اليمين المتطرف في ألمانيا ـ الإنترنت يسهل من تحويل الأفراد إلى متطرفين

Read Time:5 Minute, 12 Second

مراجعة نهى العبادي

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_تركت وسائل التواصل الاجتماعي وتكنولوجيا الاتصالات مساحات شاسعة لتيارات اليمين المتطرف للتلاقي في فضاء جامع لتيارات فكرية تهدد أمن المجتمعات دون انضباط مؤسسي يحكم العواقب الناتجة عن تبادل المعتقدات العنصرية ضد الآخرين، ومع تصاعد نسب المرتبطين بهذا التيار الفكري في ألمانيا أضحت السلطات أمام إشكالية التوازن بين أمن البلاد والحفاظ على المعايير الديمقراطية لحياة المواطنين.

يُحذر وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس من أن اليمين المتطرف هو أكبر خطر يهدد أمن ومستقبل ألمانيا، مطالبًا الدول بعدم الاستهانة في مكافحته وأن هذه المكافحة تحتاج إلى ترابط دولي للتمكن من السيطرة على العنصرية قبل تفشيها، وبالتالي فأن الحرية النسبية الممنوحة على شبكات الإنترنت تساعد هذه المجموعات لتتشعب دوليًا وإقليميًا بالمناطق المُستعدة لقبول هذا النمط من الإرهاب.

الإنترنت وانتشار اليمين المتطرف

تذكر هيئة حماية الدستور الألمانية في تقريرها السنوي حول أوضاع التطرف في البلاد والصادر في يوليو 2020 أن عناصر اليمين المتطرف تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي والشبكات الإلكترونية لنشر أفكارها بين الشباب حول العالم من أجل حشد أكبر عدد من العناصر إلى صفوفها، كما أنها تتفاعل بشأن طرق الهجوم كخبرات عنيفة يتبادلها الأفراد بما يضر مصلحة ألمانيا التي تعاني من تصاعد رقمي كبير في أعداد المنتمين لهذا التيار.

سجلت البلاد مع نهاية عام 2019 وصول عدد عناصر اليمين المتطرف إلى 32,080، بعد أن كان العدد في 2018 يبلغ 24,100 شخصًا، ومعها أقرت هيئة حماية الدستور بوضع بعض الأفراد والكيانات اليمينية قيد المراقبة لمنع تنفيذ هجمات إرهابية بالبلاد ضد الأقليات أو المهاجرين.

ونشرت شبكة (DW) في 3 مايو 2020 أن شبكات الإنترنت تسهم في انتشار نظريات المؤامرة التي تبثها مجموعات اليمين بين الأفراد في المجتمعات الأوروبية المختلفة، وأشارت إلى أن احتمالية تكوين استراتيجية الذئاب المنفردة والعمل بها من قبل عناصر التيار تبدو قائمة ولكن الباحثين لم يعرفوا بعد إلى أي مدى يمكن لتلك الذئاب تنفيذ الهجمات وتهديد الأمن الأوروبي تأزم مشهد اليمين المتطرف فى ألمانيا 

إن الذئاب المنفردة في اليمين المتطرف، وفقًا للموقع، قد تشكلت عبر مجموعات الإنترنت التي تتواصل مع بعضها حول آليات تنفيذ الهجمات الإرهابية، وأن الاستخبارات الداخلية بألمانيا تسعى جاهدة لتتبع الذئاب اليمينية المتطرفة لمنع وقوع هجمات، كما تزعم الاستخبارات أن هؤلاء الذئاب قد اختاروا هذا النهج بشكل فردي دون الانخراط في مجموعات محددة.

وتضيف الشبكة الألمانية بأن الإنترنت يسهل من تحويل الأفراد إلى متطرفين حينما تتوفر لديهم المقومات لذلك، فوفقًا لدراسة قدمتها  مؤسسة أماديو أنطونيو في برلين، تتواجد شبكات تقدم مضامين متطرفة على الشبكة العنكبوتية تتخصص في إجادة صياغة خطاب موجه لجذب فئات محددة إليها.

أن منصات الإنترنت منحت المتطرفين من اليمين فرصة لحشد أعداد أكبر إلى مجموعاتهم ما جعلهم يندفعون لتقديم محتويات من أجل جلب المال الأمر الذي فتح بدوره باب لجمع التبرعات وإيجاد موارد للتمويل، وتجري هذه العمليات بالأخص على الشبكة المظلمة أو (dark web) التي يصعب على الحكومات مراقبتها بشكل صارم ودقيق.

استطاعت عناصر اليمين المتطرف عبر مجموعات الدردشة التي تمنحها تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي كواتساب وتليجرام وغيرها توجيه العناصر بشكل جمعي توافقي، إذ تنبذ هذه المجموعات أي شخص يختلف معها فكريًا وتوحد خطابها حتى يصبح متجانسًا وذو شعبية كما تفعل حركة الهوية داخل أطرها التفاعلية الخاصة.

