المشروع الإيراني…المقومات والأبعاد

Read Time:79 Minute, 32 Second

شبكةالمدارالإعلامية الأوروبية…_تعد الثورة الإيرانية 1979 أحد أهم الأحداث التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط، فإضافة إلى التحول الجذري الذي أحدثته في البنية السياسية والثقافية الإيرانية، فقد أحدثت انعكاسات جوهرية عربية وإسلامية، ولا تزال تداعياتها مستمرة على كل المستويات؛ السياسية والثقافية والاجتماعية، نظراً لأن الثورة في طبيعتها تحمل أبعاداً توسعية، ولذا يصعب فهم الحالة الإيرانية دون استيعاب الأسس الفكرية التي يقوم عليها النظام منذ تلك الثورة.

ومن أهم النظريات التي تحكم النظام الإيراني نظرية الإمامة السياسية عند الاثنا عشرية، وفكرة ولاية الفقيه المكملة لها، ومن الصعوبة تصور الحالة السياسية الإيرانية دون استيعاب هذه النظريات، ولا يمكن تصور المذهب الجعفري مذهباً فقهياً فقط، فهو في أصله مذهب سياسي، يرى الإمامة حصراً في سلالة معينة، ويرى في المذهب وسيلة لتحقيق تلك الرؤية، وبهذا تخيم فكرة المظلومية على عقل الإنسان الشيعي، فهو يرى أن الأمة قصرت في الماضي والحاضر عن توليه وتسليمه مقاليد أمورها.

كذلك فإن فهم البعد الجغرافي الإيراني يوضح أهمية إيران الإقليمية. فإيران تقع بين منطقتين مهمتين؛ دول القوقاز وبحر الخزر وآسيا الوسطى من الشمال، ودول الخليج العربي من الجنوب، وتربط إيران بين آسيا وأوروبا، وتطل على عدد من المسطحات المائية، وهذا الموقع أتاح لها التأثير في صادرات النفط، وبناء القواعد البحرية، وحفزها على التمدد الخارجي والاضطلاع بأدوار إقليمية كبيرة.

وثمة بعد قومي حاضر لا يقل أهمية عن البعدين المذهبي والجغرافي، فإيران كانت واحدة من أكبر الإمبراطوريات العالمية، وذات حضور تاريخي كبير، وهذا الأمر له انعكاساته على الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة، وبهذا تحاول إيران بناء رأي عام داخلي، وتشكيل مزاج المجتمع الفارسي لتقبل الطموحات التوسعية للنظام، كما تحاول استعادة دورها التاريخي.

تحاول هذ الورقة- المكونة من خمسة مباحث رئيسة- مقاربة المشروع الإيراني، من خلال دراسة الإمكانات الذاتية والأدوات الخارجية التي يتحرك المشروع الإيراني في ظلها، وقد ناقش المبحث الأول الإمكانات الإيرانية من ثلاث زوايا؛ الموقع الاستراتيجي والديمغرافيا البشرية والخلفية الفكرية، لما تمثله هذه الروافع من أهمية تحدد ثقل الدولة ومرتكزاتها في بناء مشروعها الإقليمي.

أما المبحث الثاني فقد ناقش الإمكانات والقدرات الإيرانية، وتناول الإمكانات السياسية والاقتصادية والعسكرية، ودورها في تشكيل المشروع الإيراني.

أما المبحث الثالث فيتناول محددات العلاقة الإيرانية بالقوى الدولية، مركزاً على الصراع النووي ومحددات الاستراتيجية الخارجية الإيرانية مع أمريكا وروسيا والصين.

في حين يناقش المبحث الرابع الطموحات الخارجية لإيران وأدواتها الثقافية والعسكرية في المنطقة، أما المبحث الخامس والأخير فيناقش مستقبل المشروع الإيراني في المنطقة ومدى القابلية العربية للمشروع.

وتأمل الورقة أن تقدم مقاربة موضوعية للمشروع الإيراني وإمكاناته الذاتية والخارجية، واستراتيجياته الدولية والإقليمية، ونقاط ضعفه وقوته، وفرصه وتحدياته، وأن تسهم في استشراف مآلاته وتأثيراته في المنطقة.

أولاً: المشروع الإيراني.. المقومات الديمغرافية والفكرية

تتميز أية دولة في العالم بجملة من القدرات والإمكانات تجعل منها كياناً متفرداً عن بقية الدول، سواء الموقع الجيوستراتيجي أو تلك الخصائص المتعلقة بالسكان، أو طبيعة النظام نفسه وقدراته المختلفة السياسية والاقتصادية، ومدى استيعابه للمكونات والقوى السياسية والفكرية المناوئة له في الداخل، وهذه القدرات تعطي الدولة حالة من الاستقرار الداخلي تتيح لها التحرك داخلياً ومن ثم تمكنها من القيام بأدوار خارجية، قد تجعل منها قوة إقليمية نشطة، وفي ضوئها تستطيع أن تنسج علاقات سياسية مؤثرة.

1. موقع الدولة وخصائصها الجيوستراتيجية

البيئة الجيوسياسية والجيوستراتيجية تكيف السلوك السياسي للدول، وحجمُ الدولة من حيث المساحة له تأثيره المباشر في تعدد فرص الموارد الطبيعية. وتعد القوة البحرية مفتاحاً للسيطرة على الأرض، كما أن الموقع الجغرافي والطبيعة الطبوغرافية للأرض تؤثر هي الأخرى في قوة الدولة، وبناء على ذلك يعد الموقع الجغرافي لأي دولة العامل الأساس والمحدد الأول لسياستها الخارجية ودورها الإقليمي والدولي، وفي ضوئه تبنى العلاقات والأدوار الخارجية للدول، قوة أو ضعفاً، لأن العلاقة الدولية هي انعكاس مباشر لموقع الدولة وطبيعته السياسية والاقتصادية التي تمنحها الفرص والتحديات في وقت واحد، ومن هذا المنطلق تكمن الأهمية الجيوستراتيجية لإيران في أهمية موقعها الجغرافي.

تقع إيران بين خطي عرض (25 .40) شمال خط الاستواء، وخطي طول (44. 63) شرق خط جرينتش، وهذا يشير إلى أن إيران تقع ضمن المنطقة المدارية الدافئة، وقد كان لهذا الموقع الأثر الكبير في تنوع الأقاليم المناخية، وتنوع النبات الطبيعي، ولهذا أثره في تباين توزيع السكان ونشاطهم الاقتصادي، إذ يتركز السكان في الجهات الشمالية والغربية حيث المناخ المعتدل والسهول الخصبة، على حين يتشتت السكان في المناطق الداخلية والشرقية الجافة والوعرة، ليكون النشاط الاقتصادي الرئيس للسكان هو النشاط الزراعي بشقيه النباتي والحيواني[1].

تبلغ مساحة إيران الإجمالية نحو (1,648) مليون كم2، وهذه المساحة تعادل مساحة فرنسا وألمانيا وهولندا وبلجيكا والبرتغال مجتمعة، وتجعلها في المرتبة الثامنة عشرة دولياً، وتحد إيران من الشمال أذربيجان وأرمينيا وتركمانستان، والعراق وتركيا من الغرب، وأفغانستان وباكستان من الشرق، والخليج العربي وخليج عمان وبحر العرب من الجنوب[2].

كما أنها تقع على هضبة عالية ترتفع بين سهول دجلة والفرات في الغرب، وسهول السند وجبال هندكوش في الشرق، وبين سهول تركستان وبحر الخزر في الشمال، وشواطئ الخليج العربي وبحر العرب في الجنوب، وتحف الجبال بهذه الهضبة من الجهات جميعها، ففي الغرب تمتد جبال زاغروس، وفي الشمال تمتد جبال ألبرز، وفي الشمال الشرقي وحتى الجنوب الشرقي توجد سلاسل قليلة الارتفاع متقطعة تفصلها عن الأمصار المجاورة، أشهرها جبال كوبيت[3].

من الشمال تنشغل إيران بما يجري في بحر قزوين، وهو بحر غني بالنفط والغاز، ولا تقل كميته المؤكدة عن 30 مليار برميل، ومن المتوقع أن يصل إلى 200 مليار برميل بمجرد بدء أعمال الحفر، كما أنها تجاور أوزباكستان التي تعد أكبر منجم لإنتاج الذهب، وطاجكستان التي تعد أكبر منجم للفضة، ويبلغ احتياطي النفط في كازخستان 25 مليار برميل، ونتيجة لذلك هناك تدافع دولي على هذه المنطقة، وتخوض الدول المجاورة لهذه المنطقة تنافساً محموماً لتوفير المسارات التي ستمر عبرها خطوط نقل النفط والغاز إلى الأسواق العالمية. وما يثير قلق إيران هو الدخول الأمريكي على خط المنافسة، حيث تعارض أمريكا أي مشروع لمرور أنابيب النفط عبر إيران إلى أوروبا والعالم، لأن ذلك سيعزز من تأثير إيران الإقليمي وعائداته المالية، ويجعل العالم أكثر حرصاً على استقرار إيران، ورغم المعارضة الأمريكية الواضحة لا ينكر أحد أن إيران هي أقصر الطرق وأسهلها[4].

تشرف إيران من خلال هذا الموقع على منابع النفط في الخليج العربي وآسيا الوسطى وبحر قزوين والقوقاز، وهذا الأمر جعل منها قوة نفطية، إضافة إلى وقوعها على طريق الحرير بين آسيا وأوروبا، هذا وغيره مكن إيران من الإطلالة على عدد من المسطحات المائية الرئيسة، وهي: الخليج العربي وخليج عمان وبحر العرب والمحيط الهندي، وهو ما أتاح لها التأثير في صادرات النفط، وبناء القواعد البحرية.

لهذا يحتل هذا الموقع أهمية كبيرة لدى واضعي النظريات الاستراتيجية، وكانت إيران ضمن عدد من هذه النظريات، وعلى رأسها نظرية “النطاق الأرضي”، التي مفادها أن من يحكم سيطرته على منطقة الأطراف؛ أي المناطق الساحلية، يحكم أوراسيا، ومن يحكم أوراسيا يتحكم في أقدار العالم. كما تقع ضمن منطقة الهلال الداخلي في نظرية “قلب الأرض”، التي تعني أن من يسيطر على الهلال الداخلي يمكنه السيطرة على قلب الأرض[5].

بناء على ذلك، فإن هذا الموقع يمثل فرصة للنظام الإيراني للاضطلاع بأدوار إقليمية بارزة، للمحافظة على أهم إيجابيات هذا الموقع، فإيران في قلب منطقة الشرق الأوسط وعلى طريق الحرير، وهي أسهل طرق النفط العالمية وأقربها، وتطل على دول الخليج التي تعد شريان العالم النفطي. وإطلالها على بحر قزوين، إضافة إلى وجود حالة فراغ عربي، يمكنها من التمدد في المساحات الرخوة، في حين أن وجود أقليات شيعية في عدد من المناطق العربية والإسلامية يمكنها من استقطابهم كمكونات سياسية خارجية تجمعها قواسم مشتركة مع النظام الإيراني، وقد سبق معنا أن المعطيات الجغرافية هي المتحكم الأكبر في قوة الدول وضعفها.

وكما أن هذا الموقع يشكل فرصة للنظام الإيراني فإنه يشكل تحدياً وعبئاً في نفس الوقت، فإيران لم تستطع الاضطلاع بدور إقليمي يشجع الدول المجاورة على بناء علاقات استراتيجية معها، كما أن استخدامها السلبي لسلاح النفط والتهديد بإغلاق مضيق هرمز يضطر الدول النفطية إلى البحث عن خطوط بحرية وبرية أكثر أمناً، وهو ما قد يجعل ورقتها هذه أقل تأثيراً في سوق النفط العالمية، إضافة إلى ذلك فإن التمدد الإيراني أضر بسمعتها في المنطقة والعالم، حيث لم تستطع أن تبني نموذجاً مشرفاً، علاوة على أن محاولة التمدد استنزفت الاقتصاد الإيراني بدرجة أثرت في الحالة الاقتصادية الداخلية.

2. الديمغرافيا الإيرانية

العامل البشري من أهم المحددات في السياسة الداخلية والخارجية للدول، وهو العنصر الأهم في بناء القوة العسكرية وإدارة الأزمات الحربية، كما يعد العامل الأهم فيما يتعلق باليد العاملة واستثمار ثروة الدولة، وعلى الرغم من دور التكنولوجيا في الحد من أهمية العامل البشري، فإنه سيظل مؤثراً في قوة التخطيط والتسيير والإشراف والمتابعة، وفي المقابل يعد الانفجار السكاني وزيادة معدل النمو السكاني عن النمو الاقتصادي أحد معيقات النمو الاقتصادي، الذي يضطر الدولة إلى الاعتماد على المديونيات الخارجية، وهو ما يلقي بظلاله على سياسة الدولة الخارجية وإضعاف استقلاليتها.

أ. الخصائص الاجتماعية والدينية للمجتمع الإيراني

تُشجع إيران وبقوة على الإنجاب، وقد دعا المرشد الإيراني علي خامنئي إلى زيادة عدد سكان إيران، محذراً من شيخوخة الأمة، وبينما يبلغ عدد سكان إيران حالياً 83 مليوناً، دعا المرشد إلى زيادة عدد السكان ليصل إلى 150 مليوناً، زاعماً أن تنظيم النسل سياسة غربية[6].

هذا وتعد إيران من أكثر البلدان تنوعاً على الصعيد الإثني والمذهبي، ويُقسم المجتمع الإيراني عرقياً ولغوياً إلى ست مجموعات هي: الناطقون بالفارسية 50%، الأذريون الأتراك 23%، الأكراد 11%، العرب 5%، التركمان 3%، البلوش 3%[7].

هذه النسب قد تزيد وتنقص من دراسة إلى أخرى، لكنها متقاربة، وهي في نفس الوقت مهمة بالنسبة لدراسة خصائص المجتمع الإيراني، وللاطلاع على حجم الكتلة البشرية وتبايناتها الداخلية؛ فهي مؤشر على مدى الاستقرار الداخلي، الذي يعد محفزاً للتمدد الخارجي.

الكتلة السكانية الكبرى بين الإيرانيين هي الكتلة الفارسية، وتشكل الأغلبية العظمى في مدن وقرى الهضبة الوسطى، وقد انتشرت العناصر الفارسية في العقود الأولى من القرن العشرين نحو المناطق الأخرى من إيران، وفي أقصى الشمال والشمال الغربي الأذريون من الشعوب التركية، ويتكلمون لهجة قريبة من اللغة التركية الرسمية، ويجاورهم على ساحل بحر قزوين أقليات المازنداريين والجيلانيين والأرمن، وفي المرتفعات الغربية مركز الكثافة الكردية، ويجاورون الأذريين في أذربيجان الغربية، أما العرب فعلى امتداد الساحل الشمالي للخليج، وفي عدد من قرى الشمال الشرقي (خراسان)، ويوجد البلوش في منخفض سيستان، الذي يحتل الزاوية الجنوبية الشرقية من إيران، والتركمان في جنوب شرقي قزوين.

يدين معظم الإيرانيين بالإسلام، ويتبعون المذهب الشيعي الاثنا عشري، ويشكلون 90% من السكان، وأغلبهم من الفرس والأذر، يليهم المسلمون السنة، ويصلون إلى 8%، ويوصلهم البعض إلى 15%، وهم الأغلبية العظمى من العرب والكرد والتركمان، وهناك أقليات صغيرة من الزرادشت والمسيحيين والسريان والأرمن واليهود والبهائيين والمندائيين واليزيديين يصلون إلى 2%[8].

يعتقد عالم السياسة والاجتماع الإيراني حسين بشريه بوجود عوامل عديدة تتدخل في تكوين التيارات السياسية والحركات الاجتماعية في إيران، ويأتي في مقدمة هذه العوامل مستوى التحول والعبور من المجتمع التقليدي إلى المجتمع الحديث، ومعدلات التحديث والتنمية الاقتصادية، وميزان دمقرطة المجتمع، وهو ما يؤثر تأثيراً واضحاً في إيجاد وبناء مؤسسات الطبقات الدنيا وروابطها وجمعياتها. ويرى بشريه أن مجموع الفجوات التاريخية والإنشائية الهيكلية أصبحت سبباً في تشكيل بنية القوى والتيارات الاجتماعية والسياسية المعقدة[9].

ب. المكونات السياسية الإيرانية

يقسم كثير من الباحثين الأحزاب السياسية الإيرانية إلى تيارين بارزين: الأصوليين والإصلاحيين، وبعضهم يضيف البراجماتيين تياراً ثالثاً، غير أن للدكتورة فاطمة الصمادي في كتابها “التيارات السياسية في إيران” نظرة أخرى أكثر شمولية واستيعاباً لمختلف التيارات السياسية الرسمية في إيران، وترفض إطلاق مصطلح المحافظين للدلالة على التيار الأصولي. وتقسم التيارات السياسية الفاعلة داخلياً إلى أربعة أقسام رئيسة، وهذا لا يعني وجود تباينات متعددة داخل كل قسم من هذه الأقسام، وإنما يعد هذا التقسيم مقاربة للمكونات السياسية بمختلف توجهاتها:

القسم الأول: التيار الأصولي

وهو التيار الحاكم، وهذا التيار يرى أن ثمة صلة عضوية بين ولاية الفقيه وبين وجود الجمهورية وبقائها، وينادي بالمحافظة على قيادة العلماء بوصفها مرجعية شرعية للحكم، وضامنة للوحدة والاستقرار، وقدموا حراسة الدين- حسب نظرهم- على مسألة الحريات. وتهمين على هذا التيار مركزية ولاية الفقيه[10].

يعتقد هذا التيار أن ولاية الفقيه ليست قضية انتخابية يكون للناس دور وتأثير فيها، وإنما هي قضية تشخيصية، ويرى أن الولي الفقيه يُكتشف اكتشافاً؛ أي إنه موجود في المجتمع، واكتشافه منوط بالخبراء. وينظر هذا التيار إلى الولي الفقيه بنوع من القداسة، ويؤمن بأن قائد الثورة ظاهر بالمدد الإلهي، وجميع المؤسسات تستمد شرعيتها من الولي الفقيه. كذلك يعتقد هذا التيار أن نموذج الحكم الإسلامي يقوم أولاً على دعامة الأصول العقائدية الإسلامية، وأي حكومة منصوص عليها وينصبها الله هي حكومة قانونية، حتى وإن لم يقبلها جميع الناس[11].

هذا التيار يعطي الولي الفقيه الحق في إدارة كل قضايا المجتمع، بوصفه وريثاً للإمام المعصوم، الذي هو وريث للنبي صلى الله عليه وسلم.

