مكافحة الإرهاب و التطرف في أوروبا ـ سبل المواجهة والتحديات-داعش في أوروبا ـ سبل المواجهة والتحديات

Read Time:17 Minute, 30 Second

 

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_ تحذر الأجهزة الأمنية الاستخبارية والأوروبية من التهديدات المتزايدة التي يشكلها المنفذون المنفردون ـ الذئاب المنفردة ـ  للعمليات الإرهابية لاسيما أن التهديد الإرهابي في أوروبا يتسم بالتعقيد والتنوع والتطور. وتستخدم السلطات الأوروبية  مجموعة واسعة من التكتيكات والإجراءات الاستباقية من أجل ملاحقة الخلايا  المرتبطة بالتنظيمات الإرهابية.

تفكيك خلايا داعش في أوروبا

إيطاليا : ألقت الشرطة الإيطالية في 5 يوليو 2021  القبض على خلية مكونة من (4) رجال تورطوا في تحويل ما يبلغ من إجماليه (30) ألف يورو إلى (42) شخصاً من جامعي الأموال للتنظيمات الإرهابية  في دول، بينها صربيا وألمانيا وتركيا وتايلاند وروسيا.

الدنمارك: أكدت الشرطة الدنماركية في 27 أبريل 2021 تفكيك خلية مكونة من (6) أشخاص يشتبه في انتمائهم إلى تنظيم  “داعش “، أو تمويله تعتمد المجموعة على شاب استغل (4) آخرين كوسطاء لتحويل أموال ينتمون إلى  داعش.  وتورط بعضهم  بالسفر إلى سوريا في صيف 2014 تمويل أنشطة.

فرنسا:  تم تفكيك شبكة مكونة من (7) أشخاص من الجالية الشيشانية في فرنسا في 24 أبريل 2021 أطلقت الخلية شبكة للتحويلات المالية إلى التنظيمات الإرهابية  في سوريا.  وتم احتجازهم ا بتهمة “الانتماء إلى منظمة إرهابية” و”تمويل الإرهاب.”  فككت السلطات الفرنسية في سبتمبر 2020 شبكة لتمويل تنظيمي داعش والقاعدة في سوريا عبراستخدام العملات المشفرة وتم اتخاذ إجراءات قضائية ضد (8)أضخاص من أصل (30) قبض عليهم.

إسبانيا: أعلنت الشرطة الإسبانية  في 25 مارس 2021 تفكيك خلية تموّل تنظيم القاعدة داخل سوريا تحت غطاء منظمة خيرية تتولى جمع تبرعات لأطفال يتامى وأوقفت (3) أشخاص.

ألمانيافككت االشرطة الألمانية والدنماركية في 11 فبراير 2021 خلية مكونة من (3) أشقاء سوريين يشتبه أنهم كانوا يخططون لشن هجوم إرهابي في أوروبا. وكان قد طلب أحدهم في بولندا (5) كيلوجرامات من مسحوق الألمنيوم والكبريت لتوريدها إلى ديساو-روسلاو بولاية سكسونيا آنهالت الألمانية. تم تفكيك خلية في أبريل 2020 نظمت الخلية الإرهابية عدة جلسات تدريبية على أساليب القتال والتدرب على استخدام رشاشات الطلاء والتحضير لعمليات عسكرية. كما تمكنت الخلية الإرهابية من الحصول على مواد قد تستخدم في صناعة المتفجرات. وكشفت السلطات أن الخلية خططت لاعتداءات إرهابية ضد منشآت عسكرية أميركية.

يرى” أوليفييه روي” الخبير الفرنسي في الإسلام السياسي ، أن هؤلاء الشباب، هم في الغالب، شباب “مولعون بعنف الجهاد”. من دون دراسة  معمقة للقرآن، أراد هؤلاء الشباب أن يكونوا مسلمين أفضل من آبائهم. بالنسبة للخبير روي، هناك ثورة للشباب قائمة على الفكر الإسلاموي، وهو الفكر الذي تتبناه تنظيمات مثل القاعدة وداعش. وتظهر الهجمات أن الجناة الأفراد الذين تم دمجهم في شبكات مكونة من أشخاص لهم نفس الرأي والتفكير، يشكلون على وجه الخصوص التهديد الأكبر.

