الذئاب المنفردة و التطرف المجتمعي.. تصاعد التهديدات الإرهابية في أوروبا

Read Time:6 Minute, 24 Second

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_أصبحت الجماعات الاسلاموية المتطرفة تمثل تهديدا مباشرا لأوروبا ، و خلقت حالة استنفار قصوى لدى الحكومات والأجهزة الأمنية والاستخباراتية الأوروبية. وبالنظر إلى انتشار الفكر المتطرف في أوساط الجاليات المسلمة في أوروبا ، سعت الحكومات الأوروبية بالدرجة الأولى الى تقويض هذا النوع من الفكر بهدف الحفاظ على “الأمن المجتمعي الأوروبي” ، وتفادي حصول هجمات ارهابية انطلاقا من قواعد تنظيمية داخل أوروبا، خاصة ما يعرف بهجمات الذئاب المنفردة.

الذئاب المنفردة في أوروبا.. أسلوب جديد لتعويض الإرهاب الجماعي – التهديدات الإرهابية 

الهجمات الإرهابية التي يشنها أشخاص منفردون نادرة من الناحية الإحصائية ، ولكنها ، يمكنها أن تدمر المجتمعات المحلية وتؤجج المخاوف العامة. تثير هجمات الفاعلين المنفردين الأخيرة أيضا شبح الهجمات المقلَّدة ، وهي ظاهرة لاحظها علماء الاجرام ، عاده بين الشباب الذكور الذين يتأثرون بالدعاية المثيرة التي تحمل في طياتها فكرة القتل الجماعي، و الذين يحملون مزيجا من الأمراض العقلية الحادة ، والسجلات الجنائية ، أو لديهم تاريخ من السلوك العنيف.

هجمات الذئاب المنفردة لا تزال نادرة نسبيا و أقل شيوعا من الهجمات الارهابية الجماعية. كما أن الأنشطة التي ينفذها الافراد لوحدهم تمثل تاريخيا أكثر صعوبة في الكشف عنها ومنعها في المقام الأول لأن الجناة يعملون بأنفسهم ولا يبلغون عن نواياهم مع متعاونين ، حسب تقرير نشرته ‘’Foreign Policy Research Institute’’ في 26 نوفمبر 2019.تتميزعمليات الذئاب المنفردة  بالبساطة، وتنفيذها من قبل فرد واحد، وهذ يبدو هذا منطقيا.

فمن الثابت فعليا أن هذه الهجمات تتطلب تخطيطا بسيطا وتنفيذا يصعب إحباطه إلى حد كبير. ويمكن تعميم هذه السمات على جميع الهجمات التي شهدتها أوربا – وتحديدا إنجلترا – في السنوات الخمسة الماضية. فقد حاول “محيي الدين” مير قتل أحد الأفراد في محطة مترو أنفاق لندن، وقام “مهدي محمود” بطعن اثنين من المدنيين وضابط شرطة في مانشستر، وطعن “أسامة خان” اثنين حتى الموت وأصاب ثلاثة آخرين فوق لندن بريدج ، كما طعن “سوديش أمان” اثنين من المدنيين في لندن قبل أن تطلق عليه الشرطة النار و تقتله، حسب تقرير نشرته مجلة ‘’Foreign Policy’’ في 2 يوليو 2020.

العمليات الإرهابية الأخيرة في أوروبا.. الرجوع إلى نقطة الصفر– التهديدات الإرهابية 

كانت العمليات الإرهابية التي ضربت دول أوروبا الغربية بمثابة “صفعة” لأجهزة الأمن و الإستخبارات الأوروبية ، التي أدركت “إخفاقها الأمني” في تحليل و توقع هذا النمط من العمليات (الذئاب المنفردة). بالرغم من أن خبراء أمنيين قد حذروا من وقوع عمليات ارهابية عقب الرسومات الكاريكاتورية التي نشرتها مدلة شارلي ايبدو الفرنسية، إلا أن أجهزة الأمن و الاستخبارات الأوروبية ” لم تكن مستعدة ” بما فيه الكفاية لمواجهة العمليات الإرهابية المتتالية.

