شعراء المهجر ورابطة القلم

Read Time:4 Minute, 8 Second

شبكة المدار الإعلامية الأوربية …_ هاجرَ كثيرٌ من الشعراء العرب ما بين الفترة الممتدة من منتصف القرن التاسع عشر إلى منتصف القرن العشرين تقريبًا إلى خارج البلاد العربية، وعاشوا هناك طيلةَ حياتهم وقاموا في تلك البلادِ التي استقرُّوا فيها بالتأليف وكتابة الشعر وغيره، ويطلقُ مصطلح “شعراء المهجر” عادةً على النخبة من بلاد الشام ولبنان خصوصًا الذين هاجروا إلى أمريكا الشمالية والجنوبية، وقد قام الكثيرُ منهم بإنشاء العديد من النوادي والروابط الأدبيَّة التي جمعت الكثير منهم في مهجرهم، مع أنَّ بعض الأدباء لم يكُن من أعضاء تلك المجموعات، ومن أشهر الروابط الأدبيَّة لشعراء المهجر هي الرابطة القلمية والتي سيدور الحديث حولها في هذا المقال.

الرابطة القلمية

يمكن تعريف الرابطة القلمية على أنَّها جمعية أدبيَّة جمعَت العديد من الأدباء والشعراء الذين هاجروا إلى أمريكا الشمالية والجنوبية منذ نهاية القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، بدأت فكرة الرابطة القلمية عام 1916م إلا أنَّها تأسست رسميًّا عام 1920م  في نيويورك من قبل بعض كبار الأدباء والشعراء العرب في المهجر وعلى رأسهم: جبران خليل جبران ، إيليا أبو ماضي، نسيب عريضة، ميخائيل نعيمة وغيرهم وذلك بعد جلستين جمعت أولئك الأدباء مع آخرين، الأولى كانت في منزل عبد المسيح حداد والثانية في منزل جبران بحضور الأدباء الذين حضروا الجلسة التمهيدية وتمت الموافقة على دستور الجمعية وانتُخب جبران عميدًا لهذه الرابطة القلمية، وميخائيل نعيمة مستشارًا لها والخازن وليم كاتسفليس. وقد تميَّز نتاج هؤلاء الأدباء بكثرة التأمل في أسرار الحياة والوجود إضافة إلى التعمُّق في الذات الإنسانية والنفس البشرية وتعلُّقهم بأوطانهم، وكذلك فقد تميَّز نتاجهم باستخدام الرمز في تعبيراتهم، إلا أنَّ عمرَ الرابطة لم يطُل فقد انحلَّت الرابطة وتفكَّكت بمجرَّد موت جبران خليل جبران عام 1932م.

مبادئ الرابطة القلمية

جمعت الرابطة القلمية الأدباء الذين عاشوا في المهجر وتأثروا بالبلدان التي استقروا فيها، فكان لذلك تأثيرًا كبيرًا على كتاباتهم وأشعارهم، فاجتمعوا في رابطة أدبية واحدة تجمع وتوحد مساعيهم في سبيل اللغة العربية وآدابها، وكان لهذه الرابطة العديد من المبادئ التي تميَّزت بها، وفيما يأتي بعض أهم مبادئ الرابطة القلمية:

  • استخدام اللغة السهلة البسيطة التي تميَّز بها الشعر الحديث، وابتعادهم بذلك عن تعقيد الصور وعن أساليب الكتابة العربية التقليدية.
  • تجديد في مختلف الأساليب الشعرية، مثل ظهور الشعر الحر.
  • اتخاذ الطابع الإنسانيّ وظهوره بشكل كبير في أساليبهم.
  • المبالغة في ذكر الحنين إلى الأوطان والتعلُّق بها وذلك بسبب بعدهم عن أوطانهم.
  • المبالغة في تجسيد الطبيعة ووصفها في صياغة التجارب الشعرية.
  • المبالغة في التأمل في الحياة وأسرار هذا الوجود والنظر إلى جوهر الأشياء.
  • الدعوة إلى قيم الحب والجمال والخير والحق.
  • استخدام الرمز بكثرة في أساليبهم وأشعارهم.

