في سِياق النقاش الدائر حول حَل ” فِلسطين دَوْلة ديمقراطية عَلمانية واحِدة “

Read Time:13 Minute, 22 Second

عبد الرحمن البيطار

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_كيف كانَتْ هَيئة المَشْهد الدولي خلال النِّصف الأول من القَرْن التاسع عَشر ؟ أي ما بين عامي ١٧٩٩ و ١٨٥٠م.
وماذا عن فِلسطين – بحدودها المعروفة الآن ، أي بحُدودها الإنتدابية ، وَسَطَ هذا المَشهد ؟
•لم تَكُنْ ” فِلسطين ” وِحْدَة إدارية مُستقِلّة بذاتها خلال الحُكْم العُثماني ، وقد توزعت أراضيها في مَطلع القَرْن التاسع عَشر وحتى وقعوها في قبضة محمد علي باشا (حاكم مِصْر) في العام ١٨٣١ بين أكثر من ولاية: ( صيدا / بيروت، ولاية سوريه / لواء القُدْس ) وذلك حسب التقسيمات العُثمانية التي كانَتْ قائمة في ذلك الوَقت لبلاد الشام.
•ما حَصَل في فِلسطين في العام ١٧٩٩، ومطلع القَرْن التاسع عَشر من أحداث مَسألة تستحق تسليط الضوء عليها ، لمّا حَمْلته من مَعنى ومغزى ووقع على فلسطين .
•في العَقد الأخير من القَرْن الثامن عَشر ، ومُباشرة بعد اٌندلاع الثورة الفرنسية ، وَجَدَ نابليون نفسه في صراع مع بريطانيا ، وهي القُوة الاستعمارية الكبرى في ذلك الزمن .
في ذلك الوَقت ، كانَتْ بريطانيا تحتل الهند ، وكان الطّريق إلى الهند المار بمصر والمشرق العربي يتمتع بقيمة إستراتيجية كبيرة . وكان الأسطول البحري البريطاني في البحر المتوسط هو الأكبر والأقوى، وكانت بريطانيا كذلك على نوع من التحالف مع الدولة العُثمانية .
•وبالرغم من ذلك ، نَجَحَ نابوليون في العام ١٧٩٧ من الحُصول على موافقة “حكومة المديرين” في باريس على احتلال مصر.
كانَ المماليك يحكمون مِصْر في ذلك الوَقت ، وكانت أراضيها جُزْءاً من الإمبراطورية العُثمانية .
•من ميناء طولون الفرنسي ، تحرك الأسطول الفرنسي باٌتجاه مِصْر في ٩ ايار ١٧٩٨، واٌحتل القاهرة في ٢١ تموز ١٧٩٨ بعد اٌنكسار الجيش المصري المملوكي في مَعركة الأهرام .
طارد البريطانيون الأسطول الفرنسي في رحلته البحرية نحو مِصْر ، وتمكنوا من إلحاق خسائر فادحة به عند وصولة السواحل المصرية في مَعركة أبو قير .
بعد أقل من عام من اٌحتلاله مِصْر ، وبالتحديد في ٢٠ شباط ١٨٩٩ ، بَدَأَ نابليون حَمْلته مِنها على البِلاد السورية بادئاً بفِلسطين، واٌستولت قواته على العَريش ، وتقدمت باتجاه ” يافا” ، وسقطت في قَبْضَته فِي الشهر التالي أي في آذار ١٧٩٩.
•في السُقوط السَّريع لمِصر ثم يافا ، يَقول قسطنطين بازيلي في كِتابه ” سوريه وفلسطين تَحْتَ الحُكْم العُثماني” :
” كانَ من المُمْكِن تَوَقُّع أنْ تَهتز قبائل سُورية المُحاربة بدعوتها المَهيبة إلى الشُّعور الشعبي والديني ، و(أن)تُطَوِّع حُشوداً ، كما حَدَثَ في أزمنة الحروب الصليبية التي لا تزال ذِكراها حَيّة هنا .
ولكن، لنتذكر أن الشّعب في مِصْر أضناه نير المماليك المُريع ،
وأنَّ شبه جزيرة العَرَب وكل الصحراء الكبرى كان تغليان بحرب الوهّابيين،
أمّا في سُورية ، فكان الباشوات الأتراك مُنذُ قُرابة القَرْن يَعيثون الفَساد ويَنهبون سُكّان السُّهول بالإكراه ويُنهِكون الجَبَليين بالفِتَن .