تكشف الهجمات الإرهابية الأخيرة التي حدثت في أوروبا الغربية عن مدى تغلغل المتشددين و المتطرفين الاسلامويين داخل المجتمعات الأوروبية المحلية، بل أن المسألة الغير متوقعة هو ما حدث في هجوم مدينة نيس الفرنسية التي كان منفذها شاب تونسي يقيم بطريقة غير قانونية في فرنسا و وصل قبل أيام فقط من نشر الرسومات الكاريكاتورية. ما يؤدي الى دق ناقوس الخطر الارهابي في أوروبا، و الذي أصبح مصدره من “خارج المجتمع الأوروبي”. التطرف في أوروبا ـ تقييم أنشطة الجماعات المتطرفة

التطرف المجتمعي في أوروبا.. ما هي الأسباب و الدوافع ؟التهديدات الإرهابية 

كتب جون هورغان وماري بيث ألتير في دورية “العلوم السلوكية للإرهاب والعداء السياسي” عن مسار أو منحنى التطرف، وقالا إنه يتكون من ثلاث مراحل، أولا الانضمام إلى الجماعة المتطرفة ثم الانخراط في أنشطتها ثم الانشقاق عنها. ويستحيل أن نفهم أسباب الانشقاق من دون أن ندرس العوامل التي أدت إلى الانضمام في المقام الأول، حسب تقرير نشره موقع “بي بي سي” في 4 مايو 2019.

ذكر تقرير سابق أنجزه المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب و الاستخبارات في 21 فبراير 2020،  أن أسباب التطرف المجتمعي داخل أوروبا يرجع بشكل عام الى التالي:

ـ عدم وجود فهم للنصوص الدينية

تواجه دول أوروبا والغرب دول اوربا بعدم فهم  خطاب الجماعات المتطرفة التي تفسر النصوص الدينية بما يخدم عمل الجماعة، من اجل الحصول مجندين جدد.

ـ عدم الفصل مابين حرية الرأي والنزوح نحو التطرف

رغم ما انجزته دول أوروبا من جهود في مكافحة الإرهاب والتطرف، فما زالت دول أوروبا تعاني مشكلة الفصل مابين ممارسة العقيدة وحرية الرأي من جانب والنزوح الى التطرف او تقديم الدعم اللوجستي والدعاية الى الجماعات المتطرفة.

ـ المواقف السياسية

إلى بعض دول أوروبا وكذلك بعض الاحزاب السياسية التي ترفض، الاعتراف بوجود الجاليات  او الاجانب، وتعتبرها من وجهة نظرها ، “تهديد الى ثقافتها” وهنا تظهر فبركة او صناعة الكراهية”الاسلاموفوبيا”.

الاستراتيجيات المجتمعية و الأمنية لمعالجة التطرف في أوروبا –  التهديدات الإرهابية 

أكد رئيس الوزراء الفرنسي “جان كاستيكس” أن “مكافحة التطرّف الإسلاموي بكل أشكاله كان وسيبقى “أحد شواغلنا الكبرى”. وكشف كاستيكس عن “مشروع قانون ضد الحركات الانفصالية” سيعرض على مجلس الوزراء  يهدف إلى “منع مجموعات معيّنة من الانغلاق ضمن مظاهر عرقية أو دينية”. ويقول كاستيكس إن “العلمانية هي من القيم الأساسية للجمهورية، ورأس حربة الاندماج المجتمعي. لا يمكن لأي ديانة، أو تيار فكري أو مجموعة معيّنة الاستيلاء على المساحات العامة والنيل من قوانين الجمهورية”. وكان الرئيس الفرنسي قد أبدى خلال زيارته حيا شعبيا في مولوز في فبراير عزمه على مكافحة “النزعات الانفصالية الإسلاموية” في فرنسا، حسب ما نشره موقع “يورونيوز” في 16 يوليو 2020.

