المقاتلون الأجانب في مخيمات وسجون سوريا والعراق، المخاطر والمعالجات

Read Time:5 Minute, 46 Second

شبكة  المدار الإعلامية  الأوروبية …_يُعتبر مخيم الهول ومخيم روج في شمال شرق سوريا ومخيمات العراق من أكثر المخيمات خطراً وفوضي وبائساً حول العالم، فهو عبارة عن مدينة تتراص فيها الخيام وتكتظ بزوجات وأطفال وأسر المقاتلين الأجانب التابعين لتنظيم داعش، كما يُحيط به حراس مسلحون وأبراج مراقبة وأسوار من الأسلاك الشائكة، ويعتبر العنف والتطرف في هذه المخيمات من أهم الركائز التي تمارسها التنظيمات المتطرفة تجاه زوجات وأطفال وأسر المقاتلين الأجانب التابعين لها، بالإضافة إلى ذلك فهناك عمليات قتل تحدث يومياً داخل هذه المخيمات، والمتمثلة في حرق  الخيام عندما لا يتبع الناس أيديولوجية التنظيم، ويزرعن هذه الأفكار المتطرفة في عقول أطفالهن أيضاً.

عدد المقاتلين الأجانب في سوريا والعراق

قدرت المفوضية الأوروبية أن أكثر من 40 ألف مقاتل انضموا إلى الجماعات الاسلاموية المتطرفة، ويعتقد أن 5000 منهم قدموا من أوروبا. عاد 30٪ منهم، وقتل 10٪ في مناطق القتال. أكد “توماس رينار” و”ريك كولسايت” الخبيران البلجيكيان بشؤون المتشددين بمعهد “إيغمونت” في بروكسل في 30 مارس 2021 أن هناك أكثر من 600 طفل من مقاتلي داعش الأوروبيين وعائلاتهم محتجزين في مخيمات شمال شرق سوريا، إضافة إلى 400 طفل معتقل في مدينة الحسكة السورية، ليبلغ عددهم نحو ألف أوروبي.

هناك ما يقرب من 5000 مواطن أوروبي سافروا إلى العراق وسوريا كـ “مقاتلين أجانب”، تشكل النساء والأطفال من بين هؤلاء 20 % تقريباً. ولا يشمل هذا الأطفال المولودين في العراق وسوريا من مقاتلين أجانب. وكانت الأمم المتحدة في سبتمبر عام 2021 قد أطلقت نداءً إنسانياً على هامش أعمال جمعيتها العمومية إلى الدول والحكومات الغربية والعربية لمعالجة وضع الآلاف من الأطفال والأسر الأجانب في مراكز الاحتجاز والمخيمات المغلقة، وذكرت في بيان بأن 42 ألف امرأة وطفل أجنبي معظمهم دون سن 12 عاماً؛ ما زالوا يعيشون في ظروف مزرية ومكتظة داخل المخيمات بشمال شرق سوريا.

عائلات وأطفال المقاتلين الأجانب في سوريا والعراق

هناك أكثر من 2000 طفل من أبناء المقاتلين الأجانب يعيشون داخل سجون في العراق، وفي ثلاث معسكرات تابعة لقوات سوريا الديمقراطية داخل سوريا، يعشون في ظروف صعبة محرومين فيها من التعليم أو الخدمات الأساسية، وقد أُحتجز معظم هؤلاء الأطفال مع أمهاتهم، بينما كثير من أباءهم إما معتقلون أو مفقودون أو قُتلوا. أفادت تقارير موثوقة، في 10  أكتوبر 2021 بأن أعداد عائلات داعش بمخيم الهول نحو 10 آلاف عائلة، ويشكل أكثر من 80% من المحتجزين بمخيمي الهول والروج من أطفال داعش وأمهاتهم ينتمون 60 دولة أجنبية.

