قصص المدار التاريخية ((زنوبيا ملكة تجاوزت الحدود))

Read Time:3 Minute, 5 Second

قصص المدار تختارها نجاة احمد الاسعد

شبكة المدار الاعلامية الاوروبية…_في حدود منتصف القرن الثالث، عاشت الإمبراطورية الرومانية على وقع أزمات اقتصادية وسياسية عديدة تزامنت مع هجمات متواصلة على حدودها من قبل دول الجوار. وتزامناً مع هزيمتها شرقاً ضد الفرس ووقوع إمبراطورها فالريان (Valerian) في قبضة الملك الفارسي شابور الأول (Shapur I) سنة 260، كانت روما على موعد مع انهيار عسكري وفوضى عارمة كادت أن تضع حدا للإمبراطورية حيث تزامن كل ذلك مع إعلان مقاطعة الغال خروجها عن سلطة روما وقيام الإمبراطورية الغالية التي ضمت مناطق من الغال وبريطانيا الرومانية وهسبانيا وأخرى جرمانية. ومع ظهور علامات التفتت والانحلال على الإمبراطورية الرومانية، استغلت ملكة من الشرق عرفت بزنوبيا (Zenobia) الوضع لتعلن قيام إمبراطوريتها.
أثارت أصول زنوبيا العديد من التساؤلات حيث اختلف المؤرخون القدامى حول أصل ملكة تدمر وبينما حدّث بعض المؤرخين الغربيين عن انحدارها من سلالة البطالمة وقرابتها من كليوباترا نقل مؤرخون شرقيون معلومات عن أصول عربية لزنوبيا. في غضون ذلك، نفى المؤرخون المعاصرون كل ما ذكر سابقا مؤكدين على انحدار هذه الملكة من أسرة ذات مكانة مرموقة بتدمر.
تزوجت زنوبيا من ملك تدمر سبتيموس أذينة (Septimius Udhayna) والذي تولى الحكم سنة 263. وأثناء فترة توليه للعرش، حافظ أذينة على ولاء تدمر لروما حيث صدّ الأخير تقدم الفرس وحمى تدمر عقب مقتل الإمبراطور فالريان سنة 260 ليساهم بذلك في حماية ممتلكات الإمبراطورية الرومانية بالمنطقة، والتي كانت من ضمنها تدمر، ويحصل على العديد من الألقاب، مثل حاكم الشرق وملك الملوك، كمكافأة له.

وفي حدود العام 267، فارق أذينة الحياة عقب تعرضه لعملية اغتيال قادها أحد المقربين منه، وبناء على ذلك آل الحكم لابنه فابالاثوس (Vaballathus) الذي لم يبلغ العاشرة من عمره بعد وهو الأمر الذي سمح لزنوبيا بالحصول على لقب وصية العرش لتحكم بذلك البلاد نيابة عن ابنها
وخلال السنوات الأولى، واصلت زنوبيا سياسة زوجها المتوفى لتحافظ على علاقاتها الطيبة مع روما التي اعتبرت أراضي تدمر بوابتها الشرقية حيث كانت الأخيرة ذات موقع استراتيجي بسبب تواجدها بين بقية ممتلكات الإمبراطورية الرومانية والإمبراطورية الفارسية. فضلا عن ذلك، مثلت تدمر مركزا تجاريا هاما للرومان حيث حلّت قوافل التجار بهذه المنطقة أثناء عبورها لتساهم في تدفق كميات كبيرة من الذهب عليها.

ومع حصولها على الحكم، أعدمت زنوبيا كل المسؤولين عن حادثة اغتيال زوجها قبل أن تباشر بإنهاء تبعية الأراضي القابعة تحت سيطرتها للإمبراطورية الرومانية مستغلة فترة ضعف الأخيرة أثناء حكم غالينوس (Gallienus) الذي جلس عاجزا عن إيقافها. ومع اعتلاء كلاوديوس الثاني (Claudius II) لعرش روما سنة 268، أجبر الإمبراطور الجديد على الاعتراف بسلطة زنوبيا وسيادتها لتكسب بذلك مدينة تدمر مكانة شبيهة بتلك التي حظيت بها روما.
تدريجيا وبمساعدة مستشاريها، اتخذت زنوبيا جملة من القرارات التي أدت للقطيعة مع روما حيث عمدت ملكة تدمر لإخضاع العديد من المقاطعات الرومانية المجاورة لسيطرتها كسوريا والأناضول كما أرسلت قواتها سنة 269 نحو مصر لتنجح في الهيمنة على الإسكندرية قبل أن تتمكن مع حلول العام التالي في بسط سيطرتها على كامل مصر. ومع خسارتها لمصر، خسرت الإمبراطورية الرومانية أهم مقاطعاتها حيث اعتبرت مصر حينها سلّة غذاء روما بفضل ما كانت تنتجه من حبوب. ومع حصول زنوبيا على مصر، هددت المجاعة روما التي فضلت التحرك لمواجهة الأزمة.

وسنة 271، قاد إمبراطور روما الجديد أوريليان (Aurelian) حملة عسكرية لإنهاء إمبراطورية تدمر التي أنشأتها زنوبيا ليتواجه الطرفان بناء على ذلك في عدد من المعارك الهامة بكل من أنطاكيا وحمص والتي انتهت بهزيمة قوات زنوبيا وتراجع الأخيرة نحو تدمر.

وفي الأثناء، فرض الرومان حصارا خانقا على تدمر سنة 272 انتهى بسقوطها والقبض على الملكة زنوبيا أثناء محاولتها عبور الفرات والفرار نحو بلاد فارس.

وتماما كبدايتها وأصولها، ظلت نهاية زنوبيا مجهولة. فبينما حدّثت مصادر عربية عن إقدامها على الانتحار تجنبا للأسر، أكدت المصادر الرومانية على نقلها نحو روما حيث فضّل الإمبراطور أوريليان عرضها على أهالي المدينة كدليل على نصره.

وبروما، حدّث البعض عن إعدام زنوبيا عن طريق قطع رأسها، بينما أكد البعض الآخر على زواج الأخيرة بسيناتور روماني واختفائها عن الأنظار.

شبكة المدار الاعلامية الاوروبية …_

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post فرض قوانين الاتحاد الأوروبي على الدول الأعضاء
Next post انتخابات الجمعية العامة في لوكسمبورغ