هيجل والفلسفة في العصر الحديث

Read Time:4 Minute, 49 Second

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية…_يُطلق مصطلح الفلسفة الحديثة على الفلسفة التي تطوّرت في العصر الحديث، والتي ارتبطت بشكلٍ وثيق بالحداثة حيث ظهرت في القرن السابع عشر وامتدّت إلى أوائل القرن العشرين، ولا تعدُّ الفلسفة الحديثة مذهبًا أو مدرسةً محددةً ومنفصلة، لذلك لا يمكن الخلط بين الفلسفة الحديثة ومفهوم الحداثة، غير أنّه توجد هناك بعض الفرضيات المنتشرة والتي تميِّزها عن الفلسفة في العصور السابقة، وفي القرن العشرين استُبدلت بفلسفة ما بعد الحداثة، وهذا المقال سيتحدث عن هيجل وفلسفته ومؤلفاته.

الفيلسوف هيجل

ولدَ الفيلسوف الألماني جورج فيلهم فريدرش هيجل في المنطقة الجنوبيّة الغربية من ألمانيا عام 1770م، لعائلة بروسية وكان والده موظفًا في الدولة البروسية، وبعد دراسته الثانوية دخل إلى كلية اللاهوت في مدينة توبنكن، وفيها درس فقه اللغة الألمانية والتاريخ والرياضيات مع صديقه هولدرين الذي أصبح شاعرًا كبيرًا فيما بعد، أتمَّ تعليمه فيما بعد في كلية الكنيسة البروتستانتية في فورتمبرك، وتأثَّر بأعمال كلٍّ من سبينوزا وإيمانويل كانت وروسو وسَحَرته أعمال هؤلاء جميعًا، كما تأثّر بأفكار الثورة الفرنسية، ركز هيجل في دراساته وفلسفته على أهمية الفهم التاريخي في تطوير الدراسة التاريخية للفن والعلم والدين والسياسة والفلسفة، وانتشر منهجه التاريخي في الثقافة الإنسانية في ألمانيا وخارج ألمانيا حتّى أصبح هيجل أحد أهمِّ الفلاسفة في ألمانيا وأكثرهم تأثيرًا في مذاهب الفلسفة الحديثة ويعدُّ أيضًا من أهم المؤسّسين للفسلفة المثالية الألمانية في بداية القرن التاسع عشر. توفي عام 1831م بمرض الكوليرا

فلسفة هيجل

 كان الفيلسوف الألماني هيجل يميل إلى التعقيد والتناقض؛ لأنه كانَ يدعو إلى التمسّكِ بالأخلاق الحميدة وعُرِفَ عنه أنه نادى بالرجوع للمسيحيّة وفي الوقت ذاتِه أنجبَ طفلًا غير شرعيّ، وهذا ما أثّر لاحقًا على معجبيه وناقدِيه، وهو أيضًا موجود داخل الماركسية وله آثار واضحة في البروتستانتية وموجود عند الوجودين ويعدُّ مرجعًا للبراغماتين، فكان متناقضًا إلى أبعد الحدود. أمَّا عن فلسفة هيجل فيقول هو عن نفسه إنَّ فلسفته عبارة عن امتداد لما سبقها من الفلسفات السابقة وليست نشوءًا جديدًا وقد احتوت الفلسفات السابقة كلها، فهو يمثل تفسير لما أراد أن يفسره الفلاسفة الذين سبقوه ولم يستطيعوا أن يقوموا بذلك أو لم تسنح الفرصة في خوض التجربة الإنسانية لتفسير ذلك. وكما يقول عنه لاوس: “ما يريد أن يقوله هيجل ليس جديدًا وليس مذهبًا خاصًا، بل هو فلسفة عامّة كلية تتناقلها الأجيال من عصر إلى عصر، أحيانًا بشكل واسع وأحيانًا بشكل ضيق، ولكن بقي جوهرُها نفسه لم يتغيّر، وبقيت على وعي بدوام بقائها وفخورة باتحادها مع فلسفة أرسطو وأفلاطون”. ولكنْ لا يعني هذا أنّ هيجل كان مجرّد تَكرار في كلّ شيء لما سبقه، لأنَّه أسس الديالكتيكية والتي تعتبر علمًا فلسفيًا يعمِّمُ التاريخ من أجل كامل المعرفة ويصوغ قوانينًا أكثر شمولًا من أجل تطوير الواقع الموضوعي، وقد نقدَ المنهج الميتافيزيقي مستنتجًا قوانين ومقولات ديالكتيكية ضمن أطر مثاليّة، ووضع هيجل في فلسفته عددًا من القوانين المتتالية وهي:

  • تغيُّر الكم إلى الكيف
  • –          يكون التطور من خلال الصراع والتناقض
  • –          نزاع الشكل والمحتوى
  • –          الاعتراض على الاستمرارية
  • تغيُّر الإمكانية إلى حتمية.