تأتي نظريات المؤامرة كأحد أهم الإيدلوجيات التي تجتمع عليها المجموعات للترويج لحالة الاضطهاد المفتعلة التي تعيشها، فهم يعتبرون أنفسهم، طبقًا للدراسة مسيحيو العالم الجديد الذي يحافظون على المجتمع الغربي من مخاطر التهجير من قبل الأجانب وغيرهم من المختلفين معهم. مخاطر اليمين المتطرف على امن المانيا

الرقابة على المحتويات المُروج لها على الإنترنت

ذكر موقع (DW) في 20 ديسمبر 2020، أن مواقع الإنترنت الكبرى فعلت إجراءات لحظر المنصات التي تتضمن محتويات لليمين المتطرف، كقناة لليوتيوب تدعى (EinProzent) أو واحد بالمائة كان بها 12,000 مشترك، كما حظرت فيس بوك وخدمة الدفع الإلكتروني باي بال (Paypal) حسابات واحد بالمائة لترويج مضامين متطرفة تحرض على العنف والكراهية.

وأغلق اليوتيوب حساب لشبكة المواطنين القوميين التي تتهمها هيئة حماية الدستور بنشر نظريات إيدلوجية عنصرية معادية للأجانب والسامية، كما حظر حسابات لحركة الهوية وأغلق حساب لمغني الراب المعتنق لأفكار اليمين المتطرف كريس آريس.

ويطبق موقع فيس بوك معايير إقصائية للحسابات التي تتداول مضامين متطرفة كحركة بيغيدا وغيرها من المجموعات، وعن فاعلية الإقصاء والحجب على انتشار المحتوى اليميني المتطرف على الأنترنت نقلت الشبكة الألمانية عن دراسة لمعهد الديمقراطية والمجتمع المدني أن  الحجب يؤثر على الانتشار ويحجب قدرًا من التفاعل على الفكرة وبالأخص عمليات التجنيد والحشد بمجموعات ضخمة، لأن برامج الدردشة تمنح نشر الأيدلوجية إلى المئات بمجرد ضغطة زر.

وتضيف الدراسة أن عمليات الإقصاء التي يمارسها على سبيل المثال فيس بوك ويوتيوب تقلل من عدد المتابعين للمنصة إذا حاولت فيما بعد النشر من أي مواقع تواصل اجتماعي أخرى، ولكن الأهم في هذه الإشكالية هو سرعة الحجب أي قبل تزايد أعداد المشتركين بالحساب وتعلقهم إيدلوجيًا بالمُرسل.

اليمين المتطرف وعلاقاته الخارجية

أن شبكة اليمين المتطرف في أوروبا وتعاونها مع جهات أجنبية قد تضر بمصلحة المنطقة يعد من أكثر المخاطر المحدقة بدول الاتحاد وبالأخص ألمانيا التي تتهم الاستخبارات الروسية بإنشاء معسكرات تدريب واستقدام يمينين متطرفين من ألمانيا إليها، ومن ضمن المشاركين في هذه المجموعات عناصر جناح الشباب في الحزب الديمقراطي الوطني الذي يعد أكثر تطرفًا من حزب البديل لأجل ألمانيا، وكذلك عناصر من حزب متطرف يدعى الطريق الثالث.

وتشمل المعسكرات على تدريبات قتالية وتعلم لحمل السلاح والتعامل معه ومع الذخائر وكيفية تنفيذ الهجمات الإرهابية، وبعد انتهاء التدريبات ينضم البعض إلى معسكرات القتال الروسية في أوكرانيا لتغذية الصراع بالمنطقة، وتعتقد الاستخبارات الألمانية، بحسب صحيفة الشرق الأوسط في يونيو 2020 ، أن هذه المعسكرات أسست في سان بطرسبورغ ويديرها ظاهريًا جماعة روسية متطرفة اسمها (الحركة الإمبراطورية الروسية) قد أدرجتها الولايات المتحدة على لائحة الإرهاب واعترضت روسيا حينها على التصنيف.

تقول شبكة (DW) في نوفمبر 2020 إن اليمين المتطرف في أوروبا يستفيد من الشبكات الاجتماعية للتواصل إقليميًا لتوسيع دائرة التعاون مع العناصر الأخرى بالمنطقة الأوروبية، وتعتقد أن هذا التعاون ظهر بشكل أكبر إبان الشائعات التي تبنتها تلك الحركات عن فيروس كورونا والمعلومات المضللة التي أصيغت حول اللقاحات المستخدمة في علاجه.

تقييم حول التواصل الإلكتروني واليمين المتطرف

خلقت مواقع التواصل الاجتماعي فرصًا للتواصل بين عناصر اليمين المتطرف في ألمانيا من جهة وفي أوروبا والولايات المتحدة الأمريكيةمن جهة أخرى، ما سمح للاستخبارات المعادية بالتدخل على خط الأزمة لاستقطاب المتطرفين المتوافقين أيدلوجيًا لتنفيذ أجندات معادية للبلاد وهو ما تخشاه الحكومة الألمانية.

ويفرض ذلك على السلطات تشديد الرقابة على مواقع التجمعات الخاصة بعناصر اليمين سواء في الواقع الحقيقي أو الافتراضي، إلى جانب عقد اتفاقيات قانونية مع شركات التواصل الاجتماعي بسرعة حجب المضامين المحرضة على العنف والكراهية دون تمييز

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب و الإستخبارات

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post أمن دولي ـ الوجود العسكري الأمريكي و الأوروبي في مياه الخليج
Next post كتاب “موجة سوداء” – تاريخ عالمي لتنافس إيران والسعودية, ظلال عام 1979 المخيمة على الشرق الأوسط