ما المخاطر الجيوسياسية المتوقعة لعام 2030؟

Read Time:4 Minute, 56 Second

ماريا معلوف

شبكة المدارالإعلامية الأوروبية…_نشرت مجموعة يورو آسيا بواشنطن تقريرها بشأن أهم وأبرز المخاطر المتوقعة في 2023، والذي قام بإعداده كلاً من إيان بريمر وكليف كوبشان، وقالا في مستهله، إننا تجاوزنا تقريباً وباء كوفيد 19، ولا سبيل لروسيا في الفوز بحربها في أوكرانيا، والاتحاد الأوروبي أضحى أكثر قوة عن ذي قبل، بينما أعاد حلف الناتو اكتشاف نفسه وأهدافه، وازدادت قوة مجموعة السبع، ومازالت القوة الأميركية بلا منازع.

وخلال العام الماضي، استحوذت قلة من الأشخاص على قدر غير عادي من السلطة، مما جعلها تتخذ قرارات ذات عواقب جيوسياسية عميقة؛ وفي عصر العولمة المتكاملة، أثرت هذه التطورات بشكل كبير تاركة نوعاً من الريبة في العالم اليوم.

لذا، تميل أهم المخاطر هذا العام نحو تلك الفئة وتأثيرها، وفيما يلي أبرز تلك المخاطر:

ستتحول روسيا من لاعب دولي إلى أخطر دولة شريرة في العالم، ممثلة خطراً أمنياً جاداً لأوروبا والولايات المتحدة وما وراءها.

ففي عام 2022، راعى الكرملين أن تظل حربه على أوكرانيا داخل حدودهما، وتجنب المواجهة المباشرة مع الناتو على أمل انقسام الجبهة الغربية الموحدة الداعمة لكييف.

أما في 2023، فلن يستطيع بوتين البقاء بذات الحرص. وبعد عام من اجتياحها أوكرانيا ووعدها بنصر سريع، لم يعد لدى روسيا خيارات عسكرية باقية للفوز بتلك الحرب.

ستواصل موسكو قصف المدن الأوكرانية والبنية التحتية الهامة، ولكن هذا لن يؤثر على التوازن العسكري على أرض الواقع. بل إنه بإمكان روسيا شن هجوم هذا الربيع بقواتها التي تم تعبئتها مؤخراً، ولكن نقص التدريب وقوة الدفاعات الأوكرانية ستحجّم فعالية هذا الهجوم. في الوقت نفسه، لم يعد لدى روسيا قوة ضغط كافية على الولايات المتحدة وأوروبا.

فبينما ستقطع إمدادات الغاز الباقية إلى أوروبا بهدف زيادة الدعم الشعبي الأوروبي للمفاوضات، لن يمنع هذا العقوبات ضدها (تسع جولات تم الموافقة عليها بإجماع أعضاء الاتحاد الأوروبي) أو يقوض الدعم العسكري لأوكرانيا.

روسيا لن تتراجع، لاسيما بعدما رفعت مخاطر الحرب بتعبئة مئات الآلاف من الجنود الروس، وضمها أربع مناطق أوكرانية، حتى وإن كانت لا تحتلها فعلياً. إذ ما يزال بوتين تحت ضغوط قوية للسيطرة على الأقل على دونتيسك ولوغانسك وخيرسون وزابوراجيا.

لكن الأوكرانيين لن يقبلوا سوى بانسحاب روسي كامل من كل الأراضي الأوكرانية، ومنها القرم. ومما يزيد الضغوط على روسيا، أن القدرات العسكرية الأوكرانية القوية قد تهدد قدرة روسيا على الدفاع عن القرم، خط الكرملين الأحمر.

خرج شي من المؤتمر العشرين للحزب في الصين في أكتوبر 2022 بقبضة غير مسبوقة على السلطة منذ ماوتسي تونغ.

فبعدما حشد اللجنة الدائمة للمكتب السياسي في الحزب الشيوعي بأقرب حلفائه، أصبح شي فعلياً دون منازع في قدراته على اتباع أجندة سياساته الوطنية. ولكن في وجود القليل من الضوابط والتوازنات لتحجيمه، وفي غياب أي أصوات معارضة لرؤيته، أصبح لشي سلطة ارتكاب العديد من الأخطاء الفادحة غير المسبوقة. وستصبح القرارات التعسفية وضعف السياسات وعدم اليقين المتزايد آفات متوطنة في الصين في عهد شي.

وهذا تحدي عالمي هائل يُساء تقديره، لاسيما بوجود الحقيقة غير المسبوقة لتأثير هذه الدولة الديكتاتورية على الاقتصاد العالمي.

حينما انهار سور برلين، كانت الولايات المتحدة أهم مُصدّر للديمقراطية في العالم؛ ليس دائماً باتساق أو نتائج إيجابية، ولكن لم تقترب دولة أخرى من تلك الصدارة. ولأغلب الوقت منذ ذلك الحين، كانت الابتكارات التقنية (وأغلبها حدثت في أميركا) قوة محررة.