ومن أشهر رموز هذا التيار علي لاريجاني وعلي أكبر ولايتي ومحمد باقر قاليباف وعلي شمخاني ومحسن رضائي. ويضم عدداً من الأحزاب والجمعيات، منها:

–   حزب الجمهورية الإسلامي (حزب جمهوري إسلامي).

–  مجتمع رجال الدين المقاتلين/طهران (جامعة روحانيت مبارز تهران).

–  مجتمع مدرسي حوزة قم العلمية (جامعة مدرسين حوزة علمية قم).

–  المؤتلفة الإسلامي (مؤتلفة إسلامي).

–  جمعية مؤثري الثورة الإسلامية (جمعيت إيثار كَران انقلاب إسلامي).

–  المعمرون (آباد كَران).

القسم الثاني: التيار الإصلاحي

أثار الإصلاحيون بدرجات متفاوتة الشكوك حول مؤسسة ولاية الفقيه، وسلطات الفقيه القائد، سواء من منطلقات ليبرالية بحتة، أو من خلال إعادة قراءة التراث الإسلامي، وطالبوا ببناء الجمهورية على أساس ديمقراطي، ومزيد من الحريات، وتقييد قانوني ودستوري لسلطات مؤسسات الدولة والحكم، كما أن كثيراً من الإصلاحيين يريد علاقات إيرانية أوثق مع الغرب، من خلال تطبيع العلاقات الإيرانية الأمريكية[12].

هذه التوجهات سادت المجتمع الإيراني منذ الثورة الإيرانية، وبدأت تتبلور بعد وفاة الخميني في 1989، وبالتحديد في نهاية ولاية هاشمي رفسنجاني، وذلك يعود لمساحة الحرية المتاحة التي أطلقها رفسنجاني، والتي سمحت بتشكل عدد من الرؤى حول الحرية والعدالة ومقاومة الرأسمالية.

ومنذ البداية كانت صفات هذا التيار، ومن دون استخدام مصطلح اليمين أو اليسار، تجد مؤيدين لها وسط الأحزاب، وكذلك بين عدد من رجال الدين، ومن الشخصيات الإصلاحية المشهورة محمد رضا خاتمي وسعيد حجاريان وعباس عبدي ومحسن أمين زاده.

وهذا التوجه يقسم إلى أربعة أطياف:

1.  الإصلاحيون التقليديون، ويمتلك هذا الطيف تفسيراً ديمقراطياً لولاية الفقيه في إطار الدستور، وخصوصاً ضمن صلاحيات مجلس الخبراء، ومن الأحزاب التابعة له: الثقة الوطنية (اعتماد ملي)، ومجمع رجال الدين المقاتلين (مجمع روحانيون مبارز)، المجمع الإسلامي للمرأة (مجمع إسلامي بانوان)، حزب التضامن (حزب همبستكَى).

2.  الإصلاحيون المعتدلون، ويرى هذا الطيف ضرورة الحكم الدستوري ودور النخبة في صنع القرار، وهو خليط من الفكر الليبرالي والبراغماتية، ويتبع نهجاً يزاوج بين الليبرالية والعلمانية.

3.  الإصلاحيون الراديكاليون، وكان طيفاً يسارياً تقليدياً، ثم تحول إلى تجمع للمثقفين السياسيين، وفكره السياسي في حدود المطالبة بالجمهورية، ويدعون إلى نوع من العلمانية تعني شكلاً من استقلال المؤسسات، ومن أحزابه مكتب تحكيم الوحدة (دفتر تحكيم وحدت) وحزب المشاركة (حزب مشاركت).

4.  الإصلاحيون المعارضون، ويضم المعارضين الإصلاحيين والقوميين المتدينين من اليمينيين واليساريين، ويتبنى الدستورية الليبرالية والجمهورية الخالصة، ومن أحزابه حركة الحرية (نهضت آزادي)، والتحالف الوطني الديني (ائتلاف ملي مذهبي)، وحلقة إيران الغد (حلقة إيران فردا)[13].

القسم الثالث: الحركة الخضراء

بحسب التعريفات المقدمة للحركة فإنها ليست حزباً سياسياً تجمعه مؤسسة واحدة وقيادة موحدة، ولا تياراً عريضاً له تمثلاته السياسية المتعددة، وإنما عبارة عن المعارضين لفوز أحمدي نجاد برئاسة إيران في انتخابات 2009، ضد حسين موسوي وبقية المرشحين، وهذه النتيجة رفضها عدد من المعارضين الإيرانيين، وشككوا في نتائج الانتخابات، وخرج الآلاف من أنصار موسوي في شوارع طهران رافعين شعار “أين صوتي”، وأدى ذلك لحدوث صدامات بين الشرطة والمحتجين، وأطلق على هذه الاحتجاجات الحركة الخضراء، وفيما بعد أصبح لهذه الحركة أنصار وأتباع يتبنون الاحتجاج السلمي ويرفضون العنف، وينادون بالتجديد وإعادة النظر في صلاحيات الولي الفقيه المطلقة.

أثبت موسوي القدرة على التأثير في هذه الحشود، وهذا يعود لإمكاناته السياسية بوصفه رئيس وزراء سابق قبل إلغاء المنصب، ووزير خارجية في حكومة محمد علي رجائي 1981، وهو ما مكنه كذلك من رسم ملامح الرؤية السياسية لهذا التوجه الجديد، وقد جعل على رأس أولوياته إعادة تقييم الوجود الإيراني في الخارج. لكن هذه الحركة لم تستطع أن تكون تياراً أو حزباً سياسياً على الأرض؛ بسبب تغييب زعيمها حسين موسوي والرجل الثاني في الحركة مهدي كروبي، ومغادرة بعض نشطائها إلى الخارج.

القسم الرابع: التيار النجادي

ينسب هذا التيار لأحمدي نجاد والمقربين منه، حيث استطاع مع أنصاره، ولا سيما خلال الولاية الرئاسية الثانية له، أن يشقوا التيار الأصولي، ليخلقوا تياراً جديداً صار يُعرف باسم التيار النجادي، أطلق عليه البعض اسم “تيار الانحراف”. فعلى الرغم من توجهاته الأصولية فإن السياسات التي اتبعها نجاد، خصوصاً الاقتصادية منها، فضلاً عن دعمه المتأصل لصهره ومدير مكتبه اسفنديار رحيم مشائي، على الرغم من كل التحفظات التي طالته، كانت كفيلة بأن يخسر نجاد تأييد عدد لا بأس به[14].

ترى الباحثة فاطمة الصمادي أن التيار النجادي تيار له خصائصه وميزاته، ونسبته إلى التيار الأصولي خطأ في التصنيف، ونجاد وإن كان يلتقي مع الأصوليين على الإيمان بولاية الفقيه المطلقة القائمة على التعيين، فإنه يختلف معهم في دور رجال الدين في إدارة أمور الدولة، فهو يسعى لحكومة خالية من رجال الدين وتأثيراتهم، ويتبنى في علاقته بأمريكا خطاباً يأتي مزيجاً من اليسار التقليدي واليمين التقليدي والإصلاحيين، ولا يرى عيباً في محاورتها والسعي للتفاوض معها[15].

3. التوجهات المذهبية للنظام السياسي الإيراني

النظام الإيراني من الأنظمة السياسية القائمة على الدين كفكرة للحكم، ويؤدي فيه رجل الدين وظائف الدولة، ويرفضون فكرة الفصل بين الدين والسياسة أو حتى التمييز بينهما، وأن هذا المفهوم يجب أن يصدر لكل البلاد الإسلامية، ففكرة الأممية إحدى أهم الأفكار التي تقوم عليها الدولة، ولهذا تقسم العالم إلى مستكبرين ومستضعفين، وترى أن من أهم واجباتها نصرة المستضعفين حسب تصورها ولو كان خارج حدودها.

يقوم النظام الإيراني على المذهب الشيعي الاثنا عشري، وأتباعه صاروا المكون الأغلب في إيران، والدولة في المذهب الشيعي الاثنا عشري ذات مكانة عالية، حيث تعد فرعاً للإمامة، التي تعد الدولة أحد تمثلاتها المعاصرة، فهي أصل من أصول الدين، والشيعة هم أول من اهتم بنظرية الإمامة وبيان خصائصها الدينية والدنيوية.

ويذهـب الدكتور محمد ضياء الدين الريس في كتابه “النظريات السياسية الإسلامية” إلى أن أول من كتب في الإمامة كتابة علمية وأول من تصدوا لإثبات مذهـبهم بالأدلة المنطقية، سواء أكانت الأدلة مبنية على أساس ديني أم عقلي، هـم الشيعة. فالشيعة هـم من خلق هـذا النوع من العلم، وهـم الذين أوجدوه وأفردوا له مكاناً بين مباحث علم الكلام، وإذا كان من المعروف أن علم الكلام، الذي يختص بالعقيدة الدينية، نشأ نتيجة للمناقشة والجدال بين الشيعة والمعتزلة وأهـل الحديث، فكذلك مباحث الإمامة إنما وجدت نتيجة للنقاش بين الشيعة ومخالفيهم، من خوارج ومعتزلة وأهـل السنة. وقد ترتب على هذه الحقيقة أن الشيعة طبعوا هذا العلم بطابعهـم، وصاغوه الصياغة التي ارتضوهـا، فهـم في الغالب الذين اختاروا للإمامة مصطلحاتهـا الفنية، وهـم الذين سموهـا بهذا الاسم، وهـم الذين قسموا العلم وبوبوا أبوابه، وعينوا مجاله ورسموا حدوده[16].

ومن العوامل المساعدة في فهـم كثير من حالات الصراع القائمة فهـم البدايات الأولى للحالة، والقوانين التي أُسست في ضوئهـا، فقد تكون أبعادها دينية كالحالة الإيرانية، حيث إن المسألة الدينية من المسائل التي فرضت نفسها وبقوة على الواقع الثقافي والسياسي منذ البداية.

ولفهم التوجهات الفكرية والسياسية للنظام الإيراني أعتقد أنه يقوم على ركنين أساسيين يرتبط بعضهما ببعض، الأول يتعلق بنظرية الإمامة عند الشيعة الاثنا عشرية، والثاني فهم ولاية الفقيه التي تعد مركز النظام وأساسه في التعامل الداخلي والخارجي، وهي فرع عن نظرية الإمامة.

أ. تأسيس نظرية الإمامة

مسألة الإمامة من أول وأكبر وأعقد المسائل الخلافية في التاريخ الإسلامي، ولعل منشأ أغلب الفرق الإسلامية كان في أساسه خلافاً سياسياً، ثم انتقل إلى بقية المسائل المتعلقة بالعقيدة، فبداية ظهـور الخوارج كان رفض طريقة الحكم السائدة والسعي لتغييرهـا، ثم أتت فرقة الشيعة التي تزعمت فكرة حب علي بن أبي طالب في بداية ظهـورهـا، ثم تطور  التشيع فيما بعد كردة فعل على الجماعات المعارضة لعلي، سواء معارضة الخوارج أو رفض معاوية بن أبي سفيان البيعة له، ومع انتقال نظام الحكم من الخلافة إلى الحكم الوراثي قامت الثورات رافضة لهذا المتغير، ومعها نشأت نظرية تكفير الحكام، وظهـرت بذلك فكرة الجبر تبريراً للواقع الجديد.

يرى الشيعة أنهم كانوا أقدم هذه الفرق وأولها ظهوراً، وقد نشأت عقب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وأفرزهـا الخلاف الأول حول مسألة الخلافة في سقيفة بني ساعدة، التي افترق فيها المجتمع إلى ثلاث فرق حسب رأي الشيعة؛ “فرقة منها سميت الشيعة وهـم فرقة علي بن أبي طالب، ومنهم افترقت صنوف الشيعة كلها”[17]، وفرقة الأنصار بقيادة سعد بن عبادة، وفرقة المهـاجرين بقيادة أبي بكر الصديق، ومعهم في هـذا الرأي بعض علماء الاستشراق[18].

يرى بعض الشيعة أنهم أقدم من هـذا التاريخ، وهـذا الفريق ربما لا يرى فرقاً بين التشيع الديني والتشيع السياسي، بل يراهـما واحداً، وممن يرى ذلك المفكر الشيعي محمد باقر الصدر، حيث يقول: “والتشيع لم يكن في يوم من الأيام منذ ولادته مجرد اتجاه روحي بحت، وإنما ولد التشيع في أحضان الإسلام، بوصفه أطروحة مواصلة الإمام علي عليه السلام للقيادة بعد النبي صلى الله عليه وسلم فكرياً واجتماعياً وسياسياً على السواء”[19].

بهذا الرأي يرى الصدر أن التوجه الشيعي تكوَّن قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وهـناك رأي يرى أن التشيع السياسي أقدم من التشيع الديني أو العقدي أو الروحي، وهـذا الرأي الذي تبناه المفكر العراقي أحمد الكاتب، في كتابه “التشيع السياسي والتشيع الديني”[20].

والواقع أن التشيع كان في بداية أمره موقفاً سياسياً؛ لتأييد إحدى المعسكرات السياسية الموجودة حينها، بدليل أن هـناك شيعة عثمان وشيعة معاوية، فهـو موقف سياسي، والتشيع عملية توصيف للمجموعات السياسية المتعددة، ذات الولاءات المختلفة، وفي بداياته الأولى كان يدور حول شخصيات دينية ورموز سياسية متعددة، لها صدارتهـا في المشهـد ويُنسب إليها، ولم تكن له روافع فكرية أو نظريات سياسية محددة، والتشيع لعلي كان أحد هذه الأشكال. ويمكن القول إن التشيع كمنتج تاريخي أخذ أطواراً عدة في التشكل، امتزج فيها السياسي بالديني في فترات متعددة وبنسب متفاوتة. والشيعة كجماعة دينية وسياسية مرت بعدت بمراحل، شأنها شأن أي فرقة أو جماعة تمر بأطوار مختلفة حتى تصل إلى صيغتها النهائية:

–   المرحلة الأولى: بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وظهـور أنصار علي الذين كان رأيهـم أن يكون هـو الخليفة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، لا على أساس وصية أو نص، وإنما حباً له، وكان فيهم من الصحابة والتابعين. وهذه المرحلة استمرت حتى بويع لعلي بالخلافة بعد وفاة عثمان بن عفان؛ لكنهـا لم تفرز فكراً خاصاً بها.

هـذا التأييد لعلي قبل خلافته ظل في المستوى الفردي والشخصي، ولم يتحول إلى حزب أو جماعة خاصة يجمعها موقف سياسي موحد ورابطة داخلية ناظمة للمؤيدين يصح من خلالها إطلاق كلمة شيعة على مناصريه ومؤيديه. فوجود مريدين لعلي ممن يرون أولويته بالخلافة على غيره أمر طبيعي، بحكم أن علياً شخصية استثنائية في الذاكرة الإسلامية، لجهـة سابقته في الإسلام ومكانته العالية لدى النبي، وحيازته قدرات ذهـنية وملكات تقوية رفيعة.ك إلا أن المؤيدين والمناصرين له في زمن الخلفاء الثلاثة لم يشكلوا حالة سياسية أو جماعة ذات تطلعات سياسية ورؤى عقائدية خاصة، ولعل إعراض علي عن التصدي للسلطة أو المطالبة بها، وإيثاره الانضواء في ظل الدولة المتشكلة حديثاً، ضيق هـامش الجدل والتنافس على السلطة أدناه، وقلل من فرصة نشوء تضامنات سياسية لم تخرج إلى الضوء إلا قبيل مقتل عثمان، حين ظهـر الانقسام الاجتماعي والتنافس السياسي، وبرزت جماعات مصالح متضاربة، معنية بطبيعة السلطة وبحركة القرار فيها[21].

–   المرحلة الثانية: بدأت من المبايعة لعلي بالخلافة، وخصوصاً مع ظهـور المعارضة له، وحركات الاحتجاج ضده، من ثلاثة معسكرات على الأقل، أولها المعسكر الذي تزعمه طلحة والزبير، وكان السبب الرئيسي لمعارضتهـما لعلي هـو المطالبة بدم عثمان، ومعسكر معاوية بن أبي سفيان في الشام، ومعسكر الخوارج، وأمام هذه المعسكرات الثلاثة سمي من ناصر علياً ووقف معه شيعة علي، ثم أيد جزء من هؤلاء ذرية علي من بعده، وعارضوا حكم بني أمية والعباس.

لم تكن المعارضة الشيعية في بدايتهـا قائمة على عقيدة متميزة، بل على موقف سياسي مغاير، لذلك نرى أن الحركة الشيعية ضمت في أوائل عهـدهـا، قبل تطورهـا إلى مذهـب وطائفة بدءاً بالإمام جعفر الصادق وتلميذه هـشام بن الحكم، رجالاً محسوبين على الاتجاه الفقهي السني، بل ضمت بعض أركان هـذا الاتجاه مثل الإمام أبي حنفية، مؤسس أول مدرسة فقهية سنية[22].

–   المرحلة الثالثة: ظهـور فكرة النص والوصية، ومعها ظهـرت فرقة الشيعة بالمعنى الدقيق.

خلال هذه المراحل وما تلاهـا من بعد ظهـور الشيعة كفرقة، لم تكن الشيعة على رأي واحد فيما يتعلق بالإمامة، وحصل الخلاف في النص الذي يقولون به؛ أهـو جلي أم خفي، ثم في تفضيل علي: أيلغي حكم من سبق وفضله، أم هـو مفضل مع بقاء حكم من سبقه وجواز إمامتهـم في وجوده؟ ثم فيمن يستحق الإمامة وشروطهـا، وبهذا تعددت فرق الشيعة.

والحقيقة أن الظاهـرة الشيعية لم تتشكل فجأة ولم تظهـر دفعة واحدة، كما أنها لم تستقر على حالة واحدة، بل أخذت أطواراً مختلفة بعد سلسلة من الصراعات المعقدة، لتتشكل من خلال فرق وجماعات متعددة.

بعد استشهـاد الحسين بن علي بن أبي طالب، واعتكاف ابنه علي (زين العابدين) على عبادته وتدريسه، كانت له مكانة لدى أنصار جده، وورث هذه المكانة ولده محمد (الباقر) من بعده، وكان زيد عند وفاة والده صغيراً، فتولى أخوه “الباقر” تربيته وتعليمه.

وبالمناسبة فإن كثيراً من أفكار الإمامة تنسب للباقر، وكأنَّ البدايات الأولى لنظرية الإمامة عند الشيعة بدأت من عهده، أو نسبت إليه، وقد تشكلت بدايتهـا الأولى بحصر العلم والفهـم بهم، وهـذا التحول حَصَر الفهـم الديني في أئمة أهـل البيت، وظهـرت بذلك كثير من الأحاديث المنسوبة للباقر.

