المدار ترصد اواخر ايام المثقفين((عابد الجابري بين نقد وتشريح العقل العربي))

Read Time:4 Minute, 41 Second

اواخر الايام ترصدها نجاة احمد الاسعد

شبكة المدار الاعلامية الاوروبية…_محمد عابد الجابري من مواليد (27 ديسمبر 1935 بفكيك، الجهة الشرقية – توفي 3 مايو 2010 في الدار البيضاءبعد معاناة طويلة مع المرض)، مفكر وفيلسوف مغربي، له 30 مؤلفاً في قضايا الفكر المعاصر، أبرزها “نقد العقل العربي” الذي تمت ترجمته إلى عدة لغات أوروبية وشرقية. كرّمته اليونسكو لكونه “أحد أكبر المتخصصين في ابن رشد، إضافة إلى تميّزه بطريقة خاصة في الحوار
و شكلَ مدرسة فكرية عربية مستقلة بذاتها ستظل محط جدل دائم ومرجعية فكرية لكثير من الأسئلة والإجابات معاً، ربما لعقود طويلة.
وذلك لما تركه من أفكار ومشاريع فكرية لا يمكن تجاوزها في أي دراسة أو نقد أو بحث عن أزمة العقل العربي البنوية وإشكالياته التكوينية سياسية وأخلاقية، قديماً وحديثاً.

فمشروع الجابري الفكري في نقد العقل العربي وقراءة التراث لم ينطلق من فراغ أو ترف فكري أو نزق أيدلوجي في الجدل من أجل الجدل أو النقد للنقد ذاته، و”إنما النقد لتجاوز كل ما هو ميت ومتخشِّب في كياننا العقلي وإرثنا الثقافي”، ومن هنا كانت انطلاقة الجابري بمشروعه الفكري النقدي هذا بنقد العقل العربي لاستكشاف مواطن القصور فيه وتجاوزها وتقويم ما يمكن تقويمه منها.

أثار الجابري جدلاً كبيراً طوال مشواره الفكري في عدد من كتبه التي كان أهمها كتاب “نقد العقل العربي”، برباعيته بنية العقل وتكوينه والعقل السياسي والأخلاقي العربي، هذا المشروع الذي أراد به الجابري أن يكون مشروعاً استكشافياً أولاً، وإصلاحياً ثانياً لمنظومة تفكير العقل العربي، من داخل التراث العربي الإسلامي ذاته الذي كان يرى الجابري أنه لا يمكن إصلاحه إلا من داخل بنيته التراثية نفسها، وبالتالي لا يمكن تجاوزه، أي التراث، لأنه جزء من تكوين هذا العقل وهويته.

من مدينة فجيج التي تتاخم الحدود المغربية الجزائرية، سيشد الرحال إلى الرباط العاصمة، طالبا في مرحلة أولى؛ ثم في مرحلة ثانية، الأستاذ نجم الجامعة، ذائع الصيت، الذي لا تشغر مساحة في محاضراته.

“سي عابد” لدى المقربين منه، “محمد عابد الجابري” لدى العامة… اسم أشهر من نار على علم في الأوساط الثقافية والفكرية في المغرب والعالم العربي… اشتهر بتعريضه العقل العربي لمشرحة النقد، فكان باكورة أعماله، كتاب “نقد العقل العربي” الذي قيل فيه: من يقرأه، لا يعود بعد أن قرأه كما كان قبل أن يقرأه”.

مع ذلك، لم يسلم الجابري من نقد “لاذع”، أبزره من المفكرين طه عبد الرحمن وجورج طرابيشي، إذ اتهماه بزيغ كثير ليس أقله، الخلل في إحالته على المراجع… نقد لم يرد عليه الجابري، وإن رد، فعل بانتقاص حسب البعض، والتهمة تبدو ثابتة في نظر كثيرين…
في هذا البورتريه، نرسم بعضا من ملامح سيرة ناهزت 75 عاما من الحياة، من الفكر والثقافة والمعرفة… سيرة مفكر مغربي اسمه محمد عابد الجابري.
أبصر محمد عابد الجابري النور عام 1936 بمدينة فجيج أقصى شرق المغرب، في قلعة سكنية تدعى “زناكة”. بعدما شاء الزمن أن ينفصل والداه، نشأ في كنف أمه، ومن ثم عند أخواله، فلقي عندهم ما فتح عينيه على مسار سيبصم حياته كلها.

