ضرورة التغيير في العراق نحو دولة المواطنة , الدولة المدنية الديمقراطية

Read Time:4 Minute, 23 Second

عادل عبد الزهرة شبيب

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_ما زال الاقتصاد العراقي يوصف بأنه اقتصاد ريعي أُحادي الجانب يعتمد اعتمادا كلياً على العائدات المالية للنفط الخام المصدر الى الأسواق العالمية , حيث يعتبر هذا المصدر هو المصدر الأساسي لاقتصادنا الوطني. ومنذ سقوط النظام الدكتاتوري المقبور عام 2003 ورث النظام الجديد اقتصادا متخلفا يعاني العديد من المشاكل والتحديات والأزمات, كان المفروض به وضع الحلول الجذرية لمعالجتها وتحقيق التقدم الاقتصادي – الاجتماعي بعد مرور 18 سنة من تسنمه مقاليد السلطة.
فهل استطاعت الحكومات المتعاقبة منذ 2003 والى اليوم من معالجة مشاكل وأزمات الاقتصاد العراقي, وتحقيق النهضة الاقتصادية الاجتماعية وتخليص الاقتصاد من الصفة الأحادية والتخلف؟
ان المؤشرات اليوم تشير إلى هشاشة الدولة وضعف تخطيطها وتفشي الفساد في أجهزة الدولة المختلفة المدنية والعسكرية واستفحال أمر مافيات الفساد وانفلات السلاح, وتعرض البلاد إلى أزمة مالية حادة بسبب انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية وسوء إدارة شؤون البلاد . ولم تتمكن الحكومات المتعاقبة منذ 2003 والى اليوم من إيجاد مصادر أخرى للدخل القومي من غير النفط , حيث بقي القطاع الزراعي متخلفا يعاني العديد من التحديات والمعوقات واعتماد العراق على تأمين سلة غذائه من البلدان المجاورة , كما غزت أسواقنا العديد من المنتجات الزراعية المستوردة على حساب منتوجنا الوطني , لم يستطع منتوجنا المحلي من منافستها ولأسباب عديدة .وكانت النظرة الى القطاع الزراعي على انه قطاع ثانوي . أما بالنسبة إلى الصناعة في العهد الجديد فهي الأخرى تواجه العديد من التحديات أولها إغراق السوق العراقية بالمنتجات الصناعية المستوردة بما فيها الرديئة الصنع والرخيصة الثمن , وهناك مساعي محمومة لخصخصة المؤسسات الصناعية الحكومية وتصفية القطاع العام دون دراسة الموضوع بشكل جاد , ولم تتحرك الحكومات المتعاقبة بشكل جاد وطموح من اجل تطوير الصناعات القائمة وإنشاء مشاريع صناعية جديدة وتحويل البلاد إلى بلد صناعي مصدر.
كما أهمل أيضا القطاع السياحي باعتباره موردا هاما من موارد الدخل القومي غير أن هذا القطاع ما زال مهملا ومتخلفا قياسا إلى التطورات العالمية الحاصلة في صناعة السياحة , وبذلك فان الإدارة السيئة لشؤون البلاد قد حرمت العراق من موارد مالية ضخمة يمكن ان يدرها القطاع السياحي , الأمر الذي انعكس سلبا على الاقتصاد العراقي.
منذ 2003 والى اليوم في 2021 وبعد مرور ثمانية عشر عاما , ماهي انجازات البلاد من قبل القوى المتنفذة الحاكمة من قوى الإسلام السياسي ؟
أهم الانجازات المتحققة خلال هذه الفترة من الحكم :-
1. استشراء الفساد في مفاصل الدولة المختلفة , حيث فاز العراق بالمرتبة الأولى من بين الدول الأكثر فسادا في العالم حسب تقارير منظمة الشفافية الدولية.
2. اعتبر العراق من أسوأ البلدان في العالم من حيث مستوى التعليم .
3. احتلت بغداد المرتبة الأولى كأسوأ مدينة في العالم في جودة المعيشة .
4. تراجع الخدمات الصحية في البلاد وأصبحت أكثر كلفة في هذا العهد .
5. انتشار ظاهرة التسول في بغداد العاصمة وفي عموم محافظات العراق .
6. مازال العراق يعاني من أزمة الكهرباء على الرغم من إنفاق مليارات الدولارات.
7. تميز هذا العهد بارتفاع نسبة الفقر وانخفاض مستوى المعيشة للعديد من شرائح المجتمع .
8. ارتفاع نسبة البطالة وخاصة بين الخريجين من الشباب في المدينة والريف.