ثم بعد وفاة الباقر وقع الخلاف بين الشيعة حول الإمامة، ففريق يراهـا لجعفر بن محمد (جعفر الصادق) وآخرون يرونهـا لزيد بن علي، وحدث تباين في الموقف من الإمامة بين جعفر وزيد، فزيد يرى وجوب الخروج ومواجهـة الظلم، وجعفر يرى أن الإمامة تتحقق بمجرد الوصف ولا يُشترط عنده الخروج، ولم يتعامل جعفر مع الثورات التي خرجت، ولم يرشح نفسه لذلك، ومن هـنا بدأ الخلاف بين الشيعة أنفسهم، واشتد بعدهم بين أنصارهم؛ فالقائلون بإمامة جعفر بن محمد أطلق عليهم الجعفرية، والقائلون بإمامة زيد بن علي بعد محمد بن علي أطلق عليهم الزيدية، وكان لرؤية كل منهما أثر في فلسفة الحكم عند أتباعه.

أما الخلاف في كيفية استحقاق الإمامة عموماً فأكبر خلاف فيها يتعلق بثبوتهـا؛ أتثبت بنص ديني أم باختيار من الأمة؟ وبهذا تعددت الآراء حول ذلك إلى فرقاء عدة، أشهـرهـا أربعة:

الفريق الأول: يرى أن طريق الإمامة هو النص، سواء عن الله أو عن رسوله صلى الله عليه وسلم، وهـؤلاء اختلفوا فيمن هـو المنصوص عليه، على ثلاثة أقوال[23]:

–   القول الأول: أن المنصوص عليه هـو علي بن أبي طالب وولداه الحسن والحسين، وهـم الزيدية والاثنا عشرية؛ لكن الزيدية ترى النص خفياً، في حين ترى الاثنا عشرية أن النص جلي.

–   القول الثاني: أن المنصوص عليه هـو أبو بكر الصديق؛ ولكن وقع الخلاف أهو بنص جلي أم خفي، فبعض أهـل الحديث يرونه جلياً، في حين حكي عن الحسن البصري أن النص على أبي بكر خفي.

–   القول الثالث: أن المنصوص عليه هـو العباس، وليس لهم مستند ظاهـر.

الفريق الثاني: يرى أن طريق الإمامة ليس النص وإنما الدعوة والخروج، وهـذا مذهـب الزيدية في غير الثلاثة: علي والحسن والحسين، ومذهـب أبي علي الجبائي (ت: 303هـ) من المعتزلة، وخالفت الصالحية في هـذا قول الزيدية.

ويرى الفريق الثالث أن طريق الإمامة هـو العقد والاختيار، وهـو مذهـب الصالحية من الزيدية والمعتزلة وأكثر محققي الأشعرية والخوارج والمرجئة.

ويرى فريق رابع أن طريق الإمامة هـو الإرث، وهـو مذهـب العباسية، فهم زعموا أن الإمامة لهم بالإرث من أبيهم العباس بن عبد المطلب، وحجتهـم أنه لا ميراث لبني البنت مع وجود العم.

وتتلخص نظرية الشيعة الجعفرية في الآتي:

–   الإمامة أصل من أصول الدين

ترى الاثنا عشرية أن الإمامة أصل من أصول الدين لا يتم الإيمان إلا بالاعتقاد بها، وهي لطف من الله، بمعنى يجب أن يكون في كل عصر إمام هاد، وهي استمرار للنبوة، ولا يجوز أن يخلو عصر من إمام. وتدخل الإمامة في كتب العقائد في المذهب الاثنا عشري دخولاً أصلياً. ولما كان الشيعة هم رواد هذا المجال فقد درجت كثير من الفرق على مجاراتهم، وخاصة عند إدراج الإمامة في أبواب أصول الدين، حتى وإن لم يروها كذلك، كالسنة مثلاً حيث لا يرون الإمامة أصلاً من أصول الدين.

–   عصمة الإمام

تشترط الاثنا عشرية عصمة الإمام؛ فالإمام عندهـم يجب أن يكون معصوماً من جميع الرذائل والفواحش، ما ظهـر منها وما بطن، من سن الطفولة إلى الموت، عمداً أو سهـواً[24]. وتحشد الاثنا عشرية عدداً من المبررات لإثبات هذه الدعوى، منها أن الشريعة الإسلامية خالدة، ومصلحتها خالدة وثابتة إلى قيام الساعة، ونبيها محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء، ولهذا لا بد لهذه الشريعة من حافظ، ولا يخلو الحافظ لها من أن يكون جميع الأمة أو بعضهـا، وليس يجوز أن يكون الحافظ لها الأمة؛ لأن الأمة يجوز عليها السهـو والنسيان وارتكاب الفساد والعدول عما علمته[25].

وفي هذا يقول أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني: “فالإمام هـو المنتخب المرتضى، والهادي المنتجى، والقائم المرتجى، اصطفاه الله بذلك واصطنعه على عينه في الذر حين ذرأه، وفي البرية حين برأه، ظلاً قبل خلق نسمة عن يمين عرشه، محبواً بالحكمة في علم الغيب عنده، اختاره بعلمه، وانتجبه لطهـره، بقية من آدم عليه السلام، وخِيَرَة من ذرية نوح ومصطفى من آل إبراهـيم، وسلالة من إسماعيل وصفوة من عترة محمد صلى الله عليه وسلم، لم يزل مرعياً بعين الله، يحفظه ويكلؤه بستره، مطروداً عنه حبائل إبليس وجنوده، مدفوعاً عنه وقوب الغواسق ونفوث كل فاسق، مصروفاً عنه قوارف السوء، مبرَّأً من العاهـات، محجوباً عن الآفات، معصوماً من الزلات، مصوناً عن الفواحش كلها، معروفاً بالحلم والبر في يفاعه، منسوباً إلى العفاف والعلم والفضل عند انتهـائه”[26].

–   الإمامة نص من الله

ترى الاثنا عشرية أن الإمامة منصب إلهي، وصاحبها مُختار من الله لسابق علمه، ويأمر النبي بالدلالة عليه بالنص الجلي، حيث يرون إمامة اثني عشر وهم: علي بن أبي طالب، وابناه الحسن بن علي والحسين بن علي، وعلي بن الحسين زين العابدين، ومحمد بن علي الباقر، وجعفر بن محمد الصادق، وموسى بن جعفر الكاظم، وعلي بن موسى الرضا، ومحمد بن علي الجواد، وعلي بن محمد الهادي، والحسن بن علي، ومحمد بن الحسن العسكري.

 يرى الشيعة أن الإمام محمد بن الحسن العسكري اختفى منذ اثني عشر عاماً، وقد كانت فكرة الانتظار للإمام الثاني عشر هي المعتمدة، بل لا يزال إلى الآن من يعتقد بها، لكن لم يكن للفقهاء بد من تطوير نظريتهم، وقد قام الخميني بالبناء على جهود من سبقه في تطوير نظرية ولاية الفقيه لتحل هذا الإشكال الحاصل.

تقوم فكرة ولاية الفقيه على نقل فكرة الإمامة من الانتظار إلى التفعيل، وقد جاءت جهود الخميني مكملة لجهود رجال دين شيعة سابقين رأوا ضرورة الخروج من الواقع والاجتهاد للمرحلة التي يغيب فيها الإمام الثاني عشر الذي تؤمن به الشيعة الجعفرية، وخرجوا بنظرية ولاية الفقيه حلاً للواقع.

وثمة اختلاف في المصادر الشيعية حول ميلاد فكرة ولاية الفقيه، فلم يكن الخميني أول من قالها، لكنه بالتأكيد هو من طورها وطبقها، فهناك من يرى أن الأب الشرعي للفكرة هو الشيخ محمد بن مكي الحزيني، المتوفى سنة 768هـ/1366م، في حين يرى آخرون أنها تنسب إلى الفقيه أحمد النراقي، المتوفى سنة 1245هـ/1820م، ولا يستبعد أن يكون النراقي استلهم هذه الفكرة من كتاب “اللمعة الدمشقية” لابن مكي، وعمل على إعادة صياغتها وتطويرها، وقد لقيت هذه الفكرة صداها لدى الخميني، وعمل على تطويرها وتطبيقها[27].

ب. الخميني والخمينية.. التشكل الديني والسياسي

ولد روح الله مصطفى الخميني عام 1902 بمدينة خمين، لأب من رجال الدين. توفي والداه وهو لا يزال طفلاً، تلقى تعليمه الديني في بلدته ثم في آراك وقم، ويرى أتباعه أنه بلغ رتبة الاجتهاد وعمره ثلاثون سنة. وقد بدأت مشاركته السياسية مع مشروع قرار تقدمت به حكومة الشاه 1961 يدعو إلى إلغاء الالتزام بالقسم على القرآن لأعضاء البرلمان، وهو ما عارضه الخميني. وفي 1963 تصاعدت معارضته للنظام، من خلال المظاهرات والصدامات مع قوات الأمن في قم، وهو ما أدى إلى اعتقاله عدة أسابيع. وفي عام 1963 نفي إلى تركيا، وأقام بها قرابة عام، ثم سافر إلى النجف، وفيها طور نظرية ولاية الفقيه، وهو الرأي الذي عارضه أغلب علماء الشيعة حينها، وقد استجابت الحكومة العراقية لإيران بطرد الخميني منها في خريف 1978، فاستقر به المقام في فرنسا، وبعد اشتداد الاحتجاجات في إيران عاد إليها مطلع فبراير/شباط 1979، وفي الحادي عشر من نفس الشهر سقطت الحكومة[28].

أما عن ولاية الفقيه فيرى الخميني أن الولي الفقيه يقوم بوظائفه حتى يظهـر الإمام، وعلى هـذا يقول: “وإذ كنا نعتقد أن الأحكام التي تخص بناء الحكومة الإسلامية لا تزال مستمرة، وأن الشريعة تنبذ الفوضى، كان لزاماً علينا تشكيل الحكومة، والعقل يحكم بضرورة ذلك”[29]، ثم يقول: “واليوم في عهـد الغيبة لا يوجد نص على شخص معين يدير شؤون الدولة، فما هـو الرأي؟ هـل نترك أحكام الإسلام معطلة أم نرغب بأنفسنا عن الإسلام؟ أم نقول إن الإسلام جاء ليحكم الناس قرنين من الزمان فحسب ليهـملهم بعد ذلك؟ أو نقول إن الإسلام قد أهـمل أمور تنظيم الدولة؟… وعلى الرغم من وجود نص على شخص من ينوب عن الإمام حال غيبته، فإن خصائص الحكم الشرعي لا يزال يعتبر توفرهـا في أي شخص مؤهـلاً إياه ليحكم في الناس، وهذه الخصائص التي هـي عبارة عن العلم بالقانون والعدالة موجودة في معظم فقهائنا في هـذا العصر، فإذا أجمعوا أمرهـم كان في ميسورهـم إيجاد وتكوين حكومة عادلة عالمية منقطعة النظير”[30].

وولاية الفقيه تختلف عن الإمام، فلا يدعى لصاحبها العصمة أو المكانة التي تدعى للإمام، يقول الخميني: “ولا ينبغي أن يساء فهـم ما تقدم فيتصور أحد أن أهـلية الفقيه للولاية ترفعه إلى منزلة النبوة أو إلى منزلة الأئمة؛ لأن كلامنا هـنا يدور حول المنزلة والرتبة”[31].

إن نيابة الفقيه عن الإمام (المعصوم) هـي نيابة ولائية سلطوية تتعلق بالوظائف دون أن تمتد إلى القيمة والرتبة، بيد أن ذلك لا ينزع عن هذه الحكومة طابعهـا المتعالي، ويعطي تفسيراً منطقياً لذلك السمو وتلك الشمولية اللذين يضيفهـما الخميني على مفهـوم السلطة، ففي المعنى العميق للنيابة استمرار للإمامة، فهـي إحالة الانتظار إلى حضور، وتعويض فراغ الغيبة بفاعلية التمثيل[32].

لقد شكلت نظرية ولاية الفقيه لب النقلة النوعية في الفكر السياسي الشيعي، وجاءت على موج الثورة لتصل إلى مرحلة التطبيق العملي كمحور أساسي في التركيبة السياسية الشيعية، وترتكز على النص المقدس الذي أوجد آلية لخلافة (المعصوم) في غيابه، وتقوم على أساس تعيين الأكثر قرباً منه لناحية المواصفات، ويرتكز هذا التعيين على أساس رأي أهل الخبرة الذين لا يحق لهم وضع المعايير والمواصفات، بل فقط يقومون بتحديد الشخص الأفضل والأكثر قرباً من المعصوم، وفق شروط النص[33].

تؤكد ديباجة الدستور الإيراني المعدل لعام 1989 مسألة ولاية الفقيه بوصفها أعلى سلطة في إيران، ورُسخت هذه الفكرة في متن الدستور، وتحديداً في المادة (57) التي أعطت التأكيد الشرعي الدستوري لهذا المبدأ، وقد منح المرشد الأعلى السيادة السياسية والدينية فضلاً عن جعل الإيمان بولاية الفقيه من الركائز السياسية للجمهورية الإيرانية الإسلامية[34].

يمثل الولي الفقيه أعلى مؤسسة دينية وسياسية، يعبر عنها بمؤسسة القيادة، وقد حددت المادة (110) من الدستور “وظائف القائد وصلاحياته:

–   رسم السياسات العامة لنظام جمهورية إيران الإسلامية بعد التشاور مع مجمع تشخيص مصلحة النظام.

–   الإشراف على حسن تنفيذ السياسات العامة للنظام.

–   إصدار الأمر بالاستفتاء العام.

–   القيادة العامة للقوات المسلحة.

–   إعلان الحرب والسلام والنفير العام.

–   تنصيب وعزل وقبول استقالة كل من:

–   فقهاء مجلس صيانة الدستور

–   المسؤول الأعلى في السلطة القضائية

–   رئيس مؤسسة الإذاعة والتلفزيون في جمهورية إيران الإسلامية

–   رئيس أركان القيادة المشتركة

–   القائد العام لقوات حرس الثورة الإسلامية

–   القيادات العليا للقوات المسلحة وقوات الأمن الداخلي

–   حل الاختلافات بين أجنحة القوات المسلحة الثلاث وتنظيم العلاقات بينها.

–   حل مشكلات النظام التي لا يمكن حلها بالطرق العادية من خلال مجمع تشخيص مصلحة النظام.

–   توقيع مرسوم تنصيب رئيس الجمهورية بعد انتخابه من قبل الشعب. أما بالنسبة لصلاحية المرشحين لرئاسة الجمهورية من حيث الشروط المعينة في هذا الدستور بهذا الخصوص فيجب أن تنال موافقة القيادة قبل تصويت مجلس صيانة الدستور، وفي حالة الولاية الأولى للرئاسة.

–   عزل رئيس الجمهورية مع أخذ مصالح البلاد بعين الاعتبار، بعد صدور حكم المحكمة الأولى بمخالفته لوظائفه الدستورية، أو بعد تصويت مجلس الشورى الإسلامي بعدم كفاءته السياسية وفقاً للمادة 89 من الدستور.

–   إصدار العفو أو تخفيف عقوبات المحكوم عليهم في إطار الموازين الإسلامية بناء على اقتراح من رئيس السلطة القضائية.

ويستطيع القائد أن يوكل شخصاً آخر بأداء وظائفه وصلاحياته”[35].

إضافة إلى ذلك فإن نظرية ولاية الفقيه ذات بعد توسعي، حيث يرتبط مفهوم تصدير الثورة ارتباطاً تبادليّاً بأممية ولاية الفقيه، المحررة من أية إلزامات تعاقدية، أو قانون دولي، ولا يعنيها حرمة جوار أو معاهدة حدود، فلا سيادة تحول دون فرض الأمر الواقع، ولا استقلال يمنع عبور الولاية إلى الدول الأخرى سواء المجاورة أم القصية. ويرى محمد تقي مصباح يزدي أن ولاية الفقيه تستمد “شرعيتها من الولاية التشريعية الإلهية، بل ولا شرعية لأية ولاية أساساً إلا بإذن وتنصيب إلهي، وأي اعتراف بشرعية أية حكومة عن طريق آخر غير هذا يعد نوعاً من الشرك في الربوبية التشريعية الإلهية. وبعبارة أخرى إن الله عز وجل منح مقام الحكومة والولاية على الناس للإمام المعصوم، والإمام المعصوم هو الذي يعين الفقيه الجامع للشرائط، سواء في زمن حضوره وعدم تسنمه للسلطة أم في زمن غيبته، وطاعته -في الحقيقة- طاعة للإمام المعصوم، كما أن الرد عليه بمنزلة الرد على الإمام المعصوم، وإنكار الولاية التشريعية الإلهية”[36].

للولي الفقيه حسب مفهوم أم القرى الذي نادى به محمد جواد لاريجاني مقامان: المقام الأول مقام القيادة القانونية للجمهورية الإيرانية، التي تم تعريفها وفقاً للدستور، وقد حددت واجباتها وصلاحياتها، والمقام الآخر ولاية العالم الإسلامي التي أقرها الواجب الشرعي، وعلى هذا الأساس فإن إيران أم القرى ودار الإسلام وعليها واجب قيادة العالم الإسلامي، وعلى الأمة واجب ولايتها[37].

وبناء على ذلك فإن الخلفية المذهبية لإيران ترى الإمامة بمفهومها العام الذي جاءت به الشيعة الاثنا عشرية، وترى في ولاية الفقيه فكرة بديلة لنظرية الإمامة، والولي الفقيه يقوم بصلاحيات الإمام الغائب، لكنه لم يصل إلى رتبته، وفكرة ولاية الفقيه قابلة للتعميم والتصدير إلى أكثر من بلد.

ثانياً: المقومات السياسية والاقتصادية والعسكرية الإيرانية

المقومات الأساسية والقدرات المختلفة لأي نظام سياسي تسهم إسهاماً مباشراً في تحديد السياسة الخارجية للدولة، ولهذا تعتمد القوة الخارجية للدولة على عدد من المقومات الداخلية، يأتي على رأسها الموقع الجيوسياسي الذي سبق الحديث عنه، ثم العامل الاقتصادي الذي يعد من أهم محددات قوة الدولة وعليه تعتمد بقية المحددات العسكرية والسياسية والاجتماعية، وهو العامل الضامن لاستقلال الدولة، إضافة إلى الإمكانات العسكرية التي لها كذلك دور حاسم في السياسات الخارجية للدول.

