صادرات الأسلحة الألمانية، معايير الفحص وسياسات مزدوجة

Read Time:23 Minute, 0 Second

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_قيّدت عقوبات الاتحاد الأوروبي صادرات السلع ذات الاستخدام المزدوج منذ ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في 2014. وفُرضت المزيد من العقوبات منذ غزو موسكو لأوكرانيا. وترفض السلطات الألمانية الطلبات الأوكرانية لتزويدها بالأسلحة، بحجة أن برلين لا ترسل السلاح إلى مناطق الصراعات و النزاعات من حيث المبدأ.

أبرز قوانين ومعايير صادرات الأسلحة من ألمانيا – الأزمة الأوكرانية

يرد في القانون الألماني أن “الأسلحة الخاصة بخوض الحرب لا يمكن إنتاجها إلا بترخيص من الحكومة الألمانية ودعمها والترويج لها”. فقضية إنتاج الأسلحة وصادرات الأسلحة لها مكانتها في الدستور الألماني. ما يعنيه هذا من الناحية العملية موجود ضمن ما يُسمى بقانون “مراقبة أسلحة الحروب من عام 1961”  أما إنتاج الأسلحة النووية والبيولوجية والكيميائية فهي ممنوعة أساساً في ألمانيا إضافة إلى إنتاج الألغام والذخيرة.

معايير الفحص:  تعقد اللجنة المختصة جلساتها سرياً، وتحت رئاسة المستشار الألماني تفحص لجنة حكومية “مجلس الأمن الاتحادي” الطلبات. وحددت الحكومة الألمانية في حال وجود نزاع مسلح في البلد المستقبل للأسلحة أو أنه متورط في حرب؟ هل هناك خطر أن تُستخدم الأسلحة لقمع أقلية؟ أو أنه يتم خرق حقوق الإنسان؟ وفي حال الجواب بنعم على أحد هذه الأسئلة، فإن فرص الحصول على ترخيص تصدير تكون سيئة. لكن القوانين الألمانية تترك بعض الثغرات مفتوحة، عندما تكون “مصالح خارجية أو أمنية” لألمانيا واردة، فيمكن للحكومة الألمانية ترخيص التصدير رغم بعض التحفظ.

صادرات ألمانيا ذات الاستخدام المزدوج

“السلع ذات الاستخدام المزدوج”: منتجات وبضائع يمكن أن تدخل في صناعات عسكرية وسلمية على حد سواء مثل النظام العالمي لتحديد المواقع “جي بي إس” والرقائق الدقيقة والمكونات الإلكترونية والبرمجيات وتكنولوجيا الطيران وبعض المواد الكيميائية والبيولوجية. ويدخل في نطاق السلع ذات الاستخدام المزدوج أيضاً المواد اللازمة لإنتاج الطاقة النووية لأغراض سلمية أو لصناعة الأسلحة النووية.

صدَّرت ألمانيا ما قيمته (121.8) مليون يورو إلى روسيا ووفقاً لـ “Investigate Europe” الاستقصائية في 17 مارس 2022، أو (35%) من إجمالي الصادرات الأوروبية، ما جعلها في المرتبة الثانية بعد فرنسا مباشرة. وأوضح موقع “دِيسْكْلُوزْ” الاستقصائي الفرنسي أن الدولة الأوروبية، التي تُظهر نفسها اليوم على أنها واحدة من أكثر الدول دعماً لأوكرانيا في أوروبا، مع مظاهرات ضخمة، ورغبة المواطنين في الترحيب باللاجئين، سمحت على وجه الخصوص بإرسال سفن كاسحات للجليد، ومركبات ذات حماية خاصة، إلى روسيا، وأن الصادرات الألمانية تندرج في فئة “الاستخدام المزدوج” (عسكري ومدني)، ما يفسر سبب عدم اعتبارها انتهاكاً للحظر، وفقاً لسياسيين وخبراء اتصلت بهم “Investigate Europe” الاستقصائية.

تعرضت الحكومة الألمانية وفقاً لـDW” في 22 مارس 2022 لانتقادات جراء المعايير الخاصة بتصنيف البضائع والتقنيات “ذات

الاستخدام المزدوج” باعتبارها متساهلة ولا يتم تطبيقها بشكل صارم. وكشفت صحيفة “فيلت أم زونتاغ” الألمانية أن في عام 2020 قامت ألمانيا ببيع منتجات بقيمة (366) مليون يورو إلى روسيا، مشيرة إلى أن هذه المنتجات ذات استخدامات تجارية وعسكرية. وأصدرت الحكومة الألمانية (673) ترخيصاً لتصدير سلع ذات استخدام مزدوج بما يشمل أجهزة استشعار عن بعد وليزر وإلكترونيات متطورة وآلات يمكن استخدامها في إنتاج أسلحة، فضلاً عن تقنيات وتكنولوجيا خاصة بتصنيع الطائرات. واستمرت الصادرات رغم الضوابط الصارمة التي فرضها الاتحاد الأوروبي عام 2014 عقب ضم روسيا شبه جزيرة القرم، حيث احتلت روسيا احتلت المركز الرابع بعد الصين والولايات المتحدة والبرازيل في قائمة الدول التي تحصل على مثل هذه البضائع من ألمانيا عام 2020.

