أيرلندا وحيثيات ما قبل الانتخابات

Read Time:7 Minute, 6 Second

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_ بواسطة العبّارة وصل مراسل “يورونيوز” فينسان ماكافيني الى إيرلندا لينقل إلينا حيثيات وخلفيات الاستفتاء الشعبي المنتظر من أجل إلغاء التعديل الثامن الذي يحظّر الإجهاض أو الإبقاء عليه. ففي هذا البلد الإجهاض ما زال ممنوعاً. ونتيجة لذلك، آلاف النساء الحوامل من جمهورية إيرلندا وإيرلندا الشمالية يتوجهن سنوياً إلى بريطانيا ليتمكنّ من الإجهاض بطريقة آمنة وقانونية.يومياً، بعبّارة كالتي انتقل بها زميلنا، تنتقل عشر نساء تقريباً إلى بريطانيا ليجهضن سراً ثم يعدن في اليوم نفسه إلى ديارهن.فالإجهاض من خلال عملية جراحية أو عبر تناول الأدوية عقوبته السجن مدة أربعة عشر عاماً.

التغيّر طال المجتمع الأيرلندي المحافظ

المجتمع الأيرلندي الذي كان أكثر المجتمعات محافظة في أوروبا الغربية. بدأت الأمور تتغير فيه.عام 2015، أصبح أول بلد في العالم يشرّع زواج المثليين، بعد استفتاء شعبي. وعام 2017، انتخب أول رئيس للوزراء مثليّ وهو ليو فارادكار.

ليو فارادكار المؤيد لرفع الحظر عن الإجهاض يرى أنه “كرئيس للوزراء، وطبيب، ووزير سابق للصحة، لا يمكننا الاستمرار بوضع تعيش فيه النساء أزمة ويخاطرن بحياتهن عبر تناول أدوية غير مسموح بها. ولا أعتقد أن الدستور هو الجهة المناسبة للإدلاء بتصريحات مطلقة حول القضايا الطبية والأخلاقية والقانونية”.

هل حقاً الإجهاض في ايرلندا سيصبح “وفق الطلب” ؟

المناصرون للإجهاض يطالبون بحذف التعديل الثامن للدستور لوضع حد للمخاطر التي تتعرض النساء لها. أما المعارضون للإجهاض فيرون أن ذلك سيؤدي لما أسموه بـ”الإجهاض وفق الطلب”.الحديث العلني عن السفر من أجل الإجهاض هو حديث مثير للجدل. جانيت أوسوليفان نشرت تفاصيل تجربتها على وسائل التواصل الاجتماعي. اليوم إنها أم لولدين، وغير نادمة على ما قامت به.كان عمرها التاسعة عشر عاماً، حينها لم تنجح وسائل منع الحمل التي استخدمتها من تجنب هذا الحمل.

أوسوليفان، التي أصبحت ناشطة، اليوم، في حملة إلغاء التعديل التاسع للدستور، تخبرنا كيف قامت بعملية الإجهاض قائلة “لم أكن وحدي على متن تلك الرحلة، كانت هناك أربع نساء أخريات. القلق كان يراودنا. فكنا ندعم بعضنا البعض. ثم أخذنا القطار من ستانستيد الى وسط لندن. وكما قيل لنا اتصلنا بالمستشفى، فأرسلت سيارة أجرى لنقلنا إليها… فكانت حافلة صغيرة نقلت النساء اللواتي قدمن من ايرلندا. والسبب في ذلك هو صعوبة لوجود متظاهرين معارضين يعلمون متى تصل الحوامل من أيرلندا”.وتشرح أوسوليفان “الأيرلنديات الحوامل يصلن يوم الخميس أو الجمعة ليكون لديهن متسع من الوقت للتعافي. المتظاهرون يعلمون ذلك، فقد أخذوا يهتفون لنا باللهجة الأيرلندية قائلين “الله يحبكم ويحب أطفالكم”… أجل أمر محزن جداً”.رغم أن جانيت أوسوليفان غير نادمة لكن الإجهاض ما زال مشيناً في ايرلندا…مؤخراً، مئات النساء بدأن يشاركن تجاربهن وقصصهن على صفحة مخصصة “إن هير تشوز” أو “في حذائهن” على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي. وغالباً ما تبقى أسماؤهن مجهولة.هذه القصص شكلت دعامة أساسية لإجراء الاستفتاء.المناصرون لإلغاء التعديل الثامن يطالبون بالمحافظة على صحة النساء. للتعرف على التعديل، أخذ مراسل “يورنيوز” الطريق مجدداً. هذه المرة الى واترفورد جنوب شرقي أيرلندا. هناك التقى بامرأتين عاشتا تجربتين مأساويتين. لقد خسرتا طفليهما لتشوه في تكوينهما. إحداهما أرادت إجهاض جنينها لكنها منعت. والأخرى عُرِض عليها الإجهاض لكنها رفضته. اليوم، كل منهما ناشطة في أحد المعسكرين المتنافسين في هذا الاستفتاء”.

