فوضى النظام العالمي: أي مصير ينتظر الكون؟

Read Time:3 Minute, 55 Second

قاسم قصير

شبكة  المدار الإعلامية  الأوروبية …_ في خضم الحرب الروسية على أوكرانيا قبل حوالي الشهرين، صدر في بيروت عن دار الفرات كتاب جديد للباحث في الشؤون الدولية ورئيس الجامعة اللبنانية الأسبق، الدكتور عدنان السيد حسين، تحت عنوان: فوضى النظام العالمي.

في هذا الكتاب المهم والذي صدر في توقيت مهم في ظل ما يشهده العالم من صراعات وأزمات كبرى وأهمها الحرب العالمية في أوكرانيا والتي قد تمتد أيضا إلى شرق آسيا بين الصين وتايوان، إضافة للأزمات المتنقلة في كافة أنحاء العالم، والتي تكشف عن عمق أزمات النظام الدولي القائم اليوم والمخاطر التي يواجهها العالم والكون، في ظل الخوف من مجاعة جديدة وأزمات على صعيد الطاقة والنفط والغاز، وصولا إلى المخاوف من تحول كل هذه الصراعات إلى حرب كبرى وفشل كل المنظمات الدولية، ولا سيما منظمة الأمم المتحدة في وقفها ومعالجة آثارها المدمرة.

فما هي طبيعة الفوضى في النظام العالمي اليوم؟ وإلى أين يتجه العالم والكون في المرحلة المقبلة؟ وهل هناك من مخرج لهذه الأزمات والصراعات أم أن الفوضى ستنتشر في كل أنحاء العالم؟

في كتابه المهم يحدد الدكتور عدنان السيد حسين أهم المؤشرات حول الفوضى في النظام العالمي اليوم، ومنها:

أولا: فوضى في المحددات الفكرية وفوضى في التطبيق على أرض الواقع، وفوضى في تحديد معنى الإرهاب وطرق مكافحته، وتراجع فاعلية القانون الدولي.

ثانيا: فوضى في انتظام عمل الأمم المتحدة بوصفها راعية للسلم والأمن الدوليين، بالتزامن مع فوضى التسلح والتهديد بالعودة إلى سباق التسلح.

ثالثا: فوضى في العلاقات الاقتصادية الدولية وما نشهده من حصار وعقوبات وحروب تجارية ضحاياها فقراء العالم المهمشون، وفشل القوى الدولية في اعتماد استراتيجية موحدة لمكافحة الأزمات الصحية العالمية ومعالجة الفقر والفوارق بين الشعوب.

رابعا: فوضى في حفظ الأمن الوطني والأمن العالمي تحت وطأة تهديد هيكليات الدول بالسقوط، وهذه من أخطر الأزمات التي تواجهها الدول منذ انقضاء الحرب الباردة وتعثر تطبيق نظام الأمن الجماعي.

خامسا: فوضى في حماية البيئة الطبيعية من التلوث والتدمير وانتشار الفوضى في تحقيق التنمية المتوازنة والمستديمة للشعوب، وغياب المعايير الدولية الموحدة للتعاون الدولي.

سادسا: فوضى في حق التدخل الإنساني، أي حق الدول المهيمنة بالتدخل في مناطق العالم تحت دعوى حماية حقوق الإنسان، وغياب المعايير الموحدة في هذا المجال.

سابعا: فوضى في معالجة الأزمات الدولية مع استثارة العصبيات الطائفية والمذهبية والعشائرية والإقليمية والجهوية، والأخطر هو إيجاد الأزمات الداخلية والحروب الداخلية لتبرير التدخلات الدولية وتحقيق مصالح الدول الكبرى.

