
بودكاست
مصدر واحد
يتناول هذا النص المسرحي الشعري، الذي يحمل عنوان “في مهبّ الانتظار: مشاهد فلسطينية شعرية” للشاعر صفوح صادق، تجربة الفلسطيني من خلال خمسة مشاهد رمزية. تُستخدم فيه شخصيات رمزية مثل الأم، الطفل، والظل، لتمثيل مفاهيم الوطن والصمود والمستقبل. يعتمد العمل على اللغة الشعرية، والرمزية العميقة، والتمثيل البصري، مع دمج الأصوات التي لا تُرى لتعزيز الأجواء والمعاني. يركز النص على الانتظار، الألم، والأمل، وينتهي برسالة صمود وإصرار على العودة والبناء رغم الصعاب.
تمثل الشخصيات رموزًا (الأم، الطفل، الوطن، البحر…) ويختلط فيها السرد بالشعر والحركة الصامتة.
نص مسرحي شعري قصير بعنوان “في مهبّ الانتظار” – يضم خمس مشاهد تعتمد على اللغة الشعرية، الرمزية، والتمثيل البصري الصامت/الحواري:
في مهبّ الانتظار
نص مسرحي شعري من مشاهد فلسطينية
شخصيات رمزية:
الأم: تمثل الوطن، الصبر، الذاكرة.
الطفل: يمثل المستقبل، البراءة، الحلم المقاوم.
الظلّ: الراوي، أو ضمير الأرض.
المكان: المخيم، كيانٌ شبه حيّ.
الأصوات: أصوات خارجة تُسمع ولا تُرى (شهداء، بحر، راديو، قذائف).
المشهد الأول –
البحر لا ينتظر
(إضاءة خافتة. صوت أمواج، رياح باردة. البحر ممتدّ في خلفية المشهد. الطفل يقف وحده.)
الطفل (يهمس):
أين ذهب الصياد؟
كان يرسم القمر على الماء،
والآن… لا ظلّ له.
(صمت. البحر يرد بصوت موج هادئ):
هو الآن جزء من الأغنية،
التي لا يجرؤ أحد على غنائها.
(إظلام ببطء)
المشهد الثاني –
أمّ على التل
(إضاءة خفيفة على الأم تجلس عند تلة ترابية، بيدها صورة قديمة. تنظر نحو الأفق.)
الأم (مخاطبة الصورة):
كان لكَ وجهُ قمحٍ،
وفي صوتك
تغنّي الحقول.
الآن،
أين أغنيتك؟
لم يبقَ لي
سوى هذا الدعاء
الذي لا يصعد.
(الظلّ يدخل من الخلف، يتكلم بصوت عميق):
لا تبكي،
فالدمعُ
يصير جدولًا
إذا طال الانتظار.
المشهد الثالث –
المدينة مرآة
(خلفية مليئة بصور الشهداء على الجدران المدمّرة. صوت راديو قديم يعلو ويخفت.)
الظلّ:
كانت الأزقّة كتبًا،
واليوم…
كلمات بلا غلاف.
كلُّ جدارٍ
يحدّثك عن آخر قبلة،
وأول انفجار.
(الأم تمرّ بهدوء بين الصور، تضع يدها على كلّ وجه، لا تقول شيئًا.)
المشهد الرابع –
الدفتر الأبيض
(الطفل يجلس على حجر، يفتح دفترًا ممزقًا. يرسم بيتًا وشمسًا.)
الطفل (بفرح داخلي):
سأرسم نافذة،
كي تدخل الشمس إلى البيت.
وسأكتب اسم أمّي
فوق السقف،
لأنها لا تنهار.
(الظلّ من بعيد):
هكذا تبدأ الثورة…
من خطٍّ مرتعش
على ورقة محترقة.
المشهد الخامس –
ولادة من الرماد
(النساء حول موقد حجري، يخبزن خبزًا، ويغنين بنبرة هادئة.)
النساء (بصوت جماعي):
نغنّي كي لا نموت،
نغنّي كي نلد الأمل،
نغنّي
لأننا نعرف
أن البكاء وحده لا يكفي.
(الأم تقف، ترفع قطعة خبز نحو السماء):
هذا جسدنا،
وهذا صبرنا،
وهذا وطنٌ
لن يُؤكل.
(الضوء يصعد، الكل ينظر للأعلى. يعلو صوت الطفل من العمق):
الطفل (صوت فقط):
سأعودُ…
وسأحمل الدفتر،
وسنبني البيت
بلا خوف.
(إظلام. صوت البحر، ثم تصفيق ناعم يشبه الموج).