وهذه القوانين استند عليها كثير من الفلاسفة بعد هيجل مثل كارل ماركس وأنجلس ومهدت الطريق لانطلاق العلم وفتحت العقل البشريّ على الأوزان الذريّة والذرة، وقام هيجل بمعارضة إيمانويل كانت في إقفال الباب المعرفيّ نافيًا أن يكون هناك استحالة في معرفة الأشياء إمّا لسبب يتعلّق بذات الشيء أو بذات الطبيعة الكلية، والقوة الخفية في العالم عنده لا تقف عقبة أمام المعرفة وكذلك فإن الأشياء بذاتها ليست ضد المعرفة، وقد أكّدَ على وحدة المظهر والجوهر ونفى مبدأ الانفصال الذي قامت عليه فلسفة أفلاطون وهذا ما قاده إلى إنكار الانفصال المطلق بين الحواس والعقل كما تخيل اليونان أو بين الحق والباطل كما فعلت الأديان. استطاع هيجل أن يميّزَ بين ثلاثة مفاهيم وبين الانفصال والتداخل فيها وهي: “الحقيقة، الوجود، الوجود الفعلي”، ومن خلال علاقة معقّدة بين هذه المفاهيم توصل إلى أنّ المعرفة مرتبطة بدرجة إدراكنا بالمادة، فالبشر يعرفون الأشياء من خلال التصورات التي يمتلكونها من مخزونهم الثقافي والتي تنطبق على هذه الأشياء ولذلك فإن الإدراك يتغير بتغير الزمن وتغير التراكم المعرفي

مؤلفات هيجل

 وضعَ هيجل حجرًا كبيرًا في عالم الفلسفة الحديثة، وكان له كبير التأثير على الفلسفة بشكل عامّ وأصبح من أشهر فلاسفة الفلسفة الحديثة، وتركَ ما يزيد على عشرين مجلدًا نُشرت باللغة الألمانية عدة مرات، وترجم معظم هذه الكتب إلى العديد من لغات العالم، ومن بينها ما ترجم إلى اللغة العربية، وفيما يأتي أهم أعمال هيجل:

  • المدخل إلى علم الجمال “فكرة عن الجمال”: ينطلق هيجل في هذا الكتاب مستندًا إلى أفكاره عن الجمال، حيث يعتقد أن الجمال الفني أسمى من الجمال الطبيعي لأنه من نتاج الروح، وما دامت الروح أسمى من الطبيعة بحد ذاتها فإن سموها ينتقل إلى نتاجاتها ومنها إلى الفن، لذلك يرى هيجل أن الفن والدين والفلسفة هي أسمى ثلاثة أشكال تتجلى فيها الروح، حيث يتناولُ الكتاب فلسفة الفن واستعراض تاريخ الفن العالمي.
  • فنومينولوجيا الروح: يعدُّ هذا الكتاب من أفضل كتب هيجل والذي يحتوي على معظم أفكاره ونظرياته الفلسفية، ووضع فيه الكثير من التعريفات الفلسفية المهمة من وجهة نظره، ويناقش العديد من القضايا الجدلية، وقد ساهمت أفكاره في كتاب فنومينولوجيا الروح في تمهيد الطريق لكثير من الفلاسفة والباحثين في تصور كامل عن الروح من منظور فلسفي.
  • موسوعة العلوم الفلسفية: يناقش المؤلف في هذا الكتاب مقولة أفلاطون عن الانفصال بين الحسي والعقلي، ولكنه ليس انفصالًا مطلقًا وإنما علاقة متداخلة، والمعرفة نتيجة العلاقة المتداخلة بينهما، ومن هنا ينطلق هيجل بفكرته عن الوحدة بين الفكر والوجود.
  • أصول فلسفة الحق: يحملُ الكتاب نزعة خاصة طرح فيه هيجل آراء عديدة، فقد كان آخر كتاب أصدره في حياته، وكان أيضًا من أكثر مؤلفاته إثارة للجدل والخلاف والنقاشات وتعرض لهجوم عنيف؛ لأنّه وصفَ بأنَّه خدمة لملك بروسيا في ذلك الوقت

Weziwezi

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post إعادة إجراء الانتخابات في إسرائيل: التداعيات على خطة ترامب للسلام
Next post هيفاء وهبي تعاني من أزمة صحية