مخاطر الذئاب المنفردة في أوروبا – داعش

نشر تنظيم “داعش” على مواقعه الإلكترونية تهديدات ضد إيطاليا عبر حث أنصار لتنفيذ أعمال إرهابية  في 11 يوليو 2021.  كما نشر تنظيم “داعش” في عام 2021 محتوى مرئي يدعو فيه “الذئاب المنفردة”، يحثهم على “الموت المجيد” أو “الموت بعزة” ـ كما يدعي ـ  عبر القيام بعمليات إرهابية بما هو متاح من أدوات مثل السكاكين والأسلحة والمتفجرات والسيارات، وما إلى ذلك.  نشرت صحيفة “لاراثون” الإسبانية في 15 مارس 2021 تقريرا خلص إلى وجود توقعات باستهداف التنظيمات الإرهابية لدول أوروبية ، معتبرة أن إسبانيا تعد من الأهداف الرئيسية لهذه الجماعات وعلى رأسها تنظيم داعش.

أكد “برونو كال” رئيس وكالة الاستخبارات الخارجية الألمانية (BND) في 15 يوليو 2021  إنه على الرغم من عدم وقوع هجمات إرهابية كبيرة في أوروبا والولايات المتحدة مثل الهجمات الدامية التي هزت البلدان الغربية قبل عقدين، إلا أن “إرهاب الإسلاميين قد تطور وكلف حياة الكثير من البشر، كما ازداد عدد الإرهابيين والخطر الذي يشكلونه”. وأضاف إن تنظيم داعش منذ ذلك الوقت تحول إلى “شبكة لا مركزية” مثل تنظيم القاعدة، حيث “تنتشر تنظيماته الفرعية”.

أكد ” جيل دي كيرشوف” منسق مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي في 17 يونيو 2021 إن تنظيم “داعش” لم يعد لديه القدرة على إرسال الإرهابيين إلى الأراضي الأوروبية” بفضل “الإجراءات التي اتخذها التحالف الدولي”. ومع ذلك ، حذر من أن “التهديد لا يزال معقدًا” وأضاف “دي كيرشوف” “لقد خفضت أوروبا نقاط ضعفها بشكل كبير ، لكن لا تزال هناك شكوك”.

يقول ” لوران نونيز” المنسق الوطني للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في فرنسا في 11 مارس 2021  أن ما يزيد من تلك المخاوف، هو اكتشاف وجود ميول واستعدادات لدى تنظيم داعش لتصميم أسلحة كيميائية، واستخدام طائرات بدون طيار. وهناك مخاوف من أن يتم استخدامها في الأراضي الفرنسية. ورغم إقرار المسؤول الفرنسي بأن إدخال تلك الأسلحة إلى فرنسا أمر صعب، إلا أنه اعتبر أن خطر استخدام السموم البيولوجية يبقى قائما، كما حدث مثلا، في عام 2018، في كولونيا بألمانيا، حيث ألقت الشرطة القبض على تونسي كان يحاول إنتاج سم بيولوجي.

حذرت السلطات  البريطانية في 29  يونيو 2020 من إحتمالية تنفيذ هجمات إرهابية خاطفة، التي عادة ما تكون سريعة وعنيفة ويكون ضحاياها أكثر. تستهدف عددا من المدارس والمكاتب والمستشفيات والأماكن العامة الأخرى، وطلبت من السكان أن يكونوا على أهبة الاستعداد. أكد  “فلاديمير فورونكوف” مساعد الأمين العام للأمم المتّحدة لشؤون مكافحة الإرهاب أمام مجلس الأمن الدولي في  25 أغسطس 2020 أنّه “خارج مناطق النزاع، يبدو أنّ التهديد انخفض على المدى القصير. يبدو أنّ التدابير المتّخذة للحدّ من تفشّي كوفيد-19، مثل إجراءات الحجر والقيود المفروضة على الحركة، قد قلّلت من مخاطر الهجمات الإرهابية في العديد من البلدان”.

