حالة من القلق بسبب خطر على القدرة التنافسية العالمية للبنوك السويسرية

Read Time:4 Minute, 6 Second

شبكة المدار الإعلامية الأوربية …_بدلاً من تجنب وقوع أزمات جديدة ـ مثلما يزعم أصحاب هذه المبادرة ـ فإن تطبيق مبادرة نظام المال السيادي من شأنه فقط التسبب في حالة من القلق وتعريض القدرة التنافسية العالمية للبنوك السويسرية للخطر، مثلما يقول فيليب باشيتا. فبحسب تصريحات أستاذ الاقتصاد بجامعة لوزان فإن تغول القطاع المالي إنما يرجع بالأساس إلى انعدام الكفاءة وقلة الحرص.

swissinfo.ch: طبقاً لمؤيدي هذه المبادرة فإن الحصول على المال عن طريق البنوك الاستثمارية من شأنه تشجيع المضاربة والفقاعات التمويلية. ألا يتفق هذا مع الواقع؟

فيليب ماشيتا: لا، كلا البتة. فنظرياً قد نتخيل وجود علاقة بين الحصول على المال وبين المضاربة. ولكن إذا نظرنا إلى الواقع، فلن نجد دراسة جادة واحدة تبرهن على وجود مثل هذا الارتباط. فضلاً عن ذلك فإن مؤيدي هذه المبادرة لا يقدمون أية أدلة على ذلك.

swissinfo.ch: لقد تعرض القطاع المالي في السنوات العشرين الأخيرة إلى هزات عنيفة بفعل العديد من الأزمات. ألا تعتبر مبادرة المال السيادي حلاً لتجنب التغول في القطاع المصرفي؟

فيليب ماشيتا: إطلاقاً. فتحليل الأزمات الأخيرة قد أوضح أن المال ـ وهو موضوع هذه المبادرة ـ (وأعني به الحسابات الجارية) ليس له أي تأثير على احتمالية وقوع أزمة مالية. فتغول القطاع المصرفي يعود في أغلب الأحيان إلى قلة الحرص في منح القروض أو في شراء الأصول، وقد يعود في بعض الأحيان إلى انعدام الكفاءة.ولا تُعنىَ هذه المبادرة بمثل تلك الأنماط من السلوك. وأود التذكير بأن الودائع قيد الطلب لا تشكل سوى 20% من الحسابات الدائنة في البنوك وفي وقت الأزمات تزداد أنواع أخرى من المديونيات، والتي قد تختلف من أزمة لأخرى.

swissinfo.ch: وماذا عن القواعد التي اعتُمدت في سويسرا في السنوات الأخيرة لتدعيم مركزها المالي، هل تَعتبر هذه القواعد كافية؟ على سبيل المثال، فيما يتعلق برأس المال الخاص بالبنوك الكبرى؟

فيليب ماشيتا: أعتقد أن زيادة الأموال الخاصة بالبنوك أمراً محبذاً. إلا أنه من الأفضل أن تتحقق هذه الزيادة عالمياً، حتى لا تفقد البنوك السويسرية قدرتها على المنافسة الدولية.

swissinfo.ch: أليس من الأئمن أن يُعهد للبنك الوطني السويسري وحده بعملية الإمداد بالمال، بدلاً من أن تترك هذه العملية في يد البنوك الاستثمارية، والتي لا تسعى سوى إلى جني الأرباح ولا تعمل على تحقيق الصالح العام؟

فيليب باشيتا: إن مصطلح “الإمداد بالمال” يعتبر مضللاً. ففي العصور الوسطى كان “الأمير” هو من يمد بالعملات، وبعد ذلك بدأت البنوك المركزية في طرح البنكنوت. إلا أن مبادرة المال الكامل لا تتعلق لا بالعملات ولا بالبنكنوت، وإنما بالأوراق النقدية. وحيث أنه توجد عدة أنواع من الأوراق النقدية، لذلك توجد عدة طرق لحساب المال. فالبنك الوطني السويسري يراقب حالياً “أموال البنك المركزي” وهو ما يسمى بـ “القاعدة النقدية”، والتي تتكون من إيداعات البنوك في البنك الوطني.على الجانب الآخر تطالب المبادرة بأن يقوم البنك الوطني السويسري بمراقبة الحسابات الجارية (أو حسابات الودائع) الخاصة بالعملاء في البنوك الاستثمارية بصورة مباشرة (ويستثنى منها الحسابات الادخارية). إلا أن ضرورة إشراف البنك الوطني السويسري على حسابات الودائع هذه سيؤدي إلى صعوبة تنفيذ السياسة المالية. وقد يؤدي كذلك إلى صعوبة عملية الإقراض عن طريق البنوك الاستثمارية وبالتالي سيؤثر سلباً على الشركات.

