
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_أصدرت المفوضية الأوروبية تحذيرًا رسميًا لتطبيق تيك توك، المنصة الشهيرة المملوكة لشركة ByteDance الصينية، بسبب عدم التزامها بقواعد الشفافية الخاصة بالإعلانات الرقمية التي ينص عليها قانون الخدمات الرقمية (DSA) للاتحاد الأوروبي. ويأتي هذا التحذير بعد أن كانت منصة X، التابعة لإيلون ماسك، أول منصة تحصل على تحذير مماثل بموجب نفس القانون الصيف الماضي.
في نتائج أولية نشرت يوم الخميس 15 مايو 2025، قالت المفوضية الأوروبية إن تيك توك لم يفِ بالتزاماته في الكشف عن معلومات كافية حول محتوى الإعلانات التي تعرضها على مستخدميه. وأوضحت المفوضية أن التطبيق لم يوضح بشكل كافٍ طبيعة الإعلانات، والأشخاص المستهدفين بها، والجهات التي تمول هذه الإعلانات، بالإضافة إلى عدم توفير خاصية بحث تسمح للجمهور بالاطلاع على الإعلانات المنشورة.
ويتيح قانون الخدمات الرقمية للمنصة الآن فرصة الرد على هذه النتائج الأولية. وفي حال ثبوت المخالفات، يمكن للمفوضية فرض غرامة مالية تصل إلى 6% من إجمالي الإيرادات السنوية العالمية لشركة ByteDance، مما يعني عقوبة مالية قد تكون ضخمة نظرًا لشعبية تطبيق تيك توك وانتشاره الواسع.
كما تتيح القوانين الأوروبية للطرفين الاتفاق على حلول للمشكلات التي تم تحديدها، بهدف تجنب فرض العقوبات المالية، من خلال تعديل سياسات الإعلان وتعزيز شفافية البيانات.
رد تيك توك: التزام واستمرار النقاش
من جانبها، أعربت شركة تيك توك عن رفضها لبعض الاستنتاجات التي توصلت إليها المفوضية في هذا التقرير الأولي، مؤكدة على التزامها القوي بالامتثال لقانون الخدمات الرقمية والقوانين الأوروبية ذات الصلة. وذكر متحدث رسمي باسم الشركة أن تيك توك “تراجع النتائج الأولية التي توصلت إليها اللجنة” وتؤكد حرصها على “تحسين أدوات شفافية الإعلانات” بشكل مستمر.
وأشار المتحدث إلى أن الشركة تدعم أهداف القانون التنظيمي في تعزيز حماية المستخدمين والشفافية، لكنها لا تتفق مع بعض التفسيرات التي قدمتها المفوضية، ولفت إلى أن هذه النتائج الأولية لا تشكل مبادئ توجيهية عامة واضحة. ويبدو أن تيك توك تأخذ موقفًا يطلب مزيدًا من الوضوح بشأن متطلبات الشفافية وكيفية تطبيقها بشكل عملي.
سلسلة تحقيقات حول تيك توك في أوروبا
تجدر الإشارة إلى أن هذا التحذير يأتي في سياق تحقيقات متعددة أجرتها المفوضية الأوروبية على مدار العام الماضي، بدأت في فبراير 2024، شملت عدة جوانب متعلقة بأمن المستخدمين وخصوصيتهم، خاصة ما يتعلق بتصميم التطبيق الذي يثير مخاوف حول الإدمان الإلكتروني، حماية القاصرين، ومنح الباحثين إمكانية الوصول إلى بيانات المستخدمين.
في خطوة منفصلة، أنهت المفوضية تحقيقًا بشأن نسخة مخففة من تطبيق تيك توك تم إطلاقها في فرنسا وإسبانيا، بعدما وافقت الشركة على عدم تقديم ميزة المكافآت التي اعتُبرت قد تؤثر سلبًا على المستخدمين.
كما فتحت المفوضية تحقيقًا ثالثًا في ديسمبر 2024 حول دور تيك توك في التأثير على الانتخابات الرومانية، في ظل مخاوف من تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على العملية الديمقراطية.
الإطار القانوني الأوروبي وتأثيره على المنصات العالمية
يأتي هذا التحرك في إطار تعزيز الاتحاد الأوروبي لوائحه التشريعية في مجال الرقمنة وخصوصية المستخدمين، إذ يسعى قانون الخدمات الرقمية إلى فرض معايير صارمة على منصات التواصل الاجتماعي والتجارة الإلكترونية، لضمان الشفافية في الإعلانات وحماية المستهلك من المحتوى المضلل والممارسات غير العادلة.
ويُعد تحذير المفوضية لتطبيق تيك توك الثاني من نوعه بعد التحذير الذي وجه إلى منصة X التي يديرها إيلون ماسك، في إشارة إلى تشديد الرقابة الأوروبية على المنصات الرقمية الكبرى.
حتى الآن، لم يتم فرض أي غرامات على منصة X، رغم التحديات والتحقيقات التي تواجهها، مما يشير إلى أن العملية الأوروبية تعتمد أولاً على الحوار ومحاولة إيجاد حلول قبل اللجوء إلى العقوبات.
ردود أفعال وتأثيرات متوقعة
تأخذ المفوضية هذه التحذيرات على محمل الجد، خاصة مع ازدياد النقاشات الأوروبية حول تأثير تطبيقات التواصل على خصوصية المستخدمين وسلامتهم النفسية، بالإضافة إلى الشفافية في التمويل السياسي والإعلاني.
في الدنمارك، على سبيل المثال، دعا البرلمان إلى حذف تطبيق تيك توك من هواتف النواب والموظفين، في خطوة تعكس مخاوف متزايدة على المستويات الحكومية.
وعلى الرغم من أن تيك توك يحتفظ بشعبية واسعة خاصة بين الشباب، إلا أن هذه التحقيقات والضغوط التنظيمية قد تؤدي إلى تغييرات جوهرية في سياسات تشغيل المنصة، لا سيما في السوق الأوروبية.
يمثل تحذير المفوضية الأوروبية لتطبيق تيك توك مرحلة جديدة في تعامل الاتحاد مع التحديات التنظيمية التي تفرضها منصات التواصل الاجتماعي العالمية، حيث يتضح أن التزام هذه الشركات بالقوانين الأوروبية أصبح محل مراقبة دقيقة، مع فرض إجراءات تصحيحية وغرامات محتملة للحفاظ على حقوق المستخدمين وضمان الشفافية.
يبقى أن نرى كيف سترد تيك توك على هذه التحديات، وما إذا كانت ستنجح في تعديل سياساتها بما يتماشى مع معايير الاتحاد الأوروبي، أم ستشهد المنصة تصعيدًا أكبر في العقوبات والإجراءات القانونية مستقبلاً.
أوروبا بالعربي