الفجور الأميركي “”آخر من يحق له اتهام الأخرين بخرق القانون الدولي وحقوق الإنسان””””

Read Time:7 Minute, 33 Second

سعيد مضية

شبكة المدارالإعلامية الأوروبية…_منع الكتب من المكتبات العامة والمدارس؛ صعود الفاشية المسيحية ؛ تفوق العرق الأبيض تنتشر على نطاق واسع ، تلك هي أعراض تنامي سياسات الفاشية بالولايات المتحدة الأميركية، كما يلاحظ انثوني ديماغيو أستاذ العلوم السياسية بجامعة ليهاي الأميركية. ينقل عن المرشح الجمهوري لمنصب حاكم بنسيلفانيا أنه يضمن دعايته أن فصل الدين عن الدولة خرافة ويعلن في ’ نوفمبر سوف نسترجع الدولة من العلمانيين الديمقراطيين وأن الله ربي هو الذي يفعلها‘. وعضو آخر من الحزب الجمهوري يزعم “نحن دولة ثورية جديدة لأننا ورثة ثورة الإنجيل _ بدون الإنجيل لاوجود لأميركا.” ورغم ذلك تنصب الولايات المتحدة نفسها حامية الديمقراطية في العالم كله!
الميديا الرئيسة بالولايات المتحدة تتستر على مظاهر الفاشية في الحياة الاجتماعية والسياسية للولايات المتحدة. فالعدوان المتواصل في الخارج ينعكس في الداخل مظاهربطش واضطهاد للسود والملونين كافة وللطبقة العاملة. ومع ذلك فالديمقراطية الأميركية هي الأرقى والأوسع بين الديمقراطيات!

يقرّع الكاتب والمخرج السينمائي، ديف ليندورف السياسات الأميركية التي تتطاول وتتهم الآخرين بانتهاك القانون الدولي أو حقوق الإنسان وتنصب نفسها الحامية للديمقراطية وحقوق الإنسان على الكرة الأرضية ، ويدينها بالنفاق. ” كلا ، فالولايات المتحدة مطلقا لا تملك الحق او الموقف لأن تطلق تهمة قتل الجنس والإجرام أو الإرهاب على أي بلد آخر. ببساطة لا يمكن مقارنة الفظائع التي اقترفتها الولايات المتحدة” بغيرها من الدول. في مقال عنوانه “نفاق الولايات المتحدة لا حدود له” يكتب ليندورف:
كان محض نفاق من جانب رئيس دولة قامت منذ زمن ليس ببعيد بغزو العراق وتدميره ان يندد بروسيا في الأمم المتحدة يوم الأربعاء ، حيث ادعى أن روسيا انتهكت ميثاق الأمم المتحدة بغزو أكرانيا ، البلد الذي قال عنه بسخرية فاقعة انه “لم يشكل خطرا ” لجاره الأكبر. ومن قبل برر غزو العراق باتهامه زورا بتطوير سلاح إبادة بالجملة، بل بات يشرمتلك السلاح .
ليس مسوعا بموجب ميثاق الأمم المتحدة ان يغزو بلد بلدا آخر، أو يهدده بالغزو ما لم يحصل على تفويض من مجلس الأمن ، أو يواجه تهديدا وشيكا بالهجوم من قبل ذلك البلد. إن غزو بوتين لأكرانيا عمل غير شرعي و “جريمة ضد السلم”، طبقا لميثاق الأمم المتحدة ؛ غير ان الولايات المتحدة بالذات ، من بين جميع الدول أعضاء مجلس الأمن ، وبايدن بالذات، بصفته رئيس الولايات المتحدة أخر زعيم يحق له توجيه مثل هذا الاتهام.
