مآلات الاجتياح العسكري التركي لشمال سوريا و تداعياته على أمن أوروبا

Read Time:9 Minute, 0 Second

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_بعد سحب الولايات المتحدة الأمريكية قواتها من مناطق حدودية شمال سورية، أطلق الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، المرحلة الأولى من عملية عسكرية واسعة على الحدود مع سورية، على امتداد نحو 130 كيلومترًا بين مدينتي تل أبيض ورأس العين، وبعمق يصل إلى 32 كيلومترًا. وتهدف العملية إلى إنشاء منطقة آمنة لإعادة توطين الجزء الأكبر من اللاجئين السوريين في تركيا. وتشارك في العملية التي أطلق عليها اسم “نبع السلام” وحداتٌ من الجيش التركي وفصائل من المعارضة السورية، وتعدّها أنقرة استكمالًا لعمليتي درع الفرات، وغصن الزيتون، شمال غرب سورية، في مواجهة ما تعتبره مشروعًا انفصاليًا تقوده قوات سورية الديمقراطية (قسد) التي يغلب على تركيبتها المكوّن الكردي في الشمال السوري.

موقف المفوضية الاوروبية و الاتحاد الاوروبي

نقل موقع الجزيرة نت في 09 اكتوبر 2019 أن رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر دعا تركيا وبقية الأطراف إلى ضبط النفس، وقال ان أي عملية عسكرية ستزيد من معاناة المدنيين. ورأى يونكر أن “تركيا لديها مشاكل أمنية على حدودها مع سوريا ويجب أن نتفهم ذلك”، لكنه أكد في الوقت نفسه أنه “إذا كانت تركيا تخطط لإقامة منطقة آمنة فعليها ألا تتوقع أموالا من أوروبا لهذا الغرض”.

ذكرت وكالة الأناضول في 10 اكتوبر 2019 أن الاتحاد الأوروبي دعا تركيا لإيقاف العملية العسكرية التي اطلقتها في شمال سوريا، مشيرا أن الحل الدائم في سوريا لا يمكن تحقيقه بالوسائل العسكرية. جاء ذلك في بيان مكتوب صادر الأربعاء، عن الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، بشأن العملية العسكرية التركية “نبع السلام”. وقالت موغيريني “الاتحاد الأوروبي يدعو تركيا لانهاء العملية العسكرية، وان الاشتباكات الجديدة شمال شرقي سوريا ستؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة برمتها”. وتابعت “تركيا شريك أساسي للاتحاد الأوروبي ولاعب مهم في المنطقة، ونقدر دور تركيا في استضافة اللاجئين السوريين على أراضيها”.

تحدث موقع العربية في 10 أكتوبر 2019 أت الاتحاد الأوروبي حثّ تركيا، على وقف عمليتها العسكرية في شمال سوريا، قائلاً إنه يرفض خطط أنقرة لإقامة منطقة آمنة للاجئين، ولن يقدم أي مساعدات هناك. وقالت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وعددها 28 دولة، في بيان مشترك، الأربعاء، إن “الاتحاد الأوروبي يدعو تركيا لوقف العملية العسكرية التي تنفذها من جانب واحد.. فما يسمى بالمنطقة الآمنة في شمال شرقي سوريا، التي لن تفي على الأرجح بالمعايير الدولية لعودة اللاجئين”.

موقف دول أوروبا.. تعليق بيع الأسلحة لتركيا

نقل موقع ” اندبندنت عربية ” في 13 أكتوبر 2019 ، أنه بعد قرار من النرويج وهولندا بتعليق تصدير أي شحنات أسلحة جديدة إلى أنقرة إثر الهجوم الذي بدأته في شمال شرق سوريا، أعلنت برلين وباريس أيضا قراراً مماثلاً، حيث تحدث هايكو ماس وزير خارجية المانيا قائلا أنه “نظراً إلى الهجوم العسكري التركي في شمال شرق سوريا لن تصدر الحكومة الاتحاديَّة أي تراخيص جديدة لكل العتاد العسكري الذي يمكن أن تستخدمه تركيا في سوريا”. و قال بيان مشترك من وزارتي الدفاع والخارجيَّة الفرنسيتين أن فرنسا قررت تعليق كل خطط تصدير السلاح إلى تركيا، الذي يمكن أن يستخدم في هذا الهجوم وأن القرار يسري على الفور. وأضاف نائب رئيس الوزراء هوغو دي يونغي بالقول “نحن قلقون جداً للتداعيات الإنسانيَّة المحتملة لهذه العمليَّة” التي تهدد “بإعاقة المعركة ضد تنظيم داعش (وتهدد) الاستقرار في المنطقة”.