مدى تاثير الضغوطات النفسية لتنفيذ عمليات ارهابية  – داعش

تتسبب الضغوطات النفسية في تنفيذ الذئاب المنفردة عمليات إرهابية من وحي داعشين دون الارتباط بالتنظيم. فعلى سبيل المثال طعن  صومالي 24 عاماً في 25 يونيو 2021 عدة أشخاص في وسط مدينة “فيرتسبورغ” الألمانية وأسفرت العملية عن مقتل (3) نساء وإصابة (5) آخرين بجروح خطيرة، و(4) بجروح طفيفة.  وحققت السلطات الألمانية في دوافع منفذ العملية  ما إذا كانت هناك دوافع دافع  جهادية وراء الهجوم. ولفت انتباه الأجهزة الألمانية ثمة مؤشرات على وجود اضطراب نفسي بسبب مشكلات نفسية. وكان قد أوضح  ” سيباستيان فيدلر” رئيس رابطة المحققين الجنائيين الألمان “BDK”، أن (35%) من مرتكبي الاعتداءات الفردية بين عامي 2000 و 2015 يعانون من أمراض عقلية.

المقاتلون الأجانب ـ لماذا ترفض أوروبا إستعادة مواطنيها؟

تمثل كيفية التعامل مع مواطني دول أوروبا الذين التحقوا بتنظيم داعش في مناطق الصراعات ومن بينهم نساء وأطفال مشكلة كبيرة. تسببت  استعادة الرعايا الأوروبيين في انقسام داخل دول الاتحاد، حيث أنهم معظمهم رهن الاحتجاز في المخيمات السورية. اكتفت دول أوروبية ، بينها فرنسا، باستعادة عدد من الأطفال اليتامى من أبناء الجهاديين.وتسعى كل دولة أوروبية في كسب المزيد من الوقت لتأجيل أو رفض عملية استعادة مواطنيها من سوريا.

عدد مقاتلي داعش

أحصت المفوضية الأوروبية أن أكثر من (40) ألف مقاتل انضموا إلى التنظيم يعتقد أن (5000) منهم قدموا من أوروبا. عاد (30% )منهم، وقتل في مناطق القتال(10%). أكد “توماس رينار” و”ريك كولسايت” الخبيران البلجيكيان بشؤون المتشددين بمعهد “إيغمونت” في بروكسل في 30 مارس 2021 ، أن هناك أكثر من (600) طفل من أبناء متشددين أوروبيين محتجزين شمال شرقي سوريا. بالإضافة إلى (400) طفل محتجزين في مدينة الحسكة السورية، ليصبح عددهم حوالي (1000) أوروبي. وتأتي فرنسا في صدارة قائمة هؤلاء المحتجزين الأوروبيين ثم ألمانيا ثم هولندا ثم السويد ثم بلجيكيا.

الاتحاد الأوروبي وعودة المقاتلين الأجانب

دعت “دنيا مياتوفيتش” مفوضة مجلس أوروبا لحقوق الإنسان في 3 يوليو 2021 الدول الأعضاء للسماح بعودة مواطنيها المعتقلين في سوريا والذين انضموا إلى “داعش.” وأكدت المفوضة أن الألوية المطلقة هي إخراج جميع الأطفال الأجانب من المخيمات وضرورة إعادتهم مع  أمهاتهم معهم.” واعتبرت أن مواطني دول المجلس البالغ عددها (47) دولة يدخلون ضمن الاختصاص القضائي لتلك الدول.  وعارضت بشدة تلك الخطوة فرنسا وبريطانيا بشكل خاص.

يقر خبراء أمنيون في 4 يونيو 2021 وجماعات حقوقية ومحامون بأن الحكومات الأوروبية تواجه مخاوف أمنية مشروعة وتتعرّض لضغوط سياسية. لكنّ عددا متزايدا من مسؤولي تلك الحكومات ورجال الاستخبارات يقولون إنّ ترك مواطنين أوروبيين في سوريا والعراق يأتي بمخاطر أكبر ويغذّي تلك الجماعات الإرهابية التي تستهدف أوروبا بالمزيد من المقاتلين.

أسباب عدم استعادة الدول الأوروبية لمقاتلي داعش وأسرهم -المقاتلون الأجانب

قانونية:  تثير إعادة مقاتلي داعش  قلق الدول الأوروبية حول مدى إدانتهم وخطورتهم لأن جمع الأدلة والبراهين من مناطق الصراعات أمرا بالغا في الصعوبة والتعقيد. تحتاج الدول الأوروبية توفير البيانات والفحوصات الجنائية عن مقاتليها ورعايها الذين التحقوا بتنظيم داعش. وتفتقر بعض الدول الأوروبية إلى أليات قانونية للتعامل مع الإجراءات الجنائية لإدانتهم. بالإضافة إلى أن عدد  قليل من الدول الأوروبية لايعتبر القتال في دولة أجنبية أومناطق الصراعات في حد ذاته جريمة.

