منمنمات ليبية((مشروع فزان للنقش على الفضة… إبداع وارث لا يموت))

Read Time:6 Minute, 44 Second

متابعة كوثر الفرجاني

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …._تعدّ الفضة في من أبرز وأهم المعادن الثمينة لصناعة حلي النساء، خصوصاً في القرى والأرياف.

وتختلف أحجامها ونقوشها واستخداماتها من منطقة إلى أخرى. وتتميز بطابعها الأمازيغي في الأساس. ولا يمكن للنساء الاستغناء عنها، ليس بسبب انخفاض سعرها مقارنة بالذهب فحسب، بل لتاريخها ورمزية أشكالها (الخمسة والخلال والحوتة والورقة) وغيرها من أبرز وأعرق أشكال الحلي الأمازيغي، والتي لم تستطع القطع الحديثة، على الرغم من رونقها وجمالها، القضاء عليها. والمدينة القديمة في العاصمة طرابلس تعد واحدة من بين أعرق وأقدم المناطق المعروفة بانتشار محال حرفيي النقش على الفضةفي  سوق المشير حيث الذهب والحلي.
ومع تناقص عدد الحرفيين في السوق والذي لا يتجاوز العشرات. وعلى غرار العديد من المناطق، حافظ ما تبقى من الحرفيون على النقش على الفضة بأساليب تقليدية.
ومن قلب الجنوب الليبي ، والذي يشكل نقطة الارتكاز للابداع والعطاء الذي لا ينضب، والتجدد المتفرد حرص مركز  نقوش فزان للفضة والصناعات التقليدية، مقره سبها، على ان يطلق مبادرته والتي هي الاولى من نوعها لتعليم النقش على الفضة.
اوكسجين الفن
( امتة الزعيتري)فنانة بالفطرة، تتنفس فنا ، تدمن الفنون بجميع اشكالها وانواعها، لم تترك بابا الا وطرقته وبالاخص باستخدام مواد خام من البيئة،  كلمات أصرت على البوح بها في بداية حديثنا معها عن حرفتها التي امتهنتها ، والتي استطاعت بها ان تكون سفيرة للحلي الفضية  والصناعات التقليدية التي تميزت بصناعتها؛ هذه السيدة هي ترجمة لمسيرة امرأة ليبية اختارت ان تسلك طريقا متفردا من اجل الحفاظ على ارث معرض للاندثار والانقراض، وتفخر بكونه يلاقي إعجابا وإقبالا.
واليوم تفرض وجودها وبقوة بآخر إنتاجها من الحلي الفضية التقليدية والعصرية كذلك، تختار الاصعب والاكثر مشقة ، لتخلق لنقسها تالقا لا نظير له، ولا تكتفي في كل خطواتها بان تبدع منفردة ، ففي كل حقل ابداعي لها كان لها فريقا تعمل على تعليمه وتدريبه لتكتمل الجوقة التي تعزف سمفونية ابداع لا تنتهي بقلب الجنوب الليبي.
وفي جولة بهذا العالم الجميل الذي تحب كل امرأة السفر فيه، شرحت لنا الفنانة الليبية (امنة الزعيتري)بداياتها مع هذه الحرفة التي عشقتها وهي طفلة، وهي ترى الفضة من مكملات الزي الليبي ، تقول ”كان حبي لهذه الحرفة مختلطا بموهبة ظهرت لدي منذ صغري، و اخترت أنا الفضة لتكون معدن إبداعاتي وانطلاقي في هذه الحرفة”.
علم ..و..فن
ولأنها درست و تدرس التربية الفنية وشغوفة بالفن والرسم والنقش، ولحاجة منطقة فزان ومدينة سبها لمركز تدريبي يعلم الحرف التقليدية للنساء والرجال ليخلق فرص عمل ويحافظ على الإرث الثقافي بالمنطقة، قررت( آمنة الزعيتري)أن تطلق مشروعها نقوش فزان للفضة.
وتقول بشغف منقطع اانظير :
“يهدف مشروع نقوش فزان بتعليم الحرف اليدوية ومن ضمنها النقش على الفضة وعلى الخشب والتطريز على الجلد وغيرها، كما يهتم بإعادة تدوير أواني الألمونيوم والخردة والعلب المستعملة ويصنع منهم تحف فنية واكسسوارات تقليدية تعزز التراث وتحافظ على البيئة في آن واحد”.