نقل موقع العربية في 14 أكتوبر 2019 أن وزير خارجية لوثوانيا ليناس لينكفيسيوس، أعلن عن قلق بلاده على أوضاع المدنيين من تداعيات العملية العسكرية التركية في الشمال السوري، أيضا نوّه إلى أن الإنجازات التي تحققت بعد هزيمة داعش في خطر إثر العملية التركية.

الوجود التركي في سوريا و تداعياته المستقبيلة على المقاتلين الأجانب و أمن أوروبا

  • موجة هجرة و لجوء جديدة الى أوروبا

نقل موقع Euronews في 09 اكتوبر 2019 أن عدد من الزعماء الأوروبيين أبدوا قلقهم من تدفّق مزيد من المهاجرين بسبب الوضع في سوريا التي تُهدّد تركيا بشنّ عمليّة عسكريّة على أراضيها. وفي نصّ مشترك أُرسِل إلى وزراء داخليّة الاتّحاد الأوروبي، سلّطت اليونان وقبرص وبلغاريا الضوء على “الارتفاع الكبير في عدد المهاجرين الوافدين عبر طريق شرق البحر الأبيض المتوسط”، ورأوا في ذلك “مؤشّرات مقلقة على ظهور أزمة”.وقالت الدول الثلاث التي طلبت مزيدا من الدعم لشركائها الأوروبيين إنّ “العوامل الجيوسياسيّة، ولا سيّما النزاعات في المنطقة، خصوصاً في سوريا، ستؤدّي على الأرجح إلى استمرار هذا المنحى المقلق على المدى القصير أو المتوسّط”. وقال يورغوس كوموتساكوس نائب الوزير اليوناني المكلّف أمن المواطن، للصحافيين “نحن قلقون جدّاً”.

ذكر موقع BBC News في 12 اكتوبر 2019 أن حوالي 100 ألف شخص فروا من منازلهم في شمالي سوريا، وفقا لتقارير صادرة عن الأمم المتحدة، بينما تمضي تركيا في عمليتها العسكرية في المناطق السورية التي يسيطر عليها الأكراد، على الحدود. واتخذ كثيرون من المدارس وغيرها من المباني في الحسكة وتل تمر ملاذا لهم.

  • مخاوف من إعادة احياء داعش

تحدث الموقع الألماني DW في 11 اكتوبر 2019 الهجوم التركي قد يمنح “داعش” فرصة العودة من جديد. المتحدث باسم قوات سوريا الديموقراطية، مصطفى بالي، حذر من أن الصمت الأوروبي سيؤدي إلى زحف مقاتلي داعش إلى أوروبا. ولم تخفِ أوروبا قلقها من تطور الأحداث، ودورها في فتح بؤرة مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية مرة أخرى، لاسيما أن الآلاف من المقاتلين وأقاربهم محتجزين لدى قسد؛ إذ يبقى مصير 12 ألف مقاتل، بينهم 100 ألماني، غير واضح. في أثناء ذلك أعلنت تركيا عزمها إرسال هؤلاء المعتقلين الأجانب إلى بلدانهم الأصلية، مما قد يشكل خطراً أمنياً داخلياً في الاتحاد الأوروبي.  وقد علق المحلل السياسي، بلال الشوبكي، لـDW بالقول إن عملية “نبع السلام” لها أن “تتيح للتيارات الإرهابية إعادة بناء نفسها مرة أخرى، بيد أن إعطاء فرصة لهذه التنظيمات للبروز على الساحة مرة أخرى لا يشكل هدفاً تركياً”، مضيفاً أن “أي عملية عنف في نهاية المطاف ستعطي فرصة للمتطرفين من كافة الأطراف للنمو، وخاصة أنه لا توجد مؤشرات على إمكانية حسم هذه المعركة بعد”.