swissinfo.ch: يستطيع القطاع المصرفي توفير المال. فهل يجعله ذلك يحظى بميزة تنافسية غير عادلة إزاء القطاعات الاقتصادية الأخرى؟

فيليب باشيتا: لا، هنا تلعب المصطلحات دوراً مضللاً أيضاً. فإذا كان القطاع المصرفي “يوفر أموالاً”، فإن ذلك يعني أنه يمكنه في حالة الإقراض أن يضيف الودائع في الحسابات الدائنة. ولا يمثل ذلك ميزة تنافسية ولكنها فقط عملية مرتبطة بمنح القروض. وتقتصر عملية الإقراض هذه على البنوك، لذلك فمن الطبيعي ألا تشارك القطاعات الأخرى في عملية “توفير المال” هذه.ولابد من التأكيد على أن قدرة البنوك على زيادة مبلغ الودائع تحت الطلب لا تمثل تكويناً للثروة، ذلك لإنها تتضمن ديناً على البنوك نفسها. بل أن المصدر الأساسي لدخل البنوك يتمثل في نسبة الفائدة بين الودائع والقروض.

swissinfo.ch: هل تعتقد أن “نظام المال السيادي” من شأنه أن يُدَعِّم مصداقية واستقرار المركز المالي لسويسرا، مثلما يأمل مؤيدو المبادرة؟

فيليب باشيتا: كلا، بالعكس تماماً. فحالياً تعتبر الحسابات الجارية مصدرَ دخلٍ مضمون للبنوك. ولكن بموجب “نظام المال السيادي” سيتحتم على البنوك تمويل نفسها عن طريق مصادر تمويل أقل استقراراً، مما سيؤدي إلى زيادة عدم الاستقرارفضلاً عن ذلك فإن هناك غموضاً حول عدة جوانب تتعلق بتطبيق المبادرة. فتطبيقها قد يخلق مزيداً من القلق، مما سيؤدي إلى إضعاف المركز المالي لسويسرا.

swissinfo.ch: طبقاً للمبادرة فإن البنك الوطني السويسري يمكنه منح المال الذي سيتوفر لديه لكل من الكونفدرالية والكانتونات أو للمواطنين مباشرة، وذلك بدون أن يصبح مديناً. وهذا سيؤدي إلى أن يستفيد العامة من مليارات الفرنكات التي لا تستخدم حالياً. ألا يعتبر هذا وحده سبباً كافياً لقبول المبادرة؟

فيليب باشيتا: إن فكرة أن المال الموجود في أرصدة البنك الوطني السويسري ليس ديناً، تعتبر مغالطة، سواء حسابياً أو اقتصادياً!وما تقوله يعني أن يقوم البنك الوطني السويسري ببيع أصوله وتوزيع عائداته. وهذا المقترح الجدليّ يعتبر في غاية الخطورة وقد يجعل مصداقية البنك الوطني ونظام الاقتصاد السويسري على المحك.وختاماً يجدر بنا الإشارة إلى أن توزيع أموال البنك الوطني السويسري لا يمت بصلة بمبادرة المال السيادي، وأنه يمكن تحقيقه في ظل النظام الحالي. ولكن هناك أسباب قوية جداً لعدم فعل هذا لا في النظام الحالي ولا في أي نظامٍ ماليٍ آخر.

Swi

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post قطر ربما تلغي نظام تأشيرة الخروج المثير للجدل
Next post مصر ومشكلة مفاوضات سد النهضة