وجدت بعض الحكومات الأوروبية ضالتها في المراكز الإسلامية للعب الدور الأساسي في جهود التعاطي مع أزمة العائدين من مناطق التوتر في الشرق الأوسط، في ظل اقتناعها بأن الحلول الأمنية لن تمنع عناصر داعش من عودتهم إلى خلايا عنكبوتية نائمة قابلة للنشاط في أيّ وقت في بعض بلدانهم. و ذكر “مهاجري زيان” رئيس الهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية، أن حكومات أوروبية نظمت اجتماعات مكثفة بين رموز المراكز الإسلامية وخبراء علم النفس والاجتماع ومتخصصين في قضايا الرأي العام، تضمنت نقاشا مطوّلا حول سبل التعامل مع العائدين، وتوصلت في النهاية إلى اعتبار النواحي الفكرية السبيل الأول للمواجهة باعتبار التطرف فكرا تنبغي مواجهته بالفكر أيضًا، وفق ما نشره موقع “العرب اللندنية” في 21 يناير 2020. الاتحاد الأوروبي..مساعي أوروبية لمواجهة و محاربة التطرف

في سبيل تقويض الخطر الالكتروني الارهابي في أوروبا و الحد من التهديدات التي تطال الأمن المجتمعي الأوروبي، تم اقتراح ما يسمى ” نداء كرايستشيرش ” لحذف المحتويات العنيفة و المتطرفة على الانترنيت ، حيث انعقد مؤتمر “نداء كرايستشيرش” في 15 مايو 2019 في باريس. و حسب تقرير نشره الموقع الفرنسي الحكومي لوزارة أوروبا و الشؤون الخارجية في في 15 مايو 2019 . نداء كرايستشيرش يمثل خطة عمل تُلزم الحكومات والمنظمات الدولية والجهات الفاعلة في مجال الإنترنت باتخاذ مجموعة من التدابير، تشمل على وجه الخصوص:

-استحداث أدوات لمنع تحميل محتويات إرهابية ومتطرفة عنيفة على الإنترنت

-مكافحة الأسباب المؤدية إلى التطرف العنيف

-النهوض بشفافية رصد المحتويات وإزالتها

-السهر على ألا تتسبب الخوارزميات التي تصممها وتستخدمها المنشآت، في توجيه المستخدمين إلى محتويات متطرفة عنيفة، وذلك بهدف الحد من انتشارها على نطاق واسع.

قالت الشرطة الايطالية التي تعنى بالأمن السيبراني، أن عملية حجب مواقع تستخدم لتنفيذ هجمات ارهابية، هي “كجزء من نشاط مقاومة الإرهاب على الإنترنت ومكافحته، أجرى رجال شرطة البريد والاتصالات عملية ضد المواد التعليمية المنشورة عبر الإنترنت”، وذلك “بهدف إزالة جميع المحتويات من كتيبات توضيحية أو رقمية تستخدم لتخطيط وتنفيذ الهجمات الإرهابية”.

وذكرت أن “العملية تضمنت مشاركة وحدات متخصصة من المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب (ECTC) وممثلين عن 18 دولة، من بينها 13 دولة في الاتحاد الأوروبي و5 دول من خارجه”، وقد “استهدف هذه العملية محتويات منشورة عبر الإنترنت، تم إنشاؤها أو استخدامها للحث على شن هجمات في سياق الإرهاب الجهادي، التطرف، العدائية والفوضوية وارتكابها”، و ذلك حسب ما نشره موقع “روسيا اليوم” في 4 يوليو 2020.

الخلاصة

تبين أن هناك “تراخي أمني و سياسي و قانوني” تجاه المتطرفين الذين يعيشون داخل المجتمع الأوروبي ، و الذين كان يتوجب على السلطات الأمنية و السياسية الأوروبية التصرف معهم وفق أطر و استراتيجيات أكثر صرامة ، و عدم الاكتفاء بمراقبتهم عن بعد ، على اعتبار أن المتطرفين يتسمون “بالسرية” في التواصل بينهم و أحيانا يصعب معرفة ارتباطاتهم الداخلية و الخارجية.

كان من المفترض على أجهزة الأمن و الاستخبارات الأوروبية أن تقوم بعمليات “تحييد الأفراد المتطرفين و الأكثر خطرا” ، من خلال التحديث الدوري لقائمة المشتبه بهم بأنهم سيقومون بتنفيذ عمليات ارهابية في كل مرة وفق سبب معين قد تكون له انعكاسات على أمن أوروبا، مثلما حدث مع رسومات شارلي ايبدو، و ما تلاها من رد فعل عنيف من قبل المتطرفيين الإسلاميين.

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب و الإستخبارات

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post اتفاقية الشنغن …جملة تحديات.. فهل مازالت قائمة و فاعلة ؟
Next post القضاء البلجيكي والأولويات الجديدة