اقتصادية: ترى بعض الدول الأوروبية أن استعادة المقاتلين الأجانب له تكلفة مادية  في إجراءات محاكمتهم ومراقبتهم أمنيا. كذلك تكاليف برامج إعادة التأهيل النفسي والاجتماعي وإعادة الإدماج داخل المجتمعات الأوروبية.

سياسية: تتجنب بعض الحكومات الأوروبية إعادة الرعايا الأجانب المنتمين لداعش خوفا من خسارة أغلبيتها البرلمانية. كما تتصاعد المخاوف من استثمار اليمين المتطرف لملف عودة المقاتلين الأجانب في توسيع نفوذه. فعلى سبيل المثال حرم انسحاب حزب “التقدم” اليميني الشعبوي الحكومة النرويجية من أغلبيتها البرلمانية في 20 يناير 2020،  وذلك بعدما سمحت النرويج لزوجة “جهادي” بالعودة إلى البلاد مع طفليها من سوريا. ورفض “حزب التقدم” إعادة الأم، لكنه لم يرفض إعادة الطفلين.

أمنية: تتصاعد مخاوف الأجهزة الأمنية في أوروبا من عودة المقاتلين الأجانب لاسيما أنهم تدربوا على القتال وحمل السلاح وتنفيذ هجمات إرهابية. وهناك بعض الدول الأوروبية الحد الأقصى لعقوبة السجن للانتماء إلى منظمة إرهابية هي خمس سنوات مما يعني أنه يتم إطلاق سراحهن في غضون بضع سنوات أو تم الأفراج عنهم بالفعل ما يشكل خطورة أمنية على المجتمعات الأوروبية.

استعادة مقاتلي داعش وأسرهم من المخيمات  -المقاتلون الأجانب

أعادت الحكومة البريطانية، في 16  سبتمبر 2020  طفلاً من مواطنيها من سوريا، وهو واحد من عشرات الأطفال البريطانيين. أعادت فرنسا في 13 يناير 2021  (7) أطفال من أبناء داعش الفرنسيين وبذلك تكون فرنسا أعادت حتى الآن ما مجموعه (35) طفلًا من أبناء داعش.

طالبت السلطات الألمانية الحكومة العراقية في 22 يناير 2021  بتسليمها أحد عناصر تنظيم “داعش” الألمان المصنف إرهابيا على المستوى الدولي في أول قضية من نوعها. وسمحت الحكومة الألمانية فقط بعودة بعض النساء والأطفال فقط على صلة بـ”داعش” إلى البلاد. تسلمت ألمانيا في أغسطس 2019 للمرة الأولى من الإدارة الذاتية الكردية (4) أطفال  ألمان من مقاتلي “داعش” في سوريا.

اعتزمت السلطات الدنماركية في 13 مايو 2021 استعادة (19) طفلا و(3) من أمهاتهم يتواجدون في مخيمي الهول وروج في شمال شرق سوريا. وصرّح وزير الخارجية “يبي كوفود” أن “الأوضاع على صعيد الأمن الإنساني في المخيمات شهدت تدهورا. وهذا الأمر ينطبق خصوصا على مخيم الهول الذي يشهد شحا في المواد الغذائية والرعاية الطبية”. سلّمت الإدارة الكردية في 6 يونيو 2021 السلطات الهولندية (4) من أفراد عائلات تنظيم “داعش.”

نظمت السلطات البلجيكية في 16 يوليو 2021  أكبر عملية إعادة لأبناء وأمهات داعش. حيث عاد (10) أطفال من أبناء مقاتلين جهاديين و(6) أمهات من مخيم روج في شمال شرق سوريا. أعادت كوسوفو ومقدونيا الشمالية  في 19 يوليو 2021  (34)  من مواطنيهما من سوريا بينهم رجال. وأفادت الحكومة المقدونية: “إذا لم يتم العثور على دليل على الجرائم ، فسيتم إدراجهم بمحض إرادتهم في عملية إعادة التأهيل وإعادة التوطين وإعادة الإدماج”.