نشأ الجابري في عائلة متدينة شغوفة بالمعرفة؛ وكان جده من أمه يعكف على تلقينه سور القرآن، ثم أدخله إلى كتّاب ليتعلم القراءة والكتابة حتى تمكن من حفظ ثلث القرآن، ثم ما لبث أن انتقل إلى كتاب آخر بعدما تزوجت أمه من الشيخ الذي يدرّس فيه، إلى أن ألحقه عمه بمدرسة فرنسية قضى بها عامين.
الدراسة في مدرسة فرنسية كانت خيانة بالنسبة للوطنيين. خيانة للدين وللوطن… هكذا، كان البعض يدرس فيها في خفية إذا ضغطت عليهم السلطات الفرنسية.. استمر الحال على ذلك، إلى أن راودت أحدهم فكرة إنشاء مدرسة وطنية بفجيج، وذلك ما حصل بعدما نال رخصة إنشائها، فانتقل إليها الجابري، ليحوز منها الشهادة الابتدائية عام 1949.

“الانتقال من المدرسية الفرنسية إلى المدرسة المغربية خلف في نفسي أثرا عميقا، وغدا يتحكم بصورة تلقائية وعفوية في توجيه نظرتي للأمور”، يقول الجابري عن هذه المرحلة، مضيفا “بدأت أشعر بهذا الأثر في وقت مبكر، فرضيت به وأقررته وربما هو من فرض نفسه عليه كاختيار لا أحيد عنه، لا فرق
عام 1957 سيحصل الجابري على شهادة الباكالوريا، ثم سافر إلى دمشق وحصل هناك في غضون عام واحد على شهادة “الثقافة العامة”؛ ثم عاد إلى المغرب ليلتحق بقسم الفلسفة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط.
غضون ذلك، اشتغل معلما وأستاذا، ونال، مع توالي السنوات، شهادة الإجازة وشهادة الدراسات المعمقة، ثم دكتوراه الدولة عام 1970 عن موضوع “العصبية والدولة، معالم النظرية الخلدونية في التاريخ الإسلامي”، فعمل بها أستاذا للفلسفة والفكر العربي الإسلامي بذات الكلية.

مسارات عديدة
قبل أن يشتهر الجابري كفيلسوف أو مفكر، نشط في مجالات عديدة… وهو بعد صبي، كان منتسبا إلى خلايا العمل الوطني ضد الحماية الفرنسية، ثم انضم إلى حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، فكان عضوا بارزا في مكتبه السياسي لسنوات طويلة، مع أن المعطيات التاريخية تشهد بأنه لم يتفرغ للسياسة، بل نظر إلى العمل السياسي كالتزام نضالي وحسب.
الامتزاج، بل الاندماج بين الوطنية والسياسة في وعيي، هو ما يفسر في نظري على الأقل، جوانب كثيرة من سلوكي الحزبي ومواقفي السياسية. ومن دون تواضع زائف أستطيع أن أؤكد أنني أقبل من نفسي الخطأ وجميع أنواع الضعف البشري في الميدان السياسي أو غيره، ولكنني لا أتصور أني أستطيع أن أسلك أي سلوك انتهازي كيفما كان”، يقول الجابري عن هذه المرحلة من مسار حياته، رافضا أن تكون السياسة مدخلا لنيل المناصب.
في أثناء ذلك، اشتغل الجابري أحيانا كصحافي… صحافيا في يومية “العلم” لسان حزب الاستقلال، وجريدتي “المحرر” و”الاتحاد الاشتراكي” الصادرتين عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ثم بعد ذلك قلما في مجلتي “أقلام” و”الأهداف”.
أهم أعماله
نحن والتراث: قراءات معاصرة في تراثنا الفلسفي (1980)
العصبية والدولة: معالم نظرية خلدونية في التاريخ العربي الإسلامي (1971)
تكوين العقل العربي (نقد العقل العربي 1)(1982)
بنية العقل العربي (نقد العقل العربي 2)(1986)
العقل السياسي العربي (نقد العقل العربي 3)(1990)
العقل الأخلاقي العربي (نقد العقل العربي 4).

الجابري كان أحد أكثر الأقلام المطلوبة في العالم العربي؛ ذلك أن ما من صحيفة أو مجلة إلا وخطبت ود كتاباته، فيما ظلت إجابته الشهيرة دائما “سنرى” مخرجا لكل إلحاح يواجه به، فاستقر به المقام كاتبا لمقال أسبوعي في مجلة “المجلة”.

شبكة المدار الاعلامية الاوروبية …_

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post اسعار الغاز تواصل الارتفاع في اوروبا
Next post فنزويلا تتحدى …….