أوردت منظمة “أنقذوا الأطفال” (سايف ذي تشيلدرن) في تقريرها بتاريخ 23 سبتمبر 2021 أن 62 طفلاً توفوا في المخيم، أي بمعدل طفلين في الأسبوع، لأسباب عدة، وقالت إن “كثيراً من الدول الأغنى في العالم فشلت في إعادة غالبية الأطفال المتحدرين منها والعالقين في مخيمي روج والهول” في مناطق سيطرة القوات الكردية في شمال شرقي سوريا، ويقطن 40 ألف طفل من 60 دولة اليوم في المخيمين، وينشأ هؤلاء في ظل ظروف معيشية صعبة جداً. وقدرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في 26 يناير عام 2022 أن عدد المحتجزين الأجانب في سجن “الصناعة” في مدينة الحسكة شمال شرق سوريا، كالمشتبه بانتمائهم إلى تنظيم داعش وعائلات أفراد التنظيم، يبلغ قرابة 45 ألف رجل وامرأة وطفل من حوالي 60 دولة يُحتجزون في ظروف “مهينة للغاية وغير إنسانية”، حسب وصف المنظمة.

موقف أوروبا.. لماذا أوروبا لم تستعيد مقاتليها

لا تُعد تبعات عودة المقاتلين الأجانب أمراً سهلاً إن لم تتم معالجتها، بدءاً بوجود أعداد من المتطرفين ممن ليست لديهم قابلية لإعادة التأهيل بعد اعتيادهم على الممارسات المتطرفة، بالأخص مَن تقلد مناصب قيادية في التنظيم أو حمل قناعات دينية متشددة يصعب تغييرها. مثل هؤلاء يمكن تأثيرهم على المجتمع على اعتبار حيازتهم خبرة في ساحات القتال تضخم من قدراتهم وتسبغ عليهم قدرة على التأثير في المجتمعات بالأخص لدى مَن يشكّلون أقليات ولديهم قابلية للتطرف نتيجة شعورهم بالتهميش والانعزال عن بقية المجتمع لاختلافهم عنه.

وأشارت الباحثة سيلفين سي، في المركز الدولي للعنف السياسي والإرهاب في سنغافورة، إلى مدى خطورة عودة المقاتلين الأجانب إلى بلدانهم، إذ سيحصلون على هوية خاصة لمقاتلين مسلحين مخضرمين مما يسبغ عليهم كاريزما مميزة تعطيهم قابلية لأن يصبحوا قادة متطرفين بإمكانهم التواصل مع من يعرفونهم من أعضاء التنظيم، الأمر الذي يعطيهم دافعاً لاستمرار انتمائهم لـ”داعش” والتواصل مع الآخرين إلكترونياً من أجل التجنيد أو نشر الحملات الدعائية لهم أو حتى التخطيط لعمليات إرهابية. وشددت المفوضية الأوروبية في يوليو عام 2021 على أن عودة المقاتلين الأجانب الأوروبيين من سوريا والعراق مسؤولية تقع على عاتق الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وليس الاتحاد الأوروبي، كونها “تتمتع بسلطة قضائية حصرية” بشأن السماح لهم أم لا بالعودة إلى أوطانهم.

