اليمين المتطرف العنيف في السويد ـ الواقع والمخاطر

Read Time:7 Minute, 15 Second

بقلم: آندي فليمستروم

شبكة المدارالإعلامية الأوروبية…_تشهد السويد تصاعد متزايد لتيار اليمين المتطرف خلال السنوات الأخيرة بحيث بات يشكل تهديدا على الأمن السويدي والنظام الاجتماعي الديمقراطي ويؤثر سلبا على عملية الاندماج في المجتمع. وهذا مايثير الكثير من التساؤلات حول اليمين المتطرف العنيف وأهدافه وتداعياته ؟

تعريف التطرف اليميني العنيف

حسب شرطة الأمن السويدية ” السيبو” يتم وصف التطرف اليميني بأنه مصطلح شامل أو طيف يشمل مختلف الحركات  والبيئات اليمينية المتطرفة، والتي تُعتبر بيئة القوة البيضاء فيها حركة ذات أيديولوجية متطرفة، يتم فيها  تضمين الأفراد والجماعات والمنظمات اليمينية المتطرفة العنيفة. تٌعتبرحركة معادية للديمقراطية هدفها هو إلغاء الدولة الديمقراطية الحالية واستبدالها بحكومة استبدادية، قادرة على إنشاء مجتمعًا متجانسًا عرقيًا وثقافيًا. وترى العنف والتخريب والجرائم الأخرى كأدوات مشروعة في منهجها لتحقيق أهدافها السياسية.

الأيديولوجيات داخل بيئة القوة البيضاء

تتكون بيئة القوة البيضاء من تيارات واتجاهات  فكرية مختلفة وتتأثر بها.ومن أهم المعتقدات الأيديولوجية الرئيسية الموصوفة في الحركة هي :

الفاشية

الفاشية هي أيديولوجية شمولية تقوم على معتقدات وتقاليد معادية للديمقراطية ذات جذور في كل من  اليسار واليمين السياسي. يرفض الفاشيون الديمقراطية ويجادلون بأن المجتمع بأكمله يجب أن يخضع لسيطرة دولة استبدادية. بالإضافة إلى ذلك، يُنظر إلى العنف على أنه عنصر ضروري للقوة.

الاشتراكية القومية

هي الاتجاه الأيديولوجي الأكثر تأثيرًا في بيئة القوة البيضاء المعاصرة، ووفقا لهذا الاتجاه، يجب أن يكون المجتمع مشبعًا بما يسمى “مبدأ القيادة والمسؤولية”. ويشير إلى أن الحكومة الاستبدادية تتخذ قراراتها بناءً على المصالح والاحتياجات المشتركة لمجموعتها. يمكن وصف طبيعة المجموعات الاشتراكية القومية بأنها طائفية. والبيئة الطائفية هي بطبيعتها معارضة وتعزز فكرة أن تكون حاملًا لحقيقة خفية ومخبأة. ويرى هذا الاتجاه بأن الصراع الأيديولوجي والجماعة تسبق الأفراد.

أيديولوجية عنصرية

في بيئة القوة البيضاء، تسود المعتقدات الأيديولوجية القائلة بإمكانية تقسيم البشر وترتيبهم على أساس أنواع مختلفة من “الأجناس”. تٌعتبر الأجناس الآرية والجرمانية متفوقة على الأجناس الأخرى. هناك تطلع إلى مجتمع متجانس إثنيًا / عرقيًا وثقافيًا.  يسود مفهوم داخل الحركة بأن الثقافة والشعب السويديين “مهددين  بالانقراض، وذلك  ” بسبب التعددية الثقافية “و”الاختلاط العرقي”، نتيجة الهجرة الى السويد.

معاداة السامية

فكرة أخرى داعمة ومتسقة تاريخيًا فيما يتعلق بأيديولوجية البيئة وهي معاداة السامية. يمكن تعريف معاداة السامية على أنها تعبير على كراهية اليهود. غالبًا ما تسلط معاداة السامية الضوء على هياكل التصورات والمواقف والأساطير المعادية حول السكان اليهود. وتسود فكرة المؤامرة اليهودية التي تُعتبر تهديدًا للعرق الأبيض من خلال اللوبي اليهودي المسؤول عن التعددية الثقافية في المجتمع.

المجموعات والمنظمات في التيار اليميني المتطرف

تتكون بيئة القوة البيضاء بشكل أساسي من منظمات هرمية، ولكنها تتكون أيضًا من مجموعات وشبكات غير مترابطة. ما يميز المنظمات الهرمية  وجود إدارة مركزية وعضوية ورسوم وإشراف وعقوبات (قواعد السلوك)، وهياكل تشبه تلك الموجودة في المنظمات الرسمية. هذه المجموعات الأيديولوجية العرقية ترى العنف والتهديدات والتخريب والجرائم الأخرى كأدوات مشروعة في كفاحها لتغيير الدولة الديمقراطية في نهاية المطاف .أبرز المجموعات هي :

Nordic Resistance Movement

“حركة المقاومة الشمالية “هي منظمة “نازية ” تأسست في السويد وتوجد لها فروع موجودة في دول الشمال مثل الدنمارك والنرويج وفنلندا (تم حظر الفرع الفنلندي في عام 2018).