1. المقومات السياسية

المقومات السياسية لأي دولة هي التي تشكل الرؤية والاستراتيجية للنظام السياسي، وإيران تعتمد على عدد من المقومات السياسية امتزج فيها عامل التاريخ بالجغرافيا والعامل الديني بالعامل السياسي، ولعل أهم المقومات السياسية للنظام الإيراني الآتي:

أ. العامل التاريخي

 بدأت إيران كما نعرفها اليوم ثقافة وسياسة وديناً ووعياً جمعياً بالتشكل منذ الصعود الصفوي في مطلع القرن السادس عشر الميلادي والحقبة التالية له، لكن ذلك لا يعني أن الإمبراطورية الصفوية، التي جعلت من المدن الإيرانية الرئيسية مركزاً لها، كانت تطوراً شاذاً في تاريخ إيران، فقد شهدت المنطقة- من القوقاز شمالاً إلى الفرات جنوباً ومن جبال الهندكوش شرقاً إلى مرتفعات زاغروس غرباً – منذ القرن الرابع قبل الميلاد إلى الفتح الإسلامي في القرن السابع الميلادي ثلاثة أنظمة إمبراطورية؛ هي: الإخمينيون والبارثيون والساسانيون، وفي ظل هذه الأنظمة الإمبراطورية تطورت مواريث ثقافية وسياسية وإدارية بالغة التعقيد[38].

بعد دخول الإسلام كان المناخ الصوفي هو المسيطر على هذه المنطقة، وقد كانت الطريقة الصفوية هي المؤثرة، وتنحدر السلالة الصفوية من شيخ يدعى صفي الدين إسحق (ت:1334)، وكان التوجه الغالب على الطريقة الصوفية توجهاً سنياً، ولكن شابت المناخ الصوفي مؤثرات شيعية، ومنذ النصف الثاني للقرن التاسع الهجري/ الخامس عشر الميلادي، بدأت الطريقة الصفوية الصوفية تنحو منحىً عسكرياً، وتظهر ميولاً شيعية في الآن نفسه. وكان إسماعيل الصفوي، الذي حكم من 1501 إلى 1524، هو من حسم التوجه الشيعي الاثنا عشري، وقد استطاع السيطرة على تبريز وأذربيجان وفارس وكرمان وخراسان والعراق، ووجد في التشيع وسيلة مناسبة لإضفاء الشرعية على ملكه وانفصاله عن السلطنة العثمانية السنية المجاورة والسلطنة المملوكية المستظلة بالخلافة العباسية، وقد شهد عصره حملة شعواء ضد السنة الذين كانوا يمثلون أغلبية سكان المنطقة التي سيطر عليها من تبريز إلى بغداد، وقد جمع الشاه إسماعيل بين الغلو الاثنا عشري والتقاليد الفارسية الشاهنشاهية، ومعه بدأت المؤسسة الدينية الصفوية في التكون[39].

وهذا البعد التاريخي يعد عاملاً مهماً من العوامل المشكلة للثقافة الإيرانية والسياسة الداخلية والخارجية، ففيه يمتزج البعد الفارسي الذي يعتبر لدى الإنسان الشيعي الإيراني أعمق من الإسلام نفسه، مع البعد الزرادشتي، ليشكلا سياسة خاصة، تستخدم وسائل الماضي والحاضر في تقسيم العالم إلى قسمين؛ عالم خير تقوده إيران، وعالم شر تقوده أمريكا.

ب. العامل المذهبي

يقوم النظام الإيراني -كما سبق معنا- على المذهب الشيعي الاثنا عشري، وأتباعه صاروا المكون الأغلب في إيران، والدولة في المذهب الشيعي الاثنا عشري ذات مكانة عالية، وتعد فرعاً للإمامة، وأصلاً من أصول الدين، والشيعة هم أول من اهتم بنظرية الإمامة وبيان خصائصها الدينية والدنيوية، وقد جاء الخميني بنظرية ولاية الفقيه لتحل الإشكال الحاصل، كما سبق تفصيل ذلك.

ج. مؤسسات الدولة

يعد نظام الحكم في إيران نظاماً جمهورياً إسلامياً حسب المادة الأولى من الدستور التي تنص على أن: “نظام الحكم في إيران جمهوري إسلامي، صادق عليه الشعب الإيراني بأكثرية 98.2% ممن كان لهم الحق في التصويت، في استفتاء عام أجري في العاشر والحادي عشر من شهر فرودين، سنة 1358 هجرية شمسية، الموافق للأول والثاني من جمادى الأولى سنة 1399 هجرية قمرية (29 و30 مارس 1979). وقد شارك الشعب في هذا الاستفتاء انطلاقاً من إيمانه الراسخ بحكم القرآن العادل الحق، بعد ثورته الإسلامية المظفرة بقيادة المرجع الديني الكبير آية الله العظمى الإمام الخميني”[40].

بعد قيام الثورة في إيران قامت مؤسسات مختلفة بناء على النظام الجديد، الذي جعل من ولاية الفقيه مركز السلطة الديني والسياسي، وقد سبق التفصيل في صلاحيات الولي الفقيه. وهناك مؤسسات أخرى مرتبطة بمؤسسة القائد، مثل:

–   رئاسة الجمهورية:

وهي السلطة الثانية بعد سلطة المرشد، وينتخب لفترتين مدة كل واحدة أربع سنوات، وترتبط صلاحياتها بصلاحيات المرشد، ويقوم بتسيير شؤون البلاد، ورئاسة مجلس الأمن القومي، ورئاسة مجلس الوزراء.

–   مجلس الخبراء

وهو المجلس الذي ينتخب مرشد الثورة، ومهمته الإشراف على المرشد، ويتكون من 88 عضواً، وينتخبون من الشعب كل ثمان سنوات.

–   مجلس الشورى

وهو البرلمان الإيراني، وينتخب من الشعب كل أربعة أعوام، وعدد أعضائه 290 عضواً، ويقوم المجلس بالمصادقة على المعاهدات، ومنح الثقة للحكومة أو سحبها منها، ومناقشة خطة الحكومة وإقرارها.

–   مجلس صيانة الدستور

ومهمة المجلس الإشراف على قرارات مجلس الشورى ومدى مطابقتها للدستور، والإشراف على الانتخابات وإقرار المرشحين، ويتكون أعضاؤه من اثني عشر عضواً، ستة يختارهم القائد، وستة يرشحهم رئيس السلطة القضائية ويصدّق عليهم مجلس الشورى، ومدته ست سنوات.

–   مجلس تشخيص مصلحة النظام

يشكله القائد، ويتكون من 31 عضواً، ومهمته النظر في الخلاف بين مجلسي الشورى وصيانة النظام، ومدته خمس سنوات.

–   السلطة القضائية

يعين رئيسها المرشد، ومدته خمس سنوات قابلة للتمديد.

–   مجلس الأمن القومي

ويتشكل من رؤساء السلطات الثلاث؛ التشريعية والتنفيذية والقضائية، ومن رئيس هيئة الأركان، ووزراء الداخلية والخارجية والأمن، ويرأسه رئيس الجمهورية.

2. المقومات الاقتصادية

المقومات الاقتصادية تعد من أهم الركائز التي يعتمد عليها أي نظام فيما يتعلق بدوره الإقليمي والخارجي. والجانب الاقتصادي أداة مهمة من أدوات السياسة الخارجية، فالكيان الاقتصادي للنظام الإيراني يؤثر في الدول والأدوات التابعة لها، لأن الحاجة الاقتصادية تؤثر في هوية الدولة واستقلاليتها.

تتمتع إيران بالوفرة في الثروات الطبيعية، حيث تحتل المرتبة الثانية عالمياً في احتياطي الغاز الطبيعي، والمرتبة الرابعة عالمياً في احتياطات النفط الخام، كما يتميز الاقتصاد الإيراني بقطاعات الهيدروكربونات والزراعة والخدمات، وحضور ملحوظ في قطاعي الصناعات التحويلية والخدمات المالية، في حين أن قاعدتها الاقتصادية متنوعة نسبياً بصفتها بلداً مصدراً للنفط، إلا أن النشاط الاقتصادي والإيرادات الحكومية يعتمدان على عائدات النفط، ومن ثم يتسمان بالتقلب[41].

وتتوزع القطاعات الرئيسة للاقتصاد الإيراني على:

أ. قطاع النفط والغاز

النفط والغاز يعدان من الموارد الأولية التي تمتلك منها إيران كميات ضخمة جداً، فإيران تمتلك في داخلها احتياطات هائلة من الغاز الطبيعي في العالم جعلها تتبوأ المرتبة الثانية بعد روسيا الاتحادية، ويصل الاحتياطي من الغاز الطبيعي، وفق إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، إلى أكثر من 992 تريليون قدم مكعبة، مع ترشيحه ليفوق هذا الرقم، ولا سيما أن لإيران احتياطات ضخمة في بحر قزوين تقدر بأكثر من 11 تريليون قدم مكعبة، وفي مجال النفط فاقت إيران عتبة 140 مليار برميل، وهذا الرقم مرشح للارتفاع في بحر قزوين[42].

ومع هذا ثمة فجوة في الإنتاج الإيراني، سواء بخصوص الغاز الطبيعي أو النفط، وفجوة أكبر فيما يتعلق بإيرادات الغاز الطبيعي، فهي غير متناسبة مع حجم الاحتياط، وذلك لبعد إيران عن سوق الاستهلاك الأوروبية والآسيوية، وضعف القدرات التكنولوجية، بالإضافة إلى استمرار العقوبات الاقتصادية.

ب. قطاع البتروكيماويات

يعد قطاع البتروكيماويات ثاني قطاعات التصدير بعد النفط والغاز، وقد أعلن جلال ميرهاشمي، مدير التحكم بالشركة الوطنية للصناعات البتروكيماوية الإيرانية، تحقيق نمو إنتاجي بالقطاع بنسبة 7 بالمئة في الشهر الأول من السنة المالية 2021، وأوضح أن إجمالي إنتاج المجمعات البتروكيماوية في إيران لامس 5.5 مليون طن في الشهر الأول، وتوقع تحقيق قطاع الإنتاج نمواً سنوياً حتى 20 مارس/آذار 2022 معلناً تدشين مشاريع جديدة ورفع طاقة إنتاج بعض المجمعات[43].

قطاع البتروكيماويات يعد مصدراً رئيسياً للعوائد الإيرانية من العملة الصعبة، وقد تجاوزت قيمة صادراته خلال عام 2018 معدل 12 مليار دولار، لكن هذا القطاع لقي حظه كذلك من العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران.

ج. قطاع الزراعة

تولي الحكومة الإيرانية اهتماماً كبيراً للقطاع الزراعي، حيث تعد إيران من كبريات الدول المصدرة للفستق والكافيار والشاي والتبغ والقمح والشعير، وقد أعلن وزير الجهاد الزراعي الإيراني، كاظم خاوازي، أن الإنتاج الزراعي في البلاد سيبلغ 130 مليون طن خلال العام 2021، وقد بلغ الإنتاج الزراعي في إيران العام الماضي 125 مليون طن[44].

د. قطاع الصلب

تنتج إيران من الصلب الخام 32 مليون طن سنوياً، أي ما نسبته 62 في المئة من إجمالي إنتاج الصلب في منطقة الشرق الأوسط. وقد أعلن محمد شريعت مداري، وزير الصناعة والمناجم والتجارة الإيراني، أن إنتاج بلاده من الصلب الخام يبلغ الآن 32 مليون طن سنوياً، لافتاً إلى أن الخطة التنموية العشرينية (تنتهي في العام 2025) تتضمن الوصول إلى 55 مليون طن[45]. ويعد قطاع الصلب كغيره من القطاعات المتضررة من العقوبات الاقتصادية، حيث أدرجت الإدارة الأمريكية عدداً من الشركات الإيرانية ووكلاء مبيعاتها في القائمة السوداء.

3. المقومات العسكرية

تعد القوة العسكرية الإيرانية رقماً صعباً في معادلة الصراع الحالي، وتتكون القوات المسلحة الإيرانية من جهازين رئيسين لكلٍّ منهما قوات برية وبحرية وجوية تابعة له، وهما: الجيش النظامي والحرس الثوري. ويتبع الحرس الثوري مرشد الثورة مباشرة، ويحظى باهتمام يفوق الاهتمام بالجيش النظامي، وقد تأسس عقب الثورة الإيرانية، لحماية الثورة، وذلك خوفاً من قيادات الجيش النظامي التي تربت في أمريكا. وهو يتمتع باستقلالية إدارية ومالية عن بقية الوحدات.

يصل عدد أفراد القوات المسلحة عموماً إلى 523 ألف فرد، يشكل 398 ألفاً منهم القوات النظامية، في حين تصل أعداد قوات الحرس الثوري إلى 125 ألفاً، وقد احتلت إيران، في 2017، المركز الـ15 عالمياً من حيث الإنفاق العسكري بالنسبة للناتج القومي، وذلك بنسبة 3.7 في المئة، بمجمل إنفاق حوالي 16 مليار دولار أمريكي، ومجمل ناتج قومي حوالي 428 مليار دولار، وتقدر قوة الأفراد بين الجيشين كالتالي:

أ. القوات البرية

الجيش النظامي

القوةالأفرادالفرق المدرعةالمشاة والمشاةالميكانيكيةالقوات الخاصةقوات مغاويرقوات محمولةالمجموعات المدفعيةمجموعات الطيران
البرية350 ألفاً4 فرق6 فرقلواءفرقتانلواء6غير معلوم

الحرس الثوري

القوةالأفرادمراكز القيادةفرق المشاةقوات خاصةقوات محمولة جواًالألوية المستقلة
البرية100 ألف311531غير معروف

وتتكون المعدات العسكرية للقوات البرية من:

–   الدبابات: وبلغ عددها 1663 دبابة قتال رئيسية، منها 480 دبابة من طراز تي-72، و150 إم-60 إيه-1، و75 تي-62، و100 تشيفتن إم كي-3 وإم كي-5، و540 تي-54 وتي-55 وتي-59، و168 إم-47 وإم-48، وعدد من الدبابات من طراز “ذو الفقار” المصنعة محلياً، وهي نسخة عتيقة من إم-60 الأمريكية التي خرجت من الخدمة في الجيش الأمريكي منذ أوائل التسعينيات.

–   ناقلات الجنود المدرعة: وتبلغ 640 ناقلة؛ 340 ناقلة مجنزرة، و300 ناقلة على عجل.

–   مركبة قتال مشاة: وتبلغ 610 مركبات قتال مشاة مدرعة من طرازي “بي إم بي 1 و2”.

–   المدفعية: أكثر من 8000 قطعة مدفعية، منها 2322 مدفعية هاوتز مقطورة وذاتية الحركة، وحوالي 1500 راجمة صواريخ، وأكثر من 5000 مدفع هاون، وعدد كبير من مدفعية الميدان.

–   عدد من الصواريخ المضادة للدروع مثل؛ صواريخ مالوتكا، وفاغوت، وتوسان (نسخة من الكونكورس)، وطوفان 1 و2 (نسخة من التاو الأمريكي)[46].

ب. القوات الجوية

عدد أفراد الجيش النظامي بين 30 و47 ألفاً، من ضمنهم 12 ألفاً في الدفاع الجوي، وتمتلك القوات النظامية والحرس الثوري قريباً من 334 طائرة مقاتلة، وتبلغ نسبة أعداد المقاتلات الصالحة للعمل من الطرازات الأمريكية قرابة 60%، أما الروسية فنحو 80%، وليس لدى إيران مقاتلات حديثة متقدمة من الدرجة الأولى، أو قاذفات قنابل، أو طائرات هجومية متطورة. وتضم المقاتلات:

–   20 طائرة من طراز إف-5 بي، و55 من طراز إف-5 إي/إف تايجر الثانية، و24 من طراز إف-7 إيرجارد، و43 من طراز إف-14 توم كات، و36 من طراز ميج 29 فولكروم، وحوالي 6 طائرات إنتاج محلي من طراز إف-5 (الصاعقة). كما تمتلك إيران أيضاً 64 طائرة من طراز فانتوم إف-4 دي، و10 من طراز ميراج إف-1 إي، و3 من طراز سوخوي 22M4 Fitter K2، وأيضاً 29 من طراز سوخوي 24MK Fencer D، و7 من طراز سوخوي 25K Frogfoot، و3 من طراز سوخوي 25UBK Frogfoot الهجومية، و5 من طراز P-3MP أوريون لدوريات البحرية، و6 من طراز RF-4E فانتوم 2 الاستطلاعية.

–   تمتلك أيضاً حوالي 50 طائرة عمودية هجومية من طراز كوبرا، وأكثر من 300 طائرة نقل وإمداد عمودية من طرازات متعددة مثل تشينوك وبيل-205 و206 و214.

–   عدد غير معلوم على وجه الدقة من الطائرات المسيرة لأغراض الاستطلاع من طرازات مهاجر 1 و2 و3، وأبابيل 1 و2. وكذلك طائرات مسيرة مسلحة مصنعة محلياً وذات تكنولوجيا متقدمة.

–   يضم عتاد الدفاع الجوي 4 بطاريات إس-300، وكذلك بطاريات إس-200، وأكثر من 500 من مضادات الطائرات المحمولة على الكتف من طرازات سام-7 وسام-14وستينجر، وحوالي 1700 مدفع دفاع جوي ذاتي الحركة، علاوة على أكثر من 940 من مضادات الطائرات (م.ط) عيارات 14,5 و23 و35 و57 مم، بالإضافة إلى عدد من قاذفات الصواريخ[47].

ج. القوات البحرية

مقر قيادة قوات البحرية النظامية يقع في بندر عباس، ولا يتعدى عدد أفرادها 18 ألفاً، وتعاني ضعفاً شديداً في إمكاناتها مقارنة بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقها بحماية سواحل ذات طول كبير، ويقع العبء الأكبر على عاتق القوات البحرية للحرس الثوري الذي يتمتع بقدرات بحرية متقدمة، حيث يبلغ عدد أفراد بحرية الحرس الثوري 20 ألفاً، منهم 5000 من مشاة البحرية، وتضم معداتها أكثر من 200 قطعة متنوعة، من ذلك:

–   21 غواصة، منها 3 غواصات روسية من طراز كيلو، و14 غواصة كورية شمالية من طراز يونو-SSM.

–   أكثر من 65 زورق دورية.

–   7 فرقاطات، منها اثنتان جديدتان من طراز جماران، و3 من طراز فوسبر مارك البريطانية.

–   أكثر من 10 سفن هجومية سريعة، من بينها طرازات هودنج الصينية وتشاهو الكورية الشمالية.

