في ذكرى وفاة العندليب

Read Time:4 Minute, 44 Second

شبكة  المدار الإعلامية  الأوروبية …_”في يوم ، في شهر ، في سنة ، تهدى الجراح وتنام ، و عمر جرحي أنا أطول من الأيام ، وداع يا دنيا الهنا ، وداع يا حب يا أحلام ، ده عمر جرحي أنا أطول من الأيام” ..

صدق حليم فحياته كانت على الرغم من النجاحات سلسلة من الجراح والآلام ، بدأت بحرمانه من أمه وهو الرضيع الذي لم يتعدى عمره أيام قليلة ، ثم حرمانه من أبيه وهو في عامه الأول ، ليأتي بعدها الألم الذي دمر جسده النحيل عندما كان يلعب مع أبناء عمومته في ترعة القرية وأصيب على أثرها بالبلهارسيا والتي أدت إلى تليف بالكبد عانى منه طوال حياته وأخيراً جُرح قلبه الرقيق عندما فقد حب عمره السيدة جيهان العلايلي بعد إصابتها بفيروس في المخ أودى بحياتها أثناء ترتيبات زواجهما ..

هو عبد الحليم علي إسماعيل شبانة ، ولد بقرية الحلوات بمحافظة الشرقية وكان ترتيبه الرابع بين أخوته إسماعيل ومحمد و عليه، توفيت أمه بعد مولده بأيام ثم لحق بها الأب قبل أن يتم حليم عامه الأول ، ليتولى تربيته خاله محمد عكاشة الذي ألحقه بالكُتَّاب ثم المدرسة الابتدائية ..

اما عن حقيقة وضعه بدار للأيتام فهي شائعة لا تخلو من بعض الصحة ، فالمؤكد أن عبد الحليم شبانة ارتاد الملجأ العمومي لقريته الحلوات التابعة لمركز الإبراهيمية محافظة الشرقية، وكان يقيم فيه طوال النهار، لسبب بسيط وهو أن الملجأ كان المقر الوحيد للآلات الموسيقية فى القرية كلها، وهناك تعلّم حليم عزف الموسيقى ومهارات الغناء، وهناك أيضا قابل الشاعر الكبير الراحل أحمد فؤاد نجم ..

بدأت بوادر حبه للموسيقى تظهر عندما كان بالمدرسة حيث ترأس فرقة الأناشيد وتبناه مدرس له وعلمه العزف على آلة “الأُبوا” ، التحق بعدها بمعهد الموسيقى العربية عام ١٩٤٣ قسم تلحين وهناك قابل احمد فؤاد حسن ، فايدة كامل ، علي إسماعيل وكمال الطويل ..

ومن مفارقات القدر أن حليم التحق بقسم التلحين بينما التحق كمال الطويل بقسم الغناء والأصوات إلا أن القدر شاء أن يتبادلا الأدوار فيما بعد فغنى حليم من أروع ألحان الموسيقار العبقري كمال الطويل ..

نظراً لتفوقه الدراسي حصل حليم على منحة دراسية إلا انه فضل البقاء بمصر وعمل مدرساً للموسيقى بمدرسة بطنطا ثم الزقازيق ثم القاهرة ، إلا أن حبه للغناء ملأ عليه كيانه فترك التدريس والتحق بفرقة الإذاعة الموسيقية عازفاً على آلة الأبوا عام ١٩٥٠م ..

كيف تحول اسمه من شبانة إلى حافظ ؟ ذات ليلة من ليالي عام ١٩٥١ التقى حليم برفيق عمره الأستاذ مجدي العمروسي في منزل الإذاعي فهمي عمر وكان من بين الحضور الإذاعي الكبير حافظ عبد الوهاب الذي منح حليم اسمه إيماناً منه بموهبته الفريدة ..

تواريخ هامة في حياة حليم :

“١٩٥٢” وقف أمام لجنة الإجازة بالإذاعة والتي كانت مكونه من محمد عبد الوهاب وأم كلثوم وشدا رائعة “يا حلو يا أسمر” كلمات سمير محجوب ألحان محمد الموجي وقد لاقت استحسان اللجنة وأجيز في الإذاعة المصرية كمغني ..

“١٧ أغسطس ١٩٥٢” أطل على جمهوره لأول مرة على المسرح القومي بالإسكندرية وغني صافيني مرة إلا أن الجمهور لم يتجاوب مع هذا اللون الغنائي المختلف وطالبوه بأن يؤدي شئ لعبد الوهاب !! فما كان منه إلا أن خاطبهم قائلاً بكل عزه نفس “أنا مش عبد الوهاب ، أنا عبد الحليم حافظ وجيت عشان اغني أغنياتي أنا” إلا أن هذه الأغنية لاقت نجاحا كبيرا عندما غناها على مسرح الأندلس فيما بعد في حضور ١٣٠٠٠ متفرج ومنها كانت انطلاقته الحقيقة في عالم الغناء ..