ارتفاع غير مسبوق للصادرات العسكرية الألمانية

أعلنت وزارة الاقتصاد الألمانية في 18 يناير 2022، أن صادرات الأسلحة الألمانية ارتفعت العام 2021 بنسبة (61%)، مقارنة بعام 2020. وإن (9.04) مليار يورو من إجمالي المبلغ تتعلق بصادرات أسلحة وافقت عليها الحكومة الألمانية السابقة. وووافقت الحكومة الجديدة بقيادة المستشار “أولاف شولتس”، في الأسابيع الثلاثة الأولى من عملها ، على صادرات أسلحة بقيمة (309) ملايين يورو. إذ جاءت مصر، في  العام 2021 للمرة الثالثة على التوالي ضمن أهم الدول المستوردة للأسلحة الألمانية. وجاءت الولايات المتحدة بعد مصر في المرتبة الثانية في قائمة أهم الدول المستوردة للسلاح الألماني ، بأسلحة بقيمة (1.01) مليار يورو، ثم هولندا بـ(821) مليون يورو، ثم سنغافورة بـ(630) مليون يورو، واستراليا بـ(264) مليون يورو.

اتفقت الحكومة الألمانية وفقا لـ”DW” في 19 يناير 2022 على مواصلة تقييد صادرات الأسلحة عبر قانون رقابي – خاصة بالنسبة لصادرات الأسلحة إلى ما يسمى بدول الطرف الثالث، وهي الدول غير العضو في  الاتحاد الأوروبي أو حلف شمال الأطلسي (الناتو). وارتفعت نسبة صادرات  الأسلحة الألمانية لدول الطرف الثالث من (50.1%)إلى (63.6 %) من إجمالي الأسلحة التي وافقت ألمانيا العام 2021 على تصديرها.

خلافات وانتقادات لسياسة تصدير الأسلحة الألمانية – الأزمة الأوكرانية

تعرضت برلين لانتقادات وفقا لـ”CNN” في 26 يناير 2022، بسبب سياستها المتمثلة في عدم تصدير الأسلحة إلى مناطق الأزمات، بما في ذلك أوكرانيا، الأمر الذي ترك الكثيرين يشككون في التزامها بدعم أوكرانيا وأثار الشكوك حول الوحدة داخل حلف الناتو.  كانت برلين صادقت في عام 2021 على (25) عقدا لتوريد المنتجات الدفاعية إلى كازاخستان، بسبب أحداث العنف التي تشهدها البلاد. وأكد مجلس الوزراء الألماني إن حكومة البلاد اتخذت خطوات بهدف وقف توريد هذا النوع من المنتجات إلى كازاخستان، دون تقديم أي تفاصيل أخرى بهذا الشأن، وفق ما نقلته وكالة DPA.

يقول السياسي الألماني “أوميد نوربيبور” إن القانون المخطط له سيغير الأمور بشكل جذري، وتابع: “عندما يتم تجاهل المبادئ التوجيهية لتصدير الأسلحة، لا يكون هناك عواقب. هذا القانون سوف يغير ذلك”، موضحاً أنه سيتيح الطعن على مثل هذه  القرارات قضائياً. وهناك مطالبات منذ عام 2014 وفقاً لـ”رويترز” لمنح منتجات عسكرية معينة تصاريح تصدير بسرعة أكبر، وتوفير موافقات أسرع للسلع المزدوجة الاستخدام لاسيما أن تصاريح مثل هذه السلع لا تمنح بسرعة كافية أي تلك التي لها استخدام مدني وعسكرس كذلك شحن قطع الغيار يمكن الاسراع به أيضا”.

فعلى سبيل وصفت ” سيفيم داغدلين” نائبة حزب اليسار بالبرلمان الألماني في 24 سبتمبر 2021 صادرات الأسلحة إلى تركيا، الشريكة في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بأنها “لا تطاق” بسبب تورطها في الصراعات في سوريا وليبيا، وقالت: “في ضوء التصدير الهائل لأسلحة حربية إلى مناطق التوتر، فإن الحديث عن سياسة تصدير أسلحة حذرة هو تضليل متعمد للرأي العام من قبل الحكومة الألمانية”.

الجهوزية القتالية للجيش الألماني، معضلة أساسية

امتدت التداعيات السياسية والعسكرية للأزمة الحالية بين أوكرانيا وروسيا لتشمل كامل أوروبا. ألمانيا لم تكن استثناء في هذا الإطار، لكن كان التأثير الأبرز والأكبر لهذه الأزمة في الداخل الألماني مركزاً بشكل أساسي على المؤسسة العسكرية، حيث ازداد وضوح الصورة القاتمة للحالة العامة للجيش الألماني، والتي بدأت في التشكل والظهور بعد أزمة القرم. ما يثير تساؤلات حول مدى جاهزية الجيش الألماني لأي مواجهة قادمة !!

تأسيس الجيش الألماني “البوندسوير”

تأسس الجيش الألماني في نوفمبر1955، بعد أقل من عشر سنوات من الحرب العالمية الثانية. ومع خوف الغرب من هجوم سوفياتي على أوروبا الغربية، أعادت ألمانيا تسليحها، وتم دمجها في الناتو. وبحلول نهاية الحرب الباردة، كان لدى ألمانيا جيشًا قوامه (500,000) جندي منهجوم سوفياتي على أوروبا الغربية، أعادت ألمانيا تسليحها، وتم دمجها في الناتو. وبحلول نهاية الحرب الباردة، كان لدى ألمانيا جيشًا قوامه (500,000) جندي من (12) فرقة، وترسانة رائعة من الآلاف من دبابات ليوبارد الحديثة ومركبات مشاة Marder وواحدة من أفضل الدفاعات الجوية الأرضية المتنقلة في أوروبا الغربية مع دبابة Gepard المضادة للطائرات، بالإضافة إلى مئات من القاذفات المقاتلة. وأنفقت ألمانيا (2.7 %) من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع.  كان يُنظر إلى البوندسوير على أنه العمود الفقري التقليدي للناتو وأحد أكثر جيوشه قدرة.

