فرنسا مازالت تعيش كابوساً مرعباً اسمه المقاتلون الأجانب

Read Time:5 Minute, 40 Second

جاسم محمد– باحث في قضايا الإرهاب والاستخبارات

شبكة المدار الإعلامية الأوربية … مازالت فرنسا وعواصم أوروبية في مرمى الإرهاب، وهي نصب أعين داعش، وهذا ربما يعود، إلى عدد المقاتلين الأجانب من أصول فرنسية لدى تنظيم داعش، ومايملكه التنظيم من أنصار داخل فرنسا، العوامل الجغرافية والسياسية، أي سياسات فرنسا وجهودها في مكافحة الإرهاب، هي الأخرى يجب أن تؤخذ في الحسبان. التقديرات تقول بان أوروبا ومنها فرنسا تحتاج إلى سنوات طويلة لكي تتعافى من موجة الإرهاب والتطرف.هزت باريس عملية إرهابية في جادة الشانزليزيه تماما، قبيل الانتخابات العامة، فقد أعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية الفرنسية في وقت متأخر من مساء يوم 20 ابريل 2017، وقوع عملية إرهابية في باريس في جادة “الشانزليزيه” الشهيرة قرب محطة مترو جورج الخامس. وأعلنت الشرطة، عن مقتل شرطي وإصابة آخران، في حادث إطلاق نار من رشاش “كلاشنيكوف،  ونقلت “رويترز” عن شاهد عيان قوله إن مهاجما خرج من سيارة ممسكا بالرشاش، وأطلق النار على الشرطة، والتي ردت على منفذ إطلاق النار واردته قتيلا في الحال. وتداولت أخبار غير مؤكدة بان منفذ العملية لم يكن بمفرده، بينما مراسلي وكالات الأخبار في موقع الحادث ذكروا،سماع إطلاق نار في شارع آخر موازي إلى جادة “الشانزليزيه”.

نتائج التحري والتحقيقات الأولية

تقارير وكالات الأنباء، تقول بان الشرطة الفرنسية مازالت تطارد مشتبه آخر متورط في العملية، وربما سلم نفسه إلى السلطات الفرنسية. وأفادت التقارير بأن بلجيكا أخطرت فرنسا بأن مشتبها به غادر أراضيها عبر القطار.  وفي سياق حالة الطوارئ في فرنسا ، دعا الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند، لاجتماع عاجل لمجلس الدفاع لبحث تفاصيل الاعتداء  وأشار إلى أن مسارات التحقيق في الواقعة تشير جميعها إلى كونه عملًا إرهابي. وكانت عملية مداهمة منزل مطلق النار قد نفذت في منطقة (سين- إي- مارن) في الضاحية الباريسية، وهو صاحب وثيقة تسجيل السيارة المستخدمة. في الاعتداء هذه المرة ربما تم استخدام سيارة غير مؤجرة أو مسروقة وفقا للتحقيقات الأولية.المدعي العام الفرنسي فرانسوا مولان، أعلن  أن السلطات حددت هوية المسلح، لكنها لن تعلن اسمه إلى أن يتأكد المحققون مما إن كان له شركاء وان هوية المهاجم كانت معروفة وتم التأكد منها. الشرطة الفرنسية قامت أيضاً بتفتيش شقة شخص “يدعى كريم شورفي” في بلدة شيل الفرنسية.

داعش تعلن مسؤوليتها عن العملية

لم يمضي وقت طويلا حتى أعلن تنظيم داعش، عبر (وكالة أعماق) مسؤوليته عن هجوم باريس، مشيرا إلى أن منفذ الحادث يدعى “أبو يوسف البلجيكي”، وهي ربما سابقة من وكالة أعماق بإعلان تحمل التنظيم عن مسؤوليته، حيث كانت في عمليات سابقة لايتم الإعلان عنها بهذه السرعة، بل تستغرق بضعة أيام، وان ثبت صحة الإعلان، فهذا يعني أن منفذ العملية لا يقع  ضمن دائرة”الذئاب المنفردة” ويثبت ارتباطه بالتنظيم. التقارير الاولية عن منفذ العملية” أبو يوسف البلجيكي” تقول بأنه مولود في فرنسا، ويبلغ من العمر( 39 عاما)، ومن أصول عربية وقد أوقف سابقاً من قبل الشرطة الفرنسية. المدعي العام ووزارة الداخلية مازالت تتحفظ على الإعلان عن تفاصيل الاسم الحقيقي لمنفذ العملية، وربما لأغراض التحقيقات. المعلومات الأولية تقول بأنه سبق أن قام بعملية إرهابية ضد الشرطة عان 2001، وسجن مدة 15 عام، ومرجح انه خضع للتجنيد لصالح الجماعات المتطرفة داخل السجن.وكان تقرير صادر قبل أسابيع عن الأمانة العامة للدفاع والأمن القومي في فرنسا يكشف أن التهديدات الإرهابية ستتطور في الأعوام المقبلة لتصل إلى حدّ تنفيذ هجمات كيميائية وبيولوجية وإشعاعية والتي تتراوح بين استخدام الجماعات المتطرفة للأسلحة الكيميائية والنووية والإشعاعية وصولاً إلى التهديد البيولوجي من خلال نقل فيروسات. التقرير يركز على إستراتجية تطور الإرهاب الذي سيستخدم التكنولوجيا بما هو أبعد من الأسلحة البدائية مثل الأسلحة قصيرة المدى أو المتفجرات الصغيرة.