نتيجة لتسخير الميديا لخدمة الشركات الكبرى ، ونظرا لكونها بالذات احتكارات كبرى، فقد فقدت مصداقيتها لدى الجمهور الأميركي بالداخل وعلى صعيد العالم كله. الإدارات الأميركية المتعاقبة كرست الجهود لخدمة الاحتكارات؛ قيادات الحزبين مرتهنة للاحتكارات ، حيث النفقات على النشاط الحزبي أموال مقتطعة من الأرباح الاحتكارية للشركات الكبرى. كما تمول الاحتكارات الميديا الرئيسة عن طريق الإعلانات مدفوعة الأجر . ولذلك تكرس الميديا جهودها لطمس جرائم الاحتكارت ومخالفاتها للقوانين المحلية والدولية ، كما تبذل الجهود لتضليل الجمهور.
تساءل الكاتب دي ماغيو: كم دولة قامت الولايات المتحدة بغزوها بصورة غير مشروعة، فقط خلال الفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية؟ هنا يأتي الكاتب بسرعة وإيجاز على عدد من الدول تعرضت للعدوان الامبريالي ، ويبدأ باليمن المعذب: لنبدأ من أحدث غزوات الولايات المتحدة، ثم نعود الى الوراء؛ فضحايا العدوان الأميركي كثر:
العدوان قائم الآن ضد اليمن، حيث أرسلت الولايات المتحدة قوات خاصة وطائرات أميركية مقاتلة وصواريخ ومسيرات مزودة بالأسلحة الى السعودية التي تغزو قواتها هذا البلد المعذب، وزودتها بالصواريخ وقنابل ضد الأفراد يحظر القانون الدولي استعمالها.
وهناك سوريا ، حيث القوات الأميركية تشتبك في معارك مع قوات سوريا وتدعم عصابات الدواعش على مدى ثلاث إدارات أميركية متتالية على أقل تقدير ، ومنها إدارة بايدن.
ثم يأتي المقال على غزو أفغانستان والعراق مرتين ، عام 1990 و2003 ابيد ما يقرب من مليون مدني عراقي؛ وكذلك ليبيا تاركة بلدا مدمرا . والنيجر خاضت حربا سرية طوال سنوات، وهاييتي ، حيث أرسلت قواتها العسكرية تغزو البلد وتخطف رئيسه ، جين بيرتراند آرتيسيد، المنتخب بصورة ديمقراطية وتنقله منفيا الى جنوب إفريقيا، وبقيت قواتها تحتل البلد حتى الآن.
وهناك كوبا ترفض التخلي عن قاعدتها البحرية، غوانتانامو، التي سرقتها عنوة وما زالت ترسل شيكات الأجرة السنوية وترفض حكومة كوبا استلامها نظرا لنفاذ فترة التأجير؛ هذا علاوة على غزوة خليج الخنازير .
وهناك جمهورية الدومينيك غزتها قوات البحرية عام 1965 .
وبالطبع غزو فييتنام ، نزلت قواتها على أرض القسم الجنوبي عام 1965 وراحت تحارب قوات التحرر الوطني وتوسعت بشن هجمات جوية على شمالي البلاد ، وراح العدوان يتوسع ليشمل البلدين المجاورين ، لاووس وكمبوديا.
يضيف ليندورف: تخطيتُ غزوات عديدة ، لكن ما سبق ذكره يكفي لاعتبار الولايات المتحدة أعظم منتهك للقانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية، وهي المقترف الرئيس لجرائم الحرب ضد المدنيين خلال هذه الحقبة. ببساطة ليست في موقف يبيح لها نقد الاتحاد الروسي ، حتى مع أن غزو اكرانيا غير شرعي ومناقض لميثاق الأمم المتحدة. يصح هذا الحكم ، إذ لا يمكن إنكار أن الولايات المتحدة ساعدت في إحداث انقلاب عام 2014، أطاح بحكومة صديقة لروسيا ومنتخبة ديمقراطيا ، وعمليا سلمت الحكم لقوى نازية غير منتخبة ومعادية لروسيا، وراحت ترسل التهديدات لروسيا وتقمع جماهير من القومية الروسية ، خاصة شرقي البلد. ولا يمكن الإنكار أيضا أن الولايات المتحدة كانت تأمل جر اكرانيا بعيدا عن جارتها روسيا وإدخالها حلف الناتو، ما يتيح لها إقامة قواعد عسكرية ونقل الصواريخ اليها لتكون على مسافة دقائق من العاصمة موسكو ومن المناطق الصناعية في روسيا.
