
تبسيط لكتاب ايمانويل كانط بعنوان :الدين في حدود مجرد العقل
قصي_البسطامي. (( ليبيا))
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_وضع كانط في كتابه الدين في حدود مجرد العقل حلا مناسبا لمعالجة الإشكال فيما بين الدين من جهة وسلطة العقل من جهة، فوضح فيها اشكالية الدين مع العقل، مفهوم الدين بالنسبة للعقل أو في حدود تصوراته، وفي الجهة المقابلة وضع بعض العقائد الإيمانية للدين خارج هذه الحدود، وكنتيجة لتاريخ بشري مر بحروب دينية وطائفية وصراعات مذهبية، أراد الفيلسوف أن يضع حلا جذريا يخرج بالدين من عباءة الشعوذة الإيمانية المزيفة ذات النزعة العدائية والكراهية للآخر، ففصل الأخلاق عن مسائل الإيمان الديني، وأوجد للأخلاق أسبقية الوجود على الدين، إذ الأخلاق هي الأصل وأن الدين يأتي بعد الأخلاق، ويرى أن الإنسان لا يكون متدينا إلا لكونه متخلق أو ذا أخلاق حسنة جعلته متدينا لا العكس – أي لا يمكن للإنسان أن يتدين قبلا حتى يصبح أخلاقيا ، هذا التوضيح في الإشكال بين الدين والأخلاق بنى الطرق الأولى للعلمانية والإشارة إلى دين كوني يقبل الجميع على اختلافهم في حدود ممارسة الحرية بشكل أخلاقي، كعلاقة الإنسان بأخيه الإنسان والإحسان إليه بغض النظر عن انتمائه المذهبي أو الطائفي إلخ ، تحدث كانط عن الدين الشعائري وعن الإيمانيات الشعائرية السطحية التي تعبث بعقول الناس وتضعهم في محل من الإيمان السياسي الموجه من قبل الدولة أو السلطة الكهنوتية التي تعطل عمل العقل ومعارفه دون الحاجة إلى معرفة علل الوجود وإلقاء مسئولية الوجود بأكمله تحت الإرادة الإلهية دون تصرف الإنسان بها، أعاد الشيخ كانط حلحلة العلاقة الروحية التي سرقت من رجال الدين، تلك العلاقة الوجودية بين الله والإنسان وحده، وعرفها على أنها علاقة تتخذ شكلا عمودية لا أفقية، علاقة كل فرد بربه، كل فرد لا يتشابه مع غيره أو مع المجتمع في عقائده، ولا يحق للآخر بأن يتدخل بعلاقة الآخر مع ربه، وأن الطرفين لا يحق لهما ان يضع غيره في الجنة والآخر في النار، هذه المبادئ العامة التي اخرجها كانط من رحم الدين نفسه، هي الصلة الرئيسية أو الرابطة الإنسانية التي يمكن للإنسان ان يبني صلة صادقة مع محيطه وفي نفس الوقت يحافظ على استقلالية الذات في اعتقادها دون التطفل عليها من أي أحد، فألغى وساطة الكهنة وربطها بين العبد وربه بشكل مباشر…
ايضا اضاف كانط علة وجود الخير والشر، وعلى اختلاف وجهات النظر بين الفلاسفة في هذه المعضلة خالف العم مانويل برأيه كل من جون لوك الذي وصف ان طبيعة الإنسان خيره، وخالف الاخر هوبز في فلسفته التي ترى أن الانسان كائن شرير بطبعه، وعلى هذا الأمر قال أن الانسان ليس بخير وليس بشرير، وانما الإنسان هو كائن حر بطبعه، قد يستعمل الحرية بشكل جيد فيكون إنسانا خيرا، وقد يخطئ استعمال الحرية فيكون انسانا سيئا، فالحرية واستعمالها تسبق الفعل الإنساني، والأمر مرهون بماهية المسلمات التي بها استطاع أن يسلك احد الطريقين وصنف كل فرد على أساس سلوكه..
في آخر الكتاب يركز كانط على الفصل الايماني بين الدين الشعائري والدين الخلقي، ويرى في الدين الخلقي أقوى رابطة من الأولى، وأن الأولى كانت عبر التاريخ أداة يسيطر بها الكهنة ورجال الدين على الناس، اما بأمر سياسي من الطبقة الحاكمة، أو بأمر باباوي يخضعون فيها الرعية تحت سلطة سكوك الغفران، بدعوى دفع البلاء والحظي بالنعيم في الآخرة، ورضى الرب لا يكون الا بتأدية تلك الطقوس والعادات الشعائرية؛ يسخر كانط من تلك الشعائر ويصفها بالرديئة والسخيفة وذات مغزى تجاري مقابل الحظي بنعيم الآخرة، وانها على شبه كبير بينها وبين الطقوس الوثنية القديمه، فلا وجود لمعنى حقيقي يجعل الإنسان في علاقة حقيقية مع الله الا عبر ممارسته السلوكية التعبدية للفضيلة أو الأخلاق ، فعالج الأمر من خلال توجيه نقده الفلسفي إليها وإبعادها عن كل ماهو أخلاقي كوني إنساني…
ملخص لكتاب الدين في حدود مجرد العقل للفيلسوف ايمانويل كانط
Average Rating