زوبعة في سويسرا بسبب التصريحات حول الأونروا

Read Time:6 Minute, 12 Second

شبكة المدار الإعلامية الأوربية …_أثارت تصريحات وزير الخارجية السويسري إينياتسيو كاسّيس المنتقدة والمناهضة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا) التي اعتبر فيها أن الأونروا تشكل عقبة بوجه السلام في الشرق موجة من ردود الفعل حيث اعتبرها العديد من المراقبين في برن “غير موفقة” بل “إشكالية للغاية”. في التصريحات التي أدلى بها إلى صحيفة “آرغاور تسايتونغ” يوم الخميس 17 مايو الجاري، اعتبر وزير الخارجية أن هذه الوكالة التي يُشرف على تسييرها حاليا السويسري بيير كرينبول عقبة بوجه السلام، وأضاف أن لديه “تفهما” للولايات المتحدة التي أعلنت أنها قد تضع حدا لمساهمتها في ميزانية الأونروا تحت تأثير دونالد ترامب.فيما يتعلق بالإنسداد الذي تشهده عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، صرح الوزير السويسري أنه “ما دام العرب غير مستعدين لمنح إسرئيل حق الوجود، فإن إسرائيل تشعر بأنها مهددة في وجودها وستُدافع عن نفسها”، إلا أن إيف بيسّون، وهو دبلوماسي سويسري عمل في الشرق الأوسط لم يُخف اندهاشه وقال في تصريح لـمراسل swissinfo.ch في جنيف: “كيف يُمكن له أن يقول شيئا من هذا القبيل؟ فقد وقعت كل من الأردن ومصر على معاهدة سلام مع إسرائيل. كما ساندت البلدان العربية خطة سلام اقترحتها العربية السعودية قبل خمسة عشر عاما. وهذه ليست سوى بضعة أمثلة تناقض أقوال وزيرنا. يبدو أن إينياتسيو كاسيس غير مطلع بشكل جيّد”.في معرض حديثه عن مسألة اللاجئين، قال وزير الخارجية السويسري: “ما دام الفلسطينيون يعيشون في مخيمات للاجئين، فإنهم سيظلون متمسّكين بالعودة إلى وطنهم. ومن خلال تقديم الدعم إلى الأونروا، نُبقي جذوة النزاع حية. إنه منطق معكوس، لأن الجميع يُريد – في واقع الأمر – وضع حد للنزاع”. وهنا أيضا، يشتد استغراب إيف بيسّون، الذي شغل سابقا منصب مدير الأونروا، فهو يجد أن التصريح غير مُوفق تماما ويقول: “اليوم، تمثل الأونروا الشاهد الأخير لاهتمام المجموعة الدولية بالفلسطينيين ولاجئيهم. إضافة إلى ذلك، فإن قول شيء كهذا ليس مُحايدا بالمرة، نظرا لأن هذه الحجّة كانت فكرة مهيمنة لدى إسرائيل والولايات المتحدة”.في التصريحات التي أدلى بها إلى swissinfo.ch  حرص إيف بيسّون على التذكير بأن الفلسطينيين لم يتمسّكوا – خلال مفاوضات السلام التي انطلقت في أوسلو – بالمطالبة بالعودة الفعلية لملايين الفلسطينيين، بل بالحصول على اعتراف من إسرائيل بمسؤوليتها تُجاه السبع مائة ألف فلسطيني الذي تحولوا إلى لاجئين في عام 1948 وأضاف أن “إينياتسيو كاسيس لا يُلقي بالا لهؤلاء الأشخاص الذين يرغبون في أن يتمكنوا من المطالبة بأصل، وهذا الحق في العودة، حتى وإن لم يتمكنوا من تحقيق ذلك بشكل ملموس”.