الاندماج في فرنسا ـ السياسات والمعوقات

Read Time:6 Minute, 2 Second

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_يحظى ملف اندماج المهاجرين في فرنسا بأهمية كبيرة مع قدوم مئات الآلاف من مناطق الصراعات. ويبرز هذا الاهتمام من خلال توفير السلطات الفرنسية برامج خاصة لتدريب وتعليم وتأهيل اللاجئين وتوفير السكن والرعاية الصحية ، إضافة إلى توفير الإطار القانوني لاستيعاب اللاجئين داخل المجتمع الفرنسي.

الجالية المسلمة في فرنسا

تعد فرنسا من أكبر الدول الأوروبية من حيث حجم الجالية المسلمة، حيث كان يعيش فيها نحو (5.7) ملايين مسلم حتى منتصف 2016، بما يشكّل (8.8% ) من مجموع السكان، فيما تقف هذه النسبة في مجموع الاتحاد الأوروبي عند حدود (4.9%) مع توقعات بأن ترتفع إلى (11.2%) بحلول عام 2050، وفق إحصاءات مركز الأبحاث الأمريكي “بيو”.في 15 فبراير 2021.

سياسة الاندماج في فرنسا

دورة الاندماج الألزامية :  ينظم المكتب الفرنسي للهجرة والاندماج(OFII) دورة الاندماج الألزامية حيث يقوم بتنظيم (500) ألف دورة مشابهة في السنة، ويقوم بإجراء عمليات تدقيق ومراجعة بانتظام.

تشريع لللاندماج في فرنسا: أقرت السلطات الفرنسية قانونا في 10 أغسطس 2019 يلزم اللاجئين السوريين أن يخضعوا لبرنامج لمدة (4) أيام للاندماج في المجتمع، حيث يتم تعليم اللغة الفرنسية بشكل أفضل، سواء شفهياً أم كتابياً، وتقديم معلومات عن مراحل تأسيس الاتحاد الأوروبي ، وعن القوانين الفرنسية ومعلومات تاريخية وجغرافية عن فرنسا. كذلك تقديم  أسئلة وإجابات عن كيفية  تسجيل الأطفال في المدارس، ومعلومات متعلقة بالضرائب، والأوراق والإجراءات الإدارية اللازمة للسوريين.

تأهيل القصر: صرح “سيرج ديمون” مدير مديرية “المهاجرين القاصرين غير المصحوبين بذويهم” في جمعية “فرنسا أرض اللجوء في 8أكتوبر 2020 أن جمعيتهم تعمل على توفير السكن في شقق مشتركة لهذه الفئة ـ القصرـ من المهاجرين، مع تدريبهم على تدبير الحياة اليومية، بالإضافة إلى مساعدتهم على الاندماج في التعليم الفرنسي العمومي أو الاستفادة من تكوين مهني لسنة واحدة في مختلف المجالات على يد مهنيين، هذا التكوين يحصل من خلاله القاصر الأجنبي على شهادة تخول له دخول سوق الشغل بمجرد إتمامه سن الرشد، مما يسهل حصوله على بطاقة الإقامة. 

مركز استقبال نموذجي (CAIR): تم افتتاح المركز في الدائرة (12) من العاصمة الفرنسية باريس، يهدف المركز إلى مساعدة اللاجئين على الاندماج في فرنسا عبر توفير مأوى للاجئين المشردين أو الذين يقيمون في المخيمات العشوائية في المنطقة الباريسية.

تربية النحلدربت جمعية “إسبيرو” في 10 أغسطس 2019 مجموعة من اللاجئين على تربية النحل  لدمجهم في المجتمع الفرنسي، ومن خلال التدريب يتم توجّيهم إلى تلقي حصص لتعلم اللغة الفرنسية. وتلقى هذه التدريب دعما من المكتب الفرنسي للهجرة والدمج.

برنامج خاص للتدريب المهني: أشار المكتب الفرنسي للهجرة  في 10 أغسطس 2019 إلى أنه جرى إطلاق برنامج خاص لـ(1500) لاجئ بالتعاون مع الوكالة الوطنية الفرنسية للتدريب المهني. حيث يواجه الاندماج المهني في فرنسا عثرات في ظل تراجع الطلب على اليد العاملة من غير ذوي المؤهلات.