شعراء الرابطة القلمية

جمعت الرابطة القلمية عددًا من الأدباء والشعراء الذين هاجروا إلى الأمريكيتين، فجمعتهم الرابطة القلمية لتوحِّد جهودهم في سبيل لغتهم الأم وإبداعاتهم الأدبية وهم: “جبران خليل جبران، إيليا أبو ماضي ، رشيد أيوب، ميخائيل نعيمة، عبد المسيح حداد، ندرة حداد، نسيب عريضة، وليم كاتسفليس، أمين الريحاني، فيليب حتِّي، المطران أنطونيوس بشير، حبيب كاتبة، إلياس عطا الله”. وفيما يأتي سيتمُّ إدراجُ أشعار بعض أعضاء الرابطة القلمية:

  • جبران خليل جبران: عميد الرابطة القلمية والتي انتهت بوفاته عام 1932م، ومن أروع وأشهر قصائده قصيدة “أعطني الناي وغنِّ” التي غنَّتها المغنِّية اللبنانية فيروز، وفيما يأتي بعض من أبيات القصيدة:

أعطنِي النَّاي وغنِّ      فالغنَا سرُّ الوجُودْ

وأنينُ الناي يبقى       بعد أنْ يفنى الوجودْ

هل تَخِذتَ الغابَ مثلي      منزلًا دونَ القصورْ

فتتبَّعتَ السواقي        وتسلَّقتَ الصخورْ

هل تحمَّمتَ بعطرٍ       وتنشَّفتَ بنورْ

وشرِبتَ الفجر خمرًا         في كؤوسٍ من أثير

هل جلست العصر مثلي      بين جفنات العنبْ

والعناقيد تدلَّتْ      كثريَّات الذهبْ

فهي للصادي عيونٌ      ولمن جاع الطعامْ

وهي شهدٌ وهي عطرٌ       ولمن شاءَ المدامْ

هل فرشتَ العشب ليلًا       وتلحَّفتَ الفضا

زاهدًا في ما سيأْتي       ناسيًا ما قد مضى

و سكوتُ الليل بحرٌ       موجهُ في مسمعكْ

وبصدر الليل قلبٌ        خافقٌ في مضجعكْ

  • ميخائيل نعيمة: كان مستشارًا في الرابطة الأدبية، ومن أشهر الشعراء في المهجر، توفي عام 1988م، ومن بعض خواطره وأقواله:

أنا هو المنوال والخيط والحائك

وأنا أحوكُ نفسي من الأموات/الأحياء

أموات الأمس واليوم والأيَّام التي ما ولدت بعد

والذي أحوكُه بيدي

لا تستطيع قدرة أن تحلَّه حتَّى ولا يدي.

  • إيليا أبو ماضي: أحد أشهر شعراء المهجر وأحد أعضاء الرابطة القلمية، أول ديوان له كان “تذكار الماضي” عام 1911م، توفي عام 1957م، ومن أجمل ما كتب إيليا أبو ماضي قصيدة “قال السماء كئيبة” وفيما يأتي بعض من أبيات القصيدة:

قال: السماءُ كئيبةٌ وتجهَّما            قلت: ابتسم، يكفي التجهُّم في السَّما

قال: الصبا ولى! فقلت له: ابتــسِمْ        لن يرجعَ الأسفُ الصبا المتصرِّما

قال: التي كانت سمائي في الهوى      صارت لنفسي في الغرام جــهنَّما

خانت عــــهودِي بعدما ملكـتها            قلبي، فكيف أطيق أن أتبسَّــما!

قلـــتُ: ابتسم واطرب فلو قارنتها        لقضيتَ عــــمرك كــلَّه متألما

قال: الــتجارة في صراع هائل         مثل المسافرِ كاد يقتله الـــظَّما

أو غادة مسلولة محــتاجة        لدم، و تنفثُ كلَّما لهثَتْ دما

قلت: ابتسِم ما أنت جالب دائها           وشفائها، فإذا ابتسَمت فربَّما

أيكون غيركَ مجرِمًا وتبيتُ في    وجلٍ كأنَّك أنت صرت المجرما؟

Weziwezi

 

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post بلجيكا وكل جديد بالنسبة للهجرة واللجوء هذا العام
Next post الأدب الإنجليزي في العصر الفيكتوري