بدوره، قال ريكّاردو بوكّـو، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في معهد الدراسات العليا في جنيف في تصريحات لـ swissinfo.ch: “لا يجب الخلط بين جذور الصراع الإسرائيلي العربي في عام 1948 والحل الذي تم التوصل إليه لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين. كما أن وضعية اللاجئين الفلسطينيين تختلف كثيرا حسب البلد الذي يُوجدون فيه”، ثم تساءل قائلا: “من الذي ينصح إينياتسيو كاسيس؟”.في تناوله لأصداء تصريحات وزير الخارجية، نقل الموقع التابع للقناة التلفزيونية العمومية الناطقة بالفرنسية RTS عن دبلوماسي سويسري لم يُسمّه أن “إينياتسيو كاسيس لم يُقم الدليل على مهارة كبيرة” في ظل تصاعد العنف في المنطقة. من جهة أخرى، أثارت نبرة الوزير الليبرالي الراديكالي وصراحته غير المعتادة واستخدامه لكلمات وتعابير قوية استياء البعض. فقد وصف كارلو سومّاروغا، النائب الإشتراكي عن كانتون جنيف هذه التصريحات بأنها “شديدة الإشكالية”، وأضاف بأن إينياتسيو كاسيس يضع – بهذه التصريحات – حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة وحقهم في الحصول على تعويضات، وهي حقوق مُعترف بها من طرف الأمم المتحدة. أما كريستيان لوفرا، رئيس الحزب الإشتراكي فقد وصف في تغريدة نشرها على موقع تويتر تصريحات وزير الخارجية بـ “المهلوسة”، مضيفا بأنها “غير مقبولة إذا ما كانت إرادية”.من جهة أخرى، نقل موقع RTS عن فيليبو لومباردي، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ السويسري أن “النقاش مع الحكومة الفدرالية سيكون حاميا خلال الجلسة المقبلة حول هذه القضية. أنا مندهش شخصيا وهذا (الكلام) يبتعد كثيرا عن الجهود التي طورتها الدبلوماسية (السويسرية) منذ سنوات طويلة”.داخل أروقة وزارة الخارجية ، تراوحت التقييمات لتصريحات إينياتسيو كاسيس بين “خرقاء” و”غير مناسبة” أو “متهورة”، حيث يبدو أن عضو الحكومة الفدرالية قد أثار حساسية بعض دبلوماسييه المتعودين من وزيرهم على نبرة تتسم بقدر أكبر من التحفظ، وصرح أحدهم للموقع التابع للقناة التلفزيونية العمومية الناطقة بالفرنسية RTS متنهدا: “هذا ينزع المصداقية عن عقود من العمل في الميدان”.في الدوائر القريبة من الوزير القادم من كانتون تيتشينو، هناك إقرار بأن هذه الحوار “يخرج عن الخطاب التقليدي المُتعارف عليه”، بل يذهب أحد المسؤولين في معرض تحليله إلى أن الأمر أشبه ما يكون بـ “كالمي ري على اليمين أو بباسكال كوشبان في وزارة الخارجية”، وهو ما يعني – حسب بياترو بونيون كاتب المقال على موقع RTS – أن الأمر يتعلق باستراتيجية استفزازية مُتعمّدة، لكنها مُتبنّاة تماما. بالأساس، كان إينياتسيو كاسيس يريد هزّ الشجرة، ويبدو أنه كان ناجحا إلى حد ما.أخيرا، كتب بونيون: “إينياتسيو كاسيس يخرج عن المألوف ويصدم بل ينزلق كما يرى البعض، أما السؤال فهو معرفة إلى متى سيستمر ذلك؟ وما إذا كان سينتقل من الأقوال إلى الأفعال”.من جهتها، علقت بعض الصحف السويسرية الصادرة يوم الجمعة 18 مايو على ما جاء في تصريحات وزير الخارجية. في افتتاحية “لوتون”  (تصدر بالفرنسية في لوزان)، كتب لويس ليما أن “الحل المقترح من طرف عضو الحكومة الفدرالية يمر عبر “اندماج أفضل” لهؤلاء اللاجئين في بلد الإستقبال. فهل تحاور بهذا الشأن مع زملائه في المنطقة؟ لقد سبق أن تسببت هذه المسألة في أحداث دموية بشكل خاص في لبنان والأردن، دون الحديث أصلا عن سوريا حيث يسقط اللاجئون الفلسطينيون يوميا ضحايا لقنابل النظام. إن تاريخ هذه المنطقة مُريع وخال من الشفقة. أما الرؤى الجديدة فمُرحّب بها، لكن شريطة أن تأخذ ذلك بعين الإعتبار”.صحيفة “لا ليبرتي” (تصدر بالفرنسية في فريبورغ) نقلت على لسان بيير كرينبول،المفوض العام للأونروا أنه “تقابل في مناسبتين مع السيد كاسيس في الأردن وكان لنا تبادل مكثف وبناء بخصوص السلام والنزاعات الحالية والعمل الذي تقوم به الأونروا”، مضيفا “سنواصل الحوار مع الحكومة الفدرالية”. في المقابل، أوردت تصريحات أقل دبلوماسية لجون بول شانيولّو، رئيس معهد الأبحاث والدراسات المتوسطية والشرق أوسطية (iReMMO) في باريس قال فيها: “إن النظر إلى الأونروا على اعتبار أنها عقبة بوجه السلام أمر صادم. إنها مغالطة خطيرة لأن الأونروا تُسهم فيه. إنها قطعة رئيسية لاستقرار المنطقة. فهي تسمح لشعب بالحفاظ على كرامته والحصول على تعليم. على العكس، يجب دعمها إذ أنه بدونها فإن ملايين الأشخاص والشبان سيُتركون لحالهم في ظل إغراءات متعددة وراديكالية يُمكن أن يُؤدي إليها ذلك”.بدورها، أثارت تصريحات كاسيس بعض التعليقات من طرف القراء على صفحتنا “سويسرا بالعربي” على فيسبوك، حيث تساءل شكري ريان: “ما هي قصة وزير خارجية سويسرا؟! يُصدر تصريحا مخزيا بحق السوريين ويشكك في جرائم النظام ومجازره الكيميائية بحق المدنيين العزل، بحجة أن التحقيق ما أثبت شيئا… ثم يُتبعه بتصريح، مخز أكثر، بحق الوكالة الوحيدة اللي تقدم خدمات حقيقية للاجئين بأمس الحاجة لمثل هذه الخدمات، خصوصا بقطاع التعليم، نظرا لأنني درست بمدارس الأونروا وأعرف جيدا مدى حاجة مجتمعات الشتات الفلسطيني لخدمات من هذا القبيل..”، ثم أضاف “بكل الأحوال سويسرا ما رح تقدم وتأخر بأي من المواضيع اللي عم يتناولها “معالي” الوزير..”أما عبد الهادي بشير صبحية (المقيم في مدينة أولتن) فقد خاطب وزير الخارجية مباشرة قائلا: “السيد كاسّيس، إن العمل الذي تقوم به وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) لا يشكل حجر عثرة أمام تحقيق السلام في الشرق الأوسط، إنما الاحتلال هو المسؤول عن فشل مفاوضات السلام. يجب على دولة الإحتلال ان تنهي احتلالها وتلتزم بقرارات الشرعية الدولية الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن. أما الجيل الثاني والثالث والرابع من اللاجئين الفلسطينيين في دول اللجوء فهم مندمجون جدا في الدول المستضيفة وليسوا جزءً غريبا عن هذه المجتمعات التي تجمعهم بها صلات اللغة والدين والتاريخ المشترك، وهم على أهبة الاستعداد للتخلي عن كل هذه الجلبة والعودة الى فلسطين”.

Swi

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post ترامب يطلب التحقيق في اختراق حملته الانتخابية
Next post إنقاذ مهاجرين في البرازيل