مانيكير فوق الدماء.. كيف تستخدم الديكتاتوريات العربية النساء لتجميل مخالبها؟

Read Time:10 Minute, 48 Second

مصطفى علي

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_ في عام 1959، بادرت حكومة عبد الكريم قاسم في العراق، بإعلان السيدة نزيهة الدليمي وزيرةً للبلديات، كأول امرأة تتقلد منصباً وزارياً في الوطن العربي والشرق الأوسط. كان القرار ملهماً للنساء في الوطن العربي، واعتقد كثر بأن عهداً جديداً للمرأة على وشك البدء. 

كان عصر قاسم هو عصر صعود الدولة القومية، التي امتلكت ناصية العمل النسائي وأخضعت كل التنظيمات النسائية لسلطتها، وأقدمت على تقنين أوضاع النساء عبر إصدارها قوانين العمل والأسرة، تم ذلك اتساقاً مع فتح حزب البعث، نهاية عقد الخمسينات، الباب للمرأة للانضمام والعمل في تنظيماته، بالتوازي مع فرض المنظمات النسوية نفسها كقوة سياسية جديدة، وهو الذي انسجم مع رغبات الأنظمة الساعية لارتداء ثوب التقدمية من خلال تطبيق المساواة بين الجنسين. 

هناك سر غامض في التاريخ، يعيد نفسه وكأنه حلقة دائرية يركض فيها البشر بلا توقف، فإعلان نزيهة الدليمي كأول وزيرة أولى في تاريخ الوطن العربي، يتشابه كثيراً وإعلان الرئيس قيس سعيد السيدة نجلاء بودن أول رئيسة وزراء في تاريخ تونس، والأولى في تقلد المنصب في الوطن العربي. 

سلاح الأزمات

إن السلطة في معناها الواسع تتضمن الكثير من الأركان والواجبات التي يؤديها أفراداً ذوي أدوار اجتماعية متباينة.

وأهم تعريف للسلطة، خاصة في المحيط العربي، هي أنها قوة ذات سيادة مهيمنة على أية علاقة بما يساعد على خضوع الإنسان لقوة أكبر منه، وهي على سطوتها تلك ليست مركزاً واحداً وأساسياً يجب البحث عنه وفيه، بل هي مرتكز لعلاقات قوى تحكمها استراتيجية معينة لا تفرضها دولة ولا مؤسسة ولا جهاز بعينه ولا شخص.

استمرت محاولات الحكومة الأردنية في احتواء النشاط النسوي في جيوبها من خلال تأنيث السلطة ذاتها، حيث استعانت بـ”أول وزيرة في تاريخ الأردن” إنعام المفتي وزيرة الشؤون الاجتماعية لتقوم بحل اتحاد المرأة الأردني بقيادة إميلي بشارات بشكل تعسفي عام 1981، وكان اتحاد المرأة الأردني كتلة نسوية مستقلة عن الأجندة الحكومية.

وعلى الرغم مما يحمل معنى كلمة سلطة من وقع سلبي نظراً لاستخدامها القهري فإنها سلوك لا مفر منه لأي ارتباط في سياق، لذلك فهي تمارس تأثيراً مهماً في العلاقات الإنسانية، وتأثيراً مهماً على المواقع المهنية، ويمكن القول أن الأفراد بكل نوازعهم هما نتاج للسلطة سلباً وإيجاباً، ولأن المرأة تعتبر شريكاً في المجتمع الإنساني، فهي تقع تحت طائلة السلطة بمعناها الإنساني الأشمل، سواء سلطة الفرد أو سلطة الدولة، وهو ما يجعل الدولة تشتبك كثيراً مع المرأة وقضاياها وفقاً للسياقات التاريخية والاجتماعية.

نظرة عابرة في التاريخ، تعطيك إيحاء بأن النساء هن سلاح تظن الأنظمة الرجعية والديكتاتورية كونه فعالاً في وقت الأزمات، وأن النضال النسوي كان دوماً أسهل نضالاً يمكن احتواؤه في جيوب السلطة، وهي أمثلة تتكرر من الماضي إلى الحاضر، لا يملها الحكام أبداً. 