أحكام قضائية بشأن عودة المقاتلين الأجانب

رفضت المحكمة العليا البريطانيا في 26 مارس 2021 السماح بعودة بريطانية سافرت إلى سوريا للانضمام إلى تنظيم “داعش.” وجردت بيغوم (21 عاما) من جنسيتها البريطانية عام 2019 بدعوى أنها تشكل خطرا أمنيا. وفي أول إدانة لـعائدة إلى السويد حكمت محكمة سويدية على أمرأة  كانت انضمت إلى تنظيم “داعش” في سوريا، بالسجن 3 سنوات مع النفاذ لاصطحابها طفلها معها. قضت محكمة هولندية في 12 نوفمبر2019 بأنه يتوجب على السلطات الهولندية تقديم مساعدات لاستعادة (56) طفلا من (23) امرأة هولندية يتواجدون في المخيمات شمال سوريا،  وأَضافت المحكمة أنه لا يتعين قبول عودة الأمهات

مخيم الهول قنبلة موقوتة -المقاتلون الأجانب

نبهت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في 3 يوليو 2021 ، إلى أن “مئات الأطفال، وغالبيتهم فتيان لا تتجاوز أعمار بعضهم 12 عاما، محتجزون في سجون للبالغين، وهي أماكن لا ينتمون إليها ببساطة”. أفادت “أسوشيتد برس” في 3 يونيو 2021 أن الوضع في مخيم الهول خطير للغاية حيث يتجول الأطفال على الطرق الترابية، ويقومون باللعب بالسيووف الوهمية والرايات شبيهة برايات داعش السوداء  تقليدا لمقاتلي تنظيم داعشتنظيم داعش.

ويقول ” ألكسندر دي كرو” رئيس الوزراء البلجيكي في 4 مارس 2021 “يوجد في هذه المخيمات إرهابيو الغد”. يتنامي قلق الدول من وضع أطفال داعش داخل المخيمات السورية، فقليل منهم يستطيعون القراءة والكتابة وبالنسبة للبعض مصدر التعليم  الوحيد هوالأمهات اللاتي يقدمن لهم دعاية عن داعش ويزرعون في عقولهم الأفكار المتطرفة.  وتزداد المخاوف بأن تخلق هذه المخيمات جيلا جديدا من الإرهابيين عبر تدريبهم داخل المخيمات على القتال.

مكافحة الإرهاب و التطرف في أوروبا ـ القوانين والسياسات

تحاول  الدول الأوروبية دوما سن تشريعات وقوانين  جديدة لمكافحة الإرهاب والتصدي للتنظيمات والإرهابية. وكثفت دول الاتحاد الأوروبي من مساعيها  لتجفيف منابع تمويل الإرهاب  ومصادره.  وشددت الرقابة علي حدودها الخارجية لمنع تسلل  مقاتلي داعش  الأوربيين من مناطق الصراعات  لا سيما في الشرق الأوسط.  و ولايزال يتخذ الاتحاد الأوروبي جميع الإجراءات والتدابير التي لاتسمح بمزيد من التطرف والإرهاب على أراضيه.

أبرز السياسات و القوانين الجديدة لمكافحة الإرهاب و التطرف في أوروبا

اعتمد الاتحاد الأوروبي في  15 يونيو 2021  (3) مقترحات لتمويل سياسات الشؤون الداخلية، في إطار الميزانية المالية متعددة السنوات والتي تغطي السنوات من 2021-2027. تعزز المقترحات صندوق الأمن الداخلي وتكثيف جهود ردع لأشكال الإرهاب والتطرف والجريمة المنظمة والخطيرة وجرائم الإنترنت. تحسين تبادل المعلومات، وتكثيف التعاون مع مختلف الدول التي تربطها حدود بدول الاتحاد الأوروبي.

فرض البرلمان الأوروبي في 29 أبريل 2021  قيوداً مشددة على المنصات الإلكترونية. لتطبيقها العام 2022 في الاتحاد الأوروبي  بشأن حذف“ المحتوى الإرهابي ”على الإنترنت وإزالة الرسائل والصور ومقاطع الفيديو“ ذات الطابع الإرهابي ”خلال ساعة. وتنطبق الاستثناءات على المحتوى المنشور لأغراض تعليمية أو صحافية أو فنية أو بحثية. وتقول مفوضة الشؤون الداخلية في الاتحاد الأوروبي“ إيلفا جوهانسون ”إن“ هذا التشريع سيجعل من الصعب على الإرهابيين استغلال الشبكة العنكبوتية للتجنيد عبر الإنترنت والتحريض على الهجمات عبر الإنترنت وتمجيد فظائعهم عبر الإنترنت”. وأما على مستوى دول أوروبا:

فرنسا: أقرت الجمعية الوطنية الفرنسية بغالبية كبيرة في 16 فبراير 2021  مشروع قانون“ يعزز مبادئ الجمهورية ”لمكافحة التطرف الإسلاموي ومنع تغلغل المتطرفين داخل أجهزة الدولة ووقف التمويلات الأجنبية وتشديد الرقابة على أنشطة الجمعيّات الدينيّة والثقافيّة.