    ما مدى امكانية التدخل العسكري الفرنسي و الأوروبي في شمال سوريا ؟

قالت أستاذة العلوم السياسية، سيلين جريزي،  في مقابلتها مع أحد القنوات الإعلامية في 12 أكتوبر 2019 ، أن هناك أنباء لم يُسوَّق لها إعلاميًا تشير إلى أن فرنسا مستعدة للتدخل عسكريا إذا لزم الأمر لمواجهة العدوان التركي في الشمال السوري.وأشارت جريزي إلى أن فرنسا وسوريا تربطهما علاقات وطيدة وتاريخية رغم محاولات سحب البساط من باريس.وأعلنت فرنسا تجميد صادرات السلاح إلى تركيا بسبب عدوانها على شمال سوريا.وأكدت باريس في بيان مشترك من وزارتي الدفاع والخارجية، أن العدوان التركي على الأراضي السورية يهدد أمن أوروبا.

تحدث موقع بي بي سي في 14 أكتوبر 2019 ، أن الرئاسة الفرنسية أعلنت إنه سيتم اتخاذ تدابير لضمان سلامة القوات الفرنسية والمدنيين الفرنسيين العاملين معها في شمالي سوريا.وجاء هذا الإعلان عقب اجتماع عاجل لمجلس الوزراء الأمني الفرنسي. ويذكر أن لفرنسا قوات خاصة في سوريا تعمل ضمن قوات التحالف الدولي الذي يحارب تنظيم الدولة.

حسب الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الفرنسية، فإن فرنسا تطلب عقد اجتماع للتحالف الدولي ضد تنظيم داعش على وجه السرعة من أجل البحث في استمرار التحالف في بذل الجهود في هذا الصدد، و أن الهجوم العسكري التركي يقوض جهود التحالف الدولي ضد تنظيم داعش الرامية إلى تحقيق الأمن والاستقرار، وسيترتب عليه عواقب إنسانية هامة، فهو يقوّض أمن الأوروبيين.

أما فيما يتعلق بامكانية التدخل العسكري الأوروبي ضد تركيا في شمال سوريا ، فقد يكون الأمر مستبعدا خاصة بعد التصريحات التي أطلقها أردوغان حول امكانية اطلاق اللاجئين. و نقات صحيفة الشرق الأوسط في 12 أكتوبر2019 أن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك قال أنّ تصريحات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بشأن اللاجئين «ابتزاز» لأوروبا «وليست في مكانها»، داعياً في الوقت نفسه إلى وقف العملية العسكرية التركية في الشمال السوري.

 ما يوضح أن تركيا استطاعت كبح أي احتمال لتدخل عسكري أوروبي ضد العملية التركية في شمال سوريا، خاصة وأن اوروبا حاليا تعيش مشكلات متعددة من قبيل مسألة المتطرفين و عودة المقاتلين الأجانب و أيضا مشاكل سياسية تتعلق بمسألة البريكسيت.

موقف حلف الناتو من الغزو التركي

ذكر موقع الجزيرة نت في 11 اكتوبر 2019 أن الأمين العام لحلف الناتو ستولتنبرغ قال إنه شارك مخاوف الناتو بشأن العملية العسكرية مع الوزير التركي، مضيفا أن الحلف ملتزم بالحفاظ على أمن تركيا وأنه يتوقع منها التحلي بضبط النفس.وقال أيضا إنه يجب عدم السماح بفرار مقاتلي تنظيم الدولة من سوريا. وردا على سؤال يتعلق بوحدات حماية الشعب، أوضح ستولتنبرغ أنه لا يوجد اتفاق بين حلفاء الناتو بشأن تقييم الوحدات. أما وزير الخارجية التركي فقال إن عملية “نبع السلام” التي أطلقتها بلاده في سوريا “تهدف لإنهاء خطر الإرهاب قرب حدود تركيا والتي تشكل حدود الناتو الجنوبية الشرقية، وهي مهمة للغاية في هذا الصدد بالنسبة إلى أمن دول الحلف”.