خسر البوندسوير مع نهاية الحرب الباردة،  كلاً من عدوه والكثير من تمويله، مع اقتحام ميزانية الدفاع لتمويل تكاليف إعادة التوحيد. تقلص البوندسوير بشكل كبير من نصف مليون جندي في الثمانينيات إلى (178000) فقط في كشوف المرتبات بحلول عام 2010.  وكان فقدان القوة القتالية أكثر خطورة. خفضت ألمانيا معدات فرق جيشها الثقيلة الموجهة للدفاع الإقليمي بنسبة تصل إلى (80 – 90%)، وفقاً لـ “spectator” في 20 مارس 2022.

من التقشف إلى الزيادة في النفقات العسكرية

 ظلت ألمانيا تقليدياً واحدة من العديد من المتقاعسين في ميزانية الناتو،على الرغم من ثروتها الوطنية وتصنيفها الاقتصادي بين أكبر خمس دول في العالم، وحتى مع زيادة التمويل الصحي خلال السنوات العديدة الماضية، لا تزال ميزانية الدفاع أقل بكثير من الحد الأدنى المطلوب للتحالف وهو (2%).

اعتمدت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل سياسة التقشف فيما يخص الجيش الألماني، استجابةً لأزمة الديون الأوروبية في 2011، وذلك بإصلاحات للجيش في محاولة لإبقاء التضخم منخفضاً وضمان فائض الناتج المحلي الإجمالي. وشمل ذلك تخفيض القوات والقواعد ووقف التجنيد الإجباري، كما تم الإبقاء على الإنفاق عند مستويات منخفضة للغاية.

تدهورت البيئة الأمنية في أوروبا بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014، فزاد الإنفاق العسكري الألماني تدريجياً، وارتفع خلال فترة الرئيس باراك أوباما والرئيس دونالد ترامب، اللذان شددا على أهمية تقاسم الناتو للعبء.

تم الإعلان عن خطط لتوسيع أسطول الدبابات بشكل كبير إلى عدد محتمل يبلغ (328)، وطلب (131) ناقلة جنود مصفحة من طراز Boxer، وزيادة أسطول الغواصات، وتطوير الطائرات المقاتلة. كما ذكرت “بي بي سي” في 11 ابريل 2015.

 أعلنت ألمانيا مع حلول 2016 وفقاً لـ”رويترز” 26 يناير 2016 أنها ستنفق (130) مليار يورو على معدات جديدة بحلول عام 2030، وستضيف ما يقرب من (7000) جندي بحلول عام 2023 في أول توسع عسكري ألماني منذ نهاية الحرب الباردة.

بلغ الإنفاق العسكري في ألمانيا في عام 2020 (52.8) مليار دولار، كما جاء في “يورو نيوز” بتاريخ 26 ابريل 2021. ومع ذلك، بلغ الإنفاق الدفاعي الألماني (1.4٪) فقط من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2020.، وفقاً لـ ” insider” في 3 مارس 2022.

يبدو ذلك مبلغاً كبيراً، إلا أن الإنفاق العسكري الألماني يعتبر أقل من الإنفاق العسكري في دول مماثلة في الاتحاد الأوروبي مثل فرنسا والمملكة المتحدة، خاصة عند الأخذ في الاعتبار عدد السكان والاقتصاد الأقوى في ألمانيا.  ولطالما تعرضت ألمانيا للانتقادات من قبل حلفائها العسكريين بسبب إنفاقها العسكري المحدود وخاصة من قبل الولايات المتحدة.

ضعف جاهزية الجيش الألماني

قللت سنوات نقص الاستثمار بشكل كبير من قدرة الجيش الألماني ومستويات استعداده، وخلقت العديد من المشاكل العملياتية. باتت أنظمة الأسلحة بأكملها غير قابلة للاستخدام. وقد أقر وزير الدفاع الألماني في 6 اكتوبر 2014 وفقاً لـ ” رويترز” بأن معظم القوات الجوية الألمانية غير صالحة للخدمة وأن ألمانيا ستكون متأخرة في مساهمتها في الناتو في حالة الطوارئ الأمنية. فيما تصدر الجيش الألماني العناوين الرئيسة في 2015 عندما استخدم عصي المكانس الطويلة بدلاً من البنادق الرشاشة خلال تدريبات مشتركة مع الناتو بسبب نقص المعدات.  وكان يُنظر إلى عدم وجود أسلحة حقيقية في أكبر دول الاتحاد الأوروبي باعتباره دلالة على مدى نقص التمويل الذي يعاني منه جيشها منذ فترة طويلة.

 ازدادت الأوضاع سوءاً بعد قيام روسيا بضم شبه جزيرة القرم. توصل المفوض البرلماني لشؤون القوات المسلحة في ألمانيا هانز بارتزل في تقرير نشره في 20 يونيو 2018 إلى استنتاج مفاده أن الجيش الألماني تقريباً “غير قابل للانتشار من أجل الدفاع الجماعي” في الوقت الراهن. تم

تقديم تقرير بارتزل حول “الجاهزية القتالية للأسلحة الرئيسية للجيش الالماني” الى الغرفة السفلى للبرلمان الالماني، ويتضمن التالي:

  • مروحيات التايغر : من أصل (62) فقط (8) جاهزة (12.90%)
  • مروحيات NH90 : من أصل (55) فقط (13) جاهزة (23.63%)
  • مقاتلات التايفون: من أصل (128) فقط (39) جاهزة (30.46%)
  • مروحيات النقل :CH-53 من أصل (72) فقط (16) جاهزة (22.22%)
  • مقالات التورنيدو : من أصل (93) فقط (26) جاهزة (27.95%)
  • طائرات النقل :AM400 من أصل (15) فقط (3)جاهزة (20%)
  • دبابات ليوبارد 2 : من أصل (224) فقط (105)جاهزة (46.87%)
  • فرقاطات : من أصل (15) فقط (9)جاهزة (38.46%)
  • الغواصات : من أصل (6) و لا واحدة جاهزة (0%).