ويمكن قراءة تاريخ “تأنيث السلطة” على ضوء الكثير من الأحداث، فهناك زاوية السيدة الأولى، والتي يمكن الاستدلال على بروزها في العديد من الأمثلة التاريخية. 

ففي إيران، كان الشاه محمد رضا بهلوي يحاول أن ينقذ دولته من خلال إعطاء مجال واسع من الحرية السياسية لزوجته الشبهانو فرح ديبا، والتي كانت وسيلة للتواصل المباشر بينه وبين الشعب، وفي الأرجنتين كان الرئيس خوان بيرون يستخدم صورة زوجته إيفا بيرون وانخراطها في النشاطات الأهلية والخيرية، كستاراً يتوارى خلفه بسياساته القمعية وحياة الترف والفساد التي عاشها، ولا يبدو الأمر بعيداً عن تاريخنا المعاصر حين نرى قصص صعود جيهان السادات أو سوزان مبارك إلى الحياة السياسية، ولكن من الأفضل أن نبتعد عن تناول “تأنيث السلطة” من خلال نظرة إلى السيدة الأولى لاعتبارات ليست محل النظر هنا، ولننظر إلى تأنيث السلطة من خلال المؤسسات الرسمية والوزارات والحياة النيابية. 

الحق في البرلمان

لكي يستطيع البرلمان، أي برلمان، تحقيق مهامه وأهدافه، هناك عدد من الشروط المسبقة بما في ذلك: القدرة على الاستقلالية عن السلطة التنفيذية، والحصول على الموارد والإمكانيات الضرورية، ووجود رغبة والتزام من الدولة والمجتمع.

وفي دول الاستبداد، حيث لا تتم تلبية تلك الشروط في معظم الوقت، يضعف البرلمان ويصبح غير قادر على أداء دوره، وهو ما يفرغ في النهاية التمثيل النسوي في البرلمان من محتواه وقيمته.

يعد الأردن مثالاً صارخاً على كيفية احتواء الوضع القابل للانفجار من خلال تأنيث السلطة. تحت حكم الملك عبدالله الأول كان الأردن رقعة يمكن وصفها بالتخلف في التعامل مع المرأة، وعند صعود الملك حسين للحكم، وجد عرشه محاصراً بالدول القومية ومظاهر التحديث من كل ناحية، فانتهج نهجاً منفتحاً -قياساً على سلفه- في التعامل مع المرأة يصب في مصلحة توطيد سلطته. 

كانت الحركة النسائية في الأردن في منتصف الخمسينيات تتلقى دعماً كبيراً من الحركة الوطنية الأردنية العريضة المناهضة للاستعمار والمتأثرة بالفكر البعثي والناصري، وقد كانت المقاومة الشعبية لمناهضة الاستعمار تدعو للنضال في سبيل تحرير المرأة من القيود الرجعية ومساواتها بالرجل في جميع الأمور السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحق التصويت وحق الترشح للانتخابات، وقد منحت النساء حق التصويت إلا أن الانتخابات أبطلت بسبب انقلاب القصر عام 1957.

ومع صعود الحركة الوطنية الفلسطينية في الستينيات داخل الأردن ووجود معظم عناصرها داخل الأردن، وجدت الحركة النسائية مصدر دعم جديداً، وما أن مُنيت الحركة الفلسطينية بالهزيمة النهائية داخل الأردن عام 1970 في “أيلول الأسود”، قفز الملك حسين على الوضع واحتوى ذلك النضال الذي توجه بتنفيذ رغبته الملكية في منح النساء حق الاقتراع عام 1974.

استمرت محاولات الحكومة الأردنية في احتواء النشاط النسوي في جيوبها من خلال تأنيث السلطة ذاتها، حيث استعانت بـ”أول وزيرة في تاريخ الأردن” إنعام المفتي وزيرة الشؤون الاجتماعية لتقوم بحل اتحاد المرأة الأردني بقيادة إميلي بشارات بشكل تعسفي عام 1981، وكان اتحاد المرأة الأردني كتلة نسوية مستقلة عن الأجندة الحكومية.

