ابراهيم عطا كاتب فلسطيني
صورة الطفلة الشهيدة “هند رجب” لا تفارق مخيلتي وصدى صوتها لا يغيب عن مسامعي أبدا، بالرغم من الصخب الكبير للاحداث المتلاحقة والصور المتتالية التي تصلنا في كل لحظة من قطاع غزة ومن باقي المدن الفلسطينية…
لقد توقف إطلاق النار وهدأت أصوات الغارات والانفجارات إلا صوت “هند رجب” فقد بقي يصدح بهدوئه وبراءته في اذني، وهي تستنجد بامها والمسعفين بالرجاء، “تعالي..خذيني لعندك…أنا خايفة”…ولقد عاد مئات الالاف من الاهالي مع أطفالهم الى بيوتهم المدمرة في غزة وفي مناطق الشمال إلا “هند رجب” لم تعد الى بيتها والى أهلها في حي تل الهوى…



وقد فرحنا كثيرا بانتصار المقاومة على آلة الحرب الصهيوامريكية وبمشاهد الافراج عن اسرى ومعتقلين لم نتخيل يوما ان يخرجوا بدون تلك التضحيات الجسام التي قدمها اهل غزة الجبارين، ولكن صوت “هند رجب” لم يتوقف للحظة واحدة عن تذكيرنا بما فعله بجسدها الصغير هؤلاء الصهاينة الاوغاد…
“هند رجب، ٦ سنوات” لم تكن الطفلة الوحيدة في سيارة عمها وزوجته التي قصفتها دبابات الاحتلال عندما كانوا يحاولون مغادرة غزة الى مكان آمن، فقد كان معها اولاد عمها، محمد وليان ورغد، ولكنها الوحيدة التي بقيت على قيد الحياة لثلاث ساعات اضافية بعد ان اخترق الرصاص جسد ابنة عمها ليان، ومكثت هند بين الجثث تطلب النجدة وتستغيث باكية ومرتجفة، الى ان حصل طاقم الهلال الاحمر بعد عدة ساعات على تصريح لاسعافها، إلا ان غدر اليهود ونكثهم بالعهود طال المسعفين، يوسف الزينو وأحمد المدهون، الذين حاولا انقاذها، حيث قتلهما الاحتلال قبل ان يصلا الى السيارة المستهدفة والتي اخترقتها ٣٥٥ رصاصة بدون رحمة…
و”هند رجب” ليست الطفلة الوحيدة بين أكثر من ٧٠ الف من ضحايا المجازر التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني في غزة، فقد وصل عدد الاطفال الى ١٧٨٦١ رضيعا وطفلا من مختلف الاعمار، ولكن صوتها الذي وثقته وسائل الاتصال سيبقى الصوت الوحيد المسموع بينهم، والذي يناشد ضمير العالم ويطالبه، باسم بقية ضحايا المجازر، بانزال اشد العقوبات على الصهاينة قتلة الاطفال…
وقد مرت اول امس الذكرى السنوية الاولى لاستشهاد “هند رجب” ولم نر وسائل إعلامنا العربية تسلط الضوء على هذه الجريمة التي تقشعر لها الابدان، بينما تحول اسم “هند رجب” الى عناوين ومنظمات انسانية وقضايا قانونية في العديد من دول العالم التي تعمل على ملاحقة المجرمين الصهاينة، وتصدر اوامر لاعتقالهم ومحاكمتهم، ولكن ماذا عن دولنا وعن مسؤولينا في الوطن الاصم الابكم، ألم يصل صوت “هند رجب” الى مسامعكم يا مؤمنين”؟…
Average Rating