كما لم تتمكن الطائرات الألمانية من الانضمام إلى تدريبات الناتو بسبب أوجه القصور التكنولوجية الناتجة عن عدم وجود تحديثات ضرورية. ويلقي سلاح البحرية صورة مماثلة، كتب هانز بارتلز في مقاله المنشور في صحيفة “ذا جيرمان تايمز” بتاريخ أكتوبر 2018، “يتم إيقاف تشغيل السفن القديمة بسلاسة ، ويتأخر تفعيل بدائلها سنوات عن الموعد المحدد”.

تفتقر كذلك عمليات نشر القوات الألمانية إلى الدعم اللوجستي المناسب وقدرة القوة النارية الفعالة.   فبحسب ” DW” بتاريخ 19 فبراير 2018، لا يملك الجنود الألمان سترات واقية وملابس شتوية وخيام كافية لقيادة “قوة رأس الحربة” التابعة للناتو، والنتيجة النهائية هي قدرة أقل على الانتشار في مهام خارج مسرح العمليات. وبتقرير أخر لـ ” DW” في 29 يناير 2019، أشار إلى أنه يتعين على الجنود الألمان في بعض الأحيان الاعتماد على طائرات هليكوبتر مدنية لنقلهم في أنحاء أفغانستان، بينما يتعين استعارة المعدات الحيوية مثل الدروع الواقية للبدن.

كانت صحيفة ” Bild” الألمانية في يناير 2020، قد أوردت أن الجيش الألماني يواجه حالياً مشكلات خطيرة مع أسطول طائرات الهليكوبتر الخاص به، اذ لم يكن لدى الجيش الألماني سوى (8) طائرات هليكوبتر هجومية من طراز تايجر من إجمالي (53) و (12) طائرة هليكوبتر فقط جاهزة للاستخدام من طراز NH90 من أصل (99) متوفرة.

ومع ذلك، فإن مسألة استعداد الجيش الألماني تتجاوز فشل طائرات الهليكوبتر والطائرات والغواصات. فيتكشف طوال الوقت أن المليارات التي تنفقها الحكومة الألمانية على الدفاع ليست كافية.

إشكاليات التجنيد والتوظيف في الجيش

مصدر قلق للجيش الألماني هو ركود حملة التجنيد، والتي بدأت بعد أن ألغت ألمانيا الخدمة الوطنية في عام 2011.  بينما الحكومة الألمانية كانت قد حددت هدفاً للبوندسوير يتمثل في وجود (198500) فرد نشط بحلول عام 2025، إلا أن الجيش يتكون حتى 2019 من (184) مع انخفاض عدد المجندين الجدد من (23) ألفًا في عام 2017 إلى (20) ألفًا في عام 2018 (أدنى رقم من هذا القبيل في البوندسوير) . علاوة على ذلك، لا يزال (21,500) من وظائف الضباط وضباط الصف شاغرين.  وفقاً لـ ” فاينشنال تايمز ” في 31 يناير 2019. الأسوأ بالنسبة للبوندسوير هو أن الأدوار المتخصصة الرئيسية – مثل الطاقم الطبي، والمهندسين، وإدارة الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات، وموظفي الخدمات اللوجستية – تعاني جميعها من فجوات في الموظفين.

مشكلة تمويل أم كفاءة

تجاوزت الميزانية العسكرية لألمانيا ميزانية كل عضو في الناتو باستثناء المملكة المتحدة والولايات المتحدة. ومع ذلك، على سبيل المثال، تحتفظ فرنسا بجيش أكبر مع نشر الآلاف من القوات في الخارج، وقوة ضاربة نووية ، وما إلى ذلك – بميزانية دفاعية كانت3  مليارات يورو (3.5) مليار دولار، أي أقل من الإنفاق الألماني.

تبعاً لذلك، لا يعاني الجيش الألماني من مشكلة التمويل فحسب، بل يعاني أيضاً من مشكلة الكفاءة، حيث تكون الإصلاحات الدفاعية وغالباً ما يكون افتقارهم إلى التوجيه السياسي هو المصدر وليس علاجاً لمشاكل الجيش الألماني. نظراً لأن جميع هذه الإصلاحات تقريباً كانت تهدف إلى توفير التكلفة، مع القليل من التفكير الموجه نحو الاحتفاظ بقدرات القتال التقليدية.

عمليات الجيش الألماني

يشارك الجنود الألمان حالياً في أكثر من اثنتي عشرة مهمة أجنبية، من البلقان ومالي إلى العراق وأفغانستان، مع الانضمام إلى الدفاع الجماعي لأوروبا مع قوة الرد التابعة لحلف شمال الأطلسي وقوات العمل البحرية التابعة لحلف شمال الأطلسي والشرطة الجوية فوق منطقة البلطيق والألمانية- قاد كتيبة الناتو في ليتوانيا. أي في أجزاء من أوروبا الشرقية التي بدت ذات يوم محظورة على أي جيش يحمل الصليب الأسود التقليدي للجيش الألماني. بحسب ” فاينشنال تايمز ” في 14 فبراير 2018.