بايدن رئيس بلد بددت تريليونات الدولارات في حروب غير شرعية وغير مبررة منذ الحرب العالمية الثانية، حروب أزهقت أرواح الملايين من البشر أطفالا ونساءُا ورجالا. سقطت من أيدي بايدن كل الصلاحيات لتوجيه تهمة مجرم الحرب لروسيا ؛ فللولايات المتحدة قصب السبق في هذا المجال؛ كان مارتن لوثر كينغ محقا حين قال من كنيسة ريفر سايد عام 1967، وكانت حرب الفيتنام مستعرة نيرانها، والأن بعد انقضاء مرور نصف قرن من حروب أميركا الإجرامية.
بعد هذا الاستعراض يقدم ليندورف ملاحظة خاصة شاهدها بأم عينه ، تكمل الصورة، حيث تكثفت فيها القسوة الهمجية للقوات الأميركية الغازية . يكتب ليندورف:
في منتصف عام 1995 كنت مراسلا في هونغ كونغ لمجلة بيزنيس ويك مع دزينة من الصحفيين من هونغ كونغ قمنا بتغطية أخبار البيزنيس والاقتصاد في زيارة بناء على دعوة لزيارة ذلك البلد الجميل على الضفة الشرقية لنهر ميكونغ مقابل تايلاند . كنا ضيوف حكومة لاووس الشيوعية وامضينا معظم الوقت في العاصمة فينتيان والعاصمة الملكية القديمة ، الى الشمال من لوانغ برابانغ.
تجولت برهة من الزمن خارج العاصمة فينتيان وفي الضواحي، وصعدت الجبل المشرف على مدينة لوانغ برابانغ. استعنت ببعض الكلمات الفرنسية وبكلمات صينية وباللغة الإنجليزية، ما مكنني من إجراء اتصالات مع أشخاص متعلمين قابلتهم ، لكنني لم اعرف لغة التعاطي مع المزارعين.
كنت أتجول في المدينتين، ورايت مجموعة من الأطفال ، معظمهم أولاد بدون أذرع او سيقان ، ما فرض عليهم الاستعانة بعكازات. سألت عن هذه الظاهرة الشاذة لان حرب الولايات المتحدة انتهت العام 1975، بزمن طويل قبل أن يولد أي من هؤلاء الأطفال. جاءني الجواب الصاعق أن هؤلاء الأطفال هم ضحايا “متفجرات” ضد أفراد مطمورة القتها الطائرات الأميركية – قنابل صغيرة بحجم كرة الطاولة ملونة ، لكنها تقتل حين تنفجر، مطلقة شظايا إذا مسها إنسان. بعض هذه القنابل المميتة والإجرامية ألقتها الطائرات الأميركية في طريق هوتشي منه ، وهو خط إمداد المحاربين وأفراد قوات حركة التحرر الوطني في فييتنام الجنوبية من فييتنام الشمالية تمر عبر أحراش في أراضي لاووس على حدود فييتنام. ومن هذا الدرب ينقل الجرحى الى فييتنام الشمالية للعلاج. تحدث ضابط في سفارة الولايات المتحدة في لاووس عن تلك الحقبة، وأبلغني أن حكومة الولايات المتحدة ظلت ترفض تنظيم حملة لتنظيف الدرب من المتفجرات، مشترطة ان تستجيب حكومة لاووس لطلب أميركا وتفرج عن أسرى حرب تزعم الحكومة الأميركية انها تحتجزهم؛ لكنه أبلغني أيضا أن السفارة عرفت ان ادعاءات الحكومة الأ ميركية غير صحيحة، لفقتها وروجتها منظمات يمينية من المحاربين القدامى ، مثل الفرقة الأميركية ومنظمة تحمل الأحرف المختصرة (في إف دبليو- ولها ناد يقدم للأعضاء المشروبات و فنون المتعة ) . والطيارون المفقودون في تلك الغابة ماتوا في الغابة وتحللت أجسادهم أو التهمتهم الوحوش؛ وربما هرب البعض من الحرب والتقوا بنساء من المنطقة ويعيشون في بلد لا يرغبون العودة الى الولايات المتحدة ليواجهوا العقوبات .