معوقات الاندماج في فرنسا

“بيروقراطية النظام الإداري” تعيق “بيروقراطية النظام الإداري” اللاجئين السوريين الاندماج داخل المجتمع الفرنسي. وتنامت شكاوى اللاجئين  في 14 مارس 2021 من الانتظار الطويل من أجل  الحصول على مساعدات أجتماعة أو إقامة وسكن.

ركز تقرير لـ”وكالة الحقوق الأساسية” FRA التابعة للاتحاد الأوروبي في 4 ديسمبر 2019  على النجاحات والفشل في إدماج اللاجئين القصر غير المصحوبين بذويهم في عدد من الدول الاوروبية من بينهم فرنسا. وخلص التقرير  إلى أن معوقات الاندماج تتلخص في

  • تأخير أو إلغاء لم شمل القصر مع عائلاتهم.
  • قلة الشبكات الداعمة للقصر، والوضع القانوني الغامض.
  • ظروف السكن غير المستقرة، و الدعم الاجتماعي المتقطع.
  • المشاكل النفسية، وصعوبات في التواصل بسبب اللغة.
  • محدودية فرص التعليم والتأهيل المهني، و تنامي التهديدات الإجرامية.

أشار تقرير برلماني عُرض على الجمعية الوطنية الفرنسية  في 1 أكتوبر 2020، إلى إمكانية عمل الحكومة بشكل أفضل من حيث دمج اللاجئين وطالبي اللجوء في فرنسا، حتى لو تم إحراز تقدم كبير في ذلك الملف منذ عام 2018. وأنه “تم بذل جهد حقيقي ولكن لا يزال يتعين إحراز تقدم”، ووفقا للتقريرفإن وضع اللاجئين أفضل بقليل من طالبي اللجوء، الذين لا يزالون يكافحون من أجل الوصول إلى العمل ودورات اللغة. 

مساعي لمحاربة الإنعزالية

سعى الرئيس الفرنسي ” إيمانويل ماكرون” لمحاربة “النزعات الانفصالية”، في المجتمع الفرنسي حيث  تستهدف وفقا للسلطات الفرنسية كل النزاعات المتطرفة، و”من يوظفون الدين للتشكيك في قيم الجمهورية الفرنسية”. أثار حديث ماكرون عن الإسلام تحديدا، وقوله بأن “على فرنسا “التصدي إلى الانعزالية الإسلامية”، الساعية إلى “إقامة نظام موازٍ” و”إنكار الجمهورية ردود فعل غاضبة من داخل فرنسا، ومن أنحاء مختلفة من العالم الإسلامي. أعربت عدة هيئات وجمعيات ممثلة للمسلمين في فرنسا، عن مخاوفها من أن تسهم تصريحات الرئيس الفرنسي، في انتشار خطاب الكراهية و العمليات الإرهابية بدوافع عنصرية تجاه المسلمين ، كذلك وصعوبة أندماج المسلمين في فرنسا.

صرح ” جيرالد دارمانين” وزيرالداخلية الفرنسي إنه منذ بداية ولاية ” إيمانويل ماكرون”  الرئيس الرئيس الفرنس عام 2017 تمكنت الأجهزة الأمنية من إحباط (36) خطة اعتداء إرهابي في البلاد. وأضاف بأن المسلمين في بلاده ضحايا للإرهاب أيضا ويجب حمايتهم.

أكد المرصد الوطني لمكافحة الإسلاموفوبيا التابع للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية في 31 يناير 2021 إن الهجمات المعادية للمسلمين في فرنسا ازدادت بنسبة (53٪) في العام 2020. وأضاف أن مسلمي فرنسا يعانون من ارتفاع عدد الأعمال المعادية لهم؛ إذْ سُجِّل خلال العام 2020 (235)  هجومًا على المسلمين، في مقابل (154) هجومًا في 2019. ويقول “عبد الله زكري” رئيس المرصد: إن نشر الأكاذيب عن الإسلام والمسلمين، والرسائل الإلكترونية التي تحرِّض على كراهيتهم، من أهم العوامل التي ساعدت على تصاعد ظاهرة الإسلاموفوبيا، مشيرًا إلى أن هذا الأمر بالغ الخطورة.