وهكذا، بعد إعادة التوحيد، تمت خصخصة الوظائف العسكرية، وتم تعليق التجنيد الإجباري وتم تقليص البوندسوير تدريجياً إلى قوته الحالية التي تقل عن مئتي ألف جندي. وانتقل الجيش الألماني من التركيز فقط على الدفاع الإقليمي والتحالف إلى التركيز شبه الحصري على المهام خارج المنطقة في أفغانستان أو مالي أو العراق أو سوريا.

 صفحة جديدة، تحول دراماتيكي في سياسات الدفاع

تسببت تداعيات بدء الهجوم البري الروسي على أوكرانيا في إبراز أوجه القصور الكبير الذي تسرب على مدار السنوات الماضية لكافة مفاصل القوات المسلحة الألمانية، سواء فيما يتعلق بالجاهزية القتالية للوحدات العسكرية الألمانية، أو فيما يخص الموارد المالية واللوجستية المتوفرة لهذه الوحدات.

 نشرت الجنرال ألفونس ميس، وزيرة الدفاع الألماني السابقة، في صباح الغزو الروسي، تقييماً صريحاً للغاية عن مكان وجود القدرات الألمانية. كتبت ميس: “في السنة الحادية والأربعين من خدمتي بسلام، لم أكن لأتصور أنني سأضطر لتجربة حرب أخرى”. “والبوندسوير، الجيش الذي يُسمح لي بقيادته، مفلس إلى حد ما. الخيارات التي يمكننا تقديمها لصانعي السياسات لدعم التحالف محدودة للغاية “.

وبعد ثلاثة أيام من هجوم روسيا على أوكرانيا الشهر الماضي، وقف المستشار الألماني أولاف شولتس في البرلمان وأعلن عن أكبر برنامج لإعادة تسليح بلاده منذ نهاية الحرب الباردة، وتعهد ليس فقط بزيادة ميزانية الدفاع بما يتجاوز هدف الناتو الذي فشلت ألمانيا فيه. ستضرب لسنوات ولكن لاستثمار (100) مليار يورو على الفور لمعالجة سنوات من نقص التمويل للجيش الألماني.

كما أعاد شولز التأكيد على التزام ألمانيا بالردع النووي ومشاركتها في ترتيبات المشاركة النووية لحلف الناتو، مما زاد من احتمالية أن تحل المقاتلة “الشبح إف 35” الأمريكية الصنع محل طائرة “تورنيدو” القديمة.

لقد كانت ثورة في بلد طالما جعله ماضيه النازي متردداً في الاستثمار في القوة العسكرية.  ألغى شولتز الحظر المفروض على شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا، ودعم الطائرات المسلحة بدون طيار والتزم بشراء طائرات مقاتلة جديدة يمكنها إسقاط قنابل نووية، مما أدى إلى استمرار دور ألمانيا في نظام الناتو للمشاركة النووية. قال شولز: “من الواضح أنه يجب علينا أن نستثمر أكثر بكثير في أمن بلدنا ، من أجل حماية حريتنا وديمقراطيتنا”.

وقال المقرر الرئيسي للجنة الميزانية لميزانية الدفاع، أندرياس شوارتز لـ “بيلد “في  27 مارس 2022  “علينا حماية أنفسنا بشكل أفضل من التهديد الروسي. لهذا نحن بحاجة إلى درع مضاد للصواريخ على مستوى ألمانيا “. وأضاف:” نظام Arrow 3 الإسرائيلي هو حل جيد “. وبحسب صحيفة بيلد فإن حكومة ألمانيا طلبت شراء (50) صاروخ باتريوت ذات القدرات المتقدمة من إسرائيل النظام سيكلف ملياري يورو بحسب معلومات من دوائر أمنية.

هل زيادة الإنفاق العسكري هو الحل

يرى الخبير في الأمن الأوروبي وسياسة الدفاع في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية رافائيل لوس في مقاله على “CNN ” في 3 مارس 2022، أن ممكن للبلدان الأصغر، ولا سيما تلك الموجودة في أوروبا الوسطى والشرقية، الاعتماد على ألمانيا للعوامل التمكينية الاستراتيجية، مثل الجسر الجوي العسكري وقدرات الاستطلاع.  ويمكنهم أيضاً الاعتماد على الاستعداد القتالي الألماني لتعزيز الردع التابع للحلفاء بما يتجاوز مجرد وجود قوات متعددة الأطراف، كما هو الحال حالياً مع عمليات الانتشار الأمامية المعززة على الجناح الشرقي لحلف الناتو.

ويقول خبراء أمنيون إن التحدي، هو كيفية ضمان إنفاق المئة مليار يورو من الأموال الخاصة للجيش الألماني بسرعة وبحكمة. إن تحديث الجيش الألماني يتطلب أكثر من المال. إجراءات الشراء مرهقة وبطيئة.  يقول جوستاف جريسيل، زميل السياسة البارز في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في برلين: “لا توجد خطة إنفاق من وزارة الدفاع حتى الآن “.

ويشير جيمس بلاك ، مدير الأبحاث في مؤسسة “RAND Europe” في برنامج الدفاع والأمن ، إلى أنه على الرغم من أن الارتفاع الدفاعي يعد خطوة كبيرة جداً، إلا أنه لن يترجم على الفور إلى زيادة القدرة العسكرية الألمانية، ويضيف ” المال لا يمكنه شراء خبرة قتالية في العالم الحقيقي ، والتي  مقارنة ببعض الجيوش الأخرى في أوروبا ، ألمانيا لديها القليل لأنها كانت أقل انتشاراً في السنوات الأخيرة في العمليات. وهذه الأشياء لا تتغير بين عشية وضحاها”، وفقاً لـ ” Army technology” في 18 مارس 2022.