تحدث موقع العربية في 14 اكتوبر 2019 حول أن الأمين العام لحلف الناتو أعلن أن العملية العسكرية التركية ضد الفصائل الكردية في سوريا تهدد بمزيد من التصعيد في المنطقة، مشيرا إلى أنه من المهم الآن هو عدم السماح للإرهابيين الذين قبض عليهم سابقا بالهرب. ودافع ستولتنبرغ اليوم الاثنين عن موقفه من العملية العسكرية، وقال إن الحلف يجب ألا يخسر وحدته في محاربة تنظيم داعش.وظهر انقسام في الحلف بعد أن بدأت تركيا العضو فيه هجومها في سوريا الأسبوع الماضي، مما دفع حكومات دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى التهديد بفرض عقوبات على أنقرة. وزار ستولتنبرغ أنقرة يوم الجمعة.

مستقبل التحالف الدولي

يشير تقرير نشره الموقع الرسمي للديبلوماسية الفرنسية في 25 يوليو 2019 أن تنظيم داعش يسعى إلى إعادة هيكلة صفوفه انطلاقاً من خلايا سرية في العراق وسورية ومن شبكة إقليمية من المحاربين الإرهابيين، وينوي بفضلها مواصلة ضرب السكان والسلطات المحلية حتى خارج الشرق الأوسط. ولمواجهة هذا التهديد المتزايد والدائم، لا بد أن يواصل التحالف الدولي مكافحة هذا التنظيم الإرهابي على الصعيد العالمي. فالتحالف الدولي يظل إطاراً رئيساً من أطر الجهود الدولية المبذولة في سبيل مكافحة تنظيم داعش نظراً إلى طابعه الشامل والفعّال.

يورد الموقع الرسمي للتحالف الدولي ضد دعش في اشارة الى مستقبله الذي يبقى قائما على الاقل في المدى المتوسط أن :

  • يبقى التحالف متحداً وملتزماً بضمان هزيمة داعش المحققة. على الرغم من خسارة داعش للأراضي التي يسيطر عليها في سوريا والعراق، لا يزال داعش يشكل تهديداً عالمياً، ومكافحة التنظيم الإرهابي أمر مهم لحماية المواطنين في جميع أنحاء العالم.
  • يجب على التحالف حماية الأراضي التي استعادها، ليمنع الإرهابيين من العودة أو استعادة الأراضي التي خسروها.
  • يجب علينا أن نضمن معاً تقديم إرهابيي داعش إلى العدالة.

الخلاصة

التوغل العسكري التركي في شمال سوريا تميز بعنصر المفاجئة و السرعة بالرغم من أنه كان متوقع، و مواقف الدول الأوروبية و الاتحاد الأوروبي كانت تتراوح بين الاحتشام السياسي و التنديد و فرض عقوبات ضعيفة من فبيل وقف بيع الأسلحة لتركيا. استطاعت تركيا أن تستخدم ملف اللاجئين في تسويقها لهجومها العسكري في شمال سوريا، الأمر الذي أحرج القوى الأوروبية خاصة فرنسا و ألمانيا و بريطانيا، و جعلها مترددة في مواقفها بالشكل الذي لا يأثر كثيرا على القرارات التركية في اطار هجومها العسكري على تركيا، لا سيما و أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت قد أعطت الضوء الأخضر للتوغل التركي بعد انسحابها ، و أن أيّ تحرك عسكري أوروبي خارج التحالف الدولي ، قد تعتبره الولايات المتحدة الأمريكية فعلا معاديا لها.

التوصيات

  • الدول الأوروبية ملزمة بمواصلة الضغط السياسي و الديبلوماسي على تركيا من أجل عدم الاستمرار في العدوان العسكري أحادي الجانب الذي تقوده تركيا دون العودة الى المجتمع الدولي.
  • الدول الأوروبية ملزمة بتكثيف عمليات مراقبة الحدود والأقاليم توقعا لموجة مهاجرين و لاجئين جديدة محتملة.
  • يجب على الدول الأوربية أن تشكل لجنة تحقيق فورية للتحقيق في الانتهاكات ضد المدنيين الأبرياء ضحايا التوغل العسكري التركي

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post علماء المسلمين في العصر العباسي
Next post جينيفر أنيستون تدخل موسوعة جينيس