كل هذا جَعَلَ الشّعب غير مُبالٍ بنداء الباديشاه (الجِهاد). وفِي غُضون ذلك ردَّ بونابرت على اللعنات التي صَبَّها خليفة الشّرق ( السُّلطان العثماني) على أُمته بتسامح ديني ذَكي في مِصْر . ولكي يَغسل عَنْه أية لَطْخة من الذكريات الصليبية ، ويُقنِع المُسلمين بأنّه لا يُضْمِر أية نِيّات مُعادية لدينهم ، تظاهر في القاهرة باٌعتناق الإسلام ، ومارسَ شعائر الإسلام ” .
ويَصف الموقف في اٌسطنبول ، مقر السُّلطان العُثماني ، في ذلك الوقت بقوله؛
” خابَتْ توقعات الباب العالي ، ولَم تَعُد الحرب ضِدَّ الفرنسيين حَرباً شَعبية ، فكان على الباب وبإشرافه تَحَمُّل كل عِبْئها “.
•الوصف الذي أطلقه قسطنطين بازيلي ، وهو دبلوماسي روسي مُقيم في المَنطقة وكان قريباً من أحداثها ، ينطق بذاته. فقد كانَتْ جماهير البِلاد السورية وفلسطين مُنْهَكة تماماً ومُحْبَطة بفعل وطأة الحُكْم العُثماني الطويلة والثقيلة والخانقة والمُشْبَعة بالفساد ، وبالتالي ، فإنَّ روح المقاومة لدى شعوب تِلكَ المَنطقة الرازحة تَحْتَ نير الحُكْم العُثماني تجاه الغَزو الفرنسي لَمْ تكن في أحسن الأحوال.
وعن السُقوط السّريع ليافا أيضاً، قال قسطنطين بازيلي في كِتابه “سوريه وفلسطين تَحْتَ الحُكْم العُثماني ” :
” إنَّ يافا التي كانَتْ تَقِف أمام الغزوات المألوفة القادمة من مِصْر عِدّة أسابيع أو أشهر ، تم الاستيلاء عليها بالانقضاض في اليوم الثالث من ظُهور الجيش الفرنسي عند أسوارها .
أمّا قبائل جبال فِلسطين ونابلس المُحارِبة ، التي كان في وسعها أنْ تُقاتِل الفرنسيين في الميدان أو تُقْلِق أجْنِحَتَهم على الأقل ، فبَقِيَتْ تَنظُر غير مُبالية إلى غزوهم على اٌمتداد الشاطئ حتى عَكّا “.
على ذلك وبعد مُقاوَمة اٌمتدت لثلاثة أيام ، سَقَطَت حامية ” يافا”، في أيدي الفرنسيين .
أمر قائد الوحدات المُهاجِمَة جُنوده بذبح آلافٍ من جنود الحامية الذين وقعوا في الأسر ، واٌتجه بعد ذلك إلى عَكّا ، وحاصَرها بعد أن تَرَكَ جُثث المُقاومين أياماً في العَراء مِمّا سَهَّل اٌنتشار مَرَض الطاعون في أوساط جنوده.
•لكنَّ البريطانيين ، منافسوا نابليون على مناطق النفوذ في البحر الأبيض، هَبّوا لمساعدة أحمد الجزَّار في مقاومته للفرنسيين ، ووَصَل الى عَكّا القائد العسكري الإنچليزي سيدني سميث مَصحوباً بمدافع متطورة.
وتحرَّكَ في ١٦ نيسان ١٧٩٩ “باشا دمشق” للتّصدي للفرنسيين ، وحاول فكَّ حِصارَهم عن عَكّا ، ولكن الفرنسيين تمكنوا من تحطيم هذه القوات في وادٍ قريب من جبل طابور.
•لكن صمود عَكّا البطولي من جهة، ولَعْنَة يافا التي لاحَقَت جَيْش نابوليون من جِهَةٍ أُخرى حسما المعركة لغير صالح بونابرت، ووضعت بالتالي سَدّاً أمام مَشاريعه الاستعمارية لبلاد المَشرق وفِي قلبها فِلسطين ، حيث دبَّ الطاعون -الذي اٌلتقطه بعض جُنوده عند اٌرتكابهم لمذبحة يافا- بوحدات جَيْشِه المُحاصِر لعكا . وبسبب هذه اللعنة، لَمْ يتمكن نابليون من حِصار عكّا لأكثر من (٧٠) يوماً اٌضطر نابليون بَعْدَها أنْ يَفِكَّ حِصارَه عنها ويتراجع بجيشه المُنهَك إلى مِصْر.