هذه أبرز معالم الفوضى في النظام الدولي والعالمي، والتي يستعرضها الدكتور عدنان حسين في كتابه، وهو يعمد إلى استعراض الأوضاع الدولية منذ سقوط الاتحاد السوفييتي إلى اليوم، حيث يستعرض أهم المحطات التي مر بها العالم خلال السنوات الثلاثين الماضية، والتطورات والمتغيرات الحاصلة على الصعيد الدولي، ومنها: بروز الدور الأمريكي الأوحد على الصعيد الدولي وقيام نظام القطب الواحد، التمدد الصيني، وأزمات الاتحاد الأوروبي، ومحنة القوانين الدولية، وتهميش الأمم المتحدة، وبروز القوى الإقليمية الجديدة، واضطراب العلاقات الاقتصادية، وثورة المعلومات والتكنولوجيا وآثارها العالمية، وفوضى التسلح، والتوسع الأطلسي، وانتشار موجات الإرهاب والتطرف، والفشل في أفغانستان، وأزمات العراق والدول العربية والإسلامية.

هذه التطورات الدولية طيلة العقود الثلاثة هي التي أفرزت فوضى النظام العالمي التي نواجهها اليوم، ومن أبرز مظاهرها اليوم الحرب في أوكرانيا، والتي ليست حربا روسية على أوكرانيا، بل هي حرب عالمية مصغرة بين روسيا والغرب في أوكرانيا. والخوف الأكبر أن نشهد حروبا أخرى في شرق آسيا، في ظل السعي الأمريكي لمحاصرة الصين وإدخالها في صراعات جديدة من بوابة تايوان أو من أبواب أخرى.

كما أن ما يجري في فلسطين من تصاعد الوحشية الصهيونية وزيادة عمليات التهويد، والتحضير لتدمير المسجد الأقصى، والسيطرة الكاملة على فلسطين وتهجير الشعب الفلسطيني.. كل ذلك قد يدخل المنطقة والعالم في حرب جديدة تشارك فيها كل قوى محور المقاومة، مما يعني المزيد من الصراعات والحروب في المنطقة.

وفي المحصلة نحن إذن، كما تحدث الدكتور عدنان السيد حسين في كتابه الجديد، أمام فوضى في النظام العالمي، وكل ذلك يهدد الكون كله بأزمات خطيرة في كل المجالات ولا سيما على صعيد الغذاء والطاقة، مع احتمال لجوء بعض الدول إلى السلاح النووي مرة أخرى مما يعني تدمير العالم كله، كما تنبأ أينشتين فيما ينقل عنه، بأن العالم قد يشهد حربا نووية عالمية مما يعني عودة العالم إلى العصور الحجرية بعد كل هذا التطور العلمي والتكنولوجي.

فهل سنستمر في هذا الاتجاه المدمر؟ أم هناك إمكانية للخلاص من خلال مبادرات عالمية أو عبر طرح مشاريع جديدة لإنقاذ العالم، كما حصل في خمسينات وستينات القرن الماضي عبر مشروع دول عدم الانحياز ومؤتمر باندونغ وغيرها من المحاولات لوقف الحرب الباردة وتشكيل كتلة وسطية في العالم؟

وهل يمكن للعالم العربي والإسلامي أن يستعيد موقعه الوسطي لمواجهة هذه الحروب المدمرة، بدل أن يكون جزءا من هذه الصراعات، وذلك من خلال إعادة تفعيل دور منظمة التعاون الإسلامي ورفض الانجرار إلى أي محور في العالم، وطرح رؤية جديدة لإنقاذ العالم؟

المهمة ليست سهلة، والعالم اليوم يغرق في الفوضى وهناك حاجة كبرى للإنقاذ. وفي بعض الأدبيات الإسلامية قد يكون ما يجري بداية لنهاية العالم وظهور المهدي أو المخلص، لكننا لا نستطيع الانتظار، ونحن بحاجة لمبادرات فعلية توقف هذا الانحدار السريع نحو الحرب الكبرى، فمن يستطيع تحمل هذه المسؤولية اليوم؟

عربي 21

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %
crowd of activists walking on street near car Previous post إضراب في روتردام يخلص مشكلة بالنقل
brown concrete building Next post الرباط عاصمةً للثقافة الأفريقية هذا العام