رفض الإجهاض رغم تشوه في تكوين جنينها

فيكي وال، عرض عليها الإجهاض، كما تقول، لكنها رفضته “ليس الخيار الذي أردناه لابنتنا الصغيرة التي أسميناها ليادن. في الأسبوع الرابع والعشرين للحمل، اكتشف الأطباء أن طفلتي الصغيرة تعاني من تثلث الصِّبغي ثمانية عشر، متلازمة ادواردز، وأول شيء عرض علينا هو الإجهاض”.وتضيف “لقد قررنا الاستمرار بالحمل فكان الامر جميلاً، رغم أنه صعب جداً. توقفنا عن العمل واستمتعنا بكل لحظة معها كعائلة حتى حين كان الأمر صعباً جداً علينا. كان الأمر صعب لأننا كنا نجهل ما يحمله المستقبل لليادان، لكننا بقينا نستمتع بما لدينا من وقت معها”.ليادن توفيت وهي ما تزال جنيناً في أسبوعه الثاني والثلاثين. فيكي تؤكد أنها وزوجها كانا يريدان الطفلة. لقد احتفظت بصورة لها وكأنها ولدت حية “لقد كنا نريدها، نريد أن نأتي بها إلى الحياة وكانت جميلة جداً. وزنها رطلان. شعرها أسود مجعد ورموشها سوداء طويلة. وكان لها أنفي. سعينا لنقلها إلى المنزل وإقامة جنازة كبيرة لها ونحتفل بحياتها القصيرة التي تحمل مغزى كبيراً”.فيكي اليوم تستخدم تجربتها المؤلمة في الحملة المناهضة لإلغاء التعديل الثامن الذي يحظِّر الإجهاض. إنها تحاول التحدث إلى الناس كي يدركوا “أن المرأة تستحق أكثر من هذا الإجهاض”.برأيها، الإجهاض هو عمل “عنيف تتعرض له المرأة. إنه يسيء للنساء ويقتل الأطفال. المرأة تستحق أفضل من ذلك”.

وعن حالات الإجهاض التي تُجرى تشير فيكي إلى أنها قليلة “إنها تتعلق بالخطر على الحياة وفي حالات الاعتداء الجنسي وهي قليلة جداً. تسعون في المئة من حالات الإجهاض هي ببساطة خيار لطريقة الحياة وهذا خطأ. هذا لا يمكن أن يكون جيداً”.

منعت من الإجهاض رغم تشوه في تكوين الجنين

ليس كل من مر بمثل هذه التجربة القاسية لديه الرأي والمشاعر نفسها…في المعسكر الآخر، الداعي لرفع الحظر عن الإجهاض، نجد كلير ديسول – كولين التي حَمَلت أربع مرات.في الأسبوع العشرين من الحمل الثالث لكلير، تبين من خلال الفحوصات الطبية، أن الجنين يعاني من تثلث الصِّبغي ثلاثة عشر أي متلازمة باتو. هذا الجنين هو فتاة وقد أسماها والدها كلير.الأطباء كان يعلمون أن الحمل لن يطول وان الجنين لن يرى النور. فطلبت كلير أن تضعه لكنَ الطلب قُوِبل بالرفض إذ يعتبر ذلك إجهاضاً. ولأنها لم تكن قادرة على السفر، بقي الجنين ستة أسابيع في أحشائها حتى توفي. حينها أجريت عملية إخراج الجنين من رحم أمه.كلير حتى اليوم ما تزال تعاني من تلك التجربة المرّة التي ذاقتها “كان يجب القيام بشيء والناس كانوا يعلمون بأنني غير قادرة على العمل أو التسوق … أو الاهتمام بأطفالي، أو أي شيء آخر. كنت على وشك الانهيار في المدرسة بسبب الخوف.لم يهتم أحد بذلك”.إنها تحمِّل مجتمعها مسؤولية كبيرة “كما لم يهتم أحد بصحتي العقلية المتدهورة. ما كان هام هو وجودي على قيد الحياة لأنني حامل. خلال الحمل، يكفي أن نكون على قيد الحياة، لا… هذا لا يكفي. إنه ليس جيداً لي أو لأية امرأة أخرى وبالطبع الأمر لن يكون جيداً بما يكفي لبناتي”.مع مواجهة متساوية بين معسكري “النعم واللا” لإلغاء التعديل الثامن، أقيم تحالف بين الموالين للإلغاء رغم انتماءاتهم السياسية المختلفة، إنهم مؤسسو حملة “مع بعضنا من أجل النعم”وزير الصحة سيمون هاريس وغيره من الوزراء أظهروا دعهم لتشريع الإجهاض. وفي أحد لقاءاته الصحفية أعلن “من المستغرب أن البعض لا يريدون أن يقول الشعب الأيرلندي كلمته لكنني أحترم حق النواب بالتصويت بهذه الطريقة. لا أنوي، مستقبلاً، التركيز على مسائل ثانوية. فهناك مسائل أساسية تتعلق بالنساء والأطباء ونحتاج لمناقشتها”.ماذا بعد فوز قرار الإلغاء؟