تأثير صادرات دول أوروبا من الأسلحة إلى روسيا

علي الرغم من أن بلدان الاتحاد الأوروبي تقف ضد روسيا وتدعم الأوكرانيين في ظل الأزمة بين البلدين، إلا أنه قد كشفت تحقيقات بالأرقام، عن تصدير (10) بلدان أوروبية معدات عسكرية بمئات الملايين من اليورو بحوالي (346) مليون يورو إلى روسيا بين عامي 2015 و2020، رغم حظر الاتحاد تصدير الأسلحة إلى موسكو منذ عام 2014، اشتملت تلك الأسلحة على صواريخ وطائرات وطوربيدات وقنابل، استمرّت روسيا في شرائها من دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي حتى عام 2020.

وحاول الاتحاد الأوروبي في قمة فرساي المنعقدة في فرنسا في مارس 2022 إظهار الاتحاد بين أعضائه بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا، على الرغم من كون فلاديمير بوتين وجيشه عملاء جيدين لصناعة الأسلحة الأوروبية، إذ أقدم ثلث الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على تصدير الأسلحة إلى الاتحاد الروسي، وفقاً لبيانات من فريق العمل الرسمي التابع لمجلس صادرات الأسلحة التقليدية (COARM)، حللها موقع Investigate Europe.

(10) دول أروبية تصدير أسلحة إلى روسيا 

فرنسا: تأتي فرنسا في المرتبة الأولى في تصدير الأسلحة إلى روسيا حيث كشف موقع “ديسكلوز” الاستقصائي الفرنسي في 15 مارس 2022، عن أن فرنسا قد باعت معدات عسكرية بقيمة (152) مليون يورو لروسيا، وهو رقم أكده تحليل “Investigate Europe” الاستقصائية، الذي يضع فرنسا في مرتبة متقدمة على جيرانها بنسبة (44%) من الأسلحة الأوروبية المرسلة إلى روسيا.

وأعطت السلطات الفرنسية، بحسب موقع التحقيقات الفرنسي “ميديابارت”، موافقتها منذ عام 2015 على تصدير معدات من نوع قنابل، وصواريخ، وطوربيدات، وقذائف،وعبوات متفجرة، وهي أسلحة فتاكة بشكل مباشر، وإلى جانبها معدات تصوير، وطائرات مع مكوناتها، ومركبات أخف من الهواء. وبحسب تحقيق “دِيسكوز”، فإن الصادرات الفرنسية تتعلق أيضاً بكاميرات حرارية لتجهيز أكثر من 1000 دبابة روسية، وكذلك أنظمة ملاحة، وأجهزة استشعار تعمل بالأشعة تحت الحمراء للطائرات الحربية والمروحيات المقاتلة، وأن الكرملين أرسل الحساب إلى “تاليس” وهي مجموعة إلكترونيات فرنسية متخصصة في الطيران، والدفاع، والأمن، والنقل البري، و”سافرون” وهي مجموعة صناعية وتكنولوجية فرنسية كُبرى، لها حضور دولي في مجالات الطيران، والفضاء، والدفاع، وهما الرائدتان في المجمع الصناعي العسكري الفرنسي، وتعتبر الدولة الفرنسية المساهم الرئيسي فيهما.

وعبوات متفجرة، وهي أسلحة فتاكة بشكل مباشر، وإلى جانبها معدات تصوير، وطائرات مع مكوناتها، ومركبات أخف من الهواء. وبحسب تحقيق “دِيسكوز”، فإن الصادرات الفرنسية تتعلق أيضاً بكاميرات حرارية لتجهيز أكثر من 1000 دبابة روسية، وكذلك أنظمة ملاحة، وأجهزة استشعار تعمل بالأشعة تحت الحمراء للطائرات الحربية والمروحيات المقاتلة، وأن الكرملين أرسل الحساب إلى “تاليس” وهي مجموعة إلكترونيات فرنسية متخصصة في الطيران، والدفاع، والأمن، والنقل البري، و”سافرون” وهي مجموعة صناعية وتكنولوجية فرنسية كُبرى، لها حضور دولي في مجالات الطيران، والفضاء، والدفاع، وهما الرائدتان في المجمع الصناعي العسكري الفرنسي، وتعتبر الدولة الفرنسية المساهم الرئيسي فيهما.

ألمانيا: وفقاً للمعلومات التي جمعتها “Investigate Europe” الاستقصائية، فقد صدرت ألمانيا ما قيمته (121.8) مليون يورو إلى روسيا، أو (35%) من إجمالي الصادرات الأوروبية، ما جعلها في المرتبة الثانية بعد فرنسا مباشرة. وأوضح موقع “ديسكلوز” الاستقصائي الفرنسي أن الدولة الأوروبية، التي تظهر نفسها اليوم على أنها واحدة من أكثر الدول دعماً لأوكرانيا في أوروبا، مع مظاهرات ضخمة، ورغبة المواطنين في الترحيب باللاجئين، سمحت على وجه الخصوص بإرسال سفن كاسحات للجليد، ومركبات ذات حماية خاصة، إلى روسيا، وأن الصادرات الألمانية تندرج في فئة “الاستخدام المزدوج” (عسكري ومدني)، ما يفسر سبب عدم اعتبارها انتهاكاً للحظر، وفقاً لسياسيين وخبراء اتصلت بهم “Investigate Europe” الاستقصائية.