ألمانيا: أقر البرلمان الألماني في 7 مايو 2021 تعديلات  بشأن قانون مكافحة التطرف والكراهية على شبكة الإنترنت.  من خلال توسيع صلاحيات الشرطةالألمانية والقضاء  الألماني لاتخاذ إجراءات حاسمة.

بريطانيا: أعلنت الحكومة البريطانية  في 16 مارس 2021 بريطانيا إقامة مقرا جديدا للأمن يجمع الجهاز الشرطي ومسؤولي الحكومة والاستخبارات ومسؤولين بالحكومة وعناصر من النظام القضائي، للتصدي للتهديدات الجهادية واليمينية المتطرفة.

بلجيكا: طالب النائب البلجيكي، دينيس دوكارم في  فبراير 2021 بحظر التجمع المناهض للإسلاموفوبيا في بلاده أسوة بما فعلت فرنسا مع فرع المؤسسة لديها والمعروفة ب (CCIF)، إذ حظرت باريس التجمع لإبدائه التعاطف مع قاتل المدرس الفرنسي صموئيل باتي. ويرتبط التجمع بجماعة الإخوان في أوروبا، فهو أحد مؤسساتها المتعددة الأفرع بالمنطقة الغربية، وقد سبق وحضر طارق رمضان بعض الفعاليات بها، ويقول السياسي البلجيكي إن غلق المؤسسة بفرنسا أدى إلى تحول بعض أصولها للمجموعة البلجيكية، مؤكدًا أنه بعد حل الجمعية بثلاثة أيام فقط تقدم مواطنان بوثائق في بروكسل لدعم المشروع هناك.

النمسا: عززت الحكومة النمساوية من جهودها لحظر الجماعات المتطرفة والإرهابية وملاحقة الممولين لها. وقد أقرالمجلس الوطني في النمسا في 8 يوليو 2021 قانونا جديدا لمكافحة الإرهاب والتطرف. ويقول “كارل نيهمر” وزير الداخلية النمساوي أن التشريعات الجديدة تغلظ العقوبات على البيئات الحاضنة للتطرف وتسهل عملية مراقبتهم وكذلك مراقبة خطاب الكراهية والتشدد الديني واستغلال شبكة الانترنت في هذه الأغراض.ووافق البرلمان على وضع السوار الإلكتروني في الكاحل في حالة الإفراج المشروط عن المدانين بالإرهاب ، كذلك الاعتراف بالجريمة الجنائية ذات الدوافع الدينية.

سويسرا: صوت السويسريون في 13 يونيو 2021 على قانون جديد لمكافحة الإرهاب، و يمنح هذا القانون الشرطة وسيلة للتحرك بسهولة أكبر في مواجهة “إرهابي محتمل”. بفضل هذا القانون، ستكون الشرطة قادرة على مراقبتهم بشكل أفضل والحد من تحركاتهم وإجبارهم على المشاركة في مقابلات، بدءا من سن الثانية عشرة. واعتبارا من سن الخامسة عشرة يمكن فرض الإقامة الجبرية على المشتبه به لمدة تسعة أشهر، بموافقة المحكمة. ويرى المعارضون اليساريون للقانون أنه لا يحترم الحقوق الأساسية وحقوق الإنسان ويعرض تراث حقوق الإنسان في البلاد للخطر. وتؤكد الحكومة أن الحقوق الأساسية سيتم ضمانها وأن برامج مكافحة التطرف غير كافية في مواجهة التهديد الذي يشكله بعض الناس. وحتى لو نجت سويسرا من الهجمات الجهادية التي ضربت أوروبا، فإن التهديد ما زال “مرتفعا” حسب السلطات التي ذكرت أنه “في 2020 حدثت عمليتا طعن لدوافع إرهابية على الأرجح في مورجيس ولوغانو”.