إن قرر الناخبون إلغاء التعديل الثامن الذي يلغي يحظر الإجهاض، سيكون على السياسيين وضع قوانين جديدة للإجهاض.آلفا سميث هي إحدى المسؤولات في حملة “مع بعضنا من أجل النعم”. ترى أن عمل الأول لهذه الحملة هو “إلغاء الحظر الموجود في الدستور، ثم البحث عن أي نوع من التشريع نريد اعتماده وكيف يمكن الحصول على أفضل الخدمات التي تلبي الاحتياجات الحقيقية لنساء هذا البلد. لذا لا يمكنني تخمين ماهية هذا التشريع. دورنا هو التعامل مع المشكلة الدستورية وإخراج أجساد النساء وحياة النساء الإنجابية من الدستور حيث لا يجب أن يكونوا فيه أبداً في المركز الأول. والتأكد من وجود ما نحتاجه من سياسة مناسبة للرعاية الصحية من خلال قانون تشريعي وتنظيم طبي”.

حملة “أنقذوا التعديل الثامن”

ألفا سميث تقول إن التعديل الثامن الذي يمنع الإجهاض أدخل إلى الدستور عام 1983، بضغط من الكنيسة الكاثوليكية.وإن كانت الكنيسة تدافع بشراسة عن الحظر لكنها تعيش تغيرات اجتماعية وديمغرافية كبيرة في المجتمع الأيرلندي منذ خمسة وثلاثين عاماً. ورغم تضاؤل سلطتها بسبب فضائح التحرش الجنسي لكنها ما تزال موجودة.ومن أجل تقريرنا اتصلنا بالمسؤولين عنها لكنهم رفضوا التحدث إلينا.كما أن حظر الإجهاض في ايرلندا يتضمن أيضا إجهاض جنين نتج عن اعتداء جنسي أو سِفاح المحارم.ويشرح جون ماك غويرك مدير العلاقات العامة لحملة “أنقذوا التعديل الثامن أسباب الإبقاء على الحظر “نشعر بالتعاطف مع المرأة التي تعيش وضعاً صعباً وبالطبع أي شخص يشعر بذلك. المشكلة انه في كل بلد تقريباً، حيث نثير هذه المسألة، يقولون إن هذه القضية تشكل حوالي صفر فاصل ثلاثة في المئة من نسبة الإجهاض. وإن تسعاً وتسعين فاصل سبعة في المئة من عمليات الإجهاض أجريت لحالات الحمل. في بعضها قد تكون المرأة شعرت فجأة أن الإجهاض هو خيارها الوحيد… وهذه هي وجهة نظرنا”.ويضيف “كل إجهاض هو مأساة لأية امرأة. أعني أن هناك سبب منع المعسكر الآخر من تسمية نفسه “الموالين للإجهاض” وذلك لأنهم يقرون بان الإجهاض هو أمر قد تستخدمه المرأة كحل أخير لمشكلتها، إنه أمر من الممكن أن يكون متعلقاً بشعورها بالفشل الاجتماعي وبأن تكون عضوة في أسرة، وربما قد تكون شريكة تخلى عنها شريكها أو شيئاً من هذا القبيل. لذا، من وجهة نظرنا، نقول، إننا لا نريد تشريع ذلك أو نجعله طبيعياً”.الاستفتاء المنتظر لإلغاء التعديل الثامن للدستور ورفع الحظر عن الإجهاض سيجرى في الخامس والعشرين من أيار/مايو. بالنسبة للمعسكرين الرافض والمؤيد للإجهاض الأمر يتلخص بأي مجتمع يريدون العيش فيه. العائلة في قلب الحياة الاجتماعية الأيرلندية وهكذا فإن الأمر لن يمر بلا نقاشات حادة ومثيرة في كل منها.

يورونيوز

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post هل تركز واشنطن بشكل كبير على برنامج إيران النووي؟
Next post ترامب يلغي قمته مع زعيم كوريا الشمالية