كيفية مواجهة ظاهرة الذئاب المنفردة وعملياتها الانتحارية

Read Time:3 Minute, 33 Second

إعداد ميشيل حنا الحاج،

مفكر وكاتب عربي

كيفية المعالجة ومحدودية إطارها هناك أمران لا بد منهما:

1) إغلاق سبل البث الالكتروني في وجه الدولة الإسلامية. فلا بد أن تعمل الدول وحكوماتها على اغلاق سبل استخدام شبكة النت العنكبوتية في وجه الدولة الإسلامية وغيرها من التنظيمات الإرهابية مهما كان شكلها أو وسائل بطشها، مع بقاء (للأسف) إمكانية استخدام وسائل البث الإذاعي الذي ربما يكون وصوله إلى المستمعين والمتابعين  أكثر صعوبة، وخصوصا إذا استخدمت وسائل التشويش عليه، ولكنه بكل تأكيد، لن يكون باليسر وبالسهولة التي تحققها وسائل التواصل الاجتماعي أو الالكتروني عبر الشبكة العنكبوتية.2) تضييق المراقبة ضمن حدود القانون والمفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، على الجاليات  الإسلامية والشرق أوسطية، والتي أكدت سلسلة العمليات المنفذة قديما وحديثا، أنها قد نفذت جميعها من منتمين للطائفة الإسلامية، لكن من ألمؤمنين منهم بالمفاهيم الإسلامية المتشددة التي يأباها الدين الإسلامي الحنيف المعروف بالاعتدال والوسطية. إذ كان من بين المنفذين أفغان وإيرانيون وسوريون، بل وأخيرا كان منهم فنلنديا من أصل صومالي، وهو منفذ عملية الطعن في لندن.لكن كيف يمكن إحكام الطوق وتشديد المراقبة على هؤلاء مع الحفاظ على الحدود الدنيا من مفاهيم الديمقراطية والمثل العليا وحقوق الإنسان؟بدأت فرنسا حديثا تتجه لإغلاق بعض الجوامع التي تحض في خطاباتها على الكراهية للآخر(غير المسلم)، كما أخذت تفرض على المتاجر التي تبيع لحوم ذبح حلال، بيع مواد أخرى كالخمرة مثلا، نفيا لصفة التشدد الإسلامي فيها. ولكن هذه وتلك من الإجراءات التي قد تتبع لاحقا، فيها بعض النيل من حقوق الإنسان وحريته. وهذه قد تساعد على تحجيم عدد المتوجهين للانتماء رسميا وفعليا للدولة الإسلامية، لكنها لن تحول بشكل نهائي، دون ظهور الذئاب المنفردة وتفاعلهم مع توجهات الدولة الإسلامية.والواقع أن الحيلولة دون ظهور هؤلاء وتفاعلهم مع توجهات الدولة الإسلامية، يظل أمرا مستعصيا خصوصا مع بقاء وسائل الدعاية التي تمارسها تلك الدولة عبر الإذاعات الصوتية أو الشبكة العنكبوتية، أو حتى باستخدام الهواتف النقالة. فما يهم في هذه الحالة، هو إلقاء الضوء ولو اليسير منه عليهم، لإخراجهم من إطار المجهول الذي يحتمون به ويختفون وراء ستاره. وهذا لا يفضي إليه إلا مزيد من التحقيقات مع كل من يشتبه بوجود توجه إسلامي متشدد لديه. ومع ذلك، فان التحقيق مع هؤلاء المشتبه بهم، قد لا يكون ممكنا بدون مبرر، لتنافيه مع مفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان كما سبق وذكرت. كل ما في الأمر، انه بوسع الدولة أن تعدل قوانينها لتختلق مناسبات أكثر تضطر أولئك معها لمراجعة الدوائر الأمنية مرات أكثر، بمناسبات أكثر، ضمن حدود ومتطلبات القوانين المعدلة بشكل قانوني وتشريعي سليم.فالمقيم في دولة أوروبية مثلا، سواء كان يتمتع بجنسيتها، أو يتواجد على أراضيها ضمن  قوانين الإقامة المؤقتة أو الدائمة، أو لغايات العمل، يمكن تفعيل قوانين توجب عليه مراجعة الأجهزة الأمنية لمرات أكثر مما اعتاد أن يفعله في الظروف الحالية. فإصدار إذن عمل أو تجديد إقامة، يفترض معه بموجب التعديلات المقترحة، أن يراجع صاحب الطلب الدوائر الأمنية، على أن يواكب مراجعته تلك، جلسة تحقيق مكثفة  يشارك فيها خبراء في علم الجريمة، بل وفي علم النفس أيضا، لاستقصاء دون أن يدري أو يلاحظ، طبيعة شخصيته ونوعية توجهاته، وذك من خلال السؤال والجواب، مع توجيه أسئلة استفزازية متعمدة لدراسة ردود فعله النفسية، ومدى تشدده الديني، وتوجهه نحو ظلامية الطرح الداعشي الخطير. ففي حالة كهذه، قد ينكشف الخفاء عن البعض، وتثور الشكوك والتساؤلات التي قد تستدعي المراقبة المكثفة لهذا أو ذاك، بغية الحد وتخفيض عدد من يقف في عالم المجهول، أو في خلية الأشباح غير المرئية للعيان.وقد يمكن توسيع متطلبات مراجعة الأجهزة الأمنية لتشمل من يطلب عقد زواج، أو استصدار رخصة سواقة، أو رخصة لفتح متجر ما، أو إذنا لاستبدال موقع الإقامة، وغير ذلك من الأسباب التي يستطيع القانون إيجادها، ابتكارها، والتوسع فيها، ممارسا حقوقه السيادية على أراضيه، ودون أن تكون تلك الإجراءات قد حدت كثيرا من المفاهيم الدمقراطية، أو من مراعاة حقوق الإنسان ومقتضيات الحضارة الحديثة. وإذا كانت قد تسببت بمتاعب إضافية للمقيم في بلد ما، فإنها متاعب ضئيلة نسبيا، قياسا بما ستنتجه من احتمال إلقاء بعض الضوء الكاشف على أشباح خفية، أو كانت خفية، أمام أنظار رجال الأمن، وقياسا أيضا بما قد تحقنه من دماء بريئة سيزهقها ذئب منفرد خفي عن الأنظار.فالجهل هو أحد الأخطار التي تقود البعض للتحول إلى ذئب منفرد، والمجهول هو الذي يبقيه في طيات الغياب والنسيان بعيدا عن الأنظار، وقابعا في عالم الأشباح الخفي، في عالم متطور يرفض فكرة تواجد الأشباح وخصوصا الشريرة منها التي كانت ترد في روايات الأولين، وهو يرفض الآن تواجد أشباح بشرية بين صفوفه، سرعان ما تفاجئه بتحولها من شبح صامت خفي، إلى ذئب منفرد يقتل ويؤذي الأبرياء من الناس

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post طريق روحاني مرسومٌ أساساً
Next post داعش ..خسارة في معاقله وفرار مقاتليه وإغلاق حدود