المدار ترصد أواخر أيام المثقفين…. ” الكاتب المغربي إدريس الشرايبي”

Read Time:4 Minute, 21 Second

ترصدها نجاة أحمد الأسعد

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_دائماً ما تختلف الثقافات واللغات بين البلدان، لتشترك في لغة واحدة هي لغة الأدب والكتابة؛ التي تُظْهِر ذلك الاختلاف؛ من خلال عرض إبداعي يَكْمُن في كتابات مُبدعين يقطنون في أروقة تلك البلدان.

إدريس الشرايبي

كاتب مغربي معاصر من أشهر رواد الأدب الفرانكفوني المغاربي الذي كتب بالفرنسية. التحق بمدرسة محمد جسوس، وتابع دراسته في ثانوية اليوطي في مدينة الدار البيضاء. درس الكيمياء والطب النفسي في باريس حين سافر إليها عام 1946 م.

عام 1954 م؛ أصدر روايته الأولى الماضي البسيط أو “Le Passé simple”؛ التي تسببت بتخبط الآراء في المغرب وانتقادات حادة في فرنسا أيضاً. كانت كتابته بوليسية؛ وهذا ما جعله كاتباً مشهوراً في العالم بأسره.

نال جائزة أفريقيا المتوسطية عام 1973م، وجائزة الصداقة الفرنكوعربية عام 1981م، وجائزة ماندلو لترجمته “Naissance à l’Aube” إلى الإيطالية.

مؤلفاته

له مجموعة مؤلفاتٍ كبيرة أهمها الماضي البسيط، الحضارة أمي، بالإضافة لمجموعة مؤلفات كبيرة هي:

الماعز، من جميع الآفاق، النجاح المفتوح، سيأتي صديق لرؤيتكم، ميت في كندا، تحقيق في بلد، أم الربيع، ولادة عند الفجر، المفتش علي، المفتش علي في جامعة ترينتي، المفتش علي والاستخبارات المركزية الأمريكية، رجل الكتاب، قرأ وشوهد وسمع، العالم جانباً، الرجل الذي أتى من الماضي.

توقف قلب إدريس الشرايبي، عميد الأدباء، عن الخفقان اثر نوبة قلبية أصابته يوم الأحد، الأول من نيسان/ أبريل في مدينة كرِست الصغيرة، في جنوب شرق فرنسا، حيث يعيش منذ عام 1986 مع زوجته الأسكتلندية شينة ومع خمسة من أبناءه وبناته العشرة.

المغرب بأكمله وطائفة قراءه في الانترنت الممتدة إلى كل أنحاء العالم حزنوا لنبأ وفاة كاتبهم الموصوم بـ”الولد المتمرد” للأدب المغربي منذ أكثر من خمسين عامًا، وهو الحيوي، الذي لا يقيم للتقاليد اعتبارًا، وذو النزعة المولعة بالإستفزاز والتحدِّ.

“لقد كان معلِّمًا لنا جميعًا…”

 “لقد مهد إدريس الشرايبي الطريق، بتصميمٍ وشجاعةٍ، لعدة أجيالٍ من الكُتَّاب المغاربة”، وكان أكثر اتقانًا من أيِّ كاتبٍ آخر في وضع المرآة أمام المجتمع المغربي.

التمرد سمته المميزة

حامل دبلوم الهندسة الكيميائية، وابن تاجر شاي ميسور من مدينة الجديدة، وخريج المدرسة الثانوية «ليوطي» Elite-Lycée Lyautey بالدار البيضاء التابعة للبعثة الفرنسية، دخل الساحة الأدبية في عام 1954 بمفاجأة مثيرة من مدينة باريس حيث كان يعيش منذ عام 1945، حيث نشر روايته “الماضي البسيط” Le Passé Simple، التي كانت بمثابة محاسبة غاضبة لابن مع والده -المغرب- ومع تقاليده البالية.

وقد أثارت الرواية عند صدورها سجالاً حادًا نظرًا للظرف السياسي الذي كان يعيشه المغرب آنذاك، حيث كان الصراع محتدًّا في المحمية الفرنسية (1912-1956). فاعتُبِرَ الشرايبي آنذاك مُشَوِهًا لسمعة شعبه وخائنًا لوطنه، إلى أن تم إنصافه فرُدَّ اعتباره في عام 1967 من خلال عددٍ خاصٍ للمجلة الطليعية “مجلة أنفاس المغربية” (Souffles). إلا أن الرواية ذاتها، التي تُعدُّ بداية مرحلةٍ جديدةٍ للأدب المغربي الحديث، بقيت ممنوعةً حتى عام 1977.