قدم حليم ما يقرب من ٣٠٠ أغنية ما بين الأغاني القصيرة الخفيفة ، الإيقاعية ، الطويلة ، الموال ، الوطنية ، القصائد و غيرها الكثير ..

السينما في حياة حليم :

كانت بداياته انه شارك بصوته فقط في فيلمي “ليه تحسب الأيام” و “بائعة الخبر” حتى جاءته الفرصة ليقدم اول أدواره السينمائية وكانت فيلم لحن الوفاء عام ١٩٥٥م أمام الفنانة شادية مرورا ب ١٤ فيلماً آخرين حتى نصل لآخر أفلامه و هو أبي فوق الشجرة عام ١٩٦٩م، حيث بلغ رصيده في السينما ١٦ فيلم ..

رحلته مع المرض :

على الرغم من إصابة حليم بالبلهارسيا وهو طفل إلا انه لم يعلم بمرضه الا عندما تعرض لنزيف في المعدة عندما كان مدعواً على الإفطار عند احد أصدقاءه حوالي عام ١٩٥٦، وعندها نلاحظ اختلاف اختياراته الغنائية بعدما كانت تميل إلى التفاؤل والمرح أصبحت تميل إلى الشجن والحزن ..

ومن هنا بدأت رحلة العلاج التي قضاها ما بين مصر و لندن رافقته فيها سكرتيرته الآنسة سهير محمد علي حيث بدأت عملها معه من عام ١٩٧٢ وحتى وفاته ١٩٧٧، أجرى حليم خلال رحلة علاجه حوالي واحد وستين عمليه جراحية ..

وفاته :

وافته المنية يوم ٣٠ مارس عام ١٩٧٧ بمستشفى كنجز كولدج بلندن وارجع الأطباء سبب الوفاة الى الدم الملوث الذي نقل له حاملا معه فيروس سي والذي كان من الصعب علاجه في وجود تليف الكبد الذي تسببت به البلهارسيا كما انه تعرض لنزيف في اخر جراحة لم يتمكن الأطباء من ايقافه ، فتوقفت معه حياة العندليب الاسمر بعد رحلة قصيرة حافلة بالانجازات والأحداث الا انها حملت معها الكثير من الجراح و الآلام ..

جنازته :

عاد جثمانه على متن طائرة مصر للطيران قادماً من لندن و كان في رفقته شقيقته السيدة عليه شبانة ، الأستاذ مجدي العمروسي ، السيدة نهلة القدسي زوجة محمد عبد الوهاب وابن خالته شحاته ..

وصل الجثمان الساعة الثالثة فجراً وكان في انتظاره أخويه إسماعيل ومحمد و بعض الفنانين منهم الفنان بليغ حمدي ..

وللشيخ الشعرواي الذي كان وزيراً للأوقاف في ذلك الوقت موقف إنساني لا يمكن تجاهله فقد كان من المقرر ان ينتقل جثمان العندليب إلى مستشفى المعادي ومنها إلى مسجد عمر مكرم صباحاً حيث خروج الجنازة الا ان الشيخ الشعراوي أمر بفتح المسجد وإبقاء الجثمان مسجى به حتى صباح اليوم التالي ..

كانت جنازته رحمه الله أسطورية حيث نقل الجثمان بعربة خضراء مكشوفة محاطة بالورد ولف جثمانه بعلم مصر وأعلى السيارة تقف صورته ..

بلغ عدد المشيعين ٣ مليون مشيع، وحضر الجنازة معظم اهل الفن والأدب والثقافة الا ان الفنان عبد الوهاب قد تخلف عن الحضور نظراً لتعرضه لصدمة عقب سماعه الخبر ..

شهدت الجنازة إغماءات بين الشباب والفتيات من محبي الفنان الراحل حتى ان جارته وكانت فتاة تبلغ من العمر ٢١ سنة قد ألقت نفسها من الدور السابع حزناً عليه ..

سارت الجنازة حتى وصلت إلى مثواه الأخير حيث وارى جسده التراب في مقابر البساتين ..ويقال أن العديد من حالات الانتحار حدثت بسبب موته

مواقع الكترونية

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post المعاشات التكميلية غير القانونية في بلجيكا
shallow focus photo of people playing track and field Next post وقف دوري ألعاب القوى في بلجيكا