إيطاليا: وفي المركز الثالث بعد فرنسا وألمانيا تأتي إيطاليا ، حيث صدرت إيطاليا ما قيمته 22.5 مليون يورو من المعدات العسكرية، وفقاً لقاعدة بيانات “COARM بين عامي 2015 و2020. ويتوافق ذلك الرقم، بحسب موقع التحقيقات الفرنسي “ميديابارت”، مع عقد واحد ​​تم توقيعه مع شركة “Iveco” الإيطالية من أجل تصنيع مركبات أرضية، وتمكنت “Investigate  Europe” الاستقصائية، وفق “ميديابارت”، من قراءة الترخيص النهائي الصادر عن وزارة الشؤون الخارجية، وبعد (6) سنوات، تم إنتاج تلك المركبات الحربية في مصانع “Iveco” الثلاثة في روسيا، ولكن جميع أجزائها كانت إيطالية، وتوجد الآن على الجبهة الأوكرانية. ووفقا لقناة “LA7” التلفزيونية الإيطالية، فقد شوهدت تلك المركبات في أوكرانيا في أوائل مارس عام 2022.

التشيك: صدّرت جمهورية التشيك “طائرات أخف وزناً من المركبات الجوية ومركبات جوية بدون طيار ومحركات جوية ومعدات طائرات كل عام بين عامي 2015 و2019.

النمسا: واصلت النمسا أيضاً تصدير المعدات العسكرية إلى روسيا كل عام، “أسلحة ملساء من عيار أقل من 20 ملم، وأسلحة أخرى وأسلحة آلية من عيار 12.7 ملم” و “ذخيرة وأجهزة ضبط الصمامات، ومكونات مصممة خصيصًا “.

بلغاريا: أبرمت بلغاريا صفقتين، في عامي 2016 و2018، لتصدير “سفن حربية، (سطح أو تحت الماء) معدات بحرية خاصة وملحقاتها ومكوناتها وسفن سطحية أخرى” و “تكنولوجيا” من أجل “التطوير” أو “الإنتاج” أو “الاستخدام” من المواد الخاضعة للرقابة في القائمة العسكرية المشتركة للاتحاد الأوروبي “بقيمة  (16.5) مليون يورو.

وكان لكل من فنلندا وإسبانيا وسلوفاكيا وكرواتيا تصدير واحد إلى روسيا، بكمية أقل بكثير ؤ من ذلك الدول .

موقف الدول الأوروبية من تصدير الأسلحة إلى روسيا

علي الرغم من حظر الاتحاد الأوروبي البيع المباشر أو غير المباشر أو الإمداد أو النقل أو التصدير للأسلحة والمواد ذات الصلة بجميع أنواعها ، بما في ذلك الأسلحة والذخيرة والمركبات والمعدات العسكرية والمعدات شبه العسكرية وقطع الغيار إلى روسيا من قبل الدول الأعضاء إلى روسيا بعد ضمها شبه جزيرة القرم بموجب قرار المجلس (2014/512 / CFSP)  المؤرخ 31 يوليو 2014 وإنشاء جمهوريتي دونباس الانفصاليتين، إلا أن  العديد من دول الاتحاد الأوروبي التي صدّرت الأسلحة إلى روسيا استخدمت ثغرة قانونية في لوائح الاتحاد الأوروبي لمواصلة تجارتها المستمرة على مدى السنوات الخمس التالية، ولم ينطبق الحظر وفقاً لمجموعة “COARM”، على العقود والاتفاقيات، وحتى المفاوضات، التي تم الدخول فيها قبل 1 أغسطس 2014.  أوضحت مجموعة “COARM” أن الحظر لا يمنع توريد قطع الغيار، والخدمات اللازمة لصيانة وأمن الأسلحة التقليدية. واستمرت عمليات التسليم، وواصلت الدول الأعضاء إصدار تراخيص تصدير الأسلحة إلى روسيا، ومنحت الدول الأوروبية العشرة، وفق موقع التحقيقات الفرنسي «ميديابَارْتْ»، أكثر من ألف ترخيص تصدير (تصاريح بيع أسلحة)، مقابل  (100) رفض.

وفي المقابل تقوم بعض دول أوروبا بتزويد أوكرانيا بالأسلحة في مواجهة روسيا حيث اتفقت نحو (27)  دولة أوروبية المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا، واعتمدت استراتيجية الدول الأوروبية المناهضة لحرب روسيا على أوكرانيا على استراتيجيتين: الأولى فرض عقوبات اقتصادية على موسكو، والثانية تيسير كل سبل الدعم للجانب الأوكراني سواء عسكرياً أو إنسانياً.

 حذر زعماء مجموعة السبع الكبار روسيا في بيان ختامي صدر عن قمتهم في 24 مارس 2022 من أي تهديد باستخدام أسلحة كيماوية وبيولوجية ونووية أو مواد مرتبطة بها، مذكرين موسكو بالاتفاقات الدولية التي وقعت عليها والتي تحمينهم جميعاً، وشدد بيان G7 على أن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا تشكل خطراً على مواقع نووية في هذا المجال، داعياً موسكو إلى الوفاء بالتزاماتها الدولية والامتناع عن أي أنشطة تشكل خطراً على مواقع نووية ومنح السلطات الأوكرانية الوصول غير المقيد إليها، بالإضافة إلى التعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

فرضت الولايات المتحدة الامريكية عقوبات جديدة على الجانب الروسي كان أهمها عدم تصدير الدولار إلى روسيا مع وقف التعامل مع روسيا في العديد من المجالات كان بدايتها وقف الواردات الروسية من البترول تلها عدد من المنتجات الأخرى منها «الألماس وبعض المنتجات الأخرى».