–   عدد من كاسحات الألغام وسفن النقل والإنزال.

–   عدد من صواريخ الدفاع الساحلي ضد السفن مثل صواريخ الكوثر ونور ونصر وغدير، الإيرانية الصنع، وصواريخ صينية أخرى[48].

تُصنف الأسلحة والمعدات العسكرية التي تمتلكها إيران بأنها قديمة نسبياً، ومع هذا فإن إيران تتفوق فيما يتعلق بالحرب الإلكترونية، حيث يصنف خبراء الأمن السيبراني إيران من بين الدول الخمس الأولى، فبعد عملية اختراق دودة “ستاكسنت” التي عطلت مفاعل بوشهر النووي الإيراني عام 2010 أنشئت قيادة الدفاع الإلكتروني، كما أن إيران لديها “المجلس الأعلى للفضاء السيبراني”، ومن المجموعات المعروفة منذ عام 2006 فريق (Ashiyane Digital Security Team)، الذي يعد من المجموعات المُدربة والمرجع الأول للقوات السيبرانية الإيرانية[49].

كما تتميز القدرات العسكرية الإيرانية بالألغام البحرية، حيث تمتلك إيران أنواعاً عدة من الألغام البحرية، سواء المصنعة محلياً أو المستوردة من الصين، وتدعي إيران أن بعضها مصنع من مواد غير مغناطيسية، وهو ما يجعل اكتشافها أمراً فيه صعوبة، حيث أصبحت الألغام البحرية من ضمن الخيارات الاستراتيجية للبحرية الإيرانية.

ثالثاً: الصراع النووي ومحددات العلاقة الإيرانية بالقوى الدولية

من أهم الإشكالات التي تعاني منها إيران منذ نشأتها علاقتها بالنظام الدولي والمحيط الإقليمي، ولعل ذلك يعود إلى الأساس الذي بني عليه النظام الإيراني القائم على استقلال القرار والتحرر من النفوذ الأجنبي، وتصدير النظام الإيراني كمركز إقليمي يتطلب تبعية وولاء سياسياً من الأنظمة الأخرى له، وهذا بدوره ضاعف المشكلات السياسية الخارجية بالنسبة للنظام الإيراني.

1. محددات السياسة الخارجية الإيرانية

تنتهج السياسة الخارجية الإيرانية عدداً من المحددات، حيث ترى المحدد الأمني هو الضابط للعلاقة الخارجية، وخصوصاً مع المجتمع الدولي، وتبنت قيادة الثورة الإيرانية النظر بريبة إلى الغرب، والتعنت في تعاملها مع المجتمع الدولي، وتحاول من خلال ذلك الظهور بمظهر أكثر استقلالية، ولكن هذه السياسة أرهقت النظام الإيراني كثيراً، وعلى الرغم من محاولات الموازنة فإنه يخفق بين الحين والآخر. كما تسعى إيران للاستقلال الاقتصادي بوصفه شرطاً لامتلاك زمام القرار، للخروج من ربقة العقوبات الاقتصادية، ولإظهار النظام الإيراني على أنه قوة مسيطرة على الأرض، وتطوير الجانب العسكري الذي تسعى من خلاله لتأسيس قوة ردع إقليمية.

وبحسب الدستور الإيراني فإن السياسة الخارجية للنظام تشرعن لنفسها التدخل الإقليمي، بذريعة الدفاع عن حقوق المسلمين، حيث تسعى إلى “رفض كل أشكال التسلط، سواء ممارسته أو الخضوع له، والمحافظة على الاستقلال الكامل ووحدة أراضي البلاد، والدفاع عن حقوق جميع المسلمين، وعدم الانحياز لأي من القوى العظمى المتسلطة، والاحتفاظ بعلاقات سلمية متبادلة مع جميع الدول غير المعادية”[50]، وفي المادة 154: “تعتبر جمهورية إيران الإسلامية سعادة الإنسان في المجتمع البشري كله مثلها الأعلى، وتعتبر الاستقلال والحرية وسيادة القانون والحق حقاً لجميع شعوب العالم، وعليه فإنها تدعم النضال المشروع للمستضعفين ضد المستكبرين في جميع بقاع العالم، ولكنها تمتنع امتناعاً تاماً عن جميع أشكال التدخل في الشؤون الداخلية للشعوب الأخرى”[51].

قد تختلف السياسة الخارجية الإيرانية في بعض إجراءاتها ما بين التيارين الإصلاحي والأصولي، فالتيار الإصلاحي متخفف من سيطرة ولاية الفقيه، ويدعو للانفتاح على العالم، أما التيار الأصولي فينطلق في سياسته الخارجية من مبدأ معاداة الخارج، ويرفض أي محاولة للاتصال المباشر أو غير المباشر بأمريكا، ويمارس نقداً صريحاً لمحاولات البعض فتح باب الحوار معها، ويرى أن خط الإمام لا ينسجم مع خط التفاوض معها لأنها العدو الأول للثورة[52].

وهذا التيار يؤثر فيه كثيراً العامل الأيديولوجي للنظام، وخصوصاً نظرية ولاية الفقيه، التي تعد الفكرة المركزية للسياسة الإيرانية داخلياً وخارجياً، وتتصف بطبيعة التعميم، وترى وجوب خضوع شيعة العالم لنفوذها، وخضوع الأمة الإسلامية كلها، ولا ترى إمكانية تعدد الأولياء.

فالنّخبة الدينية الإيرانية التي تؤمن بولاية الفقيه وَمركزيتهـا، وكونها مِن ضرورات المذهـب الشيعي، تؤمن بامتداد ولاية الفقيه لتشمل كل الشيعة، بل والمسلمين في العالم كله، لا داخل الحدود الإيرانية فقط، وهـيمنة المرشد الأعلى الإيراني حتى على غيره مِن الفقهاء، وهـذا جعلها تنظر إلى المذاهـب الشيعية خارج إيران، وإلى الجماعات الشيعية المحليّة، على أنها رعايا للوليّ الفقيه، وَتتعامل معهم بنفس منطق التعامل مع المجتمع الإيرانيّ على مستوى الوصاية والولاية، فالاقتصاد وتحسين معيشة المواطنين أمر ثانويّ في النظرية السياسيّة لدى تلك النُّخب، في حين أنّ الثورة والهيمنة والتمدد تأتي في المرحلة الأولى في فكر هـؤلاء[53].

فكرة التقية، هي فكرة مذهبية حاضرة في السياسة الإيرانية، الداخلية والخارجية، وقد قام الإيرانيون بتطوير عملي لمفهوم التقية، يستطيعون من خلاله تشريع استخدامها في المجال الدبلوماسي كطريقة من طرق حماية المصالح، وكذلك الأمر فيما يتعلق بالعلاقات الخارجية لإيران، ومن أمثلة ذلك العلاقة الإيرانية بالولايات المتحدة، حيث تقوم إيران بصفقات خاصة مع أمريكا من خلف الأبواب المغلقة، في الوقت الذي تدعوها فيه بالشيطان الأكبر[54].

المزج بين التقية المذهبية والبراجماتية السياسية سلوك إيراني يضبط الخطاب الثوري العام، فالبراجماتية حاضرة في علاقات النظام الإيراني داخلياً وخارجياً، بل هي العامل الرئيس في المفاوضات الدولية والإقليمية، كما أنها قد تقدمها على كل الاعتبارات الدينية والمذهبية، فعلاقة إيران بالهند أقرب من علاقتها بباكستان، وعلاقتها بأرمينيا أقرب من علاقتها بأذربيجان ذات الأغلبية الشيعية، وعلاقتها كذلك بالدول الملحدة كروسيا والصين وكوريا الشمالية أفضل من علاقتها بالدول الدينية.

2. الصراع النووي الإيراني

أسس البرنامج النووي الإيراني في عهد الشاه محمد رضا البهلوي، حيث مثل الاهتمام بالطاقة جزءاً كبيراً من جهوده لتحويل إيران إلى قوة إقليمية، فكان بذلك مؤسس البنية التحتية للبرنامج النووي لبلاده، وذلك بمساعدة وتشجيع من الولايات المتحدة، التي كانت تجمعها علاقات ودية مع إيران، خصوصاً بعد قضائها على ثورة رئيس الوزراء محمد مصدق، وإعادة الشاه إلى الحكم في عام 1953، وقد جاء هذا التعاون في إطار برنامج الذرة من أجل السلام. وقد سهلت أمريكا بعد ذلك المواد اللازمة للمفاعل النووي، ووقعت اتفاقيات أخرى مع دول أوروبية، كفرنسا 1975 وألمانيا 1976، وتعد هذه المرحلة الأولى لتأسيس البرنامج النووي الإيراني.

المرحلة الثانية كانت بعد قيام الثورة الإيرانية، إذ على الرغم من تجاهل الثورة للبرنامج النووي فإنها عادت إليه وبقوة بعد حربها مع العراق وقصف الأخيرة للمنشآت الإيرانية 1982، وتوقيع عدد من الاتفاقيات بينها وبين باكستان 1986 والأرجنتين 1987[55].

المرحلة الثالثة بدأت في نهاية حرب الخليج الثانية، وبعد تفكك الاتحاد السوفييتي 1991 وصولاً إلى سنة 2004، إذ كثفت إيران جهودها لإنجاح برنامجها النووي، وهو ما جعلها قادرة على إجراء الأبحاث المتقدمة في هذا الشأن، وعلى إثره استطاعت أن تؤسس منشآت نووية مهمة، ولكن في سرية تامة؛ خوفاً من أي هجوم عسكري يؤدي إلى تدمير ما بنته وإيقاف عمل البرنامج، ووقعت اتفاقيات مع كوريا الشمالية وروسيا والصين للحصول على المواد اللازمة التي تساعد على تطوير برنامجها النووي[56].

المرحلة الرابعة تمثلت في مجابهة الولايات المتحدة علنياً لمشروع إيران النووي، وحشدها التأييد الدولي إلى جانبها من أجل فرض العقوبات على إيران لإجبارها على التخلي عن طموحاتها في امتلاك السلاح النووي والاكتفاء باستخدام البرنامج للأغراض السلمية فقط، مع إثبات ذلك للوكالة الدولية للطاقة الذرية[57].

جاءت هذه الضغوط مع تنامي النشاط النووي الإيراني، وتوسع عملية المباحثات للحيلولة دون هذا التصاعد، حيث تستهدف السياسة الأمريكية الحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل في منطقة الشرق الأوسط، وتعد ذلك ركيزة أساسية في سياستها الخارجية وجزءاً من استراتيجيتها للحفاظ على أمنها القومي، وخصوصاً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، وقد استطاعت إقناع الدول الكبرى بذلك. وفي العام 2015 توصلت القوى الدولية وإيران إلى اتفاق يتضمن تقليص النشاط النووي الإيراني، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، ولكن الإدارة الأمريكية تراجعت عن هذا الاتفاق في العام 2018، وعادت الأزمة من جديد بينهما، وعادت الضغوط الأمريكية.

المرحلة الخامسة بدأت بعد الانسحاب الأمريكي الفردي من الاتفاق النووي، إذ فُرضت عقوبات اقتصادية وسياسية على النظام الإيراني، وتأزمت العلاقة بين إيران وأمريكا، خاصة خلال حكم ترامب. وبعد عودة بايدن تبنى مسألة التفاوض النووي من جديد. ويتطلع الطرفان إلى بناء اتفاقيات جديدة فيما يخص هذا الملف، لكن إيران تبحث عن ضمانات دولية تُلزم أمريكا بعدم الانسحاب مرة أخرى، ويبدو أن الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة بايدن مستعدة لتقديم تلك الضمانات، وبعْث رسائل إيجابية لطهران، والإصرار على التوصل إلى تفاهمات مشتركة.

3. محددات علاقة إيران بأمريكا وروسيا والصين

النظرة الإيرانية إلى المجتمع الدولي ربما تختلف بين التنظير والعمل لدى القادة الإيرانيين، فهي ترى المجتمع الدولي مجتمعاً غير عادل، يستنزف موارد الدول الإسلامية، ويستغلها في حروبه وأزماته، وترى في نفسها المنقذ لهذه الحالة.

أ. محددات العلاقة بأمريكا

بعد الانقلاب الأفغاني المدعوم من الاتحاد السوفييتي في عام 1978، وفي إطار الصراع بين المعسكرين الشيوعي السوفييتي والرأسمالي الأمريكي، سهلت أمريكا والدول الأوروبية قيام الثورة الإيرانية، للحيلولة دون وصول اليساريين الإيرانيين إلى الحكم، لأن ذلك سيكون من السهولة بمكان، وهذا التسهيل لم يكن يدل على رضا القطب الرأسمالي عن ثورة الخميني، وإنما كان نابعاً من استشعار خطورة توسع النظام الشيوعي، ونستطيع القول إن أهم المحددات السياسية للعلاقة الإيرانية الأمريكية تتمثل في:

–   الفكرة الأيديولوجية التي يقوم عليها النظام الإيراني

إن فكرة ولاية الفقيه ليست فكرة حصرية للمنطقة الجغرافية التي يسكنها النظام الإيراني، بل فكرة تتعدى كل ذلك، وتحاول السيطرة على العالم كله، وترى في الأنظمة العالمية معيقاً لتحركها العسكري وحراكها السياسي في المنطقة، إضافة إلى توجس الأصوليين من سياسة الولايات المتحدة الأمريكية، فهي التي وقفت مع الشاه سابقاً، ولكن كانت شعارات الثورة الإيرانية موجهة للنظام الأمريكي بدرجة رئيسة، ويتهمها النظام الإيراني بالوقوف مع النظام العراقي في حرب الخليج الأولى (1980-1988).

–   البرنامج النووي الإيراني

ترى أمريكا أن امتلاك إيران للسلاح النووي يمثل تهديداً مباشراً لها في منطقة الخليج، كما أنه سيمكنها من التحكم في حركة الملاحة الدولية، وتنطلق الولايات المتحدة في رؤيتها تجاه السلاح النووي الإيراني من عدد من المبررات، لعل أهمها:

–   الحد من الطموح الإقليمي الإيراني، الذي يعني مستقبلاً منافسة النفوذ الأمريكي على منطقة الخليج والمنطقة العربية عموماً.

–   امتلاك إيران للسلاح النووي سيؤدي إلى تهديد الاستقرار في منطقة الخليج الذي لعبت الولايات المتحدة دوراً كبيراً في تعزيزه.

–   امتلاك إيران للسلاح النووي يشجع الدول الإقليمية الأخرى على حيازة النووي، ما يعني دخول المنطقة في حالة من الفوضى الأمنية.

–   النفط الخليجي

كانت أمريكا وما تزال حريصة على أمن الدول المنتجة للنفط، وعلى رأسها منطقة الخليج العربي، وقد حرصت على توسيع حضورها العسكري ونفوذها السياسي لحماية المنطقة، وضمان عملية تدفق النفط دون أي معوقات، وامتلاك إيران للسلاح النووي من جهة والنفط من جهة أخرى سيجعل منها قوة مؤثرة في الشرق الأوسط، ولهذا تسعى أمريكا للحيلولة دون الصعود الإيراني، والحد من نفوذها في المنطقة.

–   التمدد الإيراني في المنطقة

تحاول إيران بكل قوتها إيجاد أدوات سياسية وعسكرية تابعة لها في المنطقة، مستغلة غياب المشروع العربي، ووجود مشروع الكيان الإسرائيلي، وفي نفس الوقت تسعى أمريكا للسيطرة على هذا التمدد لا بقصد إنهائه وإنما التحكم فيه، بقصد استنزاف إيران أكثر، واستثمار تمددها في ابتزاز الأنظمة العربية وخصوصاً دول الخليج، وهذه العملية قد تخرج في أحيان كثيرة عما تريده أمريكا، لأحد سببين ربما:

السبب الأول: التباين لدى صانع القرار الأمريكي بشأن النظام الإيراني.

السبب الثاني: الطموح الإيراني المتجاوز للمساحات الأمريكية.

وهذا يؤدي إلى توتر العلاقة بين طهران وواشنطن باستمرار، ولكنه توتر في إطار السيطرة، وبما لا يؤدي إلى انهيار النظام الإيراني وخسارة الفزاعة الإيرانية، كما أن إيران أظهرت قدرات لا بأس بها في امتصاص الضربات الأمريكية، والاستفادة من المساحات، واستثمار الفراغ، والمراوغة على أكثر من صعيد، فأمريكا مستفيدة من بقاء إيران، بل هي من وفرت لها فرصة التمدد في العراق بعد الغزو الأمريكي 2003، وهذا ما عزز الفرص أكثر للنظام الإيراني في التمدد خارجياً.

ب. محددات العلاقة بروسيا 

منذ الثمانينيات أصبحت إيران العميل الأول للسلاح الروسي في منطقة الشرق الأوسط، ووقعتا معاً في التسعينيات اتفاقاً نووياً لاستكمال محطة بوشهر النووية، وبالرغم من التعاون السياسي والاقتصادي والعسكري المشترك بين البلدين فإن العلاقة يشوبها الحذر لعدد من المحددات، من أهمها:

–   الصراع التاريخي بين البلدين

حفلت العلاقات الإيرانية الروسية دوماً بالحروب والصراعات خلال القرون الخمسة التي مرت عليها، في الحقب الروسية الثلاث: القيصرية والإمبراطورية والسوفييتية. وخلال تلك العهود، كانت روسيا تستبيح الأراضي الإيرانية وقتما تشاء، وتتدخل في شؤونها الداخلية إلى أقصى الحدود، كما احتلت القوات الروسية إيران في الحربين العالميتين. وقد كان لانهيار الاتحاد السوفييتي دور محوري في تغيير مسار العلاقات، فقد كانت إيران من أبرز المستفيدين منه بسبب التحول، وقد كان للتطورات الداخلية للبلدين في تسعينيات القرن الماضي دور بارز في بناء علاقات طبيعية بينهما، فقد تبنت روسيا سياسة خارجية جديدة، لتحسين علاقاتها الخارجية مع مختلف الدول ومن بينها إيران. وبناء عليه أبرم الجانبان اتفاقاً عام 1995 لبناء مفاعل بوشهر النووي في إيران بعد تخلي ألمانيا عن المشروع. ومع ذلك ظلت فرص التقارب محدودة طوال التسعينيات، وقد تطورت العلاقة مع وصول بوتين إلى السلطة عام 2000[58].

بناء على ذلك فإن إيران على ما يبدو تتعامل مع الروس كحلفاء مؤقتين، لا يمكن الوثوق بهم في بناء علاقات استراتيجية وتعاون مشترك على أعلى مستوياته، فالخلافات التاريخية تبقى عالقة في الذهنية الإيرانية، فعلى الرغم من تحسن العلاقات بين البلدين، والتعاون المشترك في عدد من الملفات، فإن الحذر الإيراني لا يزال قائماً.

