
النداهة
إبراهيم عطا _ كاتب فلسطيني
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية…_تتحدث الاسطورة المصرية عن “النداهة” التي تنادي الرجال وتسحرهم وتاخذهم الى عالمها المجهول في اعماق النيل ليلقون حتفهم، وفي الخرافات الخليجية يتحدثون عن “أم الدويس” التي تغوي الرجال وتجذبهم بعطرها وجمالها وبعد أن يتبعوها تتخلص منهم، وفي اسبانيا يحكون قصة “لا يورونا أو الباكية”، روح امرأة تصدر أصواتا عند ضفة النهر، لتجذب الاطفال وتقتلهم كما فعلت باطفالها، وهناك ايضا اسطورة حورية البحر المعروفة والموجودة في الكثير من قصص وثقافات العالم…
أما نداهة العصر الحالي فهي هذا الجهاز الذي تحمله الان بين يديك وتستمتع من خلاله بقراءة المقالات ومشاهدة الصور والفيديوهات وانت لا تدري انك بين يدي النداهة التي لا تقل خطرا عن نداهة النيل…
فكم من شخص أخذت منه “نداهة العصر” حياته في حوادث سير على الشوارع والطرقات، وكم من ألابناء ضاع مستقبلهم بسبب ادمانهم على العاب ومتاهات نداهة العصر هذه…
وقبل حوالي ٣٠ سنة عندما اغتالت المخابرات الصهيونية المهندس يحيى عياش من خلال تفخيخ الهاتف النقال لاحد اقربائه وتفجيره عن بعد عبر تتبع نبرة صوته من مروحية، اعتقدنا حينها اننا وصلنا الى مرحلة متقدمة جدا من استخدام النداهة للتخلص من رجال المقاومة…
ولم نكن نتخيل أنه مع التقدم التكنولوجي وتحول النداهة الى “نداهة ذكية” وصلنا الى مراحل مرعبة من عمل النداهات، وهي عمليات المراقبة والتتبع للمستخدمين على مدار الساعة حتى صاروا يتحكمون ببرامجها ويسيطرون على بياناتنا وحولونا الى عبيد لهم، الى ان تحين ساعة الصفر لتوريطنا وابتزازنا او التخلص من كل من لا يخضع لهم ويسمع كلامهم…
وكما هو معلوم فقد قام الصهاينة في السنوات الاخيرة باختراق هواتف المئات من الشخصيات من خلال برنامج التجسس “بيغاسوس” حيث سيطروا على بيانات العديد من زعماء العرب والعالم وابتزوهم وحولوهم الى دمى متحركة في أيديهم …
ومنذ ان انطلقت معركة طوفان الاقصى المباركة ازداد استخدام “النداهة الذكية” وتحولت الى سلاح يومي نحمله نحن بايدينا ولكن تتحكم به ايدي المحتلين الصهاينة، ولا بد أن نعترف بتفوقهم في هذا المجال علينا وربما بسنوات ضوئية، ليس بسبب ذكائه الخارق او تفوقه التكنولوجي، ولكن لان العالم بأسره، حكومات وشركات وبرماج سيبرانية وذكاء اصطناعية، كرس كل ما لديه من امكانيات في خدمة جيش الاحتلال الصهيوني واستخباراته بوجه المقاومة الفلسطينية واللبنانية…
واذا كان لا بد أن نعترف بخطر هذه النداهة التي نحملها معنا الى كل مكان و في نفس الوقت لا نستطيع الاستغناء عنها، لا بد لنا ايضا ان نعمل على ايجاد البديل ربما عبر مواكبة التطور التكنولوجي والبحث عن سلاح مضاد او برامج حماية من هذا الخطر المحدق، والى ذلك الحين ما علينا الا توخي الحذر والحرص الشديد لتفادي الوقوع في شباكهم والرضوخ لابتزازاتهم…
وفي النهاية نحن على يقين من ان المقاومة اوعى من ان تستنزفها “النداهة” وتذهب بها بعيدا عن الجبهات…
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية…_
Average Rating