شاهدت دلائل أخرى على بشاعة الحرب الأميركية في الهند الصينية، قنابل مغفلين بأشكال جذابة؛
فوق مرتفع يعلو الجبل المشرف على لوانغ برابانغ سمعت ضحكات، ووجدت بنتين صغيرتين من لاووس تستعملان سلك فولاذ مرن يدخل في تركيب مدفع مضاد للطائرات. الضحكات البريئة وهما تستعملان السلاح الذي استخدمته مقاومة المدينة ضد هجمات قاذفات القنابل الأميركية الغازية بدون وجه حق، أثناء غزو الهند الصينية، دفعني الى الغضب والحزن. ماذا أساء هذا البلد بسكانه البضعة ملايين للولايات المتحدة حتى يستحق هذا العذاب؟
لم اتمكن من زيارة سهل الجارز، منطقة تبدو من الطائرة مشهد قمر مغطى بالخضرة بسبب العدد الكبير من أغلفة القنابل التي أسقطت عمدا في حقول الأرز لإرهاب المزارعين ومنعهم من زراعة الأرز ولقتل الحيوانات البحرية وقتل المزارعين أنفسهم.
سنوات من قصف القنابل الأميركية بدون توقف فوق سهل الجارز الذي لا يصلح إلا للزراعة في لاووس خلال عقود الحرب الأميركية ضد الهند الصينية التي خلفت جروحا فيسيولوجية ونفسية لدى سكان المنطقة، من قنابل مضادة للأفراد لم تنفجر وما زالت تقتل المزارعين واطفالهم وتجعل السهول غير قابلة للزراعة . قصف قنابل بقصد الترويع!
كلا ، فالولايات المتحدة مطلقا لا تملك الحق او الموقف لأن تطلق تهمة قتل الجنس والإجرام أو الإرهاب على أي بلد آخر. ببساطة لا يمكن مقارنة الفظائع التي اقترفتها الولايات المتحدة بدءا من ضرب مدينتين يابانيتين بالقنابل النووية على هدفين غير عسكريين، هيروشيما وناغازاكي، وتنتهي في الزمن الحالي بقصف إجرامي لأسرة أفغانية بينما كانت القوات الأميركية تهرب من كابول ، حين اعترفت الولايات المتحدة بهزيمتها في حرب عدوانية دامت عشرين عاما.
لم تدفع الولايات المتحدة تعويضات لفييتنام او لاووس او كمبوديا؛ بدلا من التعويضات نجد وزارة خارجية الولايات المتحدة تتنصل من جرائمها وتهاجم قرار محكمة لاهاي( العدل الدولية) حول جرائم الحرب رفعها آخر الأحياء من قادة الخمير الحمر الكمبوديين، بينما الولايات المتحدة تواصل رفض الانصياع لقرار المحكمة، وهي تعلم انها لو سلمت بحكم المحكمة فسينتهي جميع الأحياء من رؤسائها والجنرالات في قفص اتهام يواجهون تهما مماثلة .

الحوار المتمدن

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %
Previous post مقترحات حزب MR لإصلاح سوق العمل
Next post  احتجاجا على قرار ماكرون برفع سن التقاعد