•وضعت هزيمة نابوليون في فِلسطين وعودته منها في العام ١٧٩٩ ولايات الشام ولبنان وفلسطين تحت سيطرة أحمد الجزار ، والي عَكّا .لا بل أن الباب العالي ،قَرَّر مكافأة أحمد الجزار ، فأصدر السُّلطان فرماناً بتعيينه والياً على مِصْر ، لكنَّ الموت عاجَله ، فتوفي في ٢٣ نيسان ١٨٠٤.
•انسحب جَيْش نابليون من مِصْر في العام ١٨٠١.
هل أعطى نابوليون ، قَبْل أو خلال حَمْلته على بلاد المَشرق ، وفي قلبها فِلسطين ، وَعْداً لليهود لإنشاء وطن قومي لهم في فِلسطين ؟
في ذلك ، يُنْسَب لنابليون إلى أنّه وفِي ٤ نيسان ١٧٩٩، أثناء حصاره لعكا، وجّه نداءً لليهود في فِلسطين وفِي أوروبا ، وَرَدَ فيه مايلي :
“… إنَّ الآونة والظّروف تَبدو الأقلَّ مُلائمةً للمطالبة بحقوقكم أو حتى في التعبير عَنها ، وفِي حِين يَبدو من شأن طبيعتها أن تدفعكم للعُدول نهائياً عنها، فإنَّ هذه الأُمّة ( الفرنسية ) تُقَدِّم لكم في هذه الآونة بالذات ، وضِدَّ أي توقع، ميراث إسرائيل ….يا ورثة فِلسطين الشرعيين “.
ويَبدو أنَّ نابوليون كان يَستهدف من ندائه المنسوب إليه خلخلة وَضع المُحاصَرين داخل قلعة عَكّا ، وعلى والأخص وأنَّ أحمد الجزَّار كان قد أسند مُهِمّة تزويد عَكّا بالمُؤن الغذائية للثّري اليَهودي من مُواطني عَكّا ” حاييم فارحي “.
هُناك مَعلومات تاريخية مُتَضارِبة عن قيام نابليون بإصدار وَعْد “مكتوب” أو “شَفَهي” لليهود بإعادتهم إلى ما أسموه بـ ” الأرض المَوعودة ” بحسب التوراة ، وإعادة بناء الهيكل.
•هُناك ما يُشير إلى أنَّ نابليون وقَبْل حَمْلته لبلاد المَشْرق العربي كان يُحاول بكل الطُّرُق كَسْب اليهود إلى صَفِّه بشكل عام، وفِي سِياق ذلك ، قِيلَ أنه خاطبَ شفهياً “يهود آسيا وأفريقيا، وبطبيعة الحال، يهود أوروبا” لدعم حملته إلى بلاد المَشرق ، وأنه وَعَدهم بإعادتهم إلى فِلسطين ، وأنَّ ذلك قد وَفَّر له تأييداً معنوياً ومادياً ملموساً ، هذا بالإضافة إلى مشاركة فرنسيين يهود في حَمْلَته المذكورة، وإمدادهم لها بإمكانات كبيرة.
إذن ، كان نابوليون في حَمْلته إلى المَشرق يَستهدف استعماره وبَسط نُفوذه فيه على حساب نفوذ العُثمانيين والبريطانيين ، ويأتي وَعْدَه الخَطّي أو الشّفهي لليهود لتهجيرهم إلى فلسطين في إطار هذا المفهوم، وكذلك في سِياق التنافس الاستعماري البريطاني الفرنسي على النفوذ في منطقة المَشرق العربي ، وفِي قلبها فِلسطين.
وبالفعل ، كانَتْ حَمْلته استعمارية بامتياز.
•في ذلك ، يَقول جوزيف مَسْعَد ، الأُستاذ المُعْتَبَر للسياسة وتاريخ الفكر العربي الحديث في جامعة كولومبيا في نيويورك، في كِتابه ” ديمومة المَسألة الفلسطينية “؛
” إنَّ الصّهيونية بنُسختها اليهودية وغير اليَهودية ، مُحْتواةٌ مُنذُ فَجْر تاريخها داخل الفكر الكولونيالي ، إِذْ أُشيدتْ الصّهيونية غير اليهودية لأول مرة في إطار المشاريع الكولونيالية على يد نابوليون بونابرت، خلال حملته الشهيرة الى مِصْر ، وقد دعم القادة الكولونياليون الرسميون الفرنسيون والإنجليز ، مع أُفول القَرْن التاسع عَشر ، وبدون تحفظ ، فِكرة الإستعمار اليَهودي الأوروبي لفلسطين كجُزء من نظام إمبراطورية دائم في المَنطقة ؛ بحيث أفضى التقاء مصالح أنصار الصّهيونية من اليَهود الأوروبيين المشتركين في المَشروع الكولونيالي مع مؤيديها من الأغيار إلى تعاونهما “.
