تداعيات عودة طالبان على أمن أوروبا

Read Time:6 Minute, 4 Second

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_يشدد الاتحاد الأوروبي على الأهمية القصوى لسلامة وأمن جميع مواطني الاتحاد في أفغانستان. وأثار انهيار الحكومة الأفغانية واستيلاء طالبان على البلاد القلق في العواصم الأوروبية بعد انتشار الفوضى وعدم الاستقرار الذي اجتاح البلاد ويمكن أن تمتد إلى أوروبا ويدفع بموجة من اللاجئين. لا تزال مكافحة الإرهاب ومنع استخدام الأراضي الأفغانية من قبل الجماعات الإرهابية الدولية في صميم المشاركة الجماعية للاتحاد الأوروبي في البلاد. وتخشى الدول الأوروبية من أن القاعدة والجماعات الإسلاموية المتطرفة الأخرى ستجد مرة أخرى ملاذًا آمنًا هناك.

أزمة هجرة جديدة وخلافات أوروبية -الاتحاد الأوروبي

تدعو برلين إلى مناقشة توزيع حصص من اللاجئين الأفغان على دول الاتحاد الأوروبي وإمكانية إقامة اللاجئين الأفغان  في دول الجوار الأفغاني. و تمارس النمسا ضغوطاُ على الاتحاد الأوروبي لإقامة “مراكز احتجاز” في دول الجوار لأفغانستان. عزمت السلطات الهولندية في 10 أغسطس 2021 ترحيل طالبي اللجوء الأفغان.وأعلنت السلطات اليونانية أنها لن لن نكون بوابة أوروبا للاجئين والمهاجرين الذين قد يحاولون القدوم إلى الاتحاد الأوروبي .وشدد وزير الهجرة اليوناني على أنه “يجب أن يكون الحل مشتركا ويجب أن يكون حلا أوروبيا”.

نشر استطلاع للرأي  أجراه معهد سيفي لاستطلاعات الرأي في 18 أغسطس 2021 أن ثلثي الألمان يخشون تدفقا كبيرا للاجئين في أعقاب التطورات الأخيرة في أفغانستان. ويشعر ثلثا الألمان تقريبا (62.9% ) بالقلق إزاء تدفق اللاجئين إلى البلاد كما حدث في عام 2015،. وكشف الاستطلاع عن أن ثلثهم تقريبا (30%) يفكر بطريقة مختلفة. ويقول(75%) من  مؤيدي الاتحاد الديمقراطي المسيحي وحليفه البافاري الاتحاد الاشتراكي المسيحي وكذلك الحزب الديمقراطي الحر الليبرالي إنهم يخشون حدوث أزمة لاجئين على غرار ما كان عليه الوضع قبل ست سنوات. ووسط أنصار حزب الخضر، رأي (38.8% ) فقط الأمر على هذا النحو.

كشفت لندن في 18 أغسطس 2021 عن خطة لتوطين (20 ) ألف لاجئ أفغاني على أن يتم استقبال (5)الاف أفغاني خلال العام الأول.  كما استقبلت فرنسا (800) أفغاني كجزء من “واجب” الحماية، بين عامي 2001 و2014 وكشف الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” عن مبادرة استباقية للتصدي لموجات الهجرة واللاجئين الأفغانية. وذلك عبر إيجاد آليات للتعاون مع دول العبور لحل مشكلة الهجرة من أفغانستان. وأعرب “سامي مهدي” وزير الهجرة واللجوء البلجيكي في11أغسطس2021 عن قناعته بضرورة عدم تعليق سياسة الإعادة القسرية للأفغان، مؤكداً أن مصير طالبي اللجوء من الأفغان، يجب أن يُدرس كل حالة على حدة.

دعت ” إيلفا جوهانسون” مفوضة الشؤون الداخلية في الاتحاد الأوروبي  في 19 أغسطس 2021  الدول الأعضاء إلى “تسريع عملياتها” لاستقبال لاجئين على أراضيها، وزيادة عدد الأفغان الذين يمكن استقبالهم. ومن أجل التصدي للهجرة غير الشرعية، شددت جوهانسون على ضرورة “إتاحة سبل قانونية إضافية (…) وتوفير قنوات قانونية وآمنة ومنظمة” لجلب الأفغان إلى أوروبا.

