تضاعفت عمليات طرد المهاجرين المغاربة غير النظاميين من بلجيكا هذا العام مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، إثر اتفاق إعادة القبول المبرم في نيسان/أبريل بين بروكسل والرباط. نتائج رحبت بها السلطات البلجيكية إلا أنها تثير القلق لدى السكان المغاربة الكثيرين، حسب المنظمات غير الحكومية.
قالت وزيرة الدولة لشؤون اللجوء والهجرة نيكول دي مور إن “التعاون المتجدد مع المغرب بدأ يؤتي ثماره”. وذكر مكتبها في بيان أنه في الفترة بين كانون الثاني/يناير ونهاية أيار/مايو 2024، أُعيد قسرا 119 مغربيا كانوا يقيمون بشكل غير قانوني إلى المغرب. وهذا ضعف العدد الذي تم طرده في العام الماضي في نفس الفترة، وهو 55 مغربيا.
يأتي هذا كنتيجة مباشرة للاتفاق المبرم بين بروكسل والرباط قبل شهر ونصف. ففي 15 نيسان/أبريل، توجه عدد من أعضاء الحكومة البلجيكية، من بينهم وزير الداخلية، إلى الرباط لتجديد معاهدات التعاون الاقتصادي، وكانت الزيارة فرصة لمناقشة اتفاقيات بشأن إعادة المهاجرين المغاربة. ووفق دو مور فإن المغرب التزم بإعادة إدخال المغاربة الذين لا يملكون تصاريح إقامة في بلجيكا التي تعتبر أن لديها الحق في هذه الحالة بالطرد إلى بلد المنشأ.
ولم يتم الاتفاق على أعداد محددة من المعادين، ألا أن وزير الخارجية شدد على “الالتزام الواضح للغاية” من المغرب الذي “يجب أن يسمح بتبسيط وتسريع إجراءات العودة”، بحسب مكتبه.
والأشخاص المعنيون بعمليات الترحيل هم “بالدجة الأولى” أولئك “الذين ارتكبوا أعمالا إجرامية وقضوا أحكاما بالسجن وتسببوا بمضايقات استدعت توقيفهم من الشرطة”. ووفقا لمكتب نيكول دي مور، الذي تواصل معه مهاجر نيوز، فمن المرجح أن يتم طرد 674 مغربيا غير نظامي ومسجون بعد إطلاق سراحهم. وسيتم نقلهم إلى المغرب عبر رحلات جوية منتظمة بين بلجيكا والمغرب.
“زيادة عمليات الإعادة”
وهذا التعاون البلجيكي المغربي واحد من طموحات نيكول دي مور السياسية، الذي عبرت عنه بـ”زيادة عمليات إعادة” المهاجرين غير الشرعيين على الأراضي البلجيكية. وتقترب الأرقام الأخيرة لقرارات الطرد من تلك التي كانت في فترة ما قبل كوفيد. في عام 2023، اتخذ مكتب الهجرة أكثر من 36 ألف قرار عودة – لا تؤدي بالضرورة إلى الطرد – مقارنة بـ 28700 في عام 2022، و26 ألفا في عام 2021.
وفي حين أن المهاجرين المغاربة، طوال هذه السنوات الثلاث، هم أول المعنيين بهذه القرارات، فإنهم يظهرون فقط في المرتبة العاشرة بين الجنسيات المعنية بالعودة القسرية إلى بلدهم الأصلي. ومن الواضح أنه على الرغم من أن العديد منهم تلقوا إشعارا بالطرد، إلا أنه تم طرد جزء صغير منهم في نهاية المطاف من بلجيكا. هناك فجوة إذا التزمت نيكول دي مور بتضييقها بشكل كبير.
“إن أكثر من 40 نافذة في الخدمة في البلاد من أجل إبلاغ ودعم الأشخاص المقيمين بشكل غير قانوني في سياق العودة الطوعية المحتملة، وهو الأمر المفضل دائمًا، ولكن إذا رفض الشخص المعني التعاون تبقى العودة القسرية هي الخيار الوحيد”. حسب مكتب وزيرة الدولة لشؤون اللجوء والهجرة.