أمّا د. جمال واكيم ، ففي ذلك وفي كِتابه ” صراع القُوى الكُبْرى على سوريا ” يقول بأن نابوليون قد استنتج أن السَّيطرة على سوريا تتيح له الانطلاق لبسط النفوذ على النطاقات الجيوسياسية الأُخرى في المَنطقة ، وأنه ” لهذا السبب ، أراد نابليون إقامة وطن قومي لليهود في فِلسطين يرتبط بفرنسا ويؤدي دور العازل ما بين مِصْر وسوريا”.
•سقط مَشروع نابليون في فِلسطين نتيجة لصُمود عَكّا و للتناحر بين القُوى الاستعمارية (فرنسا وبريطانيا) في المَنطقة ، هذا بالإضافة إلى تخلخل الأوضاع الداخلية في فرنسا ذاتها.
•بعد اٌنتهاء مغامرة نابوليون بونابرت في العام ١٨٠١ في مِصْر وفلسطين ، وانتهاء التناحر على السُّلطة لتسقط بيد محمد علي باشا ، فإنَّ مَرْحلة جَديدة في تاريخ بلاد الشام ومنها فلسطين، تكون قد بَدَأت.
•شَهِدَت الفَتْرة المُمتدة حتى العام ١٨٣١،نجاح محمد علي ببناء قدرات مِصْر العَسكرية والاقتصادية والمدنية ، وتحديث أجهزة السُّلطة فيها مستفيداً من الخبرات والتقنيات التي أحضرها الفرنسيون معهم خلال حملتهم على مصر .
وشهدت مَعْلَمين متمايزين متناقضين :
المَعْلم الأول : قيام محمد علي باشا بالنيابة عن الدولة العُثمانية ولصالحها بقَمع حَرَكة محمد بن عبد الوهاب ( الوهّابية ) ضد الحُكْم العُثماني والتي اٌندلعت خلال النِّصف الثاني من القَرْن السابق ( القَرْن الثامن عَشر) ،نجح أثناءها بالسَّيطرة على بلادالحجاز ونجد واحتلال “الدِّرِّعيّة” مقر الوهابيين في نجد في العام ١٨١٨ وإلقاء القَبض على زعماءها وتسليمهم إلى السُّلطان العُثماني وإعدامهم في اسطنبول في العام ١٨٢٠، مِمّا أدّى إلى وقف انتشارها وتغلغلها خارج الجزيرة العَرَبية وانكفاءها عن العراق من جهة وسوريه من جهة أُخرى .
نجاح محمد علي في قمع الحَرَكة الوهابية في العام ١٨١٨، شجع السُّلطان العُثماني على ان يعرض على محمد علي ” جزيرة كريت ” نظير القضاء على الثورة التي اندلعت في اليونان، وإعادة اليونان إلى حضن الدولة العُثمانية. وكان قد نشب في ربيع العام ١٨٢١ ثورة يونانية ضد العُثمانيين ، في ذات العام الذي شَهِدَ موت نابليون.
أثارت الثورة اليونانية حماس الأوروبيين ، وتشكلت في أرجاء البلدان الأوروبية جمعيات كثيرة لدعم الثورة ضد الدولة العُثمانية .
وفِي ٦ تموز ١٨٢٧، وقعت بريطانيا وفرنسا معاهدة لندن ، عبَّرت فيها الدولتان عن نيتهما خوض محادثات مع تركيا بهدف التوصل إلى صلح بين الحكومة التركية واليونان الثائرة على الحُكْم التركي.
وفِي ٣٠ تشرين أول ١٨٢٧، وفِي إطار حَرْب الاستقلال اليونانية ، اندلعت معركة في خليج ناڤارينو ما بين الأسطول المصري والعثماني والجزائري من جهة وأساطيل بريطانيا وفرنسا وروسيا من جهة أخرى مِمّا أدّى إلى خسارة المعركة،وتدمير الأسطول المصري .
كان من نتائج مَعركة نڤارينو أن قامَت كل من روسيا وفرنسا وبريطانيا في العام ١٨٣٠ بالتوقيع على بروتوكول لندن الذي اٌعترفت فيه الدول الثلاثة باليونان دَوْلة مُستقلة.
