيجار الخاصة بهم  لمدة عامين وتسيير أمور اللاجئين تقديم النصيحة والمشورة في مختلف المجالات للاجئين وأمورهم اليومية والإدارية.

ذكرت  دراسة أجراها مركز أبحاث تابع للمكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في مدينة “نورنبرغ” في أبريل 2021 ، أن اللاجئين الذين شاركوا في استطلاع رأى عن الانددماج خلال جائحة كورونا أكدوا انخفاض تواصلهم مع الألمان خلال عام 2020 بسبب القيود المفروضة المرتبطة بـ”كوفيد 19″. عبر اللاجئون المشاركون في الاستطلاع عن مخاوفهم من تدهور مهارتهم في اللغة الألمانية.

الاندماج في سوق العمل

أفادت  دراسة في 5 فبراير 2020 أن أكثر من (65%) من اللاجئين يملكون وظيفة بدوام كامل، لكن يوجد هناك اختلافاً كبيراً بين النساء والرجال، حيث إن نسبة اللاجئات اللائي يعملن بعد مرور 5 أعوام من لجوئهن إلى ألمانياتبلغ  (29 %) ، فيما تبلغ النسبة بين الرجال ( 57 %). استقبلت ألمانيا أكثر من (800) ألف لاجئ خلال عام 2015 فقط،. تعد اللغة الألمانية من العوامل المهمة والحاسمة في تحديد سوق العمل بالنسبة لللاجئ  ماشكل تحديا كبيرا لللاجئين . يقول “هربرت بروكر” أحد خبراء سوق العمل لموقع فوكوس في في 6 أغسطس 2020  أن “هناك أسباب عديدة تجعل من إندماج اللاجئين في سوق العمل الألماني، في التعليم وفي المجالات الاجتماعية الأخرى أصعب من إندماج المهاجرين الذين قدموا إلى ألمانيا بطرق أخرى، ومنها على سبيل المثال هجرة العمالة أو لم شمل الأسرة”.

هجوم فورتسبورغ والاندماج -اللجوء

ونفّذ صومالي عملية الطعن في 25 يونيو 2021  بـ “فورتسبورغ” وتسبب في مقتل (3) ثلاث نساء وأصاب (6)أشخاص وصل منفذ الهجوم  إلى ألمانيا في عام  2015. وأوضح زيهوفر وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر أن أكثر ما يقلقه بشأن هذه القضية هو السؤال التالي: “كيف يمكن لشاب يبلغ من العمر 24 عامًا ويقيم بشكل قانوني في ألمانيا منذ ست سنوات أن يعيش في مأوى للمشردين؟”.وتابع السياسي الألماني المنتمي للتحالف المسيحي: “لا يمكننا أن نقبل بذلك”. وأضاف “يجب على الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات التباحث فيما إذا كانت جهود إنجاح الاندماج بحاجة إلى تكثيف.”

التقييم

لاتزال مسألة اندماج المهاجرين في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الألمانية هو التحدي الأبرز للحكومة الألمانية. حيث أدت أزمة الهجرة إلى إعادة  نظر السلطات الألمانية إلى برامج الأندماج وقامت بإعادة تقييم لجدوى تلك البرامج والبحث عن وسائل تعزيز.

تظهر التحليلات أن اندماج المهاجرين المسلمين في ألمانيا يسجل “تقدما فعليا” هناك عوامل تؤثر في عملية الأندماج بألمانيا كمدة الإقامة أو أسباب الهجرة أو الوضع الاجتماعي إلى حد أكبر بكثير من الانتماء الديني. وبالرغم من توفير السلطات الألمانية “دورات الاندمادج”  فهناك تراجع مستمر في عدد المهاجرين الذين ينهون الدورات بنجاح

نجد أن برامج الاندماج التي وفرتها الحكومة الألمانية  للأجانب ساهمت في تحسين فرصهم في دخول سوق العمل والذي أدى بدوره إلى خلق فرص عمل جديدة،  كما ساهم بتحفيز المهاجرين على دراسة اللغة الألمانية بشكل أسرع  ما أعطى المهاجرين أسبابا إضافية للإقدام على الاندماج في المجتمعات المحيطة.

تبقى مسألة الأندماج المجتمعي مهمة جدا لمعالجة التطرف مجتمعيا. حيث  أظهر هجوم “فورتسبورغ” أن برامج الاندماج في ألمانيا تحتاج إلى معالجة لمواطن الخلل وتعزيز جهود إنجاح الاندماج. كذلك يجب  اعتماد مؤشر مبكر للإرهاب المجتمعي يساهم جميع الفئات المجتمعية المجتمع المدني والمدرسة بالتعاون السلطات الألمانية.

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب و الإستخبارات

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post مقال تعريفي: الإسم: “لواء ثأر المهندس”
Next post الاندماج في فرنسا ـ السياسات والمعوقات