وزير المرأة

تمتلك مصر تاريخاً طويلاً في سياسة تأنيث السلطة في عصور الغضب، ولعل أبرز معالم تلك العلاقة بين السلطة والأنثى في مصر، هو إقرار قانون “الكوتة” عام 1979 الذي منح 30 مقعداً للسيدات في البرلمان في عهد الرئيس السادات والذي كانت سلطته وشرعيته كبطل الحرب تتهاوى منذ “انتفاضة الخبز” 1977. 

كانت “الكوتة” تحمي السيدات من المنافسة مع الرجال، وكانت تتيح لهن فرص التنافس مع الرجال على مقاعد أخرى خارج الثلاثين مقعداً المخصصة لهن، وقد شجع هذا القانون 200 امرأة للترشح للانتخابات عام 1979 وقد فزن بثلاثين مقعداً بالإضافة إلى 3 مقاعد وتم تعيين امرأتين بقرار رئاسي ليصل إجمالي عددهن إلى 35 نائبة برلمانية.

وقد ظل النظام ثابتاً في عهد الرئيس مبارك مع تعديلات طفيفة ومع إتاحة تمثيل نسوي للسلطة في الوزارات، وبمجيء الرئيس السيسي لسدة الحكم، المعروف بنظامه الشمولي الديكتاتوري، نجد في مفارقة ساخرة، أنه يمثل عصراً زاهياً لتأنيث السلطة في مصر. 

يحلو للرئيس السيسي أن يسمي نفسه “وزير المرأة” وأن يطلق عاماً للمرأة، وفي عهده قد وصلت كتلة النساء في الوزارات إلى 8 وزارات. وقد منح دستور 2014 المصري العديد من الصلاحيات التمكينية للمرأة للتمثيل في البرلمان وصلت إلى ذروتها عام 2021 حيث أصبح للمرأة 162 مقعداً عقب قرار السيسي بتعيين 28 نائباً نصفهم من النساء
ويجد السيسي تثميناً كبيراً من المجتمع الدولي لإجراءاته التي يتخذها بشأن المرأة، ويبدو أنه ينجح في وزن سمعة نظامه الديكتاتوري من خلال هذه المعادلة، فبينما يزداد قمع الحريات المدنية والسياسية والتي يذهب ضحاياها من النساء كما الرجال، تزداد الصلاحيات التمكينية للمرأة المصرية. 

ابن سلمان في الميزان

حين نتحدث عن النساء، فيجب أن نأتي على ذكر “الدولة الأكثر ذكورية”، كما تدعي الكاتبة السعودية مضاوي الرشيد، تضرب بالسعودية مثلاً لما يمكن أن يكون عليه الإصلاحات الحقوقية خاصة في المجال النسوي غطاء للكثير من الخطايا. 

لقد كان الضغط الدولي على ولي العهد محمد بن سلمان على أشده بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي في السفارة السعودية بتركيا، وبالتوازي مع الحملة العدوانية الشرسة للمملكة على دولة اليمن وما يتم استخدامه من أسلحة كيماوية وباليستية في تلك الحرب. 

ومن خلال القضايا الحقوقية، استطاع بن سلمان أن يرسم صورة مختلفة أخرى أمام السعوديين والمجتمع الدولي المتعطش إلى هامش من الحرية في تلك الدولة، فلم يعطهم مجرد هامش من الحريات المدنية، بل قطيعة كاملة مع ماضي تلك الدولة، وصناعة هوية حديثة لها، هوية تغريبية وعلمانية في أسلوب الحياة بشكل واضح، ومع غياب كامل للحريات السياسية بطبيعة الحال في دولة ملكية رجعية. 

إن بن سلمان المحاط بمجموعة من المستشارين الأجانب الذين يساعدونه في تحسين صورته في المجتمع الدولي، لا يتوانى عن أن يقف ليدين تاريخ أجداده مدعياً أن المرأة السعودية قد عانت لعشرات السنين، وقد ترجم بن سلمان ذلك الكلام بتمكين المرأة السعودية حيث زادت نسبة مشاركتها في سوق العمل إلى 31% بدءاً من عادم 2017 بعدما كانت لا تفارق 17% في الماضي، مع إلغاء الكثير من القيود التي كانت تكبل حرية المرأة في السعودية سابقاً، فأصبحت تستطيع أن تقود السيارة وحيدةً، وأن تنهي قضاياها وتسافر خارج البلاد دون محرم، وأن تحضر الفعاليات الرياضية والثقافية، إنها مجموعة من الحقوق البديهية، ولكنها تعد ثورة إصلاحية في مجتمع كالمجتمع السعودي الذي طالما اعتادت حكومته على حد قول الكاتب الفرنسي ستيفن لاكروا أن تمنحه حقوقاً مدنية بشكل متدرج، كلما زاد تعطشه إلى المشاركة السياسية، فيغطي التشدق بالحق المدني على التعطش للحق السياسي.