اليمين المتطرف ومعوقات الاندماج

يهدف حزب “التجمع الوطني” برئاسة “مارين لوبان” في 29 يناير 2021 إلى حظر “الأزياء الإسلامية” في الفضاء العام، وأبرزها حجاب الرأس.أما النقطة الثانية في تعليق لوبان فكانت غياب أي إشارة إلى موضوع الهجرة من خطاب ماكرون، حيث “لا يمكننا الاستمرار في الترحيب بما لا يقل عن 400 ألف شخص في العام في الوقت الذي لا نملك فيه الوسائل لإيوائهم أو معالجتهم أو تثقيفهم. وهؤلاء ينتهي بهم المطاف وهم يعيشون ضمن طوائفهم. الطائفية هي أرض خصبة للأصولية الإسلامية”.وأعادت لوبان التوكيد على أهمية وقف الهجرة تماماً وإلغاء حقوق الأرض وإنهاء سياسة لم شمل الأسرة، وغيرها من الإجراءات التي أضافت إليها طرد كل من تتعقبهم الشرطة الفرنسية بصفتهم مرتكبين للجنح من الأجانب.

التقييم

يثيرملف الاندماج في فرنسا والمشاكل المصاحبة له التي تمنع اندماج المهاجرين نوعا من الانقسامات داخل  الأوساط المعنية في فرنسا، لاسيما بعد الموافقة على قانون “الانعزالية”. فرضت السلطات الفرنسية برامج عديدة وقوانين للاندماج والتعايش المجتمعي في فرنسا حددتها الجهات المختصة بذلك كالمكتب الفرنسي للهجرة والاندماج. وبالرغم من ذلك هناك فجوة كبيرة في برامج الاندماج  ومدى تحقيق للنتائج المرجوة منه.

أصبحت قضية اندماج المهاجرين المسلمين داخل المجتمع الفرنسي تغذي أحزاب وحركات اليمين المتطرف. حيث تربط الأحزاب اليمنية المتطرفة ظاهرة الانعزال الذي تعيشه الجاليات المسلمة في فرنسا، بوجودهم أحياء هامشية تتزايد فيها معدلات البطالة والجهل.

تلعب ممارسات وتصريحات الأحزاب اليمينية المتطرفة والتنظيمات والجماعات المؤيدة لها التي تكره المهاجرين واللاجئين خاصة  المسلمين في فرنسا، دورا كبيرا في صعوبة اندماج المسلمين في فرنسا. حيث يربط اليمين المتطرف دوما العمليات الإرهابية بالمسلمين بالرغم أن الكثير من المسلمين في فرنسا هم كذلك ضحية للأعمال الإرهابية التي ضربت فرنسا بالإضافة أن التقديرات تشير إلى أن هناك  “تمييزا” ضد المسلمين في سوق العمل.

لاتكمن مشكلة صعوبة اندماج المهاجرين في فرنسا في انعزال الجاليات المسلمة فقط، إنما هي مسئولية مشتركة تتحمل فيها السلطات الفرنسية جزءا كبيرا منها لاسيما مع ارتفاع  ظاهرة “الإسلاموفوبيا” . لذلك ينبغي معالجة أسباب التى تعيق أندماج المهاجرين داخل المجتمع الفرنسي كوضع حلول جذرية للقضيا المتعلقة بالفقر والتهميش. يجب أن يقاس الاندماج في افي فرنسا بالقدرة على تحقيق المشاركة المجتمعية بين أطياف المجتمع الفرنسي، دون أي تمييز أو عنصرية.

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب و الإستخبارات

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post اللجوء والهجرة ـ هل نجحت سياسات الاندماج في ألمانيا؟
Next post على أي نظام من نظامي الحكم الملكي يتباكى اليوم مناصروه..؟