غاردينيا زهرة نبتت رغم الحرب
حاورتها: هبه محمد معين ترجمان
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_رغم الحرب إلا أن الفن كان مستمراً غاردينيا فرقة فنية غنائية سورية اعتمدت على العنصر النسائي استطاعت قدمت أنواعاً عديدة من الفنون الغنائية بدءاً من التراث انتهاءً بالحديثة والآن تبدأ الفرقة انطلاقة جديدة مع مديريتها الفنانة سفانة بقلة
وللتعرف على الفرقة كان لشبكة المدار لقاء مع السيدة سفانة لتعرفنا عن الفرقة :
سيدة سفانة كيف تأسست الفرقة؟
في بداية عام 2016 فكرنا (أنا سفانة بقلة ومغنية الأوبرا غادة حرب) بتأسيس كورال احترافي من النساء. كانت الحرب مستعرة في البلاد، وكان أغلب الذكور يعانون من صعوبة التنقل من مكان إلى آخر بسبب كثرة الحواجز والحالة العسكرية المسيطرة على البلد والتي قسمت الشباب إلى مطلوبين للخدمة الإلزامية أو الاحتياطية أو عسكريين. كنا أيضاً بحاجة إلى دافع يعطينا الأمل بأن هناك ما يمكننا فعله ضمن هذه الظروف وضمن اختصاصنا وشغفنا. وبشكل عام فتجربتنا الطويلة في العمل الجماعي الموسيقي جعلتنا مؤمنات بأن العمل مع النساء مجدي وأكثر إنتاجية بكل صراحة.
قمنا بضم مجموعة من الفتيات الموسيقيات المغنيات وتأسيس كورال متعدد الأصوات هو الكورال النسائي الأول من نوعه في المنطقة العربية
سمينا الكورال بكورال غاردينيا وقمنا بتصميم الهوية البصرية للكورال وقمنا بعرضنا الأول والذي كان مجموعة من القطع الكلاسيكية والمعاصرة الموزعة ل3 أصوات (سوبرانو، ميتزو، ألتو) وعرضنا الحفل في دار الأوبرا في أيار 2016.
لماذا اخترتم اسم غاردينيا؟
الاسم هو اسم جميل وأنثوي، ونتمنى أن الأثر الذي نتركه في قلوب المستمعين لطيف وأنيق كالأثر الذي تتركه زهرة الغاردينيا بشكلها ورائحتها. أيضاً الغاردينيا هي زهرة منتشرة في البيوت السورية، وهي تتطلب عناية خاصة لتنتج الأزهار.
كيف كانت البدايات و الخطوة المتوالية للفرقة ؟
كان البرنامج الأول هو لاستعراض إمكانياتنا الموسيقية. لكننا رغبنا في تقديم أعمالنا الخاصة وترك أثر مختلف وجديد ونوعي في ذائقة الجمهور السوري، لايخلو من قضية راهنة تمس ألم السوريين وتحيي فيهم الأمل. فقمنا بعرض أغاني مسلسلات الكرتون لفترة الثمانينات والتي تشكل الذاكرة الجمعية لغالبية السوريين والعرب عموماً. عنونا العرض ب(ما أحلى أن نعيش) من شارة النهاية من مسلسل سنان الشهير. أعدت تنويط وتوزيع جميع الأعمال لتتلاءم مع طبيعة أصوات الكورال بمرافقة فرقة موسيقية. وكان الجمهور متفاعلاً وعاطفياً لدرجة أن العديد من الذين حضروا الحفل تأثروا لدرجة البكاء بسبب استحضار ذكريات زمن جميل كانوا فيه أطفالاً آمنين.
بعدها قمنا بالعديد من المشاريع الخاصة والتي حصلنا على منح إنتاجية متعددة لإنجازها.