كانَتْ مَعركة نڤارينو هِيَ آخر معركة يَضع فيها محمد علي قواته إلى جانب الدولة العُثمانية .
•وفي ذات العام ١٨٣٠، قَرَّرت الدولة العُثمانية السّماح لليهود بالدخول إلى فِلسطين بصِفَة حُجّاج أو سُوّاح على أن يقوم كل يَهودي يدخل فِلسطين بدفع مبلغ ( ٥٠) ليرة عثمانية لخزينة الدولة، وأن يُغادرها خلال مُدة أقصاها (٣١) يوماً ، وكان القرار ينطبق على اليهود الموجودين داخل أو خارج حُدود الإمبراطورية .
•وحول سياسات محمد علي ، تَقول ليلى مكارم في كتابها ” تاريخ محمد علي الكبير ” أن اللورد بالمرستون ، المشرف على السِّياسة البريطانية ” .. كان يشك في نوايا محمد علي ، ويرى في اتجاهاته وسياسته تعارضاً مع المبدأ الذي قَنَّنَه بالمرستون ، وهو سياسة المحافظة على كيان الدولة العُثمانية ، وكان يَشعر بأن الدولة العُثمانية هِيَ خير من يُشرف على طرق المواصلات إلى الهند “.
أما الدكتور ” جوزيف مسعد ” ، فهو يلفت الانتباه في كِتابه ” ديمومة المَسألة الفلسطينية ” إلى أن اللورد بالمرستون والذي يشغل منصب وزير الخارجية البريطانية ، قد دعا ” لعودة ” اليَهود إلى فِلسطين ، وأنه اعتبر ذلك عاملاً رئيسياً في ” دَعْم السُّلطان ( العُثماني )” ضد أي مُخططات عدوانية مستقبليّة لمحمد علي أو خليفته.
وفِي العام ١٨٣٠ كذلك ، سَقَطَت الجزائر في قبضة الفرنسيين.
المَعْلَم الثاني : قيام محمد علي ، ولصالح توسيع نفوذ الدولة التي أقامها في مِصْر بإرسال حملة عسكرية بقيادة أبنه إبراهيم باشا إلى بلاد الشام ، وتمكنت قواته من احتلال يافا في تشرين الثاني من العام ١٨٣١، وقد فَرَح أهلها بقدوم المصريين وأعلن حاكمها الاستسلام وانضمام قواته لهم،وحَذَتْ غَزّة حَذْوَ يافا واٌنضمت إلى مِصْر ،واٌنضمَّ إليها أيضاً مُعظم الفلسطينيون في جبال نابلس والجليل .
وقد تحركت القوات المصرية بقيادة إبراهيم باشا نحو عَكّا وبتاريخ ١٩ كانون أول ١٨٣١، بَدَأَ حصارها براً وبحراً ، إلى أن سَقَطَت في أواخر عام ١٨٣٢، هذا وقد شارك بَحَّارة يافا مع الأسطول المصري في اٌقتحام عكا، وخلال حِصار عكا انضم الأمير بشير الشهابي (حاكم جبل لبنان)إلى المصريين ، واٌستسلمت أيضا بيروت وطرابلس. وبَعْدَ سُقوط عَكّا، تَقَدَّمَت القوات المصرية مدعومة بحلفائها من سُكّان البِلاد نحو دمشق ، وسَقطتْ في الطّريق الحاميات العُثمانية ، ثم تَحرَّكت نحو حمص فحلب ، فالاسكندرونه فأنطاكية فالسويداء فاللاذقية ، وواصل الجيش المصري زحفه شمالاً فاستولى على أضنه ، ثم عَبَّر جبال طوروس واستولى على مرعش وأورافا وديار بكر .
وبذلك تكون القوات المصرية قد سيطرت على كامل بلاد الشام من رفح حتى جبال طوروس ومن البحر المتوسط حتى الصحراء الشامية. و أصبح محمد علي في ضُوء ذلك ، ومع نهاية عام ١٨٣٢، في وَضع يُمكنه من تهديد السُّلطان العُثماني في اسطنبول، ويفتح أمر نقل الخِلافة إلى مِصْر.فِلسطين لَمْ تَكُنْ بعيدة عن تلقي آثار التطورات الأخيرة.
الحوار المتمدن

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post الأسعار في محطات الوقود قد ترتفع مع خفض “أوبك بلس” إنتاج النفط
Next post الاتحاد الأوروبي والتفاوض على لقاح ضد فيروس كورونا