العيش المشترك بين اللاجئين والسكان في بلدة سويسرية

Read Time:4 Minute, 48 Second

شبكة المدار الإعلامية الأوربية …_ لو أنك ألقيت نظرة فاحصة على الخريطة، قد تظن أن بلدية ‘باي’ (Bex) – التي تُلفَظ بدون حرف الـX  – ليست سوى بلدة سويسرية هادئة، اكتسبت شُهرتها على الأغلب بِسَبَب مناجمها المِلحية. لكنك لو أمعَنت النَظَر أكثر، فسوف ترى مَحلاً أفريقياً في مركز البلدة، ووجوه متعددة الألوان تجوب شوارعها. كانت هذه البلدة الصغيرة في كانتون فو واحدة من أولى الأماكن في المنطقة التي ضَمَّت مركزاً لطالبي اللجوء، وبالتحديد منذ عام 1982. واليوم، يشكل الأجانب في البلدة نسبة تقارب 33% من سكانها البالغ عددهم 7,731 نسمة، وهو ما يَزيد عن المعدل الوطني بشكل ملحوظ. فهل يمكن أن تَمُد ‘بي’ أماكن أخرى ببعض الدروس حول العيش المشترك؟ “ليس لدي أي شيء ضد اللاجئين، لكننا بلدة صغيرة، والكثير من هؤلاء فُرِضوا علينا لأن بلديات أخرى على ضفاف بحيرة جنيف رَفَضَت استقبالهم”، كما تقول سيدة مُسِنة لم تشأ الكَشف عن اسمها، كانت تقيم في البلدة طوال حياتها. “هذا كثير جداً. عندما تَخرُج إلى الشوارع، تشك في بعض الأحيان أنك في سويسرا حتى. نحن في قاع الكانتون، وكما لو أننا كنا صندوق القُمامة”. عند ركوب القطار من لوزان، سوف تصل إلى بلدة ‘باي’ بعد اختفاء مياه بحيرة جنيف المتلألأة عن أنظارك، ودخولك إلى وادي الرون بجباله الشاهقة على كلا الجانبين. وإثر وصولك للبلدة، سوف تجد نفسك مُحاطاً بالجبال من كل جانب. تحتوي البلدة على منطقة صناعية، وبعض الخدمات، والمتاجر، والمطاعم في مركزها. كما تمتلك ‘بي’ إمكانات سياحية أيضاً، بالنظر إلى مناظرها الطبيعية ومناجم الملح، التي كانت المناجم الأولى من نوعها التي تكتشف في سويسرا. أما المنطقة المحيطة بمَحَطَّة اَلسِّكَك اَلحَدِيدية، فتبدو بحاجة إلى بعض عمليات التطوير. أثناء التوجه إلى وسط البلدة التي تضم بَعض المباني القديمة الساحرة، تقابلك مجموعة من أطفال المدارس – من ذوي البشرة السمراء والبيضاء، الذين يضعون أذرُعَهم حول أكتاف بعضهم البعض. وكما يبدو، لا يُشكل التعايش معاً أي مشكلة عند هؤلاء الصغارهذا الإنسجام لم يَكُن الطابع السائد في بلدة ‘باي’ دائماً. وكما يتذكر سكرتير البلدية آلان ميشيل جيداً، عانت البلدة من توتر شديد بين المجتمعات المحلية، ولا سيما في العامين 2005 و2006. “كانت المشكلة تتمثل أساساً بوجود تُجّار المخدرات”، كما يقول. “لم يَكُن السكان يُحبون رؤية التجار الأفارقة في الشوارع. وفي عام 2006، أطلقت الشرطة عملية واسعة النطاق… كما كان لدينا أيضاً شخص يَخُط بالطلاء عبارات عنصرية على الجدران، مما أدى إلى حدوث بعض الاضطرابات. لكن الطَرَف المُتَسَبِّب بالمُشكلة لم يَكُن الأشخاص المُقيمين في مركز اللجوء، لكن الخطر كان نابع من حقيقة رَبط السكان بين اللاجئين في المركز، وبين الأشخاص الذين جاؤوا للبلدة للمتاجرة بالمخدرات في شوارعها. في حِينِه، أطلق حزب الشعب السويسري (اليميني المحافظ) مبادرة لإغلاق مركز طالبي اللجوء. ومع أن المبادرة حَظيت بِدَعم من السكان وَقتئذٍ، إلّا