ألبوم زغاريد سورية: زفة عروس تراثية عام 2018. والذي قمنا من خلاله بجمع وتوثيق عدد كبير من أهازيج تقاليد الأعراس المحلية في جميع المناطق والمحافظات السورية، وأيضاً المكونات العرقية الكردية والسريانية والأرمنية والشركسية. أعدت توزيعها وسجلناها في ألبوم بدعم من مؤسسة المورد الثقافي. كما عرضنا العمل في بيروت بدعم من مكتب اليونيسكو.
ألبوم نساء عشقن الإله: وهو مجموعة من الأغاني الملحنة خصيصاً من قبل عدد من المؤلفين السوريين (عدنان فتح الله، كنان ادناوي، لينا شماميان، سفانة بقلة وغادة حرب) لعدد من القصائد الشعرية التي ألفتها شاعرات متصوفات مهمشات تاريخياً، أو متهمات بالجنون. يضم العمل تسع أغاني تم إنتاجها بدعم من الصندوق العربي للثقافة والفنون (آفاق)
ينطلق هذا العمل من فكرة كسر النمطية والاحتكار في الفكر الديني حتى الصوفي. حتى إننا في واحد من الأعمال رافقتنا راقصة تعبيرية أدت رقصاً مولوياً بطريقة خاصة في تعبير عن مراحل التصوف وأحواله المختلفة.
هل تناصرون القضايا الجندرية في جميع أعمالكم؟
الكورال في حد ذاته هو مثال عملي وحي على مناصرة القضايا الجندرية. فهو يقدم نموذجاً ناجحاً وغير تقليدي للعمل الجماعي الإبداعي ببطولة نسائية. لكننا في أعمالنا نحاول مناصرة قضايا إنسانية بالدرجة الأولى. ففي برنماج الكرتون حاولنا أن نبحث عن الذاكرة المشتركة للتقريب ما بين السوريين المشتتين في آرائهم وتوجهاتهم ومخاوفهم. وفي عمل زغاريد سورية حاولنا أن نحفظ جزءاً من تراث المنطقة الخاص بفن الاحتفال والذي كان وما يزال مهدداً بالضياع بسبب الحرب والهجرة والنزوح.
وقضايا المرأة تحتل جزءاً مهماً من الدوافع وراء اختيارنا للأعمال والبرامج التي ننتجها. ففي عام 2021 أيضاً ومن خلال منحة المورد الثقافي واتجاهات قدمنا عملاً مسرحياً غنائياً بعنوان (اليلة الواحدة بعد الألف). كتبت النص الكاتبة المسرحية آنا عكاش وقمت بالتأليف والتوزيع الموسيقي. يقوم العمل على مقاربة مختلفة لقصص وحكايات ألف ليلة وليلة ولكن من خلال الشخصيات النسائية التي تثور على الطريقة التي قدمتهن بها شهرزاد. فهن غير راضيات عن السرد السطحي لدوافعهن وراء أفعالهن ولمصائرهن. وكذلك يحرضن شهرزاد بنفسها على أن تغير مصيرها. المسرحية نسوية بامتياز وقدمت طرحاً مختلفاً ونقداً للذكورية المسيطرة على القصص الأصلية.
عدنا بعد ذلك لفكرة النوستالجيا أو الحنين إلى الماضي وقدمنا عرضاً لأغاني حقبة الديسكو في السبعينات والثمانينات والتي كانت مرحلة مفصلية في تغيير وتطوير الموسيقا حول العالم. أتبعناها ببرنامج أولديز بالعربي والذي تضمن الأغاني التي غذت ذكريات الشباب لمواليد السبعينات في المنطقة العربية وكانت بدايات موسيقا البوب العربية.
