أمريتا بريتام التي وثقت أسطورة شعرية للحب

Read Time:3 Minute, 2 Second

نجاة أحمد الأسعد

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …._تُعد الشاعرة والكاتبة البنجابية أمريتا بريتام في طليعة شعراء وكتاب البنجاب، بل واعتُبرت شاعرة القرن العشرين في اللغة البنجابية، وتحظى بنفس الدرجة من التقدير في الهند وفي باكستان معاً، إذ حازت معظم الجوائز الأدبية المعروفة في بلدها. وقدمت خلال ستة عقود أكثر من 100 كتاب، بين الشعر والرواية والسير الذاتية، والمقالات والأغاني الشعبية البنجابية، وتُرجمت إلى العديد من اللغات الهندية والأجنبية.

ولدت الشاعرة عام 1919 في غوجرانوالا، بإقليم البنجاب، في باكستان الحالية، وهي الطفلة الوحيدة لوالدها الذي كان شاعراً وواعظاً في الديانة السيخية ومدرساً إلى جانب كونه محرراً لمجلة أدبية. وتوفيت والدتها عندما كانت في الحادية عشرة من عمرها، وبعد فترة وجيزة انتقلت هي ووالدها إلى مدينة لاهور، حيث عاشت حتى هجرتها إلى الهند عام 1947. وقد بدأت الكتابة في سن مبكرة، بتأثير من الشعور بالوحدة بعد وفاة والدها، إلى جانب تحملها مسؤوليات أكبر من عمرها. ونُشرت أولى مختاراتها الشعرية، «أمواج خالدة»، عام 1936، وهي لا زالت في سن السادسة عشرة، وفي العام نفسه تزوجت من محرر كانت مخطوبة له في طفولتها المبكرة. وأصدرت ست مجموعات شعرية بين عامي 1936 و1943.

حركة الكتاب التقدميين
وعلى رغم أنها بدأت رحلتها كشاعرة تحفل قصائدها بالرموز والأجواء الرومانسية، إلا أنها سرعان ما غيرت مسارها، وأصبحت جزءاً من حركة الكتاب التقدميين ولوحظ تأثير ذلك في مجموعتها «معاناة الناس» عام 1944، التي انتقدت علناً الحياة التي مزقتها الحرب، بعد الأحداث التي وقعت في البنغال عام 1943. وشاركت كذلك في النشاط الاجتماعي والحياة الثقافية إبان انتقالها إلى دلهي حيث عملت حتى عام 1961 في خدمة اللغة البنجابية في راديو عموم الهند، بدلهي. وبعد طلاقها عام 1960، أصبح عملها يدور في أجواء الحركة النسوية بشكل أكثر وضوحاً، كما استندت العديد من قصصها وقصائدها إلى التجربة المضنية التي تجرعتها في زواجها. ويقول مترجمها إلى الإنجليزية «دي. إتش. تريسي» إن شعرها، مع أنه يمتلئ بشحنات نفسية عالية، فهو قريب من لغة الكلام العفوية العادية كذلك. وقصيدتها «مساحة فارغة»،
على سبيل المثال، توثيق أسطوري مختصر لعاشقين وقعا تحت رحمة قوى مدمرة داخلهما وخارجهما. وهما يأملان في مساحة صغيرة، حيث يمكنهما التمتع بالحرية الإنسانية دون عوائق.

مرثية لـ«وارث شاه»
ولعل أكثر ما يتذكر قراء شعر أمريتا بريتام قصيدتها المؤثرة «اليوم أنادي وارث شاه»، وهي خطاب رثائي لوارث شاه، أشهر شاعر صوفي بنجابي عاش في القرن الثامن عشر. وجاءت القصيدة كتعبير عن ألمها بسبب المذابح التي حدثت أثناء تقسيم شبه القارة الهندية وقيام كل من الهند وباكستان
وكتبت أيضاً بغزارة كروائية، إذ أصدرت 28 رواية، وعُرفت بأكثر أعمالها شهرة «هيكل عظمي» عام 1950. ففي هذه الرواية ابتكرت شخصيتها التي لا تُنسى، «بورو»، وكانت مثالاً للعنف ضد المرأة وفقدان الإنسانية والاستسلام النهائي للمصير الوجودي. وتحولت الرواية إلى فيلم سينمائي حاز عدة جوائز عام 2003. وتوفيت هذه الشاعرة عام 2005.

من قصائد أمريتا بريتام
«اليوم أنادي وارث شاه»

أقول لوارث شاه،
تكلم اليوم من قبرك،
وأضف صفحة جديدة لكتاب الحب.
ذات مرة بكت ابنة من البنجاب،
وكتبت قصتك الطويلة،
اليوم ينتحب الآلاف وينادون عليك يا وارث شاه:
انهض يا صديق المنكوبين.
انهض وانظر إلى ولاية البنجاب،
إلى الجثث متناثرة في الحقول،
ونهر «الشيناب» يتدفق بالكثير من الدماء.
أحدهم ملأ الأنهار الخمسة بالسُّم،
وهذه المياه ذاتها تروي تربتنا الآن.
أين ضاع الناي، حيث عُزفت أغاني الحب،
ونسى كل إخوة «رانجها» العزف على الناي.
أمطر الدم على الأرض، وفاضت القبور بالدماء،
بكت قلوب أميرات الحب في المقابر.
اليوم أصبح كل «الكويدون» لصوص الحب والجمال،
أين يمكن أن نجد إنساناً آخر كوارث شاه؟
وارث شاه! أقول لك، تكلم من قبرك
وأضف صفحة جديدة لكتاب الحب.

لقاء
بعد عدة أعوام
فجأة، لقاء لأرواحنا
ارتجف كقصيدة
كانت أمامنا ليلة كاملة،
في حين تجمّع نصف القصيدة،
في زاوية
وجلس النصف الآخر
في زاوية أخرى
ثم، عند الفجر،
التقينا، مثل قطع من
صفحات ممزقة
أمسكتُ بيده
في يدي
أخذ ذراعي
في ذراعه
وضحكنا مثل رقيبٍ،
رمينا الصفحة
على طاولة باردة، ووضعنا خطاً
فوق تلك القصيدة بأكملها.

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %
Previous post كوثر الباردي تتألق بمسيرة فينة رائعة وناجحة
Next post بريطانيا لم تدعو بعض الدول من حضور جنازة ملكتها