التقييم

تصاعد قلق الأجهزة الأمنية الأوروبية من تغيير إستراتيجية تنظيم داعش تجاه دول أوروبا لاسيما أنه يحاول التأقلم مع المتغيرات الراهنة، لتنفيذ هجمات إرهابية بشكل فردي وسط انشغال الدول في مواجهة جائحة كورونا. ووتزداد المخاوف من استمرارية تخطيط الخلايا الإرهابية في شتى أنحاء أوروبا لتنفيذ عمليات إرهابية معقدة وواسعة، بالرغم من الامكانيات والقدرات المحدودة لتلك الخلايا.

يكمن خطر الخلايا الإرهابية على مستوى دول أوروبا أن تعطيلها بالغ الصعوبةوالتعقيد. ويحتاج إلى جهد أمني واستخبارى كبير، لاسيما أن تأثير التنظيم الآيديولوجي لم يتلاشى بعد ومازال العديد من الشباب الأوروبي متأثرين بالفكر المتطرف وربّما يتحوّلون إلى ذئاب منفردة تنفذ هجمات إرهابية في أى وقت لايمكن التكهن بها ولايمكن منعها.

تشير التقارير الاستخباراتية الأوروبية الصادرة  إلى أن تنظيم داعش هُزم على الأرض، لكن خطورة التنظيم مازالت قائمة، ولم يتم القضاء على الخطر بعد. يعكس ضعف قدرات تنظيم داعش على تنفيذ هجمات إرهابية  كبييرة على غرار هجمات بروكسل وباريس نجاعة الإجراءات والتدابيرالمشددة التي اتخذتها العديد من الدول الأوروبية.  لكن لا تزال هناك شكوك بشأن ميول واستعدادات تنظيم هجمات نوعية وخاطفة مستوحاة من فكر التنظيم.

بالنظر إلى العمليات الإرهابية المستوحاة من فكر تنظيم داعش نجد أنها محدودة وتتمثل في هجمات الطعن بالسكين تظل “الذئاب المنفردة”؛ ورقة مهمة لتنظيم داعش لمحاولة إثبات وجوده، لذلك ينبغى اعتماد الجهد الإستخباري في تتبع العناصر الخطرة، اعتماد عمليات إستباقية و وقائية بتفكيك الخلايا قبل وقوعها، ومحاربة التطرف والارهاب مجتمعيا.

تواجه العديد من الحكومات الأووروبية الانتقادات لرفضها استعادة رعايها من الرجال والنساء المحتجزين في المخيمات السورية.  وأثارت عملية أطفال داعش الأوربييين انقسامات حادة  داخل الدول الأوروبية ففريق ينظر لقضية استعادة الأطفال من وجهة نظر إنسانية ويدعو لمقاربة مسألة استعادة الأطفال. وفريق ينظر للملف من وجهة نظر أمنية ويتخوف من استعادتهم وأنهم يشكلون خطرا وليس  هناك بحاجة إلى الإنقاذ، ويعتبر أن أمن الدول الأوروبية يعلو على ما عداه.

تكمن مشكلة استعادة المقاتلين الأجانب الأوروبيين في عدة أسباب منها الأمنية خوفا من أن  يشكل المقاتلون الأجانب وأسرهم “قنابل موقوتة” إذا ما أعيدوا إلى بلدانهم. كذلك معضلة قانونية فتزعم بعض الدول الأوروبية أن المحاكم قد لا تكون قادرة على مقاضاة المقاتلين بنجاح بسبب نقص الأدلة في ميدان المعركة. كذلك الاقتصادية وتتمثل في تكاليف استعادة المقاتلين ومخاكمتهم وتأهيلهم.

تشير التقديرات إلى أن عودة مقاتلي داعش لا يحظى بشعبية كبيرة في معظم الدول الأوروبية ويرى الأوروبيون أن الجهود المبذولة حتى الآن لإعادة تأهيل المتطرفين السابقين والمحتملين في جميع أنحاء أوروبا لم تسفر عن نتائج مشجعة. وإذا وافقت الدول الأوروبية  على استعادة المقاتلين واسرهم  فمن المحتمل أن تكلفها خسارة الكثير من الأصوات الانتخابية، وستجعل هذه الحكومات هدفًا سهلاً نسبيًا للأحزاب السياسية اليمينية المتطرفة والأحزاب الشعبوية.