 الناتو يعلن تعزيز تواجده العسكري في الجناح الشرقي

أكد زعماء الناتو في بيان مشترك صدر عن قمتهم أن الحلف صدر في 24 مارس 2022، على خلفية تطورات الأحداث في أوكرانيا، نشر (40) ألف عسكري في جناحه الشرقي الممتدة من بحر البلطيق إلى البحر الأسود.، بالإضافة إلى المزيد من التعزيزات البرية والبحرية والجوية ملموسة للدفاع عن الأعضاء على الجناح الشرقي.وأعلن الحلف عن تشكيل أربع مجموعات قتالية جديدة لقواته في بلغاريا وهنغاريا ورومانيا وسلوفاكيا، متعهدا بـتعزيز موقفه الدفاعي ومواصلة تطوير قدراته المطلوبة للرد على أي إجراءات عسكرية أو سيبرانية أن تهديدات كيماوية وبيولوجية وإشعاعية ونووية.

التقييم 

تتخذ عملية إنتاج وتصدير الأسلحة مكانة هامة في الدستور الألماني حيث لا يمكن إنتاجها وتصديرها إلا بترخيص من الحكومة الألمانية وذلك بعد  فحص “مجلس الأمن الاتحادي” الطلبات المقدمة لاستيرادها خصة من الدول من خارج الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو.

تتسم سياسة الحكومة الألمانية تجاه تصدير الأسلحة بالتناقض والازدواجية، فبالرغم من تصاعد حدة وتيرة أحداث الأزمة الأوكرانية والمشاركة الألمانية في تصدير الأسلحة إلى أوكرانيا بالإضافة إلى إرسال قوات ألمانية إلى شرق أوروبا، فمازال هناك صادرات ألمانية ذات استخدامات مزدوجة إلى موسكو ما يخالف الموقف السياسي الألماني المعلن تجاه روسيا.

تدعو الأحزاب السياسية داخل البرلمان الألماني السلطات الألمانية إلى توخي مزيد من الحذر تجاه صادرات الأسلحة ، لاسيما  تصدير الأسلحة ذات الاستخدام المزدوج وأن تستبعد المنتجات ذات الاستخدام العسكري، في ظل الوضع المتوتر الحالي مع روسيا. تعد الصادرات الألمانية ذات الاستخدام المزدوج مصدراً رئيسياً من مصادر الدخل القومي الألماني لذلك من المتوقع مواصلة ألمانيا بيع الأسلحة لروسيا خوفاً من فقدان مصدر رئيسي من مصادر الدخل الألماني القومي.

يواجه الجيش الألماني إشكاليات عدة تتمثل في نقص الضروريات الأساسية الأولية وانخفاض مستوى التدريبات على الطيران، علاوة على انخفاض تمويل الأسطول. كذلك تواجه ألمانيا معضلة كبيرة ألا وهى تطوير الجيش الروسي على مدى العقود الماضية،  حيث يمثل ذلك يمثل أخطر تهديد لأمن ألمانيا .

سنوات من الإهمال، وسوق العمل الضيق في القطاع الخاص، وسلسلة التوريد المعطلة، وثقافة السلام بعد الحرب العالمية الثانية، كلها عوامل جعلت من تعزيز البوندسوير معركة شاقة للحكومة الألمانية.

ما تقوم به ألمانيا اليوم  بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، يشكل تحولاً تاريخياً خطيراً جداً في مسيرة البلاد: رفع الإنفاق العسكري بصورة ضخمة جداً وبضربة واحدة، الحديث عن إعادة فرض التجنيد على الشباب الألمان، إمداد الجيش الأوكراني بالآليات الثقيلة ومضادات الطائرات.

إن الثورة في التمويل الدفاعي التي أعلن عنها شولز يجب أن تكون مصحوبة بصحوة فكرية. المال وحده لا يمكن أن يحل مشاكل ألمانيا. فالزيادة الكبيرة في ميزانية الدفاع السنوية التي شهدتها ألمانيا منذ عام 2014، عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم، لم تسفر عن أي شيء.

إن المهمة التي تنتظر وزارة الدفاع والجيش الألماني ليست فقط كيفية إنفاق الأموال على أنظمة أسلحة جديدة وتعزيز التجنيد والاستعداد ، ولكن لإجراء تغيير تنظيمي وثقافي، تحتاج الدولة إلى ترشيد نظامها البيئي الصناعي الدفاعي وعمليات الشراء.

وينطبق الشيء نفسه على موقف المجتمع الألماني تجاه قواته المسلحة وكيف تنظر السياسة الألمانية والحكومة إلى أهمية القوة العسكرية في القرن الحادي والعشرين. لقد عادت الحاجة إلى قوة ردع عسكرية ذات مصداقية. لا يزال أمام الجيش الألماني طريق طويل ليقطعه.

يبدو أن قادة دول الاتحاد الأوروبي تعكس وجود اختلافاً لافتاً في رؤى هذه الدول تجاه الملف الروسي الاوكراني، فمنها من يتبنى موقف الولايات المتحدة الامريكية، ومنها من يتوخى الحذر حفاظاً على مصالحه مع روسيا، ولكن تبقي التخوفات قائمة في حالة أي تصاعد بين الجانبين الروسي من جهة، والأوكراني والأميركي من جهة ثانية، بشأن استخدام أسلحة غير تقليدية (السلاح الكيمائي) في الحرب الأوكرانية وسط مخاوف من استخدام أي طرف للسلاح الكيميائي عند خسارته الحرب فأن استخدام وتطوير السلاح الكيميائي في الجانب العسكري يمثل انتهاكا للمواثيق الدولية، واتفاقية الأسلحة البيولوجية التي تحظر استخدامها.

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post أوربان والانتخابات في المجر
Next post مقال للدكتورة السورية ، هدى جنات ، الكاتبة في صحيفة الغاردين البريطانية سابقا”