–   التوازن الروسي في المنطقة

يحرص الدور الروسي في المنطقة على الاستفادة من التناقضات القائمة، ويسعى إلى ملء الفراغات التي تفرضها تلك التناقضات، فروسيا حريصة على بقاء علاقتها قوية بالكيان الإسرائيلي من جهة ودول الخليج من جهة أخرى، وهذا يؤثر في عمق العلاقة الإيرانية الروسية، ويجعل إيران في موقع الحذر من أي طارئ قد تضحي من خلاله روسيا ببعض الملفات المتعلقة بالجانب الإيراني، كما أن روسيا لا تفضل تطور القدرات النووية لدى إيران بشكل يهدد الجانب الروسي، وهي حريصة أن تبقى إيران دولة قوية لكن بما لا يؤدي إلى تحولها إلى قوة دولية.

ج. محددات العلاقة بالصين

تسعى الصين لتعزيز دورها السياسي في المنطقة أكثر، وتحاول الاستفادة من الوجود الإيراني، وتنظر إيران إلى علاقتها بالصين أنها فرصة للخروج من حالة العزلة، تمدها بطوق نجاة يساعدها على التغلب على آثار العقوبات الأمريكية، وتجعل منها دولة مركزية بالنسبة لمشروع الحزام والطريق الصيني، ولهذا تتمتع العلاقة بين البلدين بمستوى عالٍ من الثقة المتبادلة.

البُعد التجاري طغى على العلاقات الإيرانية الصينية منذ نشأتها أثناء الحُكم الإمبراطوري لبلاد فارس، بدخولها في شراكةٍ تجارية مع الصين عبرَ المسار البرّي لطريق الحرير، الذي كانت تسلُكُه القوافل التجارية الصينية انطلاقاً من الشمال الصيني مروراً ببلاد فارس ووصولاً إلى الغرب الأوروبي، وقد تعمقت العلاقة أكثر بعد الثورة الإيرانية والاعتراف الصيني بها، وانضمت الصين إلى قائمة مزودي إيران بالسلاح أثناء الحرب العراقية الإيرانية، وهو ما لم تنسَه إيران للصين، وكان له الدور الأكبر في نيل الصين ثقة رجال الدين الإيرانيين. وقد دخلت العلاقة بعد ذلك مرحلة التعاون الاستراتيجي بين البلدين، لتشمل الجوانب الاقتصادية والتجارية والعسكرية، بجانب العلاقات السياسية، لإدراكِهما تبنّي واشنطن سياسة التطويق والحصار تجاه الدولتين، وهذا ما عمق حجم العلاقة بين البلدين[59].

رابعاً: الطموحات الإقليمية لإيران وأدواتها في المنطقة

تستصحب إيران إمكاناتها وقدراتها المختلفة، وتستحضر في نفس الوقت إرثها التاريخي، وترى فيها مقومات أساسية للاضطلاع بأدوار إقليمية مركزية، وتحرص على أن يكون لها دور محوري في الترتيبات الأمنية في المنطقة، ولأجل ذلك تحاول امتلاك أكبر عدد من الأوراق والأدوات لتكون وسائل ضغط إقليمية ودولية، ورأت في الغزو الأمريكي للعراق مصلحة استراتيجية تمكنها من إسقاط نظام يختلف معها، ويتيح لها التحكم في القرار السياسي العراقي، إضافة إلى أدواتها الأخرى في لبنان وسوريا واليمن.

1. الاستراتيجيات الإيرانية في الحضور الإقليمي 

تعد نظرية ولاية الفقيه فكرة عابرة للحدود الإيرانية، ترتبط بالجغرافيا الشيعية أينما كانت، وتحاول استمالة الأقليات الشيعية في الدول الأخرى للارتباط بمركزية ولاية الفقيه، وإعادة تشكيل النظام الدولي على أساس التعددية القطبية، وقد سعت إيران إلى بناء تحالفات استراتيجية مع أدواتها في المنطقة، ونجحت في تسخير قدراتها السياسية وطموحاتها الاستراتيجية في تحقيق الجيوبولتيك الشيعي.

يشير مفهوم الجيوبوليتيك الشيعي إلى أن إيران تشكل الركيزة الأساسية للعالم الشيعي، ضمن إطار الجيوبوليتيك الإسلامي، وتأتي فكرة المركزية الشيعية هنا بنفس الصيغة التي طرحها المفكر الاستراتيجي هالفورد جون ماكيندر، عندما صاغ نظرية قلب الأرض، التي تتكون من نقطة مركزية هي أوراسيا، وتحيط بها مجالات حيوية أخرى مرتبطة بها، وهو ما يمكن تناوله في إطار الجيوبوليتيك الشيعي عن طريق العديد من النظريات الجيوبوليتيكية التي طُرحت، والتي يأتي في مقدمتها نظرية “دولة أم القرى” التي طرحها لاريجاني، والذي اعتبر فيها أن إيران تشكل الركيزة الأساسية للعالم الشيعي، وهو في ذلك يؤطر لنفس الفكرة التي نادى بها ماكيندر عندما تكلم عن المنطقة المحورية في العالم. ويشكل هذا التوجه هدفاً استراتيجياً تسعى إيران لتحقيقه، فكل الطروحات الفكرية التي نادى بها الخميني جاءت في إطار تحقيق هذا المسعى الاستراتيجي الإيراني، الذي يشكل في النهاية اللبنة الأساسية لتشكيل الإمبراطورية الشيعية العالمية، التي يقودها الولي الفقيه في إيران، فحتى فكرة ولاية الفقيه هنا تأتي ضمن سياق استراتيجي يستهدف إيجاد حالة ربط بين فكرة المركزية الشيعية العالمية-إيران، ومركزية صنع القرار- ولاية الفقيه، الذي يمثل مركز الشرعية السياسية في العالم الإسلامي الشيعي، مستندة في ذلك إلى الظروف التاريخية والسياسية التي مرت بها أيديولوجيا الإسلام السياسي الشيعي في إيران[60].

ثمة بعد آخر في السياسة الإيرانية تجاه المنطقة العربية يراها الدكتور عبد الله النفيسي تتعلق بالإدراك الفارسي للرمزية العربية، حيث تشيع في المخيال الفارسي صورة العربي بوصفه الفاتح الغازي المقتحم الذي لا يبالي بالموروث الفارسي، وهذه الصورة قد ترسخت عبر الزمن، وخاصة في مرحلة الشاه محمد رضا بهلوي[61].

ولهذا فإن الطموح الإيراني إلى التوسع الإقليمي ليس وليد اللحظة وإنما ترتبط جذوره بالتاريخ الطويل للإمبراطورية الفارسية، وترى في نفسها امتداداً طبيعياً لحضارة قديمة، وهذه الحضارة لم تحترم بالقدر الذي يليق بها، وخصوصاً من قبل البيئة العربية، إضافة إلى أن إيران ترى أن الخليج العربي خليج فارسي، ومن ثم فإن هذه العوامل مجتمعة هي ما يدفع إيران لمحاولة زعزعة أنظمة الحكم في منطقة الخليج.

لذلك أسهمت إيران في تسهيل الغزو الأمريكي للعراق، على الرغم من التباين الكبير بين المنظورين الأمريكي والإيراني، وسمحت للمعارضة العراقية المتمركزة في إيران منذ 2002 بالانضمام إلى مؤتمرات التشجيع على الغزو والإعداد له[62].

إيران لا تتعامل مع المحيط العربي والإسلامي على أنها دول صديقة وشقيقة، بل تخيم عليها النظرة المركزية لدورها في المنطقة، فهي المعنية بتصدير الثورة ونصرة الشيعة، تحت مبررات دينية استمدت شرعيتها من تنظيرات رجال الدين الإيرانيين، ولهذا تبرز على السطح العديد من النظريات والمشاريع الجيوستراتيجية الإيرانية، ذات الأبعاد التوسعية، على رأسها نظرية ولاية الفقيه وقريباً منها نظرية أم القرى، اللتين سبقت الإشارة إليهما، إضافة إلى عدد من النظريات القريبة منهما، ومن أشهرها:

أ. نظرية القومية الإسلامية

تمثِّل نظرية القومية-الإسلامية أولى النظريات التي طُرِحت في إطار التنظير للجيوبوليتيك الشيعي، وقد وضعها مهدي بازركان، أول رئيس حكومة في إيران بعد نجاح الثورة، وكان الهدف الرئيس من طرح هذه النظرية هو إيجاد منافذ استراتيجية جديدة لإيران؛ إذ نظراً لطبيعة الشعارات الإسلامية التي رفعتها الثورة الإيرانية فإن الطموحات التوسعية لإيران ستبقى حبيسة المجالات الحيوية الشيعية، دون أن تمتد إلى الدول ذات البعد القومي، مثل آسيا الوسطى والقوقاز وجنوب شرق آسيا، التي تشترك مع إيران في مشتركات قومية عديدة.

لكن هذه النظرية لم تصمد في حينها، ولعل ذلك يعود إلى طبيعة بازركان الليبرالية المعارضة للتيار المحافظ[63].

ب. نظرية دولة المهدي العالمية

على الرغم من قِدَم نظرية المهدوية فإن الرئيس الإيراني السابق، محمود أحمدي نجاد، جعلها نظرية سياسية يتحرك منها؛ فقد اعتبر أن حكومته هي حكومة مؤقتة، تهيئ الأرضية المناسبة لقيام حكومة المهدي العالمية. ففي كلمة له أمام مؤتمر المهدوية في طهران، عام 2005، قال: “إن الجمهورية الإسلامية ونظام ولاية الفقيه ليس لهما أية مهمة أخرى سوى التحضير لإنشاء حكومة عالمية… إذ سيدير الإمام المهدي الكون عبر هذه الحكومة”[64].

ج. مشروع الشرق الأوسط الإسلامي-الإيراني

في مواجهة مشروع الشرق الأوسط الأمريكي طرحت إيران مشروع الشرق الأوسط الإسلامي-الإيراني، خلال ولاية الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، ويسعى المشروع إلى ربط المجتمعات الشيعية وباقي الحركات الإسلامية بدولة القلب المذهبي-إيران. ويمكن تعريف مشروع الشرق الأوسط الإسلامي-الإيراني بأنه مشروع هيمنة إيراني باسم المذهب الشيعي ككل، الهدف منه انتزاع إيران للمبادرة التاريخية أو مهام القيادة الإسلامية في العالم الإسلامي، وبناء إطار مقاوم باسمهم على المستوى الإقليمي الواسع، الذي تعيش فيه شعوب إسلامية، وفي هذه الحالة يكون هدف استخدام تعبير الشرق الأوسط للتغطية على عملية بناء مجال حيوي مذهبي، يقوم على الهيمنة أو القيادة السياسية للدولة الإيرانية[65].

الشاهد من خلال تعدد المشاريع أنها تتجه نحو هدف واحد، وهو التوسع الخارجي، سواء نظرية ولاية الفقيه أو أم القرى أو الشرق الأوسط الإسلامي أو المهدوية أو القومية، وقد تختلف وجهة التوسع فقط ما بين النظرية القومية مثلاً، التي تستهدف الدول الإسلامية ذات البعد القومي الأقرب إلى إيران، والنظريات الأخرى التي تستهدف المنطقة العربية كأولوية توسعية.

2. الأدوات الإيرانية في المنطقة

في هذا الإطار برز ما يسمى بمحور الممانعة، وقد ضم هذا المحور دولاً وجماعات متعددة، إذ لا تقتصر علاقة إيران بالدول فقط، بل تتعداها إلى الجماعات المسلحة، حيث إن القوة الصلبة في الشرق الأوسط لم تعد حكراً على الأنظمة فقط، فقد برزت جماعات وميليشيات مقاتلة قادرة على إسقاط بعض الأنظمة، وتشكيل واقع سياسي جديد. ولا تمانع إيران أن تكون لها علاقة بهذه المجموعات، وأن تعترف بها رسمياً، كما اعترفت بالحركة الحوثية في اليمن بعد سيطرتها على صنعاء.

الأدوات الإيرانية في المنطقة ليست كلها مسلحة، فثمة أدوات ثقافية تنشط بالتوازي مع عمل المجموعات المسلحة، وإذا اعتبرنا حماس فرصة بالنسبة لإيران، تحرص من خلالها على إرسال عدد من الرسائل عن امتلاكها لأدوات المقاومة في المنطقة، فإن هناك أدوات عسكرية تظاهر بالولاء لإيران.

أ. أدوات عسكرية

تتبنى إيران شعار تصدير الثورة الإيرانية في المنطقة، وفي هذا الإطار عملت على دعم عدد من التشكيلات المسلحة في عدد من البلدان العربية، ففي سوريا يعد النظام السوري حليف إيران الأول منذ قيام الثورة الإيرانية، ودعم إيران في حربها مع العراق، والعلاقة بين النظام السوري وإيران تتجاوز تأسيس وتدريب الميليشيات العسكرية إلى أداء أدوار أكبر في المجال السياسي وقطاعات الاقتصاد السوري. وتعد سوريا معبراً لدعم حزب الله، الذي هو رأس حربة إيران في لبنان.

وتجد إيران في المناخ الاجتماعي المضطرب للشيعة في السعودية والبحرين أداة للضغط على النظم الملكية هناك، حيث يوفر العامل المذهبي شبكة من وسائل الدعم الاجتماعي والأيديولوجي التي تقدمها إيران لشيعة السعودية والبحرين.

ويمتد الدور الإيراني إلى اليمن الذي تنظر إليه إيران على أنه ساحة منافسة جيوسياسية مع السعودية، ومن خلالها تستطيع خنق المملكة العربية السعودية من الجنوب[66].

ب. أدوات ثقافية

تنشط إيران في المجال الثقافي كثيراً، حيث وظفت هذا الفضاء للإطلالة على الإقليم ككل، وعلى العالم بمجتمعاته وثقافاته، وقد كانت المراكز الثقافية الإيرانية نقطة ارتكاز مباشرة في دعم الدبلوماسية الشعبية في مجالها الثقافي، خاصة مع انسداد مجالات التواصل السياسي الفاعل خلال حقبة الحصار والعزل الطويلة، وتميزت السفارات الإيرانية بالحركة الدؤوبة في التواصل، حتى عدها البعض من أنشط دول العالم الثالث في الدبلوماسية الشعبية والتواصل مع المجتمع المدني[67].

وتنشط إيران في إطار عدد من الأدوات الثقافية، مثل الملحقيات الثقافية الإيرانية، وتوظيف المراكز الثقافية التابعة للسفارات الإيرانية، والمدارس والحوزات الإيرانية في الخارج، والبعثات الدراسية، والوكالات الإعلامية وتبني قنوات إعلامية عربية، والأفلام والمسلسلات المدبلجة إلى العربية، والمؤسسات الثقافية الإيرانية في الخارج، مثل المجلس الأعلى للثورة الثقافية، ولجنة الإمام الخميني الإغاثية، ومركز حوار الحضارات. وهذه الأدوات وغيرها تعد فرصة بالنسبة لإيران في إطار تعزيز حلمها الخارجي، وتوسيع تمددها الثقافي كمقدمة للتمدد العسكري والسياسي، وإبراز إيران على أنها دولة مناصرة للمظلومين ومتقدمة تكنولوجياً.

خامساً: مستقبل المشروع الإيراني في المنطقة ومدى القابلية العربية للمشروع

يتمدد المشروع الإيراني في المنطقة معتمداً على أدوات القوة الصلبة والقوة الناعمة، ومستفيداً من غياب المشاريع العربية، ومستثمراً وجود الكيان الإسرائيلي. وقد توسع الحضور الإيراني بعد الاحتلال الأمريكي للعراق 2003، وانسحاب الكيان الإسرائيلي من لبنان في عام 2006، ومن خلال الثورة السورية بدأ حضوره المباشر في الساحة السورية، واستقطاب مقاتلين من جنسيات باكستانية وأفغانية، وقد استغلت الصراع اليمني مع جماعة الحوثي في دعم الحركة الحوثية وتبنيها.

1. نقاط ضعف المشروع الإيراني

أمام هذا التوسع والحضور الإيراني في المنطقة، فإن المشروع الإيراني يعاني من نقاط ضعف بالغة التعقيد، تؤثر في استمرار التمدد وثبوته، ومن أهم هذه النقاط:

أ. الخلاف الإيراني الداخلي

الخلاف الإيراني، سواء بين التيار الأصولي والإصلاحي أو الخلافات الداخلية بين التيارات نفسها، يجعل من النظام الإيراني مشروعاً غير قابل للتمدد أكثر، نظراً للثقل الذي يحمله. ومن أشهر نقاط الخلاف الداخلي:

–   الخلاف حول فكرة ولاية الفقيه

الخلاف الداخلي في البيت الشيعي على أشده، فليس كله على قلب رجل واحد، إذ ثمة تناقضات داخلية كبيرة. ونظرية ولاية الفقيه على الرغم من مركزيتها فإنها لا تمثل إجماعاً داخل البيت الشيعي الإيراني، وقوة الدستور هي من تفرضها، ومن أشهر من رفضها آية الله شريعت مداري، الذي طالب بنظام حكم ذي طبيعة تمثيلية واسعة، تعكس جميع القوى السياسية والاجتماعية الفاعلة في إيران[68].

–   الخلاف حول صلاحيات الولي الفقيه

كذلك ثمة خلاف حول فكرة ولاية الفقيه، فالمؤمنون بها مختلفون فيما بينهم على صلاحيات الولي الفقيه. وقد سبق معنا أن الولي الفقيه يتمتع بصلاحيات عالية، فهو المؤسسة السياسية الأعلى، التي تدير بشكل مباشر الجيش والحرس الثوري والاستخبارات، والمجلس الأعلى للأمن القومي، والذي لا تنفذ قراراته إلا باعتماد المرشد، وتدير مؤسسة المرشد بشكل غير مباشر بقية المؤسسات، وذلك يعود لطبيعة العمل الذي يقوم به مجلس صيانة الدستور، حيث يعد الجهة الوحيدة المفسرة للدستور، والمراقب لأداء مجلس الشورى، وهو المؤسسة المسؤولة عن إقرار المرشحين لمجلس الشورى أو لرئاسة الجمهورية أو لمجلس الخبراء، وأعضاؤه جزء منهم معينون من المرشد، والنصف الآخر معينون من رئيس السلطة القضائية المعين من المرشد، ومن ثم فإن المجلس هو المؤسسة التي يستطيع من خلالها المرشد التحكم في أعداد المترشحين وانتماءاتهم، والحد من قدرة معارضيه على الترشح.