خلال السنوات الماضية أيضاً لم نتوقف عن تقديم العديد من الأعمال الكلاسيكية التي تطور من إمكانياتنا الموسيقية. ولكن آخر الأعمال التي قدمناها، وهو عمل قمت بكتابة كلماته وتلحينه وتوزيعه، بعنوان طقوس سورية، هو عمل جديد مختلف كلياً عن كل ما قدمناه سابقا. العمل هو متتالية من 10 حركات، يصف حالات شعورية متناقضة وعميقة، وبأسلوب موسيقي غير تقليدي وصعب. كلمات العمل باللغة العربية من تأليفي وتمت ترجمة المقاطع إلى اللغة السريانية الطورانية (سورايت) من قبل المترجم أكاد سعدي وتقديم العمل بالدمج بين اللغتين. تم اختيار اللغة السريانية لأنها متجدرة في هوية المنطقة، وتشبه العربية إلى حد كبير لدرجة التشابه في بعض الكلمات. يخيل إلى غير الناطق بالسريانية وكأنه يستمع إلى نص بالعربية لكنه غير مفهوم. مما أدى إلى التكامل مع الحالة الغرائبية في الموسيقا.
قدمنا هذا العمل في أكتوبر الفائت على مسرح الدراما في دار الأوبرا وتم إنتاج العمل بمنحة من مؤسسة اتجاهات.
هل تعاونتم مع جهات محلية أو عقدتم شراكات فنية أو غير فنية في السنوات الماضية؟
عقدنا شراكة مع مكتب الأمم المتحدة الإنمائي UNDP نتج عنه مشروع تناغم سورية، والذي قمنا من خلاله بتدريب ما يزيد على 250 شاب وشابة في جميع المحافظات السورية ليكونوا أكبر كورال مدني بسوريا. الهدف من هذا المشروع هو الترويج لقيم التماسك المجتمعي من خلال الموسيقا والأداء الجماعي. وجمع الشباب من خلال شغفهم المشترك ليعملوا معاً ويتعرفوا على بعضهم البعض بدون أفكار مسبقة. كان مشروعاً نوعياً تغيرت فيه حياة الكثير من الشباب من جميع المناطق وكونوا مجتمعاً جميلاً مصغراً يشبه سوريا التي نحلم بها جميعاً.
ماذا عن المشاركات الخارجية؟
كانت لنا مشاركة في مهرجانات الكورالات في الإمارات العربية المتحدة عام 2019 وفزنا بجائزة أفضل كورال إقليمي وأفضل كورال نسائي. كذلك شاركنا في مهرجان جرش عام 2023.
ما هي أبرز التحديات التي تواجهكم كفرقة مستقلة؟
هناك التحديات العامة التي تواجه جميع السوريين المقيمين في سوريا. الوضع الاقتصادي المتردي وأزمة المواصلات الخانقة تجعل إقامة التدريبات الدورية كفاحاً حقيقياً. كفرقة مستقلة نعمل بدون أي دعم ثابت نعتمد بشكل كبير على المنح الإنتاجية لإنتاج أعمالنا الخاصة. السفر بحثاً عن حياة كريمة جعلنا نخسر عدداً من أعضاء الفرقة ومنهم غادة حرب بسبب هجرتها إلى كندا. هذا يضطرنا إلى المرونة وضم مغنيات جديداً إلى كادر الكورال. لكن واحدة من أبرز الصعوبات هي العزلة التي فرضت علينا بسبب صعوبات السفر خارج البلاد بسبب قيود التأشيرات على السوريين. الموسيقي عموماً بحاجة إلى المشاركات الخارجية والاطلاع على تجاب فنانين آخرين والتعلم من التجارب المختلفة حول العالم. وهو ما حرمنا منه منذ أكثر من عشر سنوات ما عدا بعض المشاركات الصغيرة. كفرقة مستقلة نحن نحتاج إلى التعلم المستمر واكتساب المهارات والخبرات لتسويق أعمالنا وإنتاجنا الفني إلى شريحة أكبر من الجماهير. وهو ما نحاول دائماً أن نقوم به من خلال منصاتنا على مواقع النشر والتواصل الاجتماعي.
سيدة سفانة بقلة المسؤولة عن فرقة غاردينيا شبكة المدار تشكرك على هذا اللقاء وتتمنى لكم النجاح الدائم .
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_