ولكن اليوم، أصبحت الولايات المتحدة المُصدّر الأول للأدوات التي تقوض الديمقراطية، ليس عن عمد، ولكنها رغم ذلك نتيجة مباشرة لهذه التجارة المتنامية. وسيؤدي التقدم التكنولوجي في الذكاء الاصطناعي إلى تقويض الثقة الاجتماعية، وتمكين الغوغاء والاستبداديين، وتعطيل الأعمال التجارية والأسواق.

صدمة التضخم العالمي التي بدأت في الولايات المتحدة 2021 وانتشرت في العالم خلال 2022 سيكون لها آثار اقتصادية وسياسية قوية في 2023. وستكون المحرك الأساسي للركود العالمي، وتضيف إلى الضغوط المالية وتؤجج السخط المجتمعي وعدم الاستقرار السياسي في كل مكان.

يأتي التضخم المرتفع تاريخياً من عدة مصادر، أولها جائحة كوفيد 19، والتي دفعت الحكومات للتخفيف من انخفاض الدخل بحوافز مالية غير عادية. ثم، وبينما بدأت الولايات المتحدة وأوروبا التعافي من الجائحة بفضل اللقاحات، ضاعفت الصين جهودها بسياسة صفر كوفيد بإغلاق أهم مراكز التصنيع والشحن بالعالم.

وأخيراً كان الاجتياح الروسي لأوكرانيا والعقوبات الغربية رداً عليه، والتي زادت الضغوط على الإمدادات العالمية للطاقة والغذاء والأسمدة. من ثم، دفعت هذه الموجة من الصدمات غير المسبوقة التضخم إلى مستويات لم تشهدها أغلب الدول طيلة 50 عاماً تقريباً. 

بعد أكثر من ثلاثة أشهر على مقتل الشابة الإيرانية مهسا أميني على أيدي شرطة الأخلاق الإيرانية، مازالت المظاهرات المعارضة للحكومة منتشرة في أنحاء البلاد. في الوقت نفسه، صعّدت طهران برنامجها النووي بشكل كبير، بما يقضي على أية فرصة لعودة الاتفاق النووي. والآن، زاوجت إيران نفسها مع طموحات بوتين الاستعمارية في أوكرانيا. وفيما تواجه توترات داخلية وتشن هجمات خارجية، سيشهد هذا العام مواجهات جديدة بين الجمهورية الإسلامية والغرب.

تنفس مستهلكو الطاقة الصعداء، بعد فشل تحقق الصدمة المتوقعة في إمدادات النفط بعد الاجتياح الروسي على أوكرانيا، وتراجع أسعار الغاز –لاسيما في أوروبا- عن أعلى مستوياتها في 2022. ولكن رغم أغلب التوقعات المتفائلة لهذا العام، فإن عدداً من العوامل الجيو سياسية والاقتصادية والإنتاجية ستخلق أوضاعاً أكثر صرامة في الأسواق، لاسيما في النصف الثاني من 2023. وهذا سيرفع تكلفة المساكن والأعمال، ويزيد من الأعباء المالية على اقتصادات المستهلكين، ويوسع الفجوة بين أوبك + وكبار المستهلكين، وينشئ مصدراً جديداً للتوتر المتزايد بين الغرب ودول العالم النامي.

جيل الألفية (زي)، المولود بين منتصف التسعينات والعقد الأول من الألفية الجديدة، هو الجيل الأول الذي لم يجرب الحياة دون الإنترنت. فقد ربطت الآليات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي أبناء هذا الجيل حول العالم، لينشأ أول جيل عالمي بالفعل. وهذا يجعله قوة سياسية وجيو سياسية جديدة، لاسيما في الولايات المتحدة وأوروبا. فيتمتع جيل الألفية بالقدرة والدافع للتنظيم عبر الإنترنت لإعادة تشكيل سياسة الشركات والسياسة العامة، مما يجعل الأمر أكثر صعوبة على الشركات متعددة الجنسيات في كل مكان، ويهدد بتعطيل السياسات بضغطة زر.

هذا العام، سيصبح الإجهاد المائي تحدياً عالمياً ومنهجياً، فيما ستتعامل معه الحكومات كأزمة مؤقتة. في عام 2022، تسبب تناقص مستويات المياه في تفاقم أزمة الغذاء في إفريقيا، وفي توقف الشحن والإنتاج النووي في أوروبا، وفي إغلاق مصانع في الصين. كما أجبرت ندرة المياه الولايات المتحدة على تقليل المياه في الولايات الغربية، وأثارت اضطرابات اجتماعية في أمريكا اللاتينية، وزادت التوترات بين الشركات والمجتمعات. التوقعات لعام 2023 أسوأ. إذ سيصبح الإجهاد المائي هو الوضع الجديد: ستنخفض مستويات الأنهار بشكل غير مسبوق، وستواجه ثلثا شركات العالم مخاطر كبيرة للمياه على عملياتهم وسلاسل الإمداد الخاصة بهم.

سكاي نيوز

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %
photo of a man lifting woman near body of water Previous post امستردام تحتل مرتبة عالمية بالرومانسية
Next post فرنسا والاستعداد لرفع سن التقاعد