أمام هذه الحالة يتهم الإصلاحيون المجلس بالتحيز ضدهم، وهذا الاتهام في أساسه رفض لتوسيع صلاحيات الولي الفقيه، حيث يرى الإصلاحيون ضرورة الحد من تغول سلطات المرشد وشموليتها، ويتهم بعضهم الدولة بالنزوع نحو السيطرة والتحكم المركزي، وإضعاف ولاية الشعب في مقابل ولاية الفقيه المركزية.

ب. المعارضة الإيرانية

في إيران عدة تيارات معارضة لنظام الحكم نشأت بعد انطلاق الثورة، ولم تكن المعارضة ذات بعد سياسي فقط، حيث إن لبعضها أنشطة عسكرية أيضاً وعمليات ضد النظام الإيراني، وهو ما يجعلها أكثر خطراً على وجوده، ومن أبرز الحركات المعارضة للسلطة[69]:

–   حركة مجاهدي خلق

هي أكبر وأنشط حركة معارضة إيرانية، تأسست عام 1965 على أيدي مثقفي إيران من الأكاديميين بهدف إسقاط نظام الشاه، حيث أدت المنظمة دوراً كبيراً في انتصار الثورة بعد أن أعدم نظام الشاه مؤسسيها وعدداً كبيراً من أعضاء قيادتها، وفيما بعد أعلنت النضال ضد الثورة، وذراعها العسكرية “جيش التحرير الوطني الإيراني”.

–   المجلس الوطني للمقاومة

تنضوي تحته كل القوى الديمقراطية المعارضة لنظام ولاية الفقيه، بهدف إسقاط النظام وتحقيق الديمقراطية في البلاد. وهو مكونٌ من أمانة وستة أمناء يهتمون بالشؤون الإدارية الخاصة بالمجلس، وقد انبثقت عن المجلس 25 لجنة تشكل الهيكلية الرئيسة للحكومة الإيرانية المؤقتة المستقبلية.

–   حركة النضال العربي لتحرير الأحواز

حركة معارضة للوجود الإيراني في عربستان (إقليم الأحواز). أسستها، عام 1999، مجموعة من سكانه العرب، تهدف إلى إنشاء دولة عربية في تلك الأراضي ذات الأغلبية العربية.

–   حزب الأمة

يعرف أيضاً باسم حزب “ملت إيران”، وهو حزب سياسي قومي ليبرالي ينشد الديمقراطية العلمانية وفصل الدين عن الدولة في إيران. أسس عام 1951 على يد المعارض داريوش فروهر، الذي بقي على رأس هرم الحزب حتى عام 1998، حيث اغتيل بطريقة غامضة.

–   حزب توده

هو حزب ماركسي لينيني إيراني، أُسس عام 1941. اسمه يعني حزب الجماهير أو الشعوب الإيرانية، كان جزءاً من حركة المعارضة ضد محمد رضا بهلوي، التي بلغت ذروتها في الثورة الإيرانية عام 1979.

ج. الضعف الاقتصادي

تتسم السياسة الإيرانية عموماً بحالة من التخبط، بين تحقيق الأهداف الداخلية المتمثلة بالتنمية والتقدم الاقتصادي للشعب الإيراني، وبين تحقيق الأطماع التوسعية التي تفرضها الأيديولوجيا الدينية التي ينطلق منها النظام الإيراني، إضافة إلى الركود الاقتصادي الذي أحدثته المقاطعة الاقتصادية، وتداعيات جائحة كورونا. ويعد الاعتماد شبه الكلي على النفط أحد أهم المشكلات الاقتصادية التي يعانيها النظام الإيراني، وأمام هذه المشكلات الاقتصادية المزمنة والطارئة لم يستطع النظام تقديم رؤى اقتصادية جديدة تستعيد ثقة الشعب الإيراني.

د. المشاكل البنيوية

المشاكل البنيوية الداخلية التي يعاني منها النظام الإيراني تعود إلى التكوين السكاني المتعدد، فثمة قوميات كثيرة مرتبطة بدول الجوار، وبعضها لا تربطها بإيران علاقة جيدة، مثل الأذريين الذين تصل نسبتهم إلى 20%، ومرتبطون فكراً بالدولة المجاورة على الرغم من وقوعهم داخل الحدود الإيرانية، وكذلك أكراد إيران المرتبطون بأكراد العراق وتركيا الذين تجمعهم بهم الفكرة القومية والمذهبية، وبلوش إيران ببلوش باكستان، والعرب بعرب العراق والإمارات، وتحاول الدولة بسيطرتها على وسائل الإعلام والتعليم والقضاء والثقافة الضغط لتحقيق انصهار هذه المكونات، في حين لا تزال قوة الفكرة القومية تدفع باتجاه المحافظة على الخصوصيات.

2. التحديات التي يواجهها المشروع الإيراني

كما يعاني النظام الإيراني من نقاط ضعف داخلية فإنه يعاني من تحديات خارجية، يأتي على رأسها:

أ. المجموعات الشيعية غير المؤمنة بنظرية ولاية الفقيه

هناك خلاف فلسفيّ وَفقهي كامن بين المرجعيات الدينية الشيعية، ممثلاً في ثنائية الأصوليين والإصلاحيين، وكذلك بين النجف وقم، فالمرجعية العليا في النجف لا تؤمن بولاية الفقيه، ولا بالعمل السياسيّ في ظلّ غياب المعصوم، إلّا أنّها تدلي برأيها في الأحداث المحورية بالنسبة للداخل العراقي، وليس مِن عادتها أنْ تصدر بيانات لما يحدث خارج العراق، بخلاف النّخبة الدينية الإيرانية التي تؤمن بولاية الفقيه وَمركزيتها، وكونها مِن ضرورات المذهب الشيعي، وامتداد ولاية الفقيه لتشمل كل الشيعة بل والمسلمين في العالم كلّه، لا داخل الحدود الإيرانية فقط، وهيمنة المرشد الأعلى الإيراني حتى على غيره مِن الفقهاء، وعدم إيمانه بولاية الفقهاء، أو مجلس شورى الفقهاء، أو صيغةٍ تحدّ مِن صلاحياتها أو تعمل على تقسيمها.

هذا الاعتقاد الجازم لدى النُّخب الدينية الإيرانية جعلها تنظر إلى الشيعة العراقيين واللبنانيين، والجماعات الشيعية المحليّة على أنهم رعايا للوليّ الفقيه، وَتتعامل معهم بنفس منطق التعامل مع المجتمع الإيرانيّ على مستوى الوصاية والولاية، فالاقتصاد وتحسين معيشة المواطنين أمر ثانويّ في النظرية السياسيّة لدى تلك النُّخب، في حين أنّ الثورة والهيمنة والتمدد تأتي مرحلة أولى في فكر هؤلاء[70].

تعد مرجعية النجف مستقلة نوعاً ما عن مرجعية إيران، وهي صاحبة سلطة دينية ولا ولاية لها على الشأن العام، لكنها تتدخل في ذلك دوماً، أو يتم التدخل باسمها حسب رواية أخرى، كما أنها ليست مؤسسة صلبة يمكن أن يكون لها موقف قوي داخلي أو خارجي، بالإضافة إلى تداخل المصالح والنفوذ بينها هي ورجال الدين الآخرين من جهة، وبين الحكومة من جهة ثانية، وهذا ما يجعلها تقدم رِجلاً وتؤخر أخرى فيما يتعلق بالقضايا المحلية، وتخشى من أي تغيير قادم قد يهدد شبكة المصالح السياسية والاقتصادية، وتحرص على مسك العصا من المنتصف، إضافة إلى تورطها في تخدير الشعب، وتورُّطِ رجال الدين التابعين لها في جميع تفاصيل الوضع الذي آل إليه العراق، وهذا ما جعل الشعب يتجاوز خطاب المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني الذي دعا فيه المحتجين، في 2019، إلى تهدئة غضبهم وعرضِ مطالبهم على الحكومة، إلا أن مساحة الاحتجاجات تطورت بعد دعوته، كما أن هناك رجال دين عراقيين أيدوا الاحتجاجات وساندوها.

 أما لبنان فليست فيه مرجعية موحدة، كما أن حزب الله الذي يتمتع بحضور ديني وسياسي واسع لا يخفي تبعيته لإيران. وكذلك الأمر في اليمن، الذي يختلف مذهبياً عن إيران والعراق ولبنان وسوريا، وهذا تحدٍّ كبير يصعب معه استتباب الأمر كلياً للولي الفقيه على كل الأقطار، خصوصاً المجموعات التي تربطها تحالفات تكتيكية مع إيران لا استراتيجية، كحماس مثلاً.

ب. التحالفات العسكرية العربية المناوئة لهذا التمدد

على إثر التمدد الإيراني في المنطقة، تأسس التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، وهو تحالف عسكري يضم عدداً من الدول العربية على رأسها السعودية والإمارات، ويهدف إلى استعادة الشرعية اليمنية، ومقاومة الانقلاب الحوثي المدعوم إيرانياً. ومن قبله تأسست قوات درع الجزيرة، وهي قوات خليجية مشتركة لدعم البحرين، وقد جاءت هذه القوات لإخماد المظاهرات التي اندلعت في عدد من المدن البحرينية، وقد أسهمت في إيقاف المظاهرات.

ج. المشاريع المنافسة

هناك مشاريع إقليمية منافسة للمشروع الإيراني في المنطقة على رأسها مشروع الكيان الإسرائيلي والمشروع التركي، فثمة صراع علني بين إيران والكيان الإسرائيلي، وصراع صامت بين إيران وتركيا، وتاريخ العلاقة بين تركيا وإيران تاريخ طويل ومعقد في كثير من تفاصيله، كما أنه مشروع منافس على الحاضنة الإسلامية.

د. التصادم مع المشاريع الدولية

هناك صدام إيراني مع المجتمع الدولي ومع الدول الكبرى حول كثير من الملفات، على رأسها الملف العراقي والملف السوري والملف النووي، إضافة إلى التدخلات في المنطقة، وهذه الملفات وضعت إيران في مواجهة مباشرة مع المجتمع الدولي، ولا سيما الولايات المتحدة الأمريكية.

3. مآلات المشروع الإيراني في المنطقة

يحاول النظام الإيراني توسيع نفوذه في المنطقة العربية مستثمراً كل الفرص المتاحة، حتى تلك التي يختلف معها أيديولوجياً، كعلاقته بحركة حماس، ويسعى لخلق فرص أخرى مع تيارات يسارية وقومية عربية، ومن أهم الفرص التي استفادت منها إيران:

–   غياب القوة الاستراتيجية العربية، حيث وجدت مساحة مفتوحة يمكن أن تستفيد منها في توسيع نفوذها، كما حصل في العراق مثلاً، فقد وجدت إيران في البيئة العراقية فرصة لبناء دورها في المنطقة.

–   حضور مشروع الكيان الإسرائيلي، حيث تستثمر إيران في وجود الكيان الإسرائيلي، وتحاول استمالة الشعوب العربية الرافضة للاحتلال. وفي المقابل فإن الكيان الإسرائيلي يستثمر الخطر الإيراني على دول الخليج من جهة، وتقليل أمريكا لعناصرها ومعداتها في المنطقة من جهة أخرى، ويسعى للقيام بهذا الدور، ولعل ذلك تنسيق أمريكي واضح، فمن مصلحة الكيان الإسرائيلي بقاء التهديد الإيراني، وتصاعد التمدد والهجمات الإيرانية في المنطقة، لأن ذلك يعزز من فرص التقارب (الإسرائيلي) الخليجي.

–   الاستبداد العربي، حيث يبرر الخطاب الإيراني ما يقوم به من تدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، بأنها تأتي لنصرة المظلومين والمستضعفين، حيث ترى إيران في نفسها مركزاً داعماً للمكونات المستضعفة حسب تصنيفها، ولمواجهة ذلك كان لا بد عليها من تصدير نموذج الثورة الإيرانية لعدد من الأقطار، ولكن هذا الخطاب تحول من تلبية حقوق الشعوب إلى تلبية الرغبة الإيرانية، فقد استبدلت المجموعات الشيعية في المنطقة ما تراه ظلم الأنظمة بظلم أكبر. وإن كان الأول يستند إلى قوة الأمر الواقع، فإن الثاني يستند إلى منطق القوة. ولم يكن ضمن أولويات تلك المجموعات إحداث التنمية والعدالة والاستقرار في المنطقة، بل تحولت إلى أدوات تستخدمها إيران لتحقيق طموحها التوسعي، فإيران تسعى لخلق حالة عالمية قائمة على تعدد الأقطاب، بحيث تكون لها الصدارة الإسلامية من خلال تشكيل مركزية شيعية وتمثيل المكونات الشيعية في المنطقة، على حساب الأنظمة والشعوب العربية.

وجدت إيران في الثورة المضادة فرصتها لبسط نفوذها في سوريا واليمن، وقبلهما في لبنان والعراق من خلال التظاهر بمقاومة الغزو الأمريكي والاحتلال الإسرائيلي، لكنها لم تستطع إحداث حالة أفضل من الوضع السابق على أقل تقدير.

ففي العراق يشهد عددٌ من المدن العراقية بين حين وآخر احتجاجات جماهيرية واسعة، إثر تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية، حيث يعيش العراق منذ ستة عشر عاماً وضعاً سياسياً استثنائياً، يقوم على المحاصصة الطائفية والعرقية والحزبية، التي رسخت حالة من الفساد المتجذر والمشرعَن أحياناً، والذي يأتي بعضه في إطار صفقات سياسية، وهذه المؤشرات لعلها انعكاس طبيعي للمشهد السياسي المعقد، القائم على نظام المحاصصة الذي يعيشه العراق منذ الانسحاب العسكري الأمريكي، وسيطرة الفصائل الشيعية المدعومة إيرانياً على المشهد السياسي والعسكري هناك.

وقريب من الوضع العراقي يعيش لبنان، منذ عام 1948، نظام محاصصة بموجب الميثاق الذي وُزعت بموجبه السلطات السياسية الثلاث بين طوائفه الكبرى، وهو ما أدى إلى ظهور جملة من الاختلالات الاقتصادية والاجتماعية، ومن ثم تسبَّب ذلك في حالة من الشلل السياسي المستمر نتيجة للصراع القائم بين الطوائف من أجل تقاسم الموارد والسلطة، وقد أثار هذا الوضع وما يزال يثير احتجاجات واسعة في العاصمة بيروت وبعض المدن الكبرى.

ولا تزال سوريا واليمن يشهدان مواجهات كبيرة، رفضاً في سوريا لنظام الأسد، وفي اليمن للانقلاب الحوثي.

في ظل نقاط الضعف الداخلية، والتحديات الخارجية السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، فإن المشروع الإيراني لم يستطع أن يقدم بدائل إيجابية للأنظمة التي ثارت عليها الشعوب العربية، على الرغم من الفرص التي أتيحت له، ويُتهم بأنه استبدل بالاستبداد العربي الطغيان الإيراني، ولهذا تشهد الدول التي يتواجد فيها النفوذ الإيراني رفضاً متكرراً، نتيجة الأوضاع السياسية والاقتصادية والعسكرية التي رسخها، ولكن ثمة حالة من التخبط العربي الرسمي والشعبي نتيجة غياب المشاريع العربية البديلة، هي التي سمحت له بالتمدد، وعلى هذا فإن الحضور الإيراني في المنطقة مرهون بالضعف العربي الرسمي.

خاتمة

يتمتع النظام الإيراني بعدد من المقومات والإمكانات الداخلية والخارجية، جعلت منه قوة إقليمية قادرة على المنافسة، وقد وجد النظام الإيراني في فكرة ولاية الفقيه مشروعاً قابلاً للتصدير في المنطقة، ويجعل من إيران دولة مركزية للمجموعات الشيعية في المنطقة. ولا يزال النظام الإيراني محافظاً على تماسكه على الرغم من كل الضربات التي تلقاها، سواء العسكرية عن طريق المواجهات الإيرانية العراقية التي استمرت ثمان سنوات، أو الحصار الاقتصادي فيما بعد.

هناك عدد من العوامل أسهمت في تقوية الأدوات الموالية لإيران في الشرق الأوسط، واستطاعت من خلالها إيران أن تحدث اختراقاً عسكرياً وعربياً لا يزال يتوسع، في ظل مقاومات محلية خالصة، وأخرى مدعومة خارجياً بالقدر الذي يوازن الصراع ولا ينهيه، ومن تلك العوامل:

–   الوصول إلى السلطة وامتلاك زمام الأمور بالنسبة للبنان والعراق والانقلاب في اليمن، وهذا الوصول بطبيعة الحال لم يكن بالأدوات السلمية، كما أنه لم يكن مرحباً به محلياً، ولا يزال يواجه رفضاً شعبياً، لكنه استطاع فرض أمر واقع على الأقل على المدى القريب.

–   بحث الأقليات الشيعية -وخصوصاً تلك التي تشعر بالاضطهاد- عن رافعة سياسية إقليمية، وقد وجدت في النظام الإيراني ما تبحث عنه، خصوصاً أن إيران تتبنى استراتيجية التوسع الخارجي.

–   ارتدادات الثورة المضادة للربيع العربي، التي استطاعت إحداث فجوة في الأنظمة السياسية العربية، والوصول إلى السلطة بدعم إيراني كما في اليمن، أو التمسك بها كما في سوريا، كما أن النظام الإيراني حاول استثمار الثورات من بدايتها وتصويرها أنها صحوة إسلامية تأتي امتداداً للثورة الإيرانية، لكن لم يفلح في ذلك، ووجد الفرصة سانحة للمساهمة في الانقضاض عليها.

–   التوجه الدولي الساعي لتمكين الأقليات الشيعية على حساب الأغلبية في المناطق العربية، وهذا الأمر سمح لتلك المجموعات برفع شعارات المظلومية التي وجدت من يتلقفها دولياً ويسعى لاستثمارها بما يعود لمصلحة الأقليات.

هذه الممكنات والعوامل يستطيع من خلالها النظام الإيراني إيصال رسائل دولية وإقليمية، عند توتر علاقاته السياسية مع دول أخرى كالولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية، وتوظيف المجموعات الشيعية سياسياً وعسكرياً للنيل من أعدائها، ولو على حساب الدول التي تنتمي إليها تلك المجموعات.

ومع كل هذه الممكنات والعوامل فإن النظام الإيراني يواجه نقاط ضعف داخلية تعيق قدرته على المضي بمشاريعه في المنطقة في ظل الرفض العربي القائم للتمدد الإيراني، خصوصاً أنه أثبت فشله في الدول التي تمكن منها، وكذلك ثمة تحديات أخرى خارجية يصعب على إيران تخطيها في ظل استمرار تحدياتها داخلياً وتعثر سياساتها خارجياً.

