نسيب عريضة ودوره في الأدب الحديث

Read Time:4 Minute, 6 Second

شبكة المدار الإعلامية الأوربية …_ يمكن تعريف الأدب العربي الحديث على أنَّه كلُّ ما كتبه الشعراء والروائيّون والقُصّاص العرب في العصر الحديث، أي في العصر الذي تغيّرت فيه ظروف الحياة، وسيطر فيه التطور على الحياة البدوية القديمة سيطرة تامّة، فكان هذا الأدب مُلائمًا للحياة الجديدة ومناسبًا لها، وقد اشتهر في هذا العصر شعراء كبار وروائيون كبار استطاعوا أن يحملوا الأدب العربي على أكتافهم ويرفعوه عاليًا بين الآداب العالمية، ولعلَّ أشهرهم الشاعر أحمد شوقي وبشارة الخوري  ومحمود درويش وبدر شاكر السيّاب ونزار قباني ونجيب محفوظ وغيرهم من الأدباء الذين أعلوا من مكانة الأدب العربي الحديث في العالم، وهذا المقال مخصَّصٌ للحديث عن الشاعر والأديب نسيب عريضة وقصائده ومدرسته الشعرية التي ينتمي إليها.

مدرسة المهجر

تعدُّ مدرسة المهجر إحدى المدارس الشعرية التي أسَّسها بعض الشعراء العرب الذين عاشوا خارج البلاد العربية، تحديدًا في البلاد الأجنبية التي هاجروا إليها، وكان أبرز هؤلاء شعراء لبنانيون هاجروا إلى القارتين الأمريكيتين في السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر، تقريبًا بين عامَيْ 1870م و 1900م، وقد سمّاهم الناس فيما شعراء المهجر، وسُمِّي شعرهم بالشعر المهجري، وقد قُسِم أدباء المهجر بشكل عام إلى قسمين اثنين، هما:

  • أدباء المهجر الشمالي:وهم الأدباء العرب الذين هاجروا إلى مناطق الشمال من أمريكا، يعني دول أمريكا الشمالية الحالية، حيث أسّسوا رابطة خاصّة بهم سُمِّيت الرابطة القلمية، وكانَ من أبرز هؤلاء: جبران خليل جبران، ميخائيل نعيمة، إيليا أبو ماضي، نسيب عريضة، رشيد أيوب، عبد المسيح حداد، وغيرهم.
  • أدباء المهجر الجنوبي:وهؤلاء هم الأدباء الذين هاجروا إلى المناطق الجنوبية من أمريكا أي أمريكا الجنوبية اليوم، والتي هي دول البرازيل والأرجنتين وفنزويلا وأسّسوا هناك العصبة الأندلسية التي تجمع هؤلاء الأدباء جميعًا، ولعلَّ أهم هؤلاء: فوزي معلوف، إلياس فرحات، عمر عبيد، مهدي سكافي، نصر زيتون، وغيرهم.

من هو نسيب عريضة

هو شاعر سوري من شعراء المهجر، وُلدَ نسيب عريضة في حمص في سوريا عام 1887م واسم والده أسعد عريضة وأمُّهُ سليمة حداد، ودرس في أوائل حياته الدراسية في المدرسة الروسية في حمص، ثم بُعث بسبب تفوقه إلى ثانوية الناصرة في فلسطين وتابع فيها دراسته الثانوية، قبل أن يهاجر نسيب عريضة إلى نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1905م ساعيًا خلف رزقه، ثم أصدر مجلة شهرية عام 1913م حباها الكثير من جهده لكن هذه المجلة توقفت عام 1918م بسبب نقص مالي حاد فيها، ثمَّ عمل عريضة في تحرير عدد من المجلات التي كانت تصدر في المهجر، وفي عام 1920م أسس نسيب عريضة ومن معه من الشعراء العرب في المهجر، أمثال: جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وإيليا أبو ماضي جمعية الرابطة القلمية والتي كان جبران خليل جبران رئيسها والتي استمرت حوالي 11 عامًا.

وقد عمل نسيب أيضًا في رئاسة تحرير مجلة “مرآة الغرب” ثم جريدة “الهدى” ثم عمل في مكتب الأخبار في الولايات المتحدة الأمريكية أثناء الحرب العالمية الثانية واستقال منه لإصابته بمرض في القلب والكبد، وقد كان شاعرًا لم يهنأ برؤية ديوانه بين يديه، حيث صدر ديوانه الشعري الوحيد بعد وفاته بفترة قصيرة، وكان ديوانه يضج بالأسى والحنين والشوق، صدر ديوانه الذي عنوانه “الأرواح الحائرة” عام 1946م بعد وفاته بفترة، وقد نُشرت له رواية بعنوان “أسرار البلاط الروسي” وقصة “ديك الجن الحمصي” وقصة “الصمصامة” وغير ذلك من المقالات التي انتشرت كلها في مجلات المهجر المتعددة، وتُوفِّيَ نسيب عام  1946م بعد صراع مع المرض، ونُقل جثمانه عام 1954م إلى مدينة بروكلين حيث أُبِّنَ تأبينًا عظيمًا.

قصائد نسيب عريضة

بعد الاطلاع على حياة الشاعر المهجري نسيب عريضة، فإنَّه لا بدَّ من أن يتم المرور على بعض قصائده التي تعكس تجربته الشعرية الفريدة، وتُبيّن أسلوبه الشعري وطريقة صياغته ومدى انتمائه لمدرسة المهجر، ولعلَّ أبرز ما قال:

  • يقول الشاعر نسيب عريضة في قصيدة عنوانها “علقتُ عودي على صفصافة اليأس”: 

علَّقتُ عُودي على صَفصافةِ اليأسِ           ورُحتُ في وَحدَتي أبكي على الناسِ

كأنَّ في داخلي قَبرًا بوَحشَتِهِ                 دفنتُ كلَّ بشاشاتي وإيناسي

ما قبرُ حربٍ ولا دربُ المُنخّلِ أو                دَفائنُ الجِنِّ شيئًا عند أرماسي

فيها وأَدتُ بُنَيَّاتٍ وأغلِمَةً                 صُبحَ الوُجوهِ عليهم نَضرَةُ الآسِ

حفرتُ بالفأسِ في قلبي الضريحَ لهم        وكنتُ أبكي ويبكي الصخرُ من فاسي

خيرٌ لهم وأدُهم من موتِهم سَغبًا             أو أن يُبيحوا مياهَ الوجهِ للحاسي

يا قبرَ آمالِ نفسي في ثَرى كَبِدي           يسقيكَ صوبُ دَمٍ من قَلبيَ القاسي

زرعتُ فوقَكَ أزهارًا بلا أرَجٍ                      سَوداءَ مرَّت عليها نارُ أنفاسي

ما أروعَ الزَهرةَ السوداءَ قد سُقِيَت           بدمعةِ القلبِ تَحميها يَدُ الياسِ

يا يأسُ صُنها فإِني قَد قَنِعتُ بها             ولستُ أبدُلُها بالوَردِ والآسِ

إِني جَعلتُكَ ناطُورًا لرَوضَتِها                    إِيَّاكَ أن تَجتَلِيها أعيُنُ الناسِ

وأنتَ والحُزنُ كونا في الضُلُوعِ معي             إِني عَهِدتُكُما من خَيرِ جُلاسي

weziwezi.com

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post إسرائيل ستبدأ تصدير الغاز إلى مصر
Next post إضراب ضد شركة Proximus