الهدف الرئيسي للمنظمة هو إلغاء واستبدال الديمقراطيات الشمالية بدولة اشتراكية وطنية شمولية في ظل الإدارة الأيديولوجية والسيطرة السياسية. الأيديولوجية العنصرية ومعاداة السامية هي عناصر داعمة إيديولوجيا داخل الأيديولوجية ويتم التعبير عنها في النظرة العالمية التقليدية للاشتراكية القومية للمنظمة. كما وتقوم المنظمة  بحملات معادية للسامية ومعادية للمثليين.

Nordic strength

“قوة الشمال” هي عبارة عن تجمع منشق عن “حركة المقاومة الشمالية” في عام 2019. تتكون المجموعة من العديد من النشطاء البارزين والمتشددين من NMR. وفقًا لأعضاء NS، فإن خلفية الانقسام  نتيجة الصراع حول الأساليب  والخيارات الاستراتيجية لحركة المقاومة الشمالية، التي يعتقد أنها  أصبحت أقل راديكالية في محاولاتها لجذب قاعدة أوسع من المتعاطفين. تحتوي المنظمة على  بودكاست يسمى “راديو NS”.

Nordic alternative right

مجموعة  ” يمين الشمال البديل” هي مجموعة تم تأسيسها عام 2017 من منشقين عن حزب ديمقراطي السويد، مثل  دانيل فريباري ورجل الأعمال اليميني المتطرف كريستوفر دولني. هدف الحركة نشر أفكار يمينية متطرفة وعنصرية في السويد، كما تسعى الحركة إلى  نقل حركة “اليمين البديل” في الولايات المتحدة إلى السويد.

تتخذ المجموعة مبدأ التعددية العرقية، التي تفترض أن المجموعات العرقية يجب أن تعيش منفصلة لتجنب النتائج السلبية للاختلاط الثقافي. إنه نموذج افتراضي، يقترح أن الفصل السلمي للجماعات العرقية سيكون ممكنًا من خلال إنشاء الدول القومية أو المناطق ذات الحكم  الذاتي لمختلف المجموعات العرقية.المجموعة  تسعى الى نشر أفكارها من خلال الأنشطة الإعلامية، ومؤتمرات واجتماعات ونشر الدعاية العنصرية والمعادية للسامية على الإنترنت.

Alternative For Sweeden

حزب البديل للسويد هو حزب قومي يميني متطرف، يتميز بالدعاية المعادية للمسلمين والقومية الإثنية. تأسس الحزب من قبل أشخاص من اتحاد الشباب الديمقراطي السويدي المُستبعدين في عام 2018. حيث يعتقدون أن حزب ديمقراطيو السويد أصبح  اليوم أكثر تكيفًا مع الأحزاب الرئيسية. ينجذب الكثير من الأوساط الأيديولوجية العرقية السويدية إلى حزب البديل للسويد ويجتمعون تحت مظلتها في مواقف مختلفة.

هدف الحزب هو تجميد اللجوء الكامل ويريد مراجعة جميع الجنسيات الصادرة من عام 2000، وإجبار الأشخاص الذين لا يعتقد الحزب أنهم يستوفون المعايير التي تم وضعها على “العودة” إلى بلدانهم الأصلية. كما يريد الحزب إلغاء كل السياسات القائمة على الاندماج.

من هم الأشخاص المنتمون إلى بيئة القوة البيضاء

بناءً على أبحاث ودراسات فإن غالبية الأفراد (79٪) الذين ينتمون إلى البيئة البيضاء مولودون هم وآبائهم في السويد. ووفقًا للبيانات الخاصة بالشرطة وشرطة الأمن السويدية، فإن متوسط ​​العمر للأفراد في البيئة هو  23 عامًا للرجال و 21 عامًا للنساء. وتشكل النساء ما يزيد قليلاً عن 10 في المائة من الأفراد. وأن مستوى التعليم بين الأفراد هو مستوى التعليم الثانوي، وينتمي الغالبية منهم إلى الطبقات الاجتماعية والاقتصادية الدنيا.

ومن الشائع بين هذه البيئة التحريض ضد الجماعات العرقية والإثنية والجرائم ضد النظام العام وجرائم الكراهية. وفي جرائم الكراهية، يمكن أن يكون الضحايا أفرادًا يتعرضون للتهديدات والعنف بسبب العرق (الفعلي أو المتصور) أو الانتماء الديني أو التوجه الجنسي. كما تم ارتكاب جرائم كراهية معادية للسامية.