المراجع

الكتب

–   أبو جعفر الطوسي، تلخيص الشافي، تقديم السيد حسين بحر العلوم، مكتبة العلمين الطوسي وبحر العلوم، النجف الأشرف، 1928.

–   أحمد الكاتب، التشيع السياسي والتشيع الديني، مؤسسة الانتشار العربي، بيروت، ط1، 2010.

–   أحمد محمود صبحي، الإمام المجتهـد يحيى بن حمزة وآراؤه الكلامية، منشورات العصر الحديث، مصر، ط1، 1990.

–   بشير موسى نافع وطلال عتريسي، إيران الدولة والأزمة، مركز الجزيرة للدراسات، الدوحة، ط1، 2008.

–   الحسن بن موسى النوبختي، فرق الشيعة، منشورات الرضا، بيروت، ط1، 2012.

–   الدستور الإيراني، ترجمة المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات، 2014.

–   رضوان السيد، العرب والإيرانيون والعلاقات العربية الإيرانية في الزمن الحاضر، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، ط1، 2014.

–   روح الله الخميني، الحكومة الإسلامية، دروس فقهية، النجف الأشرف، 1970.

–   عبد الله النفيسي، إيران والخليج ديالكتيك الدمج والنبذ، دار قرطاس، الكويت، ط1، 1999.

–   علي حسين باكير، قراءة في كتاب إيران تهديد أم فرصة، مركز الجزيرة للدراسات، ط1، 2012.

–   علي فياض، نظريات السلطة في الفكر السياسي الشيعي المعاصر، مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي، بيروت، ط1، 2008.

–   فاطمة الصمادي، التيارات السياسية في إيران، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة، ط1، 2012.

–   فراس إلياس، الجيوبوليتيك الشيعي والمخيلة الجيوستراتيجية الإيرانية، مركز الجزيرة للدراسات، الدوحة، ط1، 2015.

–   فهمي هويدي، إيران من الداخل، مركز الأهرام للترجمة والنشر، القاهرة، ط4، 1991.

–   لؤي صافي، العقيدة والسياسة معالم نظرية عامة للدولة الإسلامية، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، واشنطن، ط1، 1996.

–   محمد السيد الصياد، أزمة البيت الشيعي: موقف النخب الدينية من احتجاجات العراق ولبنان، المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، الرياض، 2019.

–   محمد باقر الصدر، نشأة الشيعة والتشيع، تحقيق عبد الجبار شرارة، مركز الغدير للدراسات الإسلامية، لبنان، ط1، 1993.

–   محمد بن يعقوب الكليني، أصول الكافي، منشورات الفجر، لبنان، ط1، 2007.

–   محمد جواد لاريجاني، مقولات في الاستراتيجية الوطنية (شرح نظرية أم القرى الشيعية)، ترجمة نبيل العتوم، مركز العصر للدراسات الاستراتيجية والمستقبلية، لندن، ط1، 2013.

–   محمد رضا المظفر، عقائد الإمامة، مركز الأبحاث العقائدية، قم، 2001.

–   محمد ضياء الدين الريس، النظريات السياسية الإسلامية، مكتبة دار التراث، مصر، ط7، 1976.

–   محمد عمارة، الإسلام وفلسفة الحكم، دار الشروق، القاهـرة، ط1، 1998.

–   محمود شاكر، إيران، المكتب الإسلامي، بيروت، ط8، 2000.

–   مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات، القوة الناعمة في المنطقة العربية، إسطنبول، ط2، 2018.

–   نجلاء مكاوي وآخرون، الاستراتيجية الإيرانية في الخليج العربي، مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات، إسطنبول، ط3، 2017.

–   وجيه قانصو، الشيعة الإمامية بين النص والتاريخ، دار الفارابي، لبنان، ط1، 2016.

–   ياسر عبد الحسين، السياسة الخارجية الإيرانية، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، بيروت، ط1، 2015

المجلات

–   سليم كاطع علي، البعد الإيراني في السياسة الخارجية الأمريكية، مجلة دراسات دولية، مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية، جامعة بغداد، العدد (60).

–   عبد الرحمن فريجة وفهيم رملي، الخصائص الاقتصادية لإيران بين العقوبات الخارجية والمقاومة الداخلية، مجلة مدارات إيرانية، المركز الديمقراطي العربي، برلين، المجلد (2)، العدد (5)، سبتمبر/أيلول 2019.

الرسائل الجامعية

–   سوسي نازية وآنجلي آسية، العلاقات الأمريكية الإيرانية: الملف النووي الإيراني نموذجاً 1990/2015، رسالة ماجستير، جامعة مولود معمري تيزي، الجزائر، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم العلوم السياسية، 2015.

–   فؤاد العبادي، السياسة الخارجية الإيرانية وأثرها على أمن الخليج، رسالة ماجستير، جامعة الشرق الأوسط، الأردن، كلية الآداب والعلوم، قسم العلوم السياسية، 2012.

–   كوشان آراس محمد لاو، السياسة الخارجية الإيرانية بين المحافظين والإصلاحيين، رسالة ماجستير، جامعة بيروت العربية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم العلوم السياسية، 2016.

–   مسعود أحمد سليمان، القوة النووية وأثرها على السياسة الخارجية دراسة لحالة إيران وإسرائيل، رسالة ماجستير، جامعة الشرق الأدنى، كلية الدراسات العليا والعلوم الاجتماعية، قسم العلاقات الدولية.

المواقع الإلكترونية

–   الجزيرة، كل ما تريد معرفته عن الحرس الثوري الإيراني، (10/10/2019)، تاريخ الاطلاع: 20/6/2021، في: https://cutt.us/X5Gnw

–   جلال مير هاشمي، إنتاج قطاع البتروكيماويات الإيراني ينمو 7 بالمئة، وكالة أنباء فارس، (26/4/2021)، تاريخ الاطلاع: 20/6/2021، في: https://cutt.us/gopQx

–   الخليج أونلاين، تعرف على المعارضة التي قد يكون لها دور في مستقبل إيران، (19/11/2019)، تاريخ الاطلاع: 26/6/2021، في: https://cutt.us/jLuWv

–   صابر كل عنبري، العلاقات الإيرانية الروسية فرص التعزز ومخاوف الانفراط، الجزيرة، (22/3/2018)، تاريخ الاطلاع: 25/6/2021، في: https://cutt.us/tDU53

–   عبد الرؤوف مصطفى الغنيمي وأحمد شمس الدين ليلة، العلاقات الصينية-الإيرانية آفاق الشراكة الاستراتيجية في عالمٍ مُتغير، المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، (5/10/2020)، تاريخ الاطلاع: 26/6/2021، في: https://cutt.us/YUH7q

–   عبد الستار الراوي، أبجدية تصدير الثورة الإيرانية، نيسان، (7/8/2015)، تاريخ الاطلاع: 5/4/2021، في: https://cutt.us/XIAG0

–   فرح الزمان شوقي، دائرة نجاد تستعد لإشعال سباق الانتخابات الرئاسية الإيرانية، العربي الجديد، (28/2/2017) تاريخ الاطلاع: 5/4/2021، في: https://cutt.us/oSu3s

–   قناة الحرة، إيران تشجع على الإنجاب وسط نسب بطالة قياسية، (5/11/2020)، تاريخ الاطلاع: 20/6/2021، في: https://cutt.us/X3gNQ

–   كاظم خاوازي، الإنتاج الزراعي في إيران سيبلغ 130 مليون طن العام الجاري،وكالة أنباء فارس، (25/8/2020)، تاريخ الاطلاع: 20/6/2021، في: https://cutt.us/Y7Z0c

–   محمد شريعت مداري، إيران تنتج 62 % من إجمالي إنتاج الصلب في الشرق الأوسط، لوسيل، (2/2/2018)، تاريخ الاطلاع: 20/6/2021، في: https://cutt.us/FsjuK

[1] فؤاد العبادي، السياسة الخارجية الإيرانية وأثرها على أمن الخليج، رسالة ماجستير، جامعة الشرق الأوسط، الأردن، كلية الآداب والعلوم، قسم العلوم السياسية، 2012، ص25.

[2] سليم كاطع علي، البعد الإيراني في السياسة الخارجية الأمريكية، مجلة دراسات دولية، مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية، جامعة بغداد، العدد (60)، ص161.

[3] محمود شاكر، إيران، المكتب الإسلامي، بيروت، ط8، 2000، ص74.

[4] بشير موسى نافع وطلال عتريسي، إيران الدولة والأزمة، مركز الجزيرة للدراسات، الدوحة، ط1، 2008، ص73.

[5] فؤاد العبادي، السياسة الخارجية الإيرانية، مرجع سابق، ص27.

[6] قناة الحرة، إيران تشجع على الإنجاب وسط نسب بطالة قياسية، (5/11/2020)، تاريخ الاطلاع: 20/6/2021، في: https://cutt.us/X3gNQ

[7] فاطمة الصمادي، التيارات السياسية في إيران، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة، ط1، 2012، ص14.

[8] موسى نافع وطلال عتريسي، إيران الدولة والأزمة، مرجع سابق، ص19.

[9] فاطمة الصمادي، التيارات السياسية في إيران، مرجع سابق، ص13.

[10] بشير موسى نافع وطلال عتريسي، إيران الدولة والأزمة، مرجع سابق، ص57.

[11] فاطمة الصمادي، التيارات السياسية في إيران، مرجع سابق، ص72.

[12] بشير موسى نافع وطلال عتريسي، إيران الدولة والأزمة، مرجع سابق، ص57.

[13] فاطمة الصمادي، التيارات السياسية في إيران، مرجع سابق، ص144.

[14] فرح الزمان شوقي، دائرة نجاد تستعد لإشعال سباق الانتخابات الرئاسية الإيرانية، العربي الجديد، (28/2/2017)، تاريخ الاطلاع: 5/4/2021، في: https://cutt.us/oSu3s

[15] فاطمة الصمادي، التيارات السياسية في إيران، مرجع سابق، ص339.

[16] محمد ضياء الدين الريس، النظريات السياسية الإسلامية، مكتبة دار التراث، مصر، ط7، 1976، ص95.

[17] الحسن بن موسى النوبختي، فرق الشيعة، منشورات الرضا، بيروت، ط1، 2012، ص32.

[18] محمد عمارة، الإسلام وفلسفة الحكم، دار الشروق، القاهـرة، ط1، 1998، ص132.

[19] محمد باقر الصدر، نشأة الشيعة والتشيع، تحقيق عبد الجبار شرارة، مركز الغدير للدراسات الإسلامية، لبنان، ط1، 1993، ص92.

[20] أحمد الكاتب، التشيع السياسي والتشيع الديني، مؤسسة الانتشار العربي، بيروت، ط1، 2010، ص30.

[21] وجيه قانصو، الشيعة الإمامية بين النص والتاريخ، دار الفارابي، لبنان، ط1، 2016 ، ص192.

[22] لؤي صافي، العقيدة والسياسة معالم نظرية عامة للدولة الإسلامية، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، واشنطن، ط1، 1996، ص63.

[23] أحمد محمود صبحي، الإمام المجتهـد يحيى بن حمزة وآراؤه الكلامية، منشورات العصر الحديث، مصر، ط1، 1990، ص159.

[24] محمد رضا المظفر، عقائد الإمامة، مركز الأبحاث العقائدية، قم، 2001، ص75.

[25] أبو جعفر الطوسي، تلخيص الشافي، تقديم السيد حسين بحر العلوم، مكتبة العلمين الطوسي وبحر العلوم، النجف الأشرف، 1928، الجزء الأول، ص134.

[26] محمد بن يعقوب الكليني، أصول الكافي، منشورات الفجر، لبنان، ط1، 2007، ص121.

[27] فهمي هويدي، إيران من الداخل، مركز الأهرام للترجمة والنشر، القاهرة، ط4، 1991، ص104.

[28] بشير موسى نافع وطلال عتريسي، إيران الدولة والأزمة، مرجع سابق، ص51.

[29] روح الله الخميني، الحكومة الإسلامية، دروس فقهية، النجف الأشرف، 1970، ص48.

[30] المرجع نفسه، ص49.

[31] المرجع نفسه، ص50

[32] علي فياض، نظريات السلطة في الفكر السياسي الشيعي المعاصر، مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي، بيروت، ط1، 2008، ص173.

[33] ياسر عبد الحسين، السياسة الخارجية الإيرانية، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، بيروت، ط1، 2015، ص41.

[34] المرجع السابق، ص43.

[35] الدستور الإيراني، ترجمة المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات، 2014، المادة الأولى، ص24.

[36] عبد الستار الراوي، أبجدية تصدير الثورة الإيرانية، نيسان، (7/8/2015)، تاريخ الاطلاع: 5/4/2021، https://cutt.us/XIAG0

[37] محمد جواد لاريجاني، مقولات في الاستراتيجية الوطنية (شرح نظرية أم القرى الشيعية)، ترجمة نبيل العتوم، مركز العصر للدراسات الاستراتيجية والمستقبلية، لندن، ط1، 2013، ص102.

[38] بشير موسى نافع وطلال عتريسي، إيران الدولة والأزمة، مرجع سابق، ص20.

[39] المرجع نفسه، ص25.

[40] الدستور الإيراني، ترجمة المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات، 2014، المادة الأولى، ص6.

[41] البنك الدولي، إيران نظرة عامة، تاريخ الاطلاع: 20/6/2021، في: https://cutt.us/KmG4x

[42] عبد الرحمن فريجة وفهيم رملي، الخصائص الاقتصادية لإيران بين العقوبات الخارجية والمقاومة الداخلية، مجلة مدارات إيرانية، المركز الديمقراطي العربي، برلين، المجلد (2)، العدد (5)، سبتمبر/أيلول 2019، ص20.

[43] جلال مير هاشمي، إنتاج قطاع البتروكيماويات الإيراني ينمو 7 بالمئة، وكالة أنباء فارس، (26/4/2021)، تاريخ الاطلاع: 20/6/2021، في: https://cutt.us/gopQx

[44] كاظم خاوازي، الإنتاج الزراعي في إيران سيبلغ 130 مليون طن العام الجاري، وكالة أنباء فارس، (25/8/2020)، تاريخ الاطلاع: 20/6/2021، في: https://cutt.us/Y7Z0c

[45] محمد شريعت مداري، إيران تنتج 62% من إجمالي إنتاج الصلب في الشرق الأوسط، لوسيل، (2/2/2018)، تاريخ الاطلاع: 20/6/2021، في: https://cutt.us/FsjuK

[46] الجزيرة، كل ما تريد معرفته عن الحرس الثوري الإيراني، (10/10/2019)، تاريخ الاطلاع: 20/6/2021، في: https://cutt.us/X5Gnw

[47] المرجع نفسه.

[48] المرجع نفسه.

[49] مونت كارلو الدولية، إيران: الحرب الخفية السيبرانية الصامتة التي تخوضها مجموعات التهديدات الإلكترونية المستمرة، (16/1/2020)، تاريخ الاطلاع: 3/7/2021، في: https://cutt.us/bKjWl

[50] الدستور الإيراني، مرجع سابق، المادة (152)، ص31.

[51] المرجع نفسه، المادة (154)، ص31.

[52] فاطمة الصمادي، التيارات السياسية في إيران، مرجع سابق، ص73.

[53] محمد السيد الصياد، أزمة البيت الشيعي: موقف النخب الدينية من احتجاجات العراق ولبنان، المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، الرياض، 2019، ص6.

[54] علي حسين باكير، قراءة في كتاب إيران تهديد أم فرصة، مركز الجزيرة للدراسات، ط1، 2012، ص3.

[55] سوسي نازية وآنجلي آسية، العلاقات الأمريكية الإيرانية: الملف النووي الإيراني نموذجاً 1990/2015،رسالة ماجستير، جامعة مولود معمري تيزي، الجزائر، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم العلوم السياسية، 2015، ص22.

[56] مسعود أحمد سليمان، القوة النووية وأثرها على السياسة الخارجية دراسة لحالة إيران وإسرائيل،رسالة ماجستير، جامعة الشرق الأدنى، كلية الدراسات العليا والعلوم الاجتماعية، قسم العلاقات الدولية، ص33.

[57] المرجع نفسه، ص33.

[58] صابر كل عنبري، العلاقات الإيرانية الروسية فرص التعزز ومخاوف الانفراط، (22/3/2018)، تاريخ الاطلاع: 25/6/2021، في: https://cutt.us/tDU53

[59] عبد الرؤوف مصطفى الغنيمي وأحمد شمس الدين ليلة، العلاقات الصينية-الإيرانية آفاق الشراكة الاستراتيجية في عالمٍ مُتغير، المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، (5/10/2020)، تاريخ الاطلاع: 26/6/2021، في:https://cutt.us/YUH7q

[60] فراس إلياس، الجيوبوليتيك الشيعي والمخيلة الجيوستراتيجية الإيرانية، مركز الجزيرة للدراسات، الدوحة، ط1، 2015، ص5.

[61] عبد الله النفيسي، إيران والخليج ديالكتيك الدمج والنبذ، دار قرطاس، الكويت، ط1، 1999، ص12.

[62] رضوان السيد، العرب والإيرانيون والعلاقات العربية الإيرانية في الزمن الحاضر، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، ط1، 2014، ص108.

[63] فراس إلياس، الجيوبوليتيك الشيعي، مرجع سابق، ص7.

[64] المرجع نفسه، ص7.

[65] المرجع نفسه، ص8.

[66] نجلاء مكاوي وآخرون، الاستراتيجية الإيرانية في الخليج العربي، مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات، إسطنبول، ط3، 2017، ص246-264.

[67] مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات، القوة الناعمة في المنطقة العربية، إسطنبول، ط2، 2018، ص213.

[68] كوشان آراس محمد لاو، السياسة الخارجية الإيرانية بين المحافظين والإصلاحيين، رسالة ماجستير، جامعة بيروت العربية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم العلوم السياسية، 2016، ص9.

[69] الخليج أونلاين، تعرف على المعارضة التي قد يكون لها دور في مستقبل إيران، (19/11/2019)، تاريخ الاطلاع: 26/6/2021، في: https://cutt.us/jLuWv

[70] محمد السيد الصياد، أزمة البيت الشيعي: موقف النخب الدينية من احتجاجات العراق ولبنان، المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، الرياض، 2019، ص6.

مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post الاستثمارات الإماراتية في تركيا…نظرة تحليلية
Next post التوقيت الصيفي في بلجيكا