9. أصبح الصراع الطائفي والسياسي على أشده في هذا العهد , صراع على المراكز والنفوذ واقتسام ( كيكة العراق ) عل حساب مصلحة الشعب والوطن .
10. تهميش الصناعة والزراعة والسياحة والنقل والتعدين وغيرها من القطاعات والعمل على التخلص منها بإلقاء مسؤوليتها على القطاع الخاص من خلال عمليات الخصخصة والتي هي احد شروط المؤسسات الرأسمالية الدولية : البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
11. التقشف والادخار الإجباري والعمل على استقطاع نسبة من رواتب الموظفين والمتقاعدين .
12. الاستيلاء على الرصيد الاحتياطي للبنك المركزي العراقي خلافا لقانون البنك . كل هذه الانجازات المهمة وغيرها العديد والتي عانى منها أبناء الشعب وخصوصا الجماهير الكادحة دفعت بالمواطنين إلى الاحتجاج والمشاركة في الحراك الجماهيري في بغداد والمحافظات مطالبين بالإصلاح الاقتصادي والسياسي وإصلاح القضاء العراقي , إلا أن السلطة المفزوعة واجهتهم بالرصاص الحي والمطاطي والغاز المسيل للدموع حيث سقط العديد من الشهداء على الرغم من ان الدستور العراقي يبيح التظاهرات السلمية , إلا أن الحكومة تسعى لتكميم الأفواه وتقزيم الديمقراطية وهذه احد الانجازات المهمة الأخرى للقوى المتنفذة الحاكمة من الإسلام السياسي .
صحيح أن الأزمات الاقتصادية للبلاد ليست وليدة اليوم وإنما هي تراكمات تمتد إلى عقود من الزمن , ولكن الحكومات المتعاقبة منذ 2003 والى اليوم لم تتمكن من معالجة الأزمات والسلبيات لافتقارها إلى الخطط والبرامج وانعدام الآليات الاقتصادية ولذلك بقي اقتصادنا اقتصادا ريعيا وحيد الجانب يعاني العجز في موازنته مع إهمال القطاعات الاقتصادية المنتجة كالزراعة والصناعة والسياحة والتي تمثل موارد مهمة للدولة, وتحول البلد بفضل السياسة المتبعة من قبل القوى المتنفذة إلى بلد استهلاكي يستورد كل شيء وليس بلدا منتجا ومصدرا. بلد تفاقمت فيه البطالة والفساد وأزمات السكن والتعليم والصحة والخدمات عموما.
الحلول الجذرية من قبل الدولة غائبة ولكن توجد بعض الحلول الترقيعية كما هو الحاصل الآن عبر إجراءات التقشف والادخار الإجباري التي تمس المواطن .
أن الخروج من الأزمة الاقتصادية للبلاد يأتي عبر الإصلاح السياسي والاقتصادي الجذري وعبر دولة المواطنة , الدولة المدنية الديمقراطية وليس دولة المحاصصة. والإصلاح لابد أن يتضمن إعادة هيكلة القطاعات الاقتصادية الصناعية والزراعية والسياحية وغيرها وتفعيلها بحيث تصبح إيراداتها موازنة للإيرادات النفطية وعدم الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل القومي والذي يخضع لتقلبات أسعار النفط في السوق العالمية والسعي لاستغلال العوائد المالية النفطية في إقامة المشاريع الاستثمارية في ميدان الصناعة والزراعة والسياحة والنقل وغيرها .
أن الأزمة التي تعاني منها البلاد هي ليست أزمة جزئية. أزمة حكم وأزمة اقتصاد وأزمة اجتماعية وأزمة في إدارة الدولة وأزمة مؤسسة القضاء وإنما هي أزمة بنيوية تعاني منها البلاد, وهذه الأزمة تتطلب حلولا جذرية تعتمد الإصلاح السياسي والاقتصادي والقضائي بعيدا عن نظام المحاصصة , وإقامة دولة المواطنة , الدولة المدنية الديمقراطية , كما أشار إلى ذلك سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي رائد فهمي في الندوة الموسومة ( التغيير نحو دولة المواطنة ضرورة وإمكانية .).

الحوار المتمدن

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post بيبي “نتنياهو” يلعب دور الشرطي السيئ في مواجهة إيران
Next post فتوحات تكنولوجية وإكراهات الزمن التكنولوجي