وشاركت الفنانة (آمنة الزعيتري)في برنامج رائدات الممول من European Union in Libya / الإتحاد الأوروبي في ليبيا  من ضمن مشروع EU4PSL  المنفذ من قبل مؤسسة خبراء فرنسا،  وذلك عن طريق الجمعية الوطنية للتنمية المستدامة بمجلة  ” الزيغن ” ببلدية وادي البوانيس، وقامت بتقديم مشروعها وأجابت على أسئلة لجنة الحكم بثقة كبيرة مما أهّلها إلى الفوز بمنحة مالية لدعم مشروعها وتطويره.
مشوار الاف ميل..خطوة
إلى أن حان وقت اولى خطوة في هذا الميدان، والتي كانت نابعة من احساس دفين بداخلها، يقول لها بأن لديها مهمة تتمثل في الحفاظ على هذا الإرث ، الذي بدوره يعكس ارثا ثقافيا وحضاريا للمنطقة.
وكانت البداية بعشق الفضة الخام البيضاء اللون، والتي تشكل الاساس الذي بنت عليه مشروعها، والتي تطوعها وفقا للموروث الذي تغلغل في عروقها ومسامها،  كما أن النقوش التي تستخدمها  تعكس تقاليد الجنوب، ونحرص على ان يتم العمل عموما باليد، والأهم من ذلك كما تشير محدثتنا، هو ”النية الصافية والعمل المتقن والثقة في التعامل مع الآخرين، سواء تعلق الأمر بالمادة المستخدمة أو بالسعر”.
وقد توجت كل  مجهوداتها مؤخرا بورشة تعليم النقش على الفضة لعدد من الشباب والشابات بمركز فزان للفضة والصناعات التقليدية الذي اسسته لتخوض من خلاله كل مراحل الابداع المختلفة التي جربتها ابتداء بالنقش على الخشب ومخلفات النخيل وانتهاء بالنقش على الفضة.
رواق فزان
وفي رواق مركز فزان للفضة والصناعات التقليدية، أطلعتنا( امنة الزعيتري) على أهم القطع التي دأبت على صنعها، أهمها ”الخلخال” و”السوار” و”الدبلج” “وفيه الصالحة والمقاطيف والزراقة” و” التارة” حيث نقوم بتصميم خناق الصدرة من هده القطعة ليصبح خناق التارة متل خناق الصدرة الطرابلسية او الشرقاوية.
و”الونايس” أي الأقراط الكبيرة الحجم، وكذا الأقراط الصغيرة التقليدية، التي يصنع بعضها من الفضة والبعض الآخر من الذهب ومطلوبة كثيرا من النساء الكبيرات في السن اللواتي ألفن التزين بها، دون أن يعني ذلك أنها لا تستهوي الشابات، إذ تؤكد( امنة الزعيتري) ان الكثيرات يقتنينها، لكن هذا لم يمنعها من التنويع في حليها واللجوء الى صنع قطع عصرية تستجيب لرغبات الجيل الجديد، لكن دون إغفال الجانب التقليدي الذي يبقى طابعا مميزا لها.
آليات والآت النقش على الفضة
تضيف الزعيتري أنّ الحلي المصنوعة من الفضة تختلف أشكالها وأحجامها من منطقة إلى أخرى، إذ تتزين النساء في الأرياف والبادية بحلي كبيرة الحجم؛ كونهن يرتدين لباساً قروياً تقليدياً، فيما تتزين النساء في المدينة بحلي من الفضة أصغر حجماً. لكنّها تتشابه في التفاصيل التي تميز الحلي الليبي، خصوصاً الزخارف الأمازيغية والأندلسية، ومعظمها عبارة عن أشكال لنباتات من شجرة الزيتون أو النخيل أو الياسمين وغيرها. وتتمثل معظم أشكال الحلي في “الخمسة” و”الخلال” و”التارة”
وتستخدم تلك الحلي من الفضة أساساً في المناسبات، على غرار حفلات الزفاف أو المناسبات الدينية. ومؤخرا بالمهرجانات الشعبية التراثية وكانت غالبية العائلات تدخرها؛ نظراً لقيمتها المادية التي ترتفع كلما صارت القطع أقدم. وتتزين بها النساء والفتيات من مختلف المناطق والاقاليم الليبية؛ لارتباطها بموروثات ومعتقدات كثيرة.
