الاعتذار لايمحي العار

Read Time:2 Minute, 26 Second

إبراهيم عطا _كاتب فلسطيني

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية…_هل سيقبل الهنود الحمر في كندا اعتذار بابا الفاتيكان واقراره بالذنب او “mía culpa”، عن الجرائم التي ارتكبتها الكنيسة بحق أطفالهم خلال عملية التطهير الديني التي مارستها لعشرات السنين في المدارس، من خلال اكراه أبناء السكان الاصليين على التخلي عن طقوسهم الدينية، واجبارهم على اعتناق الديانة المسيحية، من خلال العنف واساليب ترهيبية، مما أدى إلى مقتل الالاف منهم في تلك المدارس الكاثوليكية، والتي استمرت حتى ١٩٩٦ ميلادية؟
وهل ستسامح هذه القبائل الكندية الكنيسة و بابا الفاتيكان على تلك الجرائم الفظيعة ويغلقون ملف معاناتهم او فقدانهم للالاف من أطفالهم، مقابل هذا هذا الاعتراف وهذا الاقرار…؟
لا أعتقد أن ذلك سيحدث ابدا لان التاريخ لا يغلق أي من صفحاته الى الابد، ولا يمحي ما دونته الاحداث وما سرد وكتب، فكيف اذا كانت جرائم تطهير فظيعة تركت هذا الكم من الحقد والغضب؟.
وبالامس القريب قدم الرئيس الفرنسي ماكرون ايضا اعتذاره للشعب الجزائري عن جرائم بلاده وممارساتها الوحشية على ارض المليون شهيد، فهل شعر الشعب الجزائري بالرضا والقبول بهذا الاعتذار وقرر نسيان تلك الفظائع التي مورست بحق ابنائه؟، بالطبع لا، لم ينس ولن ينسى ذلك مهما قدمت له باريس من اعتذارات ومهما منحته من مساعدات و وقعت معه من معاهدات واتفاقيات…
أما مملكة اسبانيا فما تزال ترفض الاعتراف بالفظائع التي ارتكبتها بحق السكان الاصليين للقارة الامريكية بعيد وصول سفن كولومبوس الى شواطئها، والذي ما زالت تعتبره اكتشافا عظيما وانجازا تاريخيا مجيدا…ولكنها بالمقابل قامت بالتكفير عن ذنبها المتمثل بطرد يهود “السيفارديم” عن اراضيها قبل ٥٠٠ عام، من خلال قراراتها التي منحت اليهود ألمنحدرين من أصول اسبانية الحق بالحصول على الجنسية، الا انها لم تفعل الشيء عينه مع العرب “الموريسكوس” الذين تم ترحيلهم ايضا عن اراضيها في القرن السابع عشر…
أما المانيا التي تحمل عقدة المحرقة تجاه اليهود، فتقوم كل عام بدفع مئات الملايين لمن تضرروا او يدعون الضرر من الجرائم النازية، وفي نفس الوقت تقدم العتاد والسلاح للكيان الصهيوني المحتل لفلسطين، وتصنع له الغواصات المتطورة، كتعويض عن ارتكابها المحرقة، وهو ما يشكل محرقة جديدة بحق اصحاب الارض الأصليين…
والسؤال الذي يطرح نفسه الان هو لماذا تصر بعض الدول على الاستمرار بممارسة جرائمها بصمت وتقوم بتعذيب ضحاياها كل يوم، من خلال التمسك بمواقفها الرافضة للاعتذار او حتى الاقرار بالذنب وبالخطيئة المرتكبة…ومنها على سبيل المثال لا الحصر بريطانيا التي كانت عظمى وارتكبت واحدة من اعظم جرائم التاريخ، عندما اصدرت وعد بلفور المشؤوم الذي اعطى ارض فلسطين للعصابات الصهيونية، مدعية انها ارض بلا شعب لشعب بلا ارض، وما تزال حتى اليوم تعتبر جريمتها هذه، والتي نتج عنها تطهير عرقي وديني ما زال يمارس حتى الان وبشكل ممنهج، وتهجير لشعب بكامله عن ارضه وارض اجداده، ما تزال تعتبره انجازا كبيرا، وتحتفل بذكراه السنوية، دون مراعاة للألم الذي تتسبب به تجاه ضحايا جريمتها النكراء تلك…
والامثلة كثيرة وعديدة ولا مجال لذكرها كلها، ولكن يبقى الامر بيدنا نحن للضغط على قوى الاجرام كي تعلن الاعتراف بالذنب او “mía culpa” اليوم وقبل الغد، من خلال مقاومة كل انواع الظلم والاحتلال، والوقوف بوجه داعميه من قوى الشر العالمي…
الرحمة لشهيد اليوم الطفل أمجد ابو عليا.

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية…_

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %
Previous post في ذكرى رحيل الكاتب الكبير يوسف الشريف
Next post إيقاف شحنات الفاز من روسيا نحو لاتفيا