 عسكرة الأمن في فرنسا

طالب “جورج فينيش” رئيس اللجنة البرلمانية يوم 5 يوليو 2016  تحقق في الاعتداءات التي شهدتها باريس عام 2015 بإعادة تنظيم أجهزة لاستخبارات الفرنسية الموزعة حاليا في كيانات مختلفة، عبر جمعها في وكالة وطنية توضع تحت سلطة رئيس الوزراء مباشرة. واعتبر مقرر اللجنة أن حالة الطوارئ التي فرضت في أعقاب الاعتداءات الإرهابية في 13 نوفمبر في باريس ونشر الجيش لم تكن لهما “سوى فائدة محدودة بالنسبة إلى الأمن الوطني”. وشملت عملية سانتينيل ـ الطوارئ 10 آلاف رجل وما زالت تضم اليوم بين 6 و7 آلاف جندي، وتساءل عن القيمة الحقيقية التي أضافتها في تأمين الأمن في فرنسا.كشف تقرير آخر صادر عن مجلس الشيوخ الفرنسي أن أكثر من (سبعة عشر ألف) شخص يخضعون للمراقبة في البلاد بشبهة الإرهاب. وجاء في التقرير الذي حمل عنوان “السلطات المحلية ومكافحة التطرف” أن الأشخاص الذين تجري مراقبتهم بشبهة الإرهاب، وصل عددهم( 70939) شخصًا بحلول مطلع مارس2017. وأشار التقرير إلى “وجود ( 2064 ) فرنسيًا يقاتلون ضمن صفوف الإرهابيين في سوريا والعراق حاليًا، فضلًا عن( 249 ) شخصًا يعتقد أنهم قتلوا في هذه المناطق”.

النتائج

  •  جاءت العملية بالتزامن مع عقد جلسات محكمة جنايات خاصة بباريس ، بمحاكمة  عشرين شخصا بتهمة الانتماء إلى “أخطر شبكة” “جهادية” في فرنسا، يشتبه بعلاقتها في الهجوم على متجر يهودي عام 2012، وبتخطيطها لتنفيذ اعتداء أثناء الانتخابات الرئاسية. فليس مستبعدا أن يكون المذكور حصل على توجيه من تنظيم داعش لتنفيذ هذه العملية مع توقيت محاكمة الشبكة، والتي تصب في صالح دعاية التنظيم ضمن باب” دعم أعضاء التنظيم”. هذا النوع من العمليات ممكن أن يتكرر.
  •  إن مواجهة الإرهاب وتحديات المقاتلين الأجانب، لا تقوم على أساس نشر القوات على الأرض، بقدر مايعتمد على قاعدة بيانات أجهزة الاستخبارات الفرنسية ومنها الاستخبارات الخارجية المعنية برصد ومتابعة المقاتلين الأجانب من حملة الجنسية الفرنسية ومراقبة حركتهم ودورهم داخل التنظيمات المتطرفة، وذلك بالتنسيق مع الاستخبارات الداخلية.فرغم حالة الطوارئ، والتأهب الأمني، مازالت فرنسا تواجه عمليات انتحارية إرهابية من هذا النوع، وبما نوع العمليات انتحارية، فالشرطة تحديدا لايمكنها وقف مثل هذا النوع من العمليات، كونها تحمل عنصر المفاجأة. وهنا يظهر دور الاستخبارات المعلوماتي استباقي بالحصول على إنذار مبكر حول الأشخاص الخطرين اللذين ممكن أن ينفذوا عمليات إرهابية.
  •  الإخفاق لاتتحمله أجهزة الشرطة الفرنسية، كونها ردت على مصدر إطلاق النار ، لكن الخلل يكمن في أجهزة الاستخبارات الفرنسية، التي لم تستطع تحديد حجم خطورة منفذ العملية، رغم انه معروفا لديها، ومايزيد بالإخفاق الاستخباراتي، انه استخدم “رشاش كلاشنكوف”. ماعدا ذلك ان الاستخبارات الفرنسية، لم تتعامل مع اشارة وردتها من بلجيكا، بان عنصر خطر عبر الأراضي البلجيكية باتجاه فرنسا بواسطة القطار، وفقا للتحقيقات الأولية. هذا الإخفاق لم يكن الأول، فسبق أن أهملت أجهزة الاستخبارات الأوروبية ومنها الفرنسية إشارة من هذا النوع.
  •  مايعزز إخفاق الاستخبارات الفرنسية، أنها تفرض حالة الطوارئ، وان حدودها مع بلجيكا تحت الرصد والمراقبة، عدم التعامل ع هذا النوع من الإشارات ربنا يعود إلى مشكلة الموارد البشرية والمالية التي تعاني منها أجهزة الأمن والاستخبارات الفرنسية لحد الآن، التقديرات تقول بان فرنسا ربما تحتاج إلى أكثر من ثلاث سنوات لسد النقص في هذه الموارد.
  •  العملية ممكن أن تجير لصالح اليمين المتطرف في الانتخابات الفرنسية العامة.

التوصيات

أن مواجهة الإرهاب، لايتم بفرض حالة الطوارئ وحدها، أو من خلال عسكرة الأمن، بقدر مايعتمد على نظام استخباراتي معلوماتي يقوم باختصار على قدرة تشخيص التهديدات الداخلية والخارجية، وفرز العناصر الخطرة وتحديد درجة خطورتهم. مواجهة الإرهاب أيضا تحتاج إلى حزمة إجراءات أخرى، في محاربة التطرف، ومحاربة الدعاية المتطرفة على الانترنيت، وأصحاب الفتاوى،.

هذه الجماعات المتطرفة باتت تراهن على مثل هذه العمليات خاصة في أوروبا وربما في عواصم أخرى، إما خسارة معاقلها في الموصل أو ربما في الرقة، وتعرضها إلى ضربات “عسكرية” شديدة. فمن المتوقع أن يستمر مشهد هذا النوع من العمليات في أوروبا.

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post خسارة ماي ببريطانيا تقلق أوروبا
Next post ماي ستشكل الوزارة البريطانية من جديد