قلق وخوف في أوساط المجتمع المغربي
بالحديث عن طرد المواطنين المغاربة، تتم مخاطبة عدد كبير من السكان في بلجيكا. والجالية المغربية هي الأكثر عددا من خارج الاتحاد الأوروبي في البلاد. وجودهم في بلجيكا تنامى منذ عام 1964، تاريخ التوصل إلى اتفاق بين الرباط وبروكسل بشأن نقل العمال المغاربة. وتم إلغاء هذا الأخير بعد عشر سنوات، لكن آلاف المغاربة استمروا في التدفق إلى بلجيكا للانضمام إلى عائلاتهم، أو للعمل هناك.
مع أن الغالبية العظمى من المغاربة بوضع نظامي إلا أن جزءا منهم ليس لديهم تأشيرات أو لم تجدد إقاماتهم. وبحسب أمانة اللجوء والهجرة، يشكل المغاربة “الجنسية الأولى في عمليات اعتراض الأشخاص المقيمين بشكل غير قانوني”.
وتقول بولين ووتييه، المسؤولة عن قضية المهاجرين غير الشرعيين في منظمة “التنسيق والمبادرات للاجئين والأجانب” (CIRÉ)، “إن توجيه أصابع الاتهام إلى المغاربة المسجونين أو أولئك الذين ارتكبوا جرائم، يضع في أذهان الناس فكرة أن جميع المغاربة هم بالضرورة جانحون”. على الرغم من أن هؤلاء الأشخاص لديهم علاقات مع بلجيكا، ويعملون ويبنون حياتهم هنا ويكافحون منذ سنوات للحصول على أوراق.

وفي مايو/أيار 2021، دخل 475 مهاجرا غير شرعي، معظمهم من المغاربة، في إضراب عن الطعام لعدة أشهر احتجاجا على تعنت السلطات في رفض منحهم تصريح الإقامة. وبعد مرور عام، وعلى الرغم من التأثير القوي للحركة في البلاد، تم رفض 423 طلبا ورافقها تلقائيا التزام بمغادرة البلاد.
وقالت صوفي دوفيلي، المسؤولة عن الخدمة السياسية في (CIRE)، إن “الطلب من المضربين العودة إلى بلادهم أمر مثير للسخرية، فمعظمهم بنوا حياتهم في بلجيكا ولم يتركوا بلادهم بخيارهم. وبهذه القرارات، تنفي السلطات وجود هؤلاء الأشخاص، وهذا أمر مثير للدهشة، لكن للأسف هذا يرتبط بالخط السياسي للحكومة”.
“مطاردون بالخوف”
ولتنفيذ سياسة العودة، تخطط الحكومة البلجيكية افتتاح أربعة مراكز جديدة، تعادل مراكز الاحتجاز في فرنسا. وفي نهاية آذار/مارس 2022، أنشأت بروكسل 500 مكان إضافي. وأعرب وزير الدولة للهجرة آنذاك سامي مهدي عن سروره قائلا: “يمثل هذا القرار التاريخي نقطة تحول حقيقية، فإننا نخلق المزيد من إمكانية العودة أكثر من أي وقت مضى، ويمكننا أن نخطو خطوة عملاقة إلى الأمام في سياسة العودة في بلادنا”.
وتعول السلطات أيضا على “قانون فرونتكس” الذي اعتمده البرلمان في 3 أيار/مايو، ويسمح بنشر حرس الحدود الأوروبيين على أراضيها لإجراء عمليات التحقق من الهويات الشخصية في المطارات والموانئ وفي محطة بروكسل-ميدي ويوروستار. قانون يثير قلق العديد من المنظمات غير الحكومية، “إن السلطات الممنوحة لموظفي فرونتكس على أراضي بلجيكا وعلى حدودها غامضة للغاية. وقد تصل إلى إجراء اعتقالات أثناء عمليات التفتيش في الشارع، وفي وسائل النقل العام أو عند مغادرة مركز الاستقبال، على سبيل المثال،” كتبت 13 منظمة في رسالة.
ووفقا لبولين ووتي، فإن هذا التشديد “يثير قلق المهاجرين غير الشرعيين المغاربة وغيرهم على حد سواء”. “حيث يصبح الناس غير مرئيين، ولا يملكون الشجاعة لاتخاذ خطوات أو الاستئناف. يصبحون خائفين، ويختبئون، ولا يريدون أن يتم ملاحظتهم خوفا من القبض عليهم، وإعادتهم إلى بلد غادروه منذ سنوات”.
Average Rating