عودة الجماعات الإرهابية -الاتحاد الأوروبي

تؤكد التقارير الاستخباراتية أن حركة طالبان لا تزال على ارتباط وثيق مع القاعدة ومجموعة من الجماعات الإرهابية التابعة للقاعدة العاملة في أفغانستان. لم تظهر طالبان أبدًا أي مؤشر على قطع العلاقات. وتخشى بريطانيا من أن عودة حركة طالبان والفراغ الذي خلفه انسحاب الغرب الفوضوي سيتيح لمتشددين من تنظيم القاعدة اكتساب موطئ قدم في أفغانستان بعد 20 عاما من هجمات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة ما يشكل تهديدا على أمن دول أوروبا.

يؤكد التحذير الأخير من المدير العام لجهاز MI5 “كين ماكالوم” بأن انتصار طالبان في أفغانستان سيلهم الجهاديين الشباب في الغرب، المخاوف من أن موجة أخرى من الإرهاب ستتبع سقوط كابول. كانت وكالات الاستخبارات الغربية تتحدث عن أن الجماعات الإرهابية الدولية تسعى إلى إعادة البناء في ظل طالبان في أفغانستان ، مما يعزز المتطرفين في أوروبا والولايات المتحدة.

يتوقع الدكتور “ساجان غوهيل” من مؤسسة آسيا والمحيط الهادئ في 18 أغسطس 2021، أن يزداد عدد الأعضاء المنتمين إلى القاعدة الذين تتراوح أعدادهم الآن بين (200) و (500) عضو في كونار. “إن سيطرة طالبان على مقاطعة كونار لها أهمية استراتيجية كبيرة لأنها تضم بعض أكثر التضاريس تحدياً، مع وجود وديان كثيفة الغابات. والقاعدة موجودة هناك بالفعل، وستسعى إلى التوسع فيها”. وإذا حدث ذلك، سيكون جلياً أنه سيصعب على الغرب احتواءها.

شروط فرنسية للتعامل مع أفغانستان

ذكرت باريس أن هناك (5) شروط المسبقة للمجتمع الدولي للاعتراف بنظام حركة تتعلق أساسا باحترام حقوق المرأة وعدم إعاقة خروج اللاجئين الأفغان ومنع عودة الإرهاب وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى الأراضي الأفغانية وأيضا تشكيل حكومة انتقالية وان لا يصبح بلدهم ملاذا للإرهاب والمتطرفين. وأوضح  ” جان إيف لودريان” وزير الخارجية الفرنسي في 19 أغسطس 2021  أن “هذه هي الشروط للحصول على اعتراف دولي. بعدها سنرى، لكن في الوقت الحالي، يجب عليهم أن يقوموا بهذه الإجراءات، فهي لم تتحقق حتى الآن”. وحذر لودريان طالبان من أنهم إذا لم يلبوا هذه المطالب “فسيكونون منبوذين من المجتمع الدولي، وسيتعين جعلهم يعيشون وضع المنبوذين هذا (…) سيتطلب الأمر قدرا كبيرا من الحزم”.

تفعيل العقوبات الأوروبية وتعليق المساعدات

كان هناك مبلغ مخصص لدعم كابول في العام 2021 يقدر بحوالي (250) مليون يورو.قررت السلطات الألمانية في 17 أغسطس 2021 قطع المساعدات التنموية الاقتصادية لأفغانستان بعد سيطرة حركة “طالبان” على الحكم. وكان قد أعلن “هايكو ماس” وزير الخارجية الألماني أن ألمانيا لن تقدم “سنتا واحدا” لأفغانستان في حال انتزعت حركة طالبان السلطة في البلاد و”طبقت الشريعة الإسلامية”. و أعربت إيطاليا أن المفاوضات مع حركة طالبان تبدأ من احترام الحركة لحقوق المرأة الأفغانية كشرط مسبق لأي علاقات مع طالبان.

