
اتفاقية”شنغن”، هل مازالت تمثل حجر زاوية الاتحاد الأوروبي؟
المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات
شبكة المدار الإعلامية الأوربية …_تسعى دول “الشنغن” داخل الاتحاد الأوروبي، إلى اتخاذ إجراءات وسياسات جديدة لضبط حدودها الداخلية والخارجية، وكذلك تبادل البيانات حول المسافرين عبر المطارات. وتعتبر اتفاقية الشنغن احد الركائز الأساسية لدول الاتحاد الأوروبية التي تقوم على روح حرية التنقل والمرور وتجاوز الإجراءات الروتينية من خلال النقاط الحدودية والتفتيش.الانتقادات الموجهة إلى الدول الساعية إلى إيجاد نقاط تفتيش (عشوائي) بين الحدود وبناء الاسيجة بين الحدود الأوروبية، يتعارض مع الأساس التي قامت عليه دول الاتحاد. المفوضية الأوروبية، من جانبها انتقدت إجراءات بعض الدول منها ألمانيا والدنمارك والنمسا ودول أخرى، للقيام بعمليات تفتيش، وطالبت رفعها على ان لايتم التفتيش إلا بموجب وجود شكوك وأوامر قضائية.
معاهدة شنغن والدول الموقعة عليها
معاهدة وقعتها خمس دول أوروبية هي ألمانيا وفرنسا وهولندا وبلجيكا ولكسمبورغ في 14 يونيو، وانضمت إليها لاحقا دول أوروبية أخرى، وهي تسمح بتنقل حر عبر حدود الدول الموقعة عليها لحاملي تأشيرة دخول إلى إحدى دول هذا الفضاء الأوروبي،سميت المعاهدة بهذا الاسم نسبة إلى قرية” لكسمبورغية “تقع في المثلث الحدودي بين لكسمبورغ وألمانيا وفرنسا، جرى فيها التوقيع.في 19 يونيو 1990, وقعت معاهدة ثانية في قرية “شنغن اللكسمبورغية” حددت الآليات القانونية للتنفيذ،لم يبدأ سريان معاهدة شنغن عمليا إلا في 1995، واستلزم توسيع فضاء شنغن على مستوى أوروبا معاهدة أخرى وقعت في 2 أكتوبر 1997 في أمستردام بهولندا،في 2004, انضمت دول أخرى أعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى فضاء شنغن عدا بريطانيا وجمهورية إيرلندا،في 12 ديسمبر 2007, توسع نطاق المعاهدة ليشمل دولا انضمت حديثا إلى الاتحاد الأوروبي, عدا قبرص وبلغاريا ورومانيا, كما أنه بات يشمل النرويج وآيسلند.وتوسع نطاق المعاهدة مجددا في 12 ديسمبر 2008 ليشمل سويسرا التي هي ليست عضوا في الاتحاد الأوروبي،وقبل هذا عدلت معاهدة لشبونة, الموقعة في 13 ديسمبر 2007, القواعد القانونية المنظمة لفضاء شنغن بما سمح بتعاون أمني وقضائي أكبر بين الدول المشاركة في هذا الفضاء سواء تعلق الأمر بالتأشيرات أو بالهجرة أو باللجوء السياسي.وفي أبريل 2011, ثار لغط كبير عقب منح إيطاليا تأشيرات شنغن لعشرين ألف مهاجر تونسي، تسمح لهم بالتنقل في ذلك الفضاء. وأغضب القرار فرنسا التي أثارت احتمال تعديل المعاهدة.
إلغاء اتفاقية الشنغن
كشف مركز بحوث تابع للحكومة الفرنسية ، إن العودة للعمل بالحدود في أوروبا سيكلف الدول الأعضاء في اتفاقية الحدود المفتوحة (شنغن) نحو 110 مليارات يورو (120 مليار دولار)، على مدى السنوات العشر القادمة. وقد يكلف فرنسا وحدها أكثر من عشرة مليارات يورو سنويا.واتفاقية شنغن هي حجر زاوية للتكامل الأوروبي، لكن ضغوطا من الناخبين المنزعجين جراء تدفق لم يسبق له مثيل للاجئين من أفريقيا والشرق الأوسط دفع حكومات أوروبية عديدة إلى إعادة فرض قيود مؤقتا على حدودها مع جيرانها الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.ومن جهة أخرى طالبت قيادات حزبية وسياسية تنتمي لليمين المتشدد الأوروبي بتعليق العمل باتفاقية شنغن وذلك لعرقلة حركة الإرهابيين، وفي ظل وجود تحذيرات بعودة أعداد منهم في القريب إلى أوروبا. وأيضاً حاول البعض من قيادات تلك الأحزاب الربط بين ملف الإرهاب وملف الهجرة واللجوء، وأن البعض من الإرهابيين يحاول دخول أوروبا في وسط الأعداد الهائلة من المهاجرين غير الشرعيين واللاجئين القادمين إلى دول أوروبا.ودعا هؤلاء إلى ضرورة مواجهة الأمر على الحدود الخارجية للاتحاد وليس بعد دخولهم. ففي روما، دعا سيناتور يميني إيطالي إلى تعليق اتفاقية منطقة التأشيرة الموحدة (شنغن)، وذلك لعرقلة تحرك الإرهابيين.