المخاطر التي تحيط بعودة المقاتلين إلى بلدانهم الأصلية

  • على الصعيد الأمني: تعتقد الكثير من الدول المعنية أن المقاتلين الأجانب لديهم استعداد لتنفيذ هجمات إرهابية في بلدانهم الأصلية، لاسيما أنهم تدربوا على القتال وحمل السلاح وتنفيذ هجمات إرهابية. وهناك بعض الدول الأوروبية الحد الأقصى لعقوبة السجن للانتماء إلى منظمة إرهابية هي خمس سنوات مما يعني أنه يتم إطلاق سراحهن في غضون بضع سنوات أو تم الأفراج عنهم بالفعل ما يشكل خطورة أمنية على المجتمعات الأوروبية. وتكوين شبكات إرهابية محلية عبر تجنيد عناصر جدد، ولجمع التبرعات للأعمال الإرهابية.
  • على الصعيد الاقتصادي: فإن عودة المقاتلين الأجانب تتطلب تسوية أوضاع هؤلاء وإعادة تأهيلهم وتوظيفهم مما يستلزم وجود الكثير من الموارد المالية والعينية الموجهة لهذا الأمر.
  • على الصعيد القانوني: تُعد مسألة تحديد وحصر أرقام العائدين بشكل دقيق صعبة للغاية؛ نظراً للنقص الشديد في المعلومات المتاحة في هذا الصدد؛ نتيجة لطبيعة الظاهرة نفسها أو محدودية التعاون بين الدول في هذا الشأن، لاسيما في ظل عدم وجود أوراق ثبوتية مع أغلب المقاتلين المنضمين للتنظيمات الإرهابية، وتوفير البيانات والفحوصات الجنائية عن مقاتليها ورعاياها الذين التحقوا بتنظيم داعش، عدم وجود رؤى دقيقة وشاملة لدى الدول المعنية حول كيفية التعاطي مع قضية العائدين قد يضاعف من مخاطر الظاهرة. العديد من هذه الدول لم تصدر حتى الآن القوانين اللازمة التي يمكن من خلالها محاسبة ومحاكمة المقاتلين المتورطين في الإرهاب.
  • على الصعيد الاجتماعي، فإن وجود عائلات وأطفال من أبناء المقاتلين الأجانب يعد معضلة في حد ذاتها. وقد يشكلون تهديدًا اجتماعيّاً؛ جراء ما يحملونه من أفكار تكفيرية ومتطرفة تشكلت بما خبروه من عنف وصراع دموي، والخشية من نقل تجاربهم لآخرين. كما أن العائدات من النساء يمثلن تهديداً اجتماعياً وأمنياً محتملاً، إذا حاولن نشر فكر التنظيم، واستقطاب أخريات.
  • وعلى الصعيد السياسي: تتجنب بعض الحكومات الأوروبية إعادة المقاتلين الأجانب المنتمين لداعش خوفاً من خسارة شعبيتها، أو جعلها هدفاً سهلاً للأحزاب السياسية اليمينية المتطرفة في توسيع نفوذها.

مخاطر بقاء المقاتلين الأجانب في سوريا والعراق

إن بقاء المقاتلون الأجانب وعائلاتهم وأطفالهم في مخيم الهول ومخيم الروج وغيرها في شمال شرق سوريا والعراق، وعدم قام الدول الأوروبية باستعادتهما قد يشكل تهديداً للأمن الدولي الإقليمي والأوروبي يكمن في استغلال بعض التنظيمات المتطرفة لذلك والاستفادة من هؤلاء المقاتلين الأجانب من جديد في إعادة تدويرهم للقيام بالعمليات الإرهابية.

المعالجات

لا بُد من تعزيز التعاون الإقليمي والدولي للتصدي لخطر العائدين من المقاتلين الأجانب، وأن تعمل الدول الأوروبية بالمبادئ الأساسية التي أقرتها منظمة الأمم المتحدة للحماية وإعادة المقاتلين الأجانب للمحاكمة والتأهيل وإعادة الإدماج للنساء والأطفال الذين لهم صلات بالجماعات الإرهابية، وتوقيع إستراتيجية دولية شاملة تحتوي علي خريطة أممية للتعامل مع المقاتلين الأجانب المنتمين لدول أوروبية، وإعادتهم في أسرع وقت إلى بلادهم، ومع العمل علي إيجاد مشروع متكامل لدمجهم في المجتمع ومن ثم إعادة تأهيلهم وإعادة دمجهم في المجتمع، أو محاكمتهم عن جرائمهم إذا ما كانوا متهمين في قضايا إرهابية.

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post النفط يرتفع بأسعاره من جديد بسبب الأزمة الأوكرانية
Next post  رئيس مجلس السيادة في السودان يطلق مبادرة للحل