وتوضح الفنانة( امنة الزعيتري)، اليات النقش على القضة قاءلة “: “تبدأ عملية الزخرفة والنقش على قطعة الحلي الفضية عبر رسم النقش وأشكال الزينة بواسطة قلم فولاذي مخصص للنقش على الفضة. وبواسطة المطرقة، ينقر الحرفي على القلم الحاد بحذر حتى يحفر النقوش ويحدد الشكل المطلوب. كما تستخدم في النقش على الفضة أدوات مختلفة، على غرار المطارق الحديدية الخفيفة الصغيرة، وأقلام فولاذية للحفر، إضافة إلى الأحماض التي تستخدم في التلوين”.
وتضيف الزعيتري أنّ “زخرفة الفضة تعتمد أساساً على الحفر والنقش، أو الحفر البارز الذي يحدث ثقوباً في قطع الحلي لتشكيل الزخارف. وتتطلب تلك التقنيات مهارة عالية للرسم الدقيق بواسطة أدوات يدوية بسيطة من دون استخدام الآلات الحديثة للنقش، فيما تتطلب حذراً خلال النقش بالمسمار أو القلم والمطرقة؛ حتى لا تنكسر القطعة أو تتفتت إذا لم يكن الدق بحركات خفيفة. وقد تستغرق بعض القطع يومين من النقش الدقيق”.
بحرفية الخبير تقول : 
”  النقش على الفضة هو ممارسة شق التصميم على سطح فضي مسطح عن طريق قطع الأخاديد فيه باستخدام المنخر. وتكون النتيجة عنصرًا مزخرفًا في حد ذاته. ويعتبر النقش على الفضة من أقدم التقنيات وأهمها في صناعة الطباعة. وتعتبر الأجهزة والادوات اللازمة لمهنة النقش على الفضة هي أساس المهنة والعمود الفقري المتحرك لها، بالإضافة إلى ذلك يتميز مستخدم هذه الأدوات بخبرة طويلة جدًا لأن العمل بها معقد ويحتاج صبرًا طويلًا. صناعة الأجهزة والادوات اللازمة لمهنة النقش على الفضة الأجهزة والادوات اللازمة لمهنة النقش على الفضة تسمى أدوات الحفر وهي أدوات دقيقة مصنوعة من فولاذ عالي الجودة. يتم تشكيلها وشحذها إلى زوايا محددة، بالإضافة إلى ذلك تثبت في مقابض توفر الراحة والتحكم. وتصنع أدوات الحفر المتاحة تجاريًا من فولاذ عالي الدقة ومصفى بدرجة عالية. ويوصى باستخدام الفولاذ عالي السرعة للعمل مع المواد الأكثر صلابة وله أكبر قدر ممكن من المتانة.
وتقول ببراعة الخبير :
” الآلات  والأدوات اللازمة لمهنة النقش على الفضة أدوات النقش عبارة عن أزاميل صغيرة مصنوعة من الفولاذ المقوى. وهي أدوات تشكل الرقائق وتخضع لقوى معينة. ولعمل نقش معين توضع الأداة الحادة على المعدن بزاوية محددة ويضغط عليها من الأسفل والأمام. حيث تحفر الأداة نفسها في الصفيحة الفضية، وتشكل الشريحة وتدفع تجعيد المعدن أمامها أثناء القطع. وزاوية الهجوم مهمة لتحقيق قطع متحكم فيه وموحد كما يلي: إذا كانت الزاوية شديدة الانحدار فإن الأداة تحفر نفسها في صفيحة الفضة مما يجعل من المستحيل دفعها للأمام، بالإضافة إلى ذلك الجهد المبذول للتغلب على أداة مدفونة في الصفيحة يؤدي إلى فقدان السيطرة وكسر طرف الأداة. إذا كانت الزاوية ضحلة جدًا فلن تكتسب النقطة مطلقًا انزلاق على صفيحة الفضة، نتيجة لذلك فإن رأس الأداة لن يعلق بالمعدن وبالتالي لن تنزلق الأداة بسهولة، مما يؤدي إلى خدش سيء. تعتمد الزاوية المناسبة على شكل الخطاف، وجودة الخط المطلوب والمعدن الذي يتم قطعه. ويتطلب فهم هذه العوامل والاستجابة لها لمسة حساسة وخبرة كبيرة.”.
مختتمة حديثها الشيق المنمق بالحس الفني العالي بقولها : ” مهمة خبير النقش ان يقدم عملًا خطيًا جميلًا وفريدًا بشكل رائع. وفلقد تطورت المهنة على مر القرون لتصبح من أعرق وأجمل الأعمال الفنية على الأطلاق.

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية…_

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %
Previous post تأكيد المؤكد تايوان .. مثلاً …….
Next post هجمات بروكسل ومستجدات