تمديد أوروبي جديد للرقابة على حدود دول شنغن
وأعطت المفوضية الأوروبية فى يناير2017 ، الضوء الأخضر لتمديد جديد استثنائي مدته 3 أشهر لإجراءات الرقابة على بعض الحدود الداخلية في فضاء شنغن، والتي كانت 5 دول قد عاودت العمل بها عام 2015 في ضوء التدفق الكبير للمهاجرين،ويجب على الدول الأعضاء أن تتبنى رسميا “توصية” المفوضية الأوروبية من أجل العمل بها.وبذلك، ستستفيد ألمانيا والنمسا والدنمارك والسويد والنرويغ من استثناء جديد من قواعد حرية الحركة عبر الحدود حتى منتصف مايو.
وفي مايو 2016 وافقت المفوضية على أول تمديد استثنائي (بعد الفترة المسموح بها عادة) لمراقبة الحدود التي بدأت عام 2015 في النمسا وألمانيا والدنمارك والسويد والنرويغ، الأعضاء في منطقة شنغن.وحددت المفوضية آنذاك موعد العودة إلى الوضع الطبيعي، أي إلغاء الضوابط على الحدود الداخلية، بحلول ديسمبر 2016، وأقرت لاحقا تمديدا جديدا لثلاثة أشهر في أواخر أكتوبروتبريرا للتمديد الجديد، قال” فرانس تيمرمانس ” النائب الأول لرئيس المفوضية “تم تحقيق تحسن ملحوظ باتجاه إزالة الضوابط على الحدود الداخلية، لكن يجب تعزيزها بشكل إضافي”.
مستقبل الاتحاد الأوروبي بدون شنغن
حذر رئيس المفوضية الأوروبية “جان كلون يونكر” من أن خطر الزوال يحدق بنظام شنغن في خضم أزمة الهجرة، وتساءل حول مستقبل الاتحاد نفسه في حال عودة إجراءات الرقابة عند الحدود داخل الاتحاد.وقال “يونكر” في كلمة ألقاها أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ: “تحدق مخاطر كبيرة جدا بفضاء شنغن، ويمكننا أن نقول إنها مخاطر تهدد بزواله. اليوم نرى كما يفرض البعض بحماس إجراءات الرقابة عند الحدود، وربما سيستنتج هؤلاء غدا أن التكلفة الاقتصادية (للوحدة) باتت كبيرة جدا، وبعد الغد سيتساءلون لماذا نحتاج إلى العملة الموحدة، إذ لم تعد هناك حرية التنقل والسوق الداخلية”.
متى يمكن للبلدان إعادة فرض الضوابط الحدودية؟
بموجب اتفاقية شنغن، يحق للموقعين على الاتفاقية إعادة الرقابة على الحدود الداخلية لمدة عشرة أيام؛ إذ كان ينبغي القيام بذلك على الفور لأسباب تتعلق بـ “السياسة العامة أو الأمن القومي”.إذا استمرت المشكلة، يمكن الإبقاء على تلك الضوابط لـ “فترات متجددة” لمدة تصل إلى 20 يوما ولمدة أقصاها شهرين.وتطول المدة في الحالات التي يعتبر فيها التهديد “متوقعا”. ويمكن الإبقاء على تلك الضوابط لفترات قابلة للتجديد لمدة تصل إلى 30 يوما، ولمدة أقصاها ستة أشهر. لكن التمديد لسنتين إضافيتين كحد أقصى مسموح بموجب المادة 26 من قانون حدود شنغن، في “ظروف استثنائية،وفي منطقة شنغن حاليا هناك ست دول لديها ضوابط حدودية، وهي النمسا والدنمارك وفرنسا وألمانيا والنرويج والسويد. وتؤثر الضوابط التي تفرضها المجر على دولتين غير أعضاء في شنغن، وهما كرواتيا وصربيا،وفرضت المجر أيضا ضوابط مؤقتة على الحدود مع سلوفينيا، وهي عضو في شنغن.تمثل اتفاقية الشنغن الكثير إلى هذا الاتحاد، الذي يعد نموذجا، وان انهيار فضاء الشنغن يعني سقوط حجر الزاوية لهذا الاتحاد والعودة إلى الدولة القومية.
المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات
Average Rating