اليمين المتطرف العنيف – أزمة اللاجئين  2015

خلق وضع اللاجئين في عام 2015 حالة من الاستقطاب المتزايد في المجتمع السويدي، وحالة من العداء تجاه اللاجئين، تٌرجمت في اندلاع حرائق ضد مساكن اللجوء والمساكن المخطط لها أو القائمة للوافدين الجدد في عدة أماكن مختلفة في البلاد. وكانت “حركة المقاومة الشمالية ” وراء أكبر عدد من هذه الأنشطة العدائية ضد اللاجئين، واستغل اليمين المتطرف العنيف وضع أزمة اللاجئين في عملية تجنيد أعضاء جدد من خلال شحن خطاب الكراهية والعداء اللاجئين.

إرهاب التطرف اليميني العنيف – تقارير المخابرات السويدية

نفذ اليمين المتطرف في السنوات الأخيرة، عمليات إرهابية في السويد ووفقًا لشرطة الأمن السويدية، فإن التطرف اليميني العنيف يمثل تهديدًا متزايدًا في السويد. ووفقًا للمركز الوطني لتقييم التهديد الإرهابي، فإن التهديد الإرهابي الرئيسي للسويد يأتي من العنف والإرهاب ذات دوافع إسلاموية ويمينية متطرفة. ووصل خطر الهجمات  الإرهابية من هذه البيئات عام 2021  المستوى 3 (من 5).

ووفقًا لشرطة الأمن السويدية، فإن غالبية هذه الهجمات قد تم التخطيط لها وتنفيذها من قبل أفراد يعملون بمفردهم، وعادة ما تكون هذه الهجمات مستوحاة من أيديولوجيات ودعاية متطرفة عنيفة. وآخرها كانت جريمة طعن الطبيبة النفسية، إنغ ماري فسيلغرين، أسبوع الميدالين لهذا العام 2022، من قبل  ثيودور انغستروم، والتي تم تصنيفها كجريمة إرهابية.  يذكر أن ثيودور انغستروم كان عضوا سابقا في حركة المقاومة الاسكندنافية.

وفقًا لليزا كاتي من معهد أبحاث الدفاع الشامل (FOI)، ظهرت ثقافة تمجيد المهاجمين السابقين(الإرهابيين) داخل التطرف اليميني العنيف على الإنترنت. وكان أندرش بريفيك، اليميني النرويجي الذي ارتكب هجمات النرويج عام 2011، واحدًا من أوائل القتلة الجماعيين الذين كانوا نقطة البداية لهذه الثقافة.

تقييم وقراءة مستقبلية

تصاعدت قوى اليمين المتطرف في السويد في السنوات الأخيرة، وباتت تشكل خطرا على الأمن القومي والمجتمعي، وتهدد الديمقراطية والتنمية، وتؤثرعلى عملية الاندماج وتماسك المجتمع السويدي حسب ما تصفه الاستخبارات السويدية.

ورغم أن بيئة اليمين المتطرف غير قادرة على تغيير الدولة الديمقراطية في الوقت الحاضر، لكنها تعتبر تهديداً قائما على المدى الطويل. ومع ذلك، لا تزال البيئة لديها الخطط والقدرة على العمل ضد الحقوق الديمقراطية للأفراد. وتنطوي الأنشطة داخل البيئة على جرائم العنف الخطيرة، وتعتمد الاستخدام المنهجي للعنف والتهديدات والمضايقات من أجل إلغاء أو تغييرالدولة الديمقراطية في نهاية المطاف.

في العقود الأخيرة، اكتسبت الأحزاب الشعبوية اليمينية المتطرفة دعمًا شعبيًا متزايدًا وشغلوا مقاعد في البرلمانات الوطنية والحكومات في العديد من البلدان الأوروبية، بما في ذلك الدول الاسكندنافية. وأدى تطوراليمين المتطرف في أوروبا وتحويله وإضفاء الطابع المؤسسي عليه إلى ظهور تحديات جديدة للحركات الراديكالية المناهضة للفاشية، ليس أقلها في السويد. يٌعتبرهذا النجاح مشكلة داخل هذه الحركات، حيث يعتقدون أن أحزاب اليمين المتطرف ساهمت في تغيير الخطاب السياسي وتطبيع الأفكار والممارسات العنصرية.

غالبًا ما يتم تفسير التطور على أنه “تحول مجتمعي إلى اليمين”، حيث تكيفت الأحزاب السياسية التقليدية ووسائل الإعلام مع أجندة اليمين المتطرف، كنتيجة للأزمة الاقتصادية في القرن الحادي والعشرين وما تلاها من عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي.  ومع تغير المشهد السياسي لصالح اليمين المتطرف أجد أن التطرف اليميني العنيف سوف يستمر في التصاعد والقدرة على التأثير السلبي  على مقومات  المجتمع الديمقراطي الحر والمنفتح في السويد  .

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %
Previous post تحفيز الاقتصاد الوالوني
a doctor giving medication to a girl through a nebulizer Next post حالات الربو تزداد بين الأطفال في هولندا بسبب الغاز