أنها رُفِضَت من قِبَل سلطات الكانتون. وفي الوقت الراهن، لا يشغل حزب الشعب سوى 11 مقعداً من أصل 60 في المجلس البلدي، المُقَسَّم بالتساوي إلى حدٍّ ما بين أحزاب اليسار واليمين والوسط. كما يحتل المقاعد 13 عضواً من حزب Avançons (المضي قدماً) المحلي [وسط]، الذي تشكَّل في عام 2009، والذي يقول إنه يهدف إلى كَسر الفجوة بين اليسار واليمين، وتطوير بلدة ‘باي’. في الأثناء، تم القضاء على مشكلة المخدرات، واستخلاص العِبَر من تلك الفترة. رُغم ذلك، يُمكن أن تنشأ بعض حالات التوتر من حين إلى لآخر. ووفقا لميشيل، قد تظهر هناك مشكلة مثلاً عندما يتدفق أشخاص من ثقافة مُختلفة إلى أحد المباني بشكل مفاجئ، وهنا “تحدث عراقيل في الفَهم والتَكَيُّف، الأمر الذي يُمكن أن يتسبب بمتاعب”. من جهته، يبدو أن لوكمبيزا كابيلا، المُنحدر مما يعرف اليوم بجمهورية الكونغو الديمقراطية، والذي يعيش ويعمل في بلدة ‘باي’ منذ عدة أعوام، نَجَح في الإندماج هنا. وقد فَرَّ كابيلا مما كان يُسمى بـ زائير تحت حكم موبوتو سيسي سيكو إلى سويسرا في عام 1984، بسبب “سمعتها كبلد مضيف”، وانتهى به المطاف في بلدة ‘بي’ إثر عثوره على فرصة للعمل. وكما يقول، فقد ساعده العمل الدؤوب، وركوب دراجته إلى عمله في الصباح الباكر، واللعب مع الفريق المحلي في الدوري الوطني لكرة القدم، على الفوز بتقبل المجتمع له. وقد تزوج كابيلا من سيدة سويسرية، وكوَّن أسرة في البلدة، وحَصل على الجنسية السويسرية. وهو يقول انه يشعر الآن بأنه “كونغولي وسويسري على حَدٍّ سواء”.مع ذلك، لا يرى كابيلا أن الوضع بين السكان المحليين وطالبي اللجوء في بلدة ‘باي’ مثالي. “بعض الأشخاص يقولون لي”أُنظر إليهم [يقصدون الأشخاص القادمين من أماكن أخرى] … لحُسن الحَظ هناك أشخاص مثلك”. وهو يقول إن أكثر ما يُزعج هؤلاء السكان، هو أن طالبي اللجوء “يَتَسَكَّعون ولا يُمارسون أي عمل”.لكن العديد من هؤلاء اللاجئين والمهاجرين يرغبون في العمل، لكنهم لا يستطيعون العثور على وظيفة. فضلاً عن ذلك، توجد هناك منافسة في سوق العمل. وكما تقول آن كاثرين – رورباخ، رئيسة مجموعة دعم اللاجئين في ‘باي’ (GAR)، “إن العثور على وظائف صغيرة هو بالفعل ما يريده أبناؤنا الطلاب، والأشخاص القادمون من الاتحاد الأوروبي، لذا فإني أعتقد أن العثور على عمل صعب للغاية بالنسبة لهم”.وكما أخبرت رورباخ swissinfo.ch، فقد أصيبَ العديد من الأشخاص بالاكتئاب نتيجة هذا الوضع، “لا سيما الرجال، لأن مكوثهم في منازلهم ليس من ثقافة البلدان التي جاؤوا منها وأحد الأشخاص الذين مرّوا بهذه الحالة هو محمود مَلَص من سوريا، الذي يرى أن “البقاء في المنزل يعني الموت”، كما قال في حديثه مع swissinfo.ch.لكن، وكما فعل كابيلا من قبله، استقل ملص دراجته، في سعي للبحث عن عمل في أي مكان. وها هو اليوم يعمل في مَتجَر للحلويات برفقة زوجته هناء، حيث يبيعان مأكولات خاصة بالشرق الأوسط في مدينة مونترو القريبة.

Swi

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post مظاهرة ترحب باللاجئين في بروكسل
Next post الأسهم في الخليج بين الانخفاض والهدوء