المجرِّبُ والرَّائد

لم يفارق إدريس الشرايبي حب التجربة ابتداءً من الكيمياء التي استبدلها بعد التخرج بالأدب والصحافة حتى آخر أيامه (كتب إلى جانب ذلك على مدى ثلاثين عامًا تمثيليات إذاعيةً لإذاعةِ فرانس كولتور). وجعل موضوع نزاع الثقافات موضوعه الرئيس، وتناول الجدل بين الشرق والغرب، وبين التقليد والحداثة، وذلك في تركيبات متغيِّرة من كتاب إلى آخر.

حيث عرض في رواية “الماضي البسيط” عام 1954 موضوع صراع الأجيال في الأدب المغاربي الناشئ في ذلك الحين، وفي عام 1955 ساهم في توطيد رواية المهجر عبر رواية “التيوس” Les Boucs التي تُظهِر بلا هوادة ظروف معيشة العمال المغاربيين البائسة، العمال المهاجرون إلى “البلد الأم” الفرنسية والمقيمين فيها، وفي عام 1972 غدا مع رواية “الحضارة، أمي!” La Civilisation, ma mère! طليعيَّ الحركة النسوية المغربية، وفي عاميّ 1967 و 1975 كتب روايتي “سيأتي صديق لرؤيتك” Un ami viendra vous voir و “موت في كندا” Mort au Canada وهي روايات تتناول العلاقات. علاقاتٌ لم يعد المغرب إطارًا مرجعيًا فيها، فكانت الأولى من نوعها على الإطلاق في تاريخ الأدب المغاربي آنئذ، كما أنها لا زالت نادرةً حتى اليوم.

ليست نبرات متمردة وحسب، بل روحانية أيضًا…

ليست نبرات متمردة وحسب، بل نبرات روحانية أيضًا، يمكن سماعها من إدريس الشرايبي. المواطن العالمي والمتجول في أنحاء العالم، الذي بقي في قرارة نفسه وثيق الصلة بموطنه الأم، يشغله على وجه الخصوص السؤال عن مسار أقدار البشر والشعوب، وكذلك السؤال عن رسالة الإسلام الحق.

وهو يغوص في روايتين تاريخيتين مفعمتين بالأسطورة عميقًا في القرون المغربية الوسطى، ويروي عن التقاء الثقافتين العربية-الإسلامية والأمازيغية في “أم الربيع، 1982” La mère du printemps/ L’Oum er-Bia، وعن العصر الأندلسي الذهبي في “مولد الفجر، 1986” Naissance à l’aube، وحتى أنه كتب بعد تسع سنوات عن حياة الرسول وعن وحي القرآن في “رجل الكتاب، 1995” L’Homme du livre.

اخترع القصص المغربية البوليسية الساخرة لمرحلة ما بعد الاستعمار

اخيرًا وليس آخرًا، رسخ إدريس الشرايبي من خلال سلسلة “المفتش علي” ذاك النوع الأدبي إلى مابعد استعماري، حيث لعب في السلسلة البوليسية على وتر الكليشيهات الغربية إزاء الشرق. وقد عرَفَ القُرَّاءُ شخصيةَ “علي” عبر “تحقيقات في الريف”، 1981 Une enquête au pays. ومثَّلَ علي شخصيّةً مغربيّةً غير أصيلة، عظيمة الولع بالمفاتن، وأخ لبيبه كارفالو Pepe Carvalho فاقد للمسلك السياسي الصحيح.

وطور الشرايبي شخصية علي لتغدو أكثر الشخصيات المحببة لديه، والتي تقوم بأبحاثها في النقاط الجيواستراتيجية المشتعلة على الكرة الأرضية، فجاءت في انكلترا في رواية “المفتش علي في كلية الثالوث المقدس”، 1996 Inspektor Ali

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post قراءة في فساد القوى السياسية الفلسطينية.. حائط المبكى في القضية الفلسطينية
Next post حكايا المدار الفنية …كمال الشناوي دونجوان وفتى السينما العربية