حذر الاتحاد الأوروبي حركة طالبان من أنها ستواجه قطعًا من المجتمع الدولي إذا استولت على السلطة من خلال العنف. وأكد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي “جوزيب بوريل” إن التكتل لن يتعاون مع الحكومة الأفغانية بعد عودة حركة طالبان للحكم إلا إذا احترمت الحقوق الأساسية بما في ذلك حقوق المرأة ومنعت استخدام الإرهابيين لأراضي أفغانستان. وأضاف “التعاون مع أي حكومة أفغانية في المستقبل سيكون شريطة التوصل إلى تسوية سلمية بمشاركة الجميع واحترام الحقوق الأساسية لجميع الأفغان بما في ذلك النساء والشبان وأبناء الأقليات علاوة على احترام التزامات أفغانستان الدولية والالتزام بمحاربة الفساد ومنع استخدام التنظيمات الإرهابية لأراضي أفغانستان”.  

التقييم

أصبح من المتوقع أن يطرق المهاجرون الأفغان أبواب دول الاتحاد الأوروبي  بسبب تدهور الوضع الأمني في البلاد، وأعلنت المفوضية الأوروبية تسريع عمليات استضافة اللاجئين الأفغان مما أثار انقسامات بين الدول الأوروبية. وكالعادة لايخلو ملف اللاجئين بين دول الاتحاد الأوروبي من التعقيد. لاسيما أن بعض رؤساء الاتحاد الأوروبي في صدد صياغة استراتيجيات لتجنب تكرار أزمة الهجرة عام 2015 2015 و2016. فهناك دول أوروبية أعلنت افتاحها لاستقبال المزيد من اللاجئين الأفغان. بينما دعت دول أوروبية أخر إلى إقامة مراكز احتجاز وعدم استقبال أى لاجئين.

بات عودة تنظيم القاعدة إلى أفغانستان شيئا حتميا وترى الحكومات الأوروبية أن وصول حركة طالبان إلى السلطة يعد  خطرا على أوروبا. وتخشى الدول الاوروبية من أن تصبح كابول قاعدة للإرهاب الدولي وملاذا للجماعات الإرهابية يتم من خلالها التخطيط لهجمات إرهابية عابرة للحدود يتم تنفيذها على الأراضي الأوروبية.

يعتقد بمجرد أن تبدأ الدول الأوروبية في الضغط على حركة طالبان وتضيق الخناق عليها بالعقوبات ، فمن المحتمل جدًا أن تسمح طالبان للقاعدة بإقامة وجود أقوي في البلاد مرة أخرى. وتحريض أنصارها على تنفيذ هجمات إرهابية على المصالح الأوروبية. إذن فالأمر مجرد مسألة وقت قبل أن نرى الهجمات تنطلق إلى الخارج. ما يحتاجه الاتحاد الأوروبي هو التحرك ككتلة واحدة، باستخدام كافة الأدوات الدبلوماسية والجيوسياسية المتاحة لحماية أمن دول التكتل.

نرى أن التعاون مع أي حكومة أفغانية مستقبلية مشروطًا بتسوية سلمية وشاملة واحترام الحقوق الأساسية لجميع الأفغان ، بما في ذلك النساء والشباب والأشخاص المنتمين إلى الأقليات ، فضلاً عن احترام التزامات أفغانستان الدولية ومنع استخدام الأراضي الأفغانية من قبل المنظمات الإرهابية.

ينبغي  على أوروبا عندئذ أن تستعد للتدفق الحتمي للاجئين الأفغان الفارين من أفغانستان. و أن تعمل بسرعة لتجنب أخطاء أزمة اللاجئين 2015. وعلى المدى الطويل يجب أن تكون هناك استراتيجية وأدوات أوروبية ملموسة تجاه تمدد حركة طالبان، والعقوبات هي واحدة من الأدوات القليلة المتبقية.

 المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب و الإستخبارات

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post الاتحاد الأوروبي و أفغانستان أوجه التعاون ماقبل سيطرة طالبان
Next post لبنان هل من دور دولي أو إقليمي لحل الأزمة ؟؟