يعد الإعادة إلى الوطن والمحاكمة حسب الاقتضاء مع تفويض لجمع الأدلة الجنائية وتحديد وإعادة الشهود للإدلاء بشهاداتهم. كذلك إعادة التأهيل وإعادة الإدماج واخضاع من يعود الى برامج نزع التطرف العنيف واخضاع المتورطين بعمليات ارهابية للقضاء، هي أفضل طريقة لإبقاء المقاتلين وأسرهم بعيدًا عن ساحة المعركة ومعالجة الأزمة الإنسانية في مراكز الاحتجاز والمخيمات.

نجحت أوروبا نسبيا في مكافحة التطرف والإرهاب، واستطاعت منع حصول عمليات إرهابية معقدة ، ما عدا عمليات الذئاب المنفردة. لكن في مقابل ذلك ن ما زالت أوروبا تحتاج إلى النهوض بمحاربة التطرف محليا من الداخل، وكذلك حسم ملف المقاتلين الأجانب، وهذا يعني أن أوروبا بالاتجاه الصحيح لكن هذا لا يعني عدم وجود ثغرات يمكن أن تستغلها الجماعات المتطرفة.

إن منع التطرف هو أحد الجوانب الرئيسية لجهود الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب. في الجانب السيبيراني، كان التطرف على الإنترنيت في صميم تدخل الاتحاد الأوروبي، الذي يستهدف ضمان الإزالة السريعة للمواد الإرهابية، ولكن أيضا مع الخطط المستقبلية لجعل منصات الإنترنت الرئيسية أكثر مساءلة عندما يتعلق الأمر بمكافحة المحتوى غير القانوني والضار عبر الإنترنت. وعلاوة على ذلك، فإن جهود الدول  الأوروبية منفصلة والاتحاد الأوروبي أسهمت إلى حد معين أيضا في جهود الوقاية، على افتراض أن مجتمعا أكثر تماسكا وشمولا يمكن أن يساعد في منع انتشار الأيديولوجيات المتطرفة مما يؤدي إلى الإرهاب والتطرف العنيف. و

مع ذلك، فإن على الدول الأوروبية إيجاد صيغة لكيفية التوصل إلى تفاهم مشترك حول حدود حرية التعبير والمسؤوليات القانونية للمنصات الإلكترونية ومقدمي الخدمات. ويجب على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مواصلة العمل على المدى الطويل على تقريب قوانينها الجنائية بشأن خطاب الكراهية. مثل وجوب مراقبة تنفيذ اللائحة القادمة بشأن حذف محتوى الإرهاب على الإنترنت عن كثب. ولتجنب الاستخدام غير المتناسب لاتهامات الإرهاب في السياقات العابرة للحدود، سيكون من المفيد توسيع الأسس القانونية لمكافحة خطاب الكراهية وجرائم الكراهية.

وعلي الرغم من سنوات من الجهود، فقد بلغت الدول الأوروبية والاتحاد الأوروبي حدودا هيكلية فيما يتعلق بالجهود الواسعة النطاق التي يبذلها المجتمع كله للحد من التطرف ومنع العنف الإرهابي. لذلك داخل الاتحاد الأوروبي، لا ينبغي للدول الأعضاء أن تجر بعضها البعض إلى مناقشات داخلية حول دور الدين والتكامل في مجتمعاتها. بل يمكن بذل جهود أكثر استهدافا على مستوى الاتحاد الأوروبي لإيجاد حوافز إصلاحية في مجالات محددة، مثل الوقاية وإعادة التأهيل في النظم الإصلاحية القومية. وحتى دون اختصاص التنسيق القانوني، يستطيع الاتحاد الأوروبي أن يفعل أكثر من مجرد تعزيز أفضل للممارسات على المستوى الاجتماعي والسياسي والقانوني والأمني.

ما يلاحظ في بعض الدول الأوروبية، هو أن  تدابير وقوانين مكافحة الإرهاب أدت إلى زيادة متبعة الجماعات العنصرية في جميع أنحاء أوروبا ومراقبتها، وهناك من رأى أن تطوير سياسات وممارسات الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب  التطرف استندت إلى التحيزات والصور النمطية المتعلقة بالمجتمعات المسلمة المحلية، كما أن بعض الجماعات العرقية والدينية تأثرت بشكل غير متناسب في ممارستها للحقوق والحريات الأساسية.  المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب و الإستخبارات

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

yellow flag on boat Previous post بريطانيا والمشروع العالمي للانترنيت
Next post بعد التطورات الأخيرة .. إلى أين تتجه العلاقات العربية التركية؟