المرعى أخضر ولكن العنز مريضة

Read Time:2 Minute, 48 Second

 

 

بقلم جهاد الدبس

كاتب لبناني  مقيم  في بلجيكا

كتبت هذه المقالة في رحلة علاج لأحدهم في الركبتين وأخشى أن أتهم بميلي إلى الغرب وأنا أكتبُ عنهم شهادة حق وإنصاف ، ووالله إن غبار حذاء محمد بن عبد الله ( صلى الله عليه وسلم ) أحبُ إليّ من أميركا وأوروبا مجتمِعَتين .

ولكن الاعتراف بحسنات الآخرين منهج قرآني ، يقول تعالى: « ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة ».

وقد أقام الرجل في باريس يراجع الأطباء ويدخل المكتبات ويشاهد الناس وينظر إلى تعاملهم فيجد رقة الحضارة ، وتهذيب الطباع ، ولطف المشاعر ، وحفاوة اللقاء ، حسن التأدب مع الآخر ، أصوات هادئة ، حياة منظمة ، التزام بالمواعيد ، ترتيب في شؤون الحياة !

أما نحن العرب ؟؟؟
فقد سبقني ابن خلدون لوصفنا بالتوحش والغلظة ، وأنا أفخر بأني عربي؛ لأن القرآن عربي والنبي عربي ، ولولا أن الوحي هذّب أتباعه لبقينا في مراتع هبل واللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى . ولكننا لم نزل نحن العرب من الجفاء والقسوة بقدر ابتعادنا عن الشرع المطهر.

نحن مجتمع غلظة وفظاظة إلا من رحم الله !

فبعض المشايخ وطلبة العلم وأنا منهم جفاة في الخُلُق ، وتصحّر في النفوس ، حتى إن بعض العلماء إذا سألته أكفهرَّ وعبس وبسر!

الجندي يمارس عمله بقسوة ويختال ببدلته على الناس !

ومن الأزواج زوج شجاع مهيب وأسدٌ هصور على زوجته وخارج البيت نعامة فتخاء!

ومن الزوجات زوجة عقرب تلدغ وحيّة تسعى !

من المسؤولين من يحمل بين جنبيه نفس النمرود بن كنعان كِبراً وخيلاء حتى إنه إذا سلّم على الناس يرى أن الجميل له ، وإذا جلس معهم أدى ذلك تفضلاً وتكرماً منه

الشرطي صاحب عبارات مؤذية!

الأستاذ جافٍ مع طلابه !

فنحن بحاجة لمعهد لتدريب الناس على حسن الخُلُق !

وبحاجة لمؤسسة لتخريج مسؤولين
يحملون الرقة والرحمة والتواضع!

وبحاجة لمركز لتدريس العسكر اللباقة مع الناس !

وبحاجة لكلية لتعليم الأزواج والزوجات فن الحياة الزوجية!

المجتمع عندنا يحتاج إلى تطبيق صارم وصادق للشريعة  وتعلم المفاهيم الانسانية المبنية على ثقافة القبول بالاخر و التخرج من القسوة والجفاء الذي ظهر على وجوهنا وتعاملنا !

في البلاد العربية يلقاك غالب العرب بوجوه عليها غبرة ترهقها قترة ، من حزن وكِبر وطفشٍ وزهق ونزق وقلق

ضقنا بأنفسنا وبالناس وبالحياة!

لذلك تجد في غالب سياراتنا عُصي وهراوات لوقت الحاجة وساعة المنازلة والاختلاف مع الآخرين ، وهذا الحكم وافقني عليه من رافقني من الدعاة ، وكلما قلت: ما السبب ؟

قالوا: الحضارة ترقق الطباع !

نسأل الرجل الاوروبي عن الطريق ونحن في سيارتنا فيوقف سيارته ويخرج الخارطة وينزل من سيارته ويصف لك الطريق وأنت جالس في سيارتك !

نمشي في الشارع والأمطار تهطل علينا فيرفع أحد المارة مظلته على رؤوسنا!

نزدحم عند دخول الفندق أو المستشفى فيؤثرونك مع كلمة التأسف.

أجد كثيراً من الأحاديث النبوية تُطبَّق هنا ، احترام متبادل ، عبارات راقية ، أساليب حضارية في التعامل.
بينما تجد أبناء يعرب إذا غضبوا لعنوا وشتموا وأقذعوا وأفحشوا ، أين منهج القرآن: «وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن » ، « وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما » ، « فاصفح الصفح الجميل »
« ولا تصعّر خدّك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً إن الله لا يحب كل مختال فخور ، واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير»
وفي الحديث: « الراحمون يرحمهم الرحمن »
و « المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده »

و « لا تباغضوا ولا تقاطعوا ولا تحاسدوا»

عندنا شريعة ربّانيّة مباركة لكن التطبيق ضعيف.

يقول عالم هندي:
(المرعى أخضر ولكن العنز مريضة)

اتمنى ممن قرأ هذه الرسالة أن يغير من تعامله ولو الشيء اليسير .مع المجتمع من حوله،مع أهله، مع جميع الناس، مسلم أو غيره .

يجب أن نرتقي بتعاملنا مع الناس.
فنحن خير أمة أخرجت للناس…

للعقول الراقية
اسعد الله أوقاتك

جهاد الدبس

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post نشر قوات حرس حدود في الدولة البلقانية في وجه تدفق المهاجرين
Next post مواطنو دول المغرب العربي الثلاث ممنوعين من اللجوء في ألمانيا