تمثيل هوية لا طبقة

في مناخ سياسي ديمقراطي حر، من المفترض أن تجلب النساء معهن نضالات الجماعات التي ينتمين إليها إلى الحياة السياسية. أن يجلبن معهن بعضاً من الالتزام بالقضايا الاجتماعية إلى النسيج السياسي، وهو ما لا يحدث، ما يجعل التمثيل النسائي في الوطن العربي كاريكاتيرياً.
تجربة السلطة في الوطن العربي مع النساء هي تجربة مصالح براغماتية من الدرجة الأولى، وهنا ما يحجم تجربة النساء في السلطة، حيث إنها تجربة ممارسة سياسية على أساس الهوية في المقام الأول، ولا تمثل أي امتداد طبقي مختلف عن الطبقة الحاكمة وتحالفاتها. 

فعندما ننظر الوزيرة الأطول عمراً في حكومة الأردنية بأربعة عشر عاماً نرى سهير سلطي التل، وبالعودة إلى نموذج نزيهة الدليمي بالعراق، نجد أن التمثيل النسائي في هاتين الحالتين يحمل استرضاءات عشائرية للعشائر الأكثر نفوذاً وتمثيلاً في البلاد، حيث تمثل التل العائلة الأهم في الوعي الوطني الأردني وتاريخه، أما الدليم فهي القبيلة السنية الأكثر نفوذاً داخل العراق.

وفي تونس نجد أن السيدة نجلاء بودن ابنة السيد محمد بودن رئيس المعهد العلوي العتيق في البلاد، وعائلة بودن بحد ذاتها من العائلات الكبرى في تونس، كما أنها ربيبة الأكاديمية الفرنسية وحياتها المهنية في نطاق العمل مع المنظمات الدولية الغربية في البنك الدولي، فهي تمثل نموذجاً أرستقراطياً متغرباً.

وعند النظر إلى التجربة الوزارية الحالية في مصر والتي ازداد فيها تمكين النساء إلى مداه، نجد أن النساء فيها يمثلن شريحة طبقية تشترك في سمات رئيسية كالتعليم في الخارج، الولايات المتحدة أو بريطانيا تحديداً، والانخراط في برامج مع الأمم المتحدة والبنك الدولي، أي أن تلك الطبقة من النساء الوزيرات تمثل امتداداً للمصالح البرجوازية للدولة وفي نفس الوقت تزين مخالب السلطة بالمانيكير. 

ومن الأمثلة الصارخة على تلك السمات، مثلاً السيدة “هالة حلمي السعيد” سليلة وزير الكهرباء السابق المهندس حلمي السعيد، بالإضافة إلى انخراطها المهني طيلة حياتها في العمل المصرفي، ووزيرة الاستثمار والتعاون الدولي “سحر نصر” بالنظر إلى مسيرتها التعليمية والأكاديمية نجد أنها تمثل النزعة النيوليبرالية للبنك الدولي، والسيدة “رانيا المشاط” التي تتولى وزارة السياحة رغم أن تعليمها وحياتها الوظيفية كانت في المجال المصرفي. 

تلك النماذج وغيرها تجعل التمثيل النسوي لمظاهر السلطة يتواءم مع مصالحها.

مصائر نجلاء ونزيهة

تعيين السيدة “نجلاء بودن” لتكون أول رئيسة للوزراء في العالم العربي، حدثٌ يمكن قراءته من عدة زوايا، أولاها، أنه لم يكن من الغريب أبداً أن تشهد تونس على هذا الحدث التاريخي، والذي يمكن اعتباره امتداداً للسياسة البورقيبية التحديثية المتبعة في البلاد منذ استقلالها والذي يأتي تتويجاً لسنوات من تمكين المرأة والحركات النسوية التونسية كنوع من أنواع التحديث السياسي والاجتماعي.

إلا أن سياق تفاعلات الأحداث السياسية في تونس حالياً يجعلنا نجادل بأن ربما هناك قراءة أخرى لهذا الحدث الهام، فنجلاء بودن هي خليفة هشام المشيشي الذي انقلب عليه وعلى البرلمان الرئيس قيس سعيد، الذي بدوره أصبحت شرعيته الديمقراطية بعد هذا الانقلاب محل تساؤل محلي وعالمي، وهو ما يجعلنا نتساءل: هل هي خطوة أخرى من خطوات الديكتاتوريات في استخدام المرأة لترقيق ضرباتها، وتبييض وجوهها؟ وهذا السؤال عند طرحه يبدو مبرراً إذا نظرنا متأملين في شخص قيس سعيد.

في العام الماضي، كان قيس سعيد محل غضب من الكثير من الناشطات الحقوقيات في تونس، حيث إنه وقف بشدة وصراحة أمام قانون المساواة في الميراث بين الجنسين، معلناً أن الدولة لا يمكن لها أن تنفصل عن دين المجتمع، وأن القوانين البورقيبية كانت ذات سياق محدد لا يجب أن تخرج عنه أو يتم تعميمها كتجربة مثال، ولكن الآن يظهر قيس سعيد ليستغل المرأة لتبييض وجهه أمام المجتمع الدولي والعالمي.

إن المرأة التي اختارها قيس سعيد لتكون رئيسة وزرائه تثار العديد من علامات الاستفهام حولها، فهي ليست لديها أدنى خبرة سياسية، ولكنها خبيرة في المجال الجيولوجي الذي مكن لها العمل مع البنك الدولي في العديد من برامجه، وبالإضافة إلى ذلك، تأتي مهمتها لتكون أصعب مهمة لرئيس وزراء تونس، فالمشاكل كثيرة، والصلاحيات مستلبة، حيث إنها لم تعد مسؤولة أمام البرلمان بموجب انقلاب قيس سعيد على الدستور وتعطيله، بل أصبحت مسؤولة أمام رئيس الجمهورية نفسه، وهو ما يثير الشكوك حول أن الرئيس يريد مجرد دمية يحركها بالخيوط التي في يده، ويريد شخصاً ضعيفاً منسحقاً أمامه، وفي نفس الوقت يضيف إلى رصيده سمعة جيدة في ملف التمكين، وأن المسار الحقوقي في تونس، خاصة النسوي، مستمر في التقدم.

إن الإيمان بالحتميات التاريخية لا يمكن أن يأخذ له موضعاً في السيرورة التاريخية المتغيرة والدينامية في تفاعلاتها، ولكن هناك بعض الأشياء التي يمكن الجدل بشأنها عند قراءة الأحداث، وهو ما يجعلنا نجادل بالتنبؤ بأن نجلاء بودن مجرد صورة، تعود لتذكرنا بنزيهة الدليمي مرة أخرى، حين كان نظام قاسم يفتقر إلى أية مشاركة سياسية جدية أو ديمقراطية فعالة، وهو ما تعترف نزيهة الدليمي بشأنه حيث تقول إنه على الرغم من تشكيل عبد الكريم قاسم مجلساً لقيادة الثورة واكتمال نصاب الحكومة من الوزراء، فإنه مع بضعة من معاونيه كان يسيطر على صناعة القرار بأكمله، حيث وجدت نزيهة الدليمي أن السلطة الفعلية للتأثير على الشؤون البلدية كانت تكمن خارج نطاق دائرتها، رغم أنها كانت هي التي تشغل منصب وزيرة البلديات. 

إن مشكلة تأنيث السلطة الظاهري بحد ذاتها لا تكمن في النساء أنفسهن، ولكنها تكمن في أن حقوقهن ترتهن بالمناورات من قبل الحكام. 

عربي بوست

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post خمس احتفالات لذكرى